وفيه مسائل:
م ـ543: لا بد للوقف إجمالاً من ولي يشرف عليه ويحفظه ويصرفه في مصارفه، والواقف أولى بذلك من غيره، فإن جعل نفسه أو غيره ولياً كان هو الولي، وإن لم يجعل ولياً، فإن كان الوقف على نحو التمليك وكان الوقف خاصاً فالولاية للموقوف عليه، وإذا لم يكن الوقف خاصاً، أو كان خاصاً ولم يكن على نحو التمليك بل على نحو الصرف، فالولاية للحاكم الشرعي.
م ـ544: يجوز للواقف أن يجعل الولاية على العين الموقوفة لنفسه ولغيره بالنحو الذي يريده، زماناً وكيفية؛ وحينئذ فإن له أن يقتصر على ولي واحد تكون له الاستقلالية بالتصرف، كما أن له أن يشرك معه غيره، واحداً أو أكثر، إما بالتنفيذ وإما بالنظارة، وذلك بالكيفية التي يريدها لذلك الشريك أو الناظر، فقد يرى أن يشركه في القيام بجانب معين من شؤون الوقف، أو في جميع الجوانب، وقد يرى أن يكون ناظراً مراقباً بحيث لا يتم عمل إلا بعلمه دون رأيه، وقد يرى أن يكون ذلك الناظر أكثر من مراقب، بحيث يجعله مشيراً وشريكاً في الرأي للولي، أو غير ذلك من الكيفيات التي تختلف باختلاف الحالات والأشخاص.
م ـ545: لا يجب على المجعول ولياً قبول الولاية، كذلك فإن صيرورته ولياً لا تتوقف على قبوله، فإذا عين الواقف ولياً صار ولياً ولو لم يصدر منه القبول، بل لا تبطل ولايته بمجرد الرد، فإنه إذا قبلها بعد ذلك ثبتت ولايته بالجعل الأول، كما أنه إذا قبلها لم يكن له ردها ولزمت.
م ـ546: لا يشترط أن يكون جعل الولي مقترناً بإنشاء الوقف، فإذا كان من نيته جعل ولي فأخره عن إنشاء الوقف لسبب أو بدونه صح منه ذلك الجعل المتأخر ولزم، وكذا لو كان غافلاً عن ذلك حين إنشاء الوقف ثم التفت بعده، أما إذا كان قاصداً لعدم جعل الولي فلم يجعله حين إنشاء الوقف فليس له بعد ذلك أن يجعل نفسه ولياً ولا غيره؛ وإذا جعل ولياً فليس له أن يعزله عن الولاية إلا إذا اشترط لنفسه أنه متى أراد أن يعزله عزله، كما أنه يجب على الجاعل وعلى غيره الاقتصار على ما رسمه في كيفية الولاية وحدودها عندما أنشأها، فلا يتدخل بعد ذلك في ولايته سعة ولا ضيقاً.
م ـ547: لا يشترط في الولي أكثر من أن يكون جائز التصرف بالبلوغ والعقل والرشد، فلا يشترط فيه الإسلام ولا العدالة، بل يكفي أن يكون ممن يملك إدارة الوقف ولو بالتعاون مع أهل الخبرة، وأن يكون موثوقاً به في رعاية شؤون الوقف، لا سيما في الأوقاف العامة، وكذا الأمر في الناظر.
م ـ548: تتسع ولاية الولي المجعول وتضيق على مقتضى ما يرسمه الواقف، فإن لم يرسم حداً للولاية وجب على الولي القيام بشؤون العين المولَّى عليها بما يحفظها من التلف وبما يكفل استمرارها في صلاحية الانتفاع منها بالنحو المناسب، وبتسهيل انتفاع الموقوف عليهم منها بالنحو الذي وقفت عليه، وليس لغيره مع تصديه أن يتولى شيئاً من أمورها بدون إذنه حتى لو كان في تصرفه صلاح الوقف إلا في صورة ما لو كان الولي هو الحاكم الشرعي، وكان تصدي غيره صلاحاً محضاً؛ نعم ليس للولي المجعول، بل ولا للحاكم الشرعي، منع الموقوف عليهم من الانتفاع بالعين فيما وقفت عليه، كما أنه لا يجب على الموقوف عليه استئذانه من أجل ذلك، وذلك كما في انتفاع المصلين من المسجد والمستقين من البئر والمسافرين من الفندق، ونحو ذلك.
وفي المورد الذي تكون فيه الولاية للموقوف عليه، ويكون الوقف ذرياً، فإن على كل جيل من الذرية أن يراعي في تصرفه مصلحة الأجيال المقبلة مثل مراعاته مصلحة الجيل الموجود، فليس للجيل الموجود أن يؤجر العين الموقوفة مثلاً مدة تزيد عن أعمار الموجودين من أفراده، لما فيه من إلزامٍ للجيل التالي بأمر قد لا يكون فيه مصلحة لهم؛ نعم إذا كان في ذلك مصلحة للوقف، وكان المؤجر هو الولي، فلا ضير فيه.
م ـ549: إذا جعل الولاية لاثنين أو أكثر على نحو الاشتراك ومات أحدهما، فإن كان وجود ذلك الشريك الذي مات مأخوذاً على نحو القيد الذي تدور الولاية مداره وجوداً وعدماً بطلت ولاية الحي بموته، وإلا ضم إليه الحاكم بديلاً عنه وصحت ولايتهما.
م ـ550: لا يجب على الولي مباشرة الإدارة ولا القيام بأعمال الولاية بنفسه، بل إن له أن يوكل من يقوم بها نيابة عنه، سواء في ذلك الحاكم الشرعي وغيره، فإذا انعزل الأصيل أو مات بطلت قيمومة ذلك الوكيل على الأوقاف، نعم إذا كان الولي مجعولاً من الواقف وكان قد لحظ في توليته تفويضه نصب قيم على الوقف فإنه لا ينعزل القيم بانعزال الولي أو موته.
م ـ551: يجوز للواقف أن يجعل للولي شيئاً من نماء العين الموقوفة في مقابل قيامه بشؤون الولاية، سواء أكان بقدر أجرة المثل أم أكثر أم أقل، وحينئذ لا يجوز له أن يأخذ أكثر مما جعل له بعد قبوله به حتى لو كان أقل من أجرة المثل بكثير؛ أما إذا لم يجعل الواقف له أجرة فإنه يجوز له أن يأخذ من نماء الوقف مقدار أجرة مثل عمله إن كان للعمل أجرة عند العرف، كمثل فلاحة الأرض وقطاف الثمرة ونحو ذلك، وإلا لزم قيامه به مجاناً، كمثل إنارة المسجد ورفع الأذان فيه ونحو ذلك، وكذا يجب عليه القيام بالعمل مجاناً إذا كان قد شرط عليه المجانية وقبل الولي شرطه، فإن لم يكن قد قبل شرطه وكان الوقف لجهة كان على الحاكم الشرعي أن يجعل له أجرة.
م ـ552: إذا لم يقم الولي المجعول بشؤون ولايته خيانة منه لما ولي، أو عجزاً منه عن إدارته بالنحو اللازم، أو لامتناعه عن القيام بها لسبب قاهر أو تكاسلاً منه وإهمالاً، فإن كان الواقف قد عين له خلفاً كان هو الولي، وإلا فإن أمكن معالجة الأمر مع الاحتفاظ بالولي عالجه الحاكم الشرعي، فيجعل مع الخائن من يمنعه من الخيانة، ومع العاجز من يساعده فيما يعجز عنه إن كان فيه بقية قدرة، كذلك يعالج الحاكم أمر الممتنع بإزالة سبب امتناعه إن أمكن، كأن يكون سبب امتناعه مطالبته بالأجرة فيجعل الحاكم له أجرة؛ وإن لم ينقض الأمر بالمعالجة، بل استلزم تعيين ولي غيره، بطلت ولاية الولي المنَصَّب، ولحقه الحكم الذي سبق ذكره للوقف الذي لا ولي له، فيكون وليُّه الموقوفَ عليه إن كان خاصاً، أو الحاكم الشرعيَّ إن لم يكن كذلك.
م ـ553:قلنا فيما سبق: "إن الواقف لا يحق له أن يعزل الولي بعد تعيينه"، لكنه إذا كان قد ذكر له أوصافاً، أو شرط فيه شروطاً، ففقدها، كأن جعلها للأرشد فصار غيره أرشد منه، أو جعلها له ما دام متلبساً بزي أهل العلم فنزعه، أو ما دام عادلاً ففسق، أو نحو ذلك، انعزل بفقدها وبطلت ولايته، وصار وليه الموقوف عليه أو الحاكم الشرعي بالنحو الذي سبق ذكره.
وفيه مسائل:
م ـ543: لا بد للوقف إجمالاً من ولي يشرف عليه ويحفظه ويصرفه في مصارفه، والواقف أولى بذلك من غيره، فإن جعل نفسه أو غيره ولياً كان هو الولي، وإن لم يجعل ولياً، فإن كان الوقف على نحو التمليك وكان الوقف خاصاً فالولاية للموقوف عليه، وإذا لم يكن الوقف خاصاً، أو كان خاصاً ولم يكن على نحو التمليك بل على نحو الصرف، فالولاية للحاكم الشرعي.
م ـ544: يجوز للواقف أن يجعل الولاية على العين الموقوفة لنفسه ولغيره بالنحو الذي يريده، زماناً وكيفية؛ وحينئذ فإن له أن يقتصر على ولي واحد تكون له الاستقلالية بالتصرف، كما أن له أن يشرك معه غيره، واحداً أو أكثر، إما بالتنفيذ وإما بالنظارة، وذلك بالكيفية التي يريدها لذلك الشريك أو الناظر، فقد يرى أن يشركه في القيام بجانب معين من شؤون الوقف، أو في جميع الجوانب، وقد يرى أن يكون ناظراً مراقباً بحيث لا يتم عمل إلا بعلمه دون رأيه، وقد يرى أن يكون ذلك الناظر أكثر من مراقب، بحيث يجعله مشيراً وشريكاً في الرأي للولي، أو غير ذلك من الكيفيات التي تختلف باختلاف الحالات والأشخاص.
م ـ545: لا يجب على المجعول ولياً قبول الولاية، كذلك فإن صيرورته ولياً لا تتوقف على قبوله، فإذا عين الواقف ولياً صار ولياً ولو لم يصدر منه القبول، بل لا تبطل ولايته بمجرد الرد، فإنه إذا قبلها بعد ذلك ثبتت ولايته بالجعل الأول، كما أنه إذا قبلها لم يكن له ردها ولزمت.
م ـ546: لا يشترط أن يكون جعل الولي مقترناً بإنشاء الوقف، فإذا كان من نيته جعل ولي فأخره عن إنشاء الوقف لسبب أو بدونه صح منه ذلك الجعل المتأخر ولزم، وكذا لو كان غافلاً عن ذلك حين إنشاء الوقف ثم التفت بعده، أما إذا كان قاصداً لعدم جعل الولي فلم يجعله حين إنشاء الوقف فليس له بعد ذلك أن يجعل نفسه ولياً ولا غيره؛ وإذا جعل ولياً فليس له أن يعزله عن الولاية إلا إذا اشترط لنفسه أنه متى أراد أن يعزله عزله، كما أنه يجب على الجاعل وعلى غيره الاقتصار على ما رسمه في كيفية الولاية وحدودها عندما أنشأها، فلا يتدخل بعد ذلك في ولايته سعة ولا ضيقاً.
م ـ547: لا يشترط في الولي أكثر من أن يكون جائز التصرف بالبلوغ والعقل والرشد، فلا يشترط فيه الإسلام ولا العدالة، بل يكفي أن يكون ممن يملك إدارة الوقف ولو بالتعاون مع أهل الخبرة، وأن يكون موثوقاً به في رعاية شؤون الوقف، لا سيما في الأوقاف العامة، وكذا الأمر في الناظر.
م ـ548: تتسع ولاية الولي المجعول وتضيق على مقتضى ما يرسمه الواقف، فإن لم يرسم حداً للولاية وجب على الولي القيام بشؤون العين المولَّى عليها بما يحفظها من التلف وبما يكفل استمرارها في صلاحية الانتفاع منها بالنحو المناسب، وبتسهيل انتفاع الموقوف عليهم منها بالنحو الذي وقفت عليه، وليس لغيره مع تصديه أن يتولى شيئاً من أمورها بدون إذنه حتى لو كان في تصرفه صلاح الوقف إلا في صورة ما لو كان الولي هو الحاكم الشرعي، وكان تصدي غيره صلاحاً محضاً؛ نعم ليس للولي المجعول، بل ولا للحاكم الشرعي، منع الموقوف عليهم من الانتفاع بالعين فيما وقفت عليه، كما أنه لا يجب على الموقوف عليه استئذانه من أجل ذلك، وذلك كما في انتفاع المصلين من المسجد والمستقين من البئر والمسافرين من الفندق، ونحو ذلك.
وفي المورد الذي تكون فيه الولاية للموقوف عليه، ويكون الوقف ذرياً، فإن على كل جيل من الذرية أن يراعي في تصرفه مصلحة الأجيال المقبلة مثل مراعاته مصلحة الجيل الموجود، فليس للجيل الموجود أن يؤجر العين الموقوفة مثلاً مدة تزيد عن أعمار الموجودين من أفراده، لما فيه من إلزامٍ للجيل التالي بأمر قد لا يكون فيه مصلحة لهم؛ نعم إذا كان في ذلك مصلحة للوقف، وكان المؤجر هو الولي، فلا ضير فيه.
م ـ549: إذا جعل الولاية لاثنين أو أكثر على نحو الاشتراك ومات أحدهما، فإن كان وجود ذلك الشريك الذي مات مأخوذاً على نحو القيد الذي تدور الولاية مداره وجوداً وعدماً بطلت ولاية الحي بموته، وإلا ضم إليه الحاكم بديلاً عنه وصحت ولايتهما.
م ـ550: لا يجب على الولي مباشرة الإدارة ولا القيام بأعمال الولاية بنفسه، بل إن له أن يوكل من يقوم بها نيابة عنه، سواء في ذلك الحاكم الشرعي وغيره، فإذا انعزل الأصيل أو مات بطلت قيمومة ذلك الوكيل على الأوقاف، نعم إذا كان الولي مجعولاً من الواقف وكان قد لحظ في توليته تفويضه نصب قيم على الوقف فإنه لا ينعزل القيم بانعزال الولي أو موته.
م ـ551: يجوز للواقف أن يجعل للولي شيئاً من نماء العين الموقوفة في مقابل قيامه بشؤون الولاية، سواء أكان بقدر أجرة المثل أم أكثر أم أقل، وحينئذ لا يجوز له أن يأخذ أكثر مما جعل له بعد قبوله به حتى لو كان أقل من أجرة المثل بكثير؛ أما إذا لم يجعل الواقف له أجرة فإنه يجوز له أن يأخذ من نماء الوقف مقدار أجرة مثل عمله إن كان للعمل أجرة عند العرف، كمثل فلاحة الأرض وقطاف الثمرة ونحو ذلك، وإلا لزم قيامه به مجاناً، كمثل إنارة المسجد ورفع الأذان فيه ونحو ذلك، وكذا يجب عليه القيام بالعمل مجاناً إذا كان قد شرط عليه المجانية وقبل الولي شرطه، فإن لم يكن قد قبل شرطه وكان الوقف لجهة كان على الحاكم الشرعي أن يجعل له أجرة.
م ـ552: إذا لم يقم الولي المجعول بشؤون ولايته خيانة منه لما ولي، أو عجزاً منه عن إدارته بالنحو اللازم، أو لامتناعه عن القيام بها لسبب قاهر أو تكاسلاً منه وإهمالاً، فإن كان الواقف قد عين له خلفاً كان هو الولي، وإلا فإن أمكن معالجة الأمر مع الاحتفاظ بالولي عالجه الحاكم الشرعي، فيجعل مع الخائن من يمنعه من الخيانة، ومع العاجز من يساعده فيما يعجز عنه إن كان فيه بقية قدرة، كذلك يعالج الحاكم أمر الممتنع بإزالة سبب امتناعه إن أمكن، كأن يكون سبب امتناعه مطالبته بالأجرة فيجعل الحاكم له أجرة؛ وإن لم ينقض الأمر بالمعالجة، بل استلزم تعيين ولي غيره، بطلت ولاية الولي المنَصَّب، ولحقه الحكم الذي سبق ذكره للوقف الذي لا ولي له، فيكون وليُّه الموقوفَ عليه إن كان خاصاً، أو الحاكم الشرعيَّ إن لم يكن كذلك.
م ـ553:قلنا فيما سبق: "إن الواقف لا يحق له أن يعزل الولي بعد تعيينه"، لكنه إذا كان قد ذكر له أوصافاً، أو شرط فيه شروطاً، ففقدها، كأن جعلها للأرشد فصار غيره أرشد منه، أو جعلها له ما دام متلبساً بزي أهل العلم فنزعه، أو ما دام عادلاً ففسق، أو نحو ذلك، انعزل بفقدها وبطلت ولايته، وصار وليه الموقوف عليه أو الحاكم الشرعي بالنحو الذي سبق ذكره.