[يقول رسول الله (ص) وهو] يحدّثنا عن الثّقلين الكتاب والعترة: "إنّي تاركٌ فيكم ما إنْ تمسَّكتم بهما لن تضلُّوا بعدي أبداً؛ كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، فإنَّهما لن يفترقا حتّى يَرِدا عليَّ الحوض"1.
هذه المسألة تعطينا فكرة أنّنا على مدى التّاريخ كمسلمين، لا بدّ لنا أن نلتزم بالقرآن، لا نستبدل به غيره، وأن نلتزم بأهل البيت (ع) الذين لا يفترقون عن القرآن في فكرهم وفي سيرتهم وفي حياتهم، فدائماً هناك الخطّ وهناك القيادة، القرآن يمثّل الخطّ الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والأئمّة من أهل البيت (ع) بعد رسول الله (ص) يمثّلون القيادة الأمينة الصّالحة التي ترعى حركة القرآن في حياة النّاس، والتي تحفظ المفاهيم من الانحراف ومن الزّيغ والزلل.
على هذا الأساس، لا بدّ لنا في خطّ السير دائماً من أن ندقِّق في كلّ مسيرتنا الفكريّة والعمليّة: هل نحن متمسِّكون بالقرآن أم لا، إنَّ التمسّك بالقرآن هو التمسّك بكلّ ما فيه من مفاهيم، ومن شرائع، ومن مناهج، ومن وسائل، ومن أهداف، ومن تخطيط للعلاقات. هذا معنى التمسّك بالقرآن، ليس معنى التمسّك بالقرآن هو أن تحمله على صدرك كرمز، أو تضعه في بيتك كواجهة، أو تقرأه قراءةً غير مركّزة؛ الله أرادك أن تتمسَّك بالقرآن، بأن تجعله الهدى الّذي تهتدي به إذا ضلَّ النّاس وضاعوا، وأن تجعله النّور الّذي تستضيء به إذا أطبقت الظّلمات عليك، وأن تجعله الإمام الّذي تأتمر به، بأن تجعل القرآن أمامك وتسير وراءه، فلا تتكلَّم بكلمة إلّا إذا وافقت كلام القرآن، ولا تنطلق في عملٍ إلّا إذا وافَقَ القرآن.
ثمّ بعد ذلك، لا بدَّ لك أن تلتزم بالقيادة الثّانية، وهي قيادة أهل البيت (ع) الذين هم أُمناء الرسل وأُمناء الله في حلاله وحرامه، لتكون قيادتك منطلقةً في خطّ قيادتهم، فإذا كانوا في حضورهم فالتَزِمْهُم، وفي غيبتهم التَزِم مَنْ يمثِّلونهم: "مَن كان مِنَ الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالِفاً هواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعوام أن يُقلِّدوه"2، أو الأحاديث التي تقول: "وأمّا الحوادث الواقعة، فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنّهم حجّتي عليكم، وأنا حُجَّةُ الله عليهم"3، أو الأحاديث العامّة: "العلماء وَرَثَةُ الأنبياء"4، "الفقهاء أُمَنَاء الرّسل ما لم يدخلوا في الدُّنيا، قيل يا رسول الله وما دخولهم في الدُّنيا؟ قال: اتّباع السّلطان، فإذا فعلوا ذلك، فاحذروهم على أديانكم"5، "إذا رأيتم العالم محبّاً للدُّنيا، فاتّهموه على دينكم، فإنَّ كلّ محبّ يحوط ما أحبَّ"6.
إذاً، في غيبة الإمام (عج)، العلماء المجتهدون العدول الورعون المنفتحون على الرّسالة الإسلاميّة، والذين يتحرّكون على أساس خطِّ الإسلام، هم الّذين ينبغي أن نركِّز القيادة في وجودهم، وفي حركتهم، وفي عملهم، بالمستوى الّذي يتطابق مع القرآن، لتسير القيادة مع القرآن، فتتكامل عندنا النظريّة التي يقدّمها إلينا القرآن، فلا نظريّة لنا في الجانب الفكريّ والجانب السياسيّ والجانب الاجتماعيّ والجانب الاقتصاديّ والجانب الأمني، إلّا النظرية القرآنيّة، بل الحقيقة القرآنيّة التي هي كلام الله، وكذلك لا قيادة لنا إلّا القيادة التي تجعلنا نعمل على أساس أن يكون الإسلام هو خطّنا، وعلى أساس أن يكون رضى الله هو هدفنا، ليكون التّكامل مع أولياء الله، والتنافر مع أعداء الله، هو الواقع الذي يحدِّد لنا علاقاتنا في الحياة.
*من كتاب "الجمعة منبر ومحراب".
[1]حديث شريف يتناقله ثقاة الشيعة عن رسول الله، وبه يستدلُّون على ولاية الأئمّة الاثني عشر (ع) على الأُمّة بعد رسول الله (ص).
[2]البحار، ج:2، ص:88، رواية:12، باب:14.
[3]البحار، ج:53، ص:181، رواية:10، باب:31.
[4]البحار، ج:1، ص:164، رواية:2، باب:1.
[5]البحار، ج:33، ص:473، رواية:38، باب:29.
[6]البحار، ج:2، ص:107، رواية:7، باب:15.
[يقول رسول الله (ص) وهو] يحدّثنا عن الثّقلين الكتاب والعترة: "إنّي تاركٌ فيكم ما إنْ تمسَّكتم بهما لن تضلُّوا بعدي أبداً؛ كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، فإنَّهما لن يفترقا حتّى يَرِدا عليَّ الحوض"1.
هذه المسألة تعطينا فكرة أنّنا على مدى التّاريخ كمسلمين، لا بدّ لنا أن نلتزم بالقرآن، لا نستبدل به غيره، وأن نلتزم بأهل البيت (ع) الذين لا يفترقون عن القرآن في فكرهم وفي سيرتهم وفي حياتهم، فدائماً هناك الخطّ وهناك القيادة، القرآن يمثّل الخطّ الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والأئمّة من أهل البيت (ع) بعد رسول الله (ص) يمثّلون القيادة الأمينة الصّالحة التي ترعى حركة القرآن في حياة النّاس، والتي تحفظ المفاهيم من الانحراف ومن الزّيغ والزلل.
على هذا الأساس، لا بدّ لنا في خطّ السير دائماً من أن ندقِّق في كلّ مسيرتنا الفكريّة والعمليّة: هل نحن متمسِّكون بالقرآن أم لا، إنَّ التمسّك بالقرآن هو التمسّك بكلّ ما فيه من مفاهيم، ومن شرائع، ومن مناهج، ومن وسائل، ومن أهداف، ومن تخطيط للعلاقات. هذا معنى التمسّك بالقرآن، ليس معنى التمسّك بالقرآن هو أن تحمله على صدرك كرمز، أو تضعه في بيتك كواجهة، أو تقرأه قراءةً غير مركّزة؛ الله أرادك أن تتمسَّك بالقرآن، بأن تجعله الهدى الّذي تهتدي به إذا ضلَّ النّاس وضاعوا، وأن تجعله النّور الّذي تستضيء به إذا أطبقت الظّلمات عليك، وأن تجعله الإمام الّذي تأتمر به، بأن تجعل القرآن أمامك وتسير وراءه، فلا تتكلَّم بكلمة إلّا إذا وافقت كلام القرآن، ولا تنطلق في عملٍ إلّا إذا وافَقَ القرآن.
ثمّ بعد ذلك، لا بدَّ لك أن تلتزم بالقيادة الثّانية، وهي قيادة أهل البيت (ع) الذين هم أُمناء الرسل وأُمناء الله في حلاله وحرامه، لتكون قيادتك منطلقةً في خطّ قيادتهم، فإذا كانوا في حضورهم فالتَزِمْهُم، وفي غيبتهم التَزِم مَنْ يمثِّلونهم: "مَن كان مِنَ الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالِفاً هواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعوام أن يُقلِّدوه"2، أو الأحاديث التي تقول: "وأمّا الحوادث الواقعة، فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنّهم حجّتي عليكم، وأنا حُجَّةُ الله عليهم"3، أو الأحاديث العامّة: "العلماء وَرَثَةُ الأنبياء"4، "الفقهاء أُمَنَاء الرّسل ما لم يدخلوا في الدُّنيا، قيل يا رسول الله وما دخولهم في الدُّنيا؟ قال: اتّباع السّلطان، فإذا فعلوا ذلك، فاحذروهم على أديانكم"5، "إذا رأيتم العالم محبّاً للدُّنيا، فاتّهموه على دينكم، فإنَّ كلّ محبّ يحوط ما أحبَّ"6.
إذاً، في غيبة الإمام (عج)، العلماء المجتهدون العدول الورعون المنفتحون على الرّسالة الإسلاميّة، والذين يتحرّكون على أساس خطِّ الإسلام، هم الّذين ينبغي أن نركِّز القيادة في وجودهم، وفي حركتهم، وفي عملهم، بالمستوى الّذي يتطابق مع القرآن، لتسير القيادة مع القرآن، فتتكامل عندنا النظريّة التي يقدّمها إلينا القرآن، فلا نظريّة لنا في الجانب الفكريّ والجانب السياسيّ والجانب الاجتماعيّ والجانب الاقتصاديّ والجانب الأمني، إلّا النظرية القرآنيّة، بل الحقيقة القرآنيّة التي هي كلام الله، وكذلك لا قيادة لنا إلّا القيادة التي تجعلنا نعمل على أساس أن يكون الإسلام هو خطّنا، وعلى أساس أن يكون رضى الله هو هدفنا، ليكون التّكامل مع أولياء الله، والتنافر مع أعداء الله، هو الواقع الذي يحدِّد لنا علاقاتنا في الحياة.
*من كتاب "الجمعة منبر ومحراب".
[1]حديث شريف يتناقله ثقاة الشيعة عن رسول الله، وبه يستدلُّون على ولاية الأئمّة الاثني عشر (ع) على الأُمّة بعد رسول الله (ص).
[2]البحار، ج:2، ص:88، رواية:12، باب:14.
[3]البحار، ج:53، ص:181، رواية:10، باب:31.
[4]البحار، ج:1، ص:164، رواية:2، باب:1.
[5]البحار، ج:33، ص:473، رواية:38، باب:29.
[6]البحار، ج:2، ص:107، رواية:7، باب:15.