كتابات
02/10/2022

ما الَّذي يُخرِجُ الإنسانَ مِنَ الإيمان؟!

ما الَّذي يُخرِجُ الإنسانَ مِنَ الإيمان؟!

جاء في الحديث عن الإمام جعفر الصَّادق (ع)، أنَّ العبد: «يخرج من الإيمان بخمس جهات من الفعل، كلّها متشابهات معروفات».

هذه الجهات هي:

«الكفر»، الذي يزيل القاعدة الإيمانيَّة في وجود الله وفي توحيده، وفي النبوَّة في خطّ الرسالة واليوم الآخر.

«والشِّرك» في إنكار التوحيد لله بالإشراك به غيره.

«والضَّلال» بالانحراف عن الخطّ المستقيم في العقيدة والشريعة.

«والفسق» الذي يتجاوز فيه الإنسان حدود الله في الأعمال والأقوال والعلاقات، بحيث يخرج بذلك من الانفتاح على المسؤوليَّة الإيمانيَّة في الطاعة والعبادة.

«وركوب الكبائر»1، باعتبارها المعاصي الَّتي لا تنسجم مع خطِّ التقوى الذي لا بدَّ للمؤمن من السَّير عليه، والأخذ بما يفرضه من الوقوف عند حدود الحرام مما نهى الله عنه.

وفي الحديث عنه (ع): «أدنى ما يخرج به الرجل من الإيمان، أن يؤاخي الرجل على دينه، فيحصي عليه عثراته وزلاّته ليعنّفه بها يوماً ما»2، أي ليعيّره بها يوماً ما.

إنَّ علاقة المؤمن بالمؤمن مرتكزة على أساس رابطة الأخوّة الإيمانية التي عقدها الله بين المؤمنين في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}(الحجرات:10)، بما تفرضه هذه الأخوّة من السلوكيات الأخلاقية الإنسانية التي أكَّدها الإسلام في منهجه الأخلاقي، الأمر الَّذي يجعل المؤمن أميناً على حياة أخيه المؤمن، وعلى كرامته في أوضاعه العامَّة والخاصَّة، ومحافظاً على ما يطّلع عليه من أسراره الخفيَّة وعيوبه المستورة، فلا ينطلق في علاقته معه من موقع النيَّة السيِّئة، ليستغلّ ذلك في القيام بعمليَّة إحصائيَّة لعثراته وزلَّاته، ليسجّلها عليه في ذاكرته أو في دفتره، حتى إذا تحوّلت العلاقة الأخوية إلى علاقة مضادة سلبية، استذكر ذلك في عملية إثارة تشهيرية في التعريض به بين الناس، أو في تعييره، أو في تعنيفه ومواجهته بالإساءة من خلال إبراز تلك العثرات والزلَّات، الأمر الذي ينحرف بالالتزام الديني الإيماني عن قيمته الروحيَّة وموقعه الشَّرعي، فيخرج بذلك من الإيمان، ويبتعد عن العنصر الشَّرعي من جهة، والجانب الإنساني من جهة أخرى.

وفي الحديث عن رسول الله (ص): «أدنى الكفر أن يسمع الرَّجل من أخيه الكلمة فيحفظها عليه يريد أن يفضحه بها، أولئك لا خلاق لهم»3.

إن من أصول الأخلاق الإيمانيَّة، أن يحفظ المؤمن أخاه المؤمن من خلال حفظ إنسانيَّته بين الناس، فلا يستغلّ نقاط ضعفه التي قد تتمثل في فلتات لسانه، فيحوّلها إلى فضيحة أخلاقيَّة بهدف إسقاطه في المجتمع، فإذا صدر عنه شيء من هذا القبيل، فإنَّ ذلك يوحي بخروجه من الإيمان، واقترابه من الكفر في مظهره العملي، لأنَّ للكافر أخلاقيته العدوانية تجاه الآخرين، ولا سيَّما من المؤمنين، التي تختلف عن أخلاقية المؤمن الحافظة للعلاقات الإنسانية.

وفي الحديث عن الإمام جعفر الصادق (ع)، وقد سُئل: ما أدنى ما يكون به العبد كافراً؟ قال: «أن يبتدع به شيئاً، فيتولّى عليه، ويبرأ ممن خالفه»4. إنَّ خصوصيَّة الكفر في الالتزام الفكري، هي أن يلتزم في ذهنيَّته بالفكرة التي تخالف الحقَّ وتبتعد عن الإيمان، لأنَّ ذلك يوحي بأنه لا يملك الانفتاح على الحقيقة في التزاماته الثقافيَّة. وهذه أول درجة من درجات الكفر الَّذي يرتكز على رفض عناصر الإيمان في الأمور كلِّها، لأنَّ من يرفض بعض الحقيقة، سوف يمتدّ به الموقف إلى رفضها كلِّها.

ونلتقي - في هذا المفهوم - بحديث آخر للإمام جعفر الصَّادق (ع)، وقد سُئل: ما أدنى ما يصير به العبد كافراً؟ فقال: «أن يقول لهذه الحصاة إنها نواة ويبرأ ممن خالفه على ذلك»5.

إن القضية هي أن يتغير تصوره للواقع، فيلتزم بعكسه في التزامه الذاتي، ما يوحي بأنه لا ينفتح، في مفهومه عن الأشياء، على العنصر الحقيقي لها، بل يعيش الانقلاب في الصورة الواقعية، ما يفسح في المجال لإعطاء الانطباع بأنه ليس متوازناً في نظرته إلى الأمور، بما في ذلك الخطوط الإيمانية التي لا يملك معها الشخصية المتوازنة التي تدقق في عناصر الفكرة وامتداداتها، فيكون أقرب إلى الكفر وأبعد عن الإيمان.

إن القضية ليست قضية خصوصية الفكرة في علاقتها بقضية الكفر والإيمان في المضمون العقيدي، بل في الخلفية الثقافية التي تلتزم بالصورة العكسية للواقع في أسلوب التفكير ونتائجه في عقيدته التصورية، لأن المطلوب من الإنسان المؤمن، الانفتاح الدقيق على الحقيقة في مصادرها ومواردها، والبعد عمّا يخالفها.

وفي حديث آخر عن الإمام جعفر الصادق (ع): «أدنى ما يخرج به الرجل من الإيمان، أن يجلس إلى غالٍ، فيستمع إلى حديثه، ويصدّقه»6.

إن الالتزام الصادق للمؤمن، يتمثّل في رفض كلّ ما يتنافى مع العقيدة الإيمانية، ومن ذلك، رفض الغلوّ في الدين، في خطوطه السلبية المنافية للتوحيد الإلهي، بإعطاء المخلوقين من الأنبياء والأئمة والأولياء صفات الخالق في العلم والقدرة والخلق والموت والحياة، مما درج الغلاة على الاعتقاد به، والالتزام بمضمونه، مع بعض الإضافة إلى ذلك بأنه بإذن الله. فإذا جلس المؤمن إلى بعض هؤلاء الغلاة، واستمع إلى أحاديثهم في الغلوّ، وصدَّقهم في ذلك، كان موافقاً لهم ومنسجماً مع أفكارهم، وبذلك يخرج من الإيمان من خلال هذه المجاملة الفكرية الموحية بالرضا، حتى لو كان باقياً على القاعدة الإيمانية في التزاماته الدينية.

وإذا كان الحديث الصادقي يؤكد الغلوّ في استماع المؤمن للغالي، فإنه يشمل كل فكر يختلف مع فكر الإيمان في عناصره العقيديّة، لأنّ المطلوب من المؤمن، أن يملك الصفاء في إيمانه، بحيث لا يدخل فيه أيّ فكر يبتعد عن الحق في العقيدة أو في الشريعة.

* من كتاب "النَّدوة"، ج 16.

[1]تحف العقول، ابن شعبة الحراني، ص 330.

[2]وسائل الشيعة، الحرّ العاملي، ج12، ص 274.

[3]ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج1، ص 202.

[4]ميزان الحكمة، ج1، ص 202.

[5]بحار الأنوار، العلَّامة المجلسي، ج26، ص 239.

[6]بحار الأنوار، ج5، ص 8.

جاء في الحديث عن الإمام جعفر الصَّادق (ع)، أنَّ العبد: «يخرج من الإيمان بخمس جهات من الفعل، كلّها متشابهات معروفات».

هذه الجهات هي:

«الكفر»، الذي يزيل القاعدة الإيمانيَّة في وجود الله وفي توحيده، وفي النبوَّة في خطّ الرسالة واليوم الآخر.

«والشِّرك» في إنكار التوحيد لله بالإشراك به غيره.

«والضَّلال» بالانحراف عن الخطّ المستقيم في العقيدة والشريعة.

«والفسق» الذي يتجاوز فيه الإنسان حدود الله في الأعمال والأقوال والعلاقات، بحيث يخرج بذلك من الانفتاح على المسؤوليَّة الإيمانيَّة في الطاعة والعبادة.

«وركوب الكبائر»1، باعتبارها المعاصي الَّتي لا تنسجم مع خطِّ التقوى الذي لا بدَّ للمؤمن من السَّير عليه، والأخذ بما يفرضه من الوقوف عند حدود الحرام مما نهى الله عنه.

وفي الحديث عنه (ع): «أدنى ما يخرج به الرجل من الإيمان، أن يؤاخي الرجل على دينه، فيحصي عليه عثراته وزلاّته ليعنّفه بها يوماً ما»2، أي ليعيّره بها يوماً ما.

إنَّ علاقة المؤمن بالمؤمن مرتكزة على أساس رابطة الأخوّة الإيمانية التي عقدها الله بين المؤمنين في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}(الحجرات:10)، بما تفرضه هذه الأخوّة من السلوكيات الأخلاقية الإنسانية التي أكَّدها الإسلام في منهجه الأخلاقي، الأمر الَّذي يجعل المؤمن أميناً على حياة أخيه المؤمن، وعلى كرامته في أوضاعه العامَّة والخاصَّة، ومحافظاً على ما يطّلع عليه من أسراره الخفيَّة وعيوبه المستورة، فلا ينطلق في علاقته معه من موقع النيَّة السيِّئة، ليستغلّ ذلك في القيام بعمليَّة إحصائيَّة لعثراته وزلَّاته، ليسجّلها عليه في ذاكرته أو في دفتره، حتى إذا تحوّلت العلاقة الأخوية إلى علاقة مضادة سلبية، استذكر ذلك في عملية إثارة تشهيرية في التعريض به بين الناس، أو في تعييره، أو في تعنيفه ومواجهته بالإساءة من خلال إبراز تلك العثرات والزلَّات، الأمر الذي ينحرف بالالتزام الديني الإيماني عن قيمته الروحيَّة وموقعه الشَّرعي، فيخرج بذلك من الإيمان، ويبتعد عن العنصر الشَّرعي من جهة، والجانب الإنساني من جهة أخرى.

وفي الحديث عن رسول الله (ص): «أدنى الكفر أن يسمع الرَّجل من أخيه الكلمة فيحفظها عليه يريد أن يفضحه بها، أولئك لا خلاق لهم»3.

إن من أصول الأخلاق الإيمانيَّة، أن يحفظ المؤمن أخاه المؤمن من خلال حفظ إنسانيَّته بين الناس، فلا يستغلّ نقاط ضعفه التي قد تتمثل في فلتات لسانه، فيحوّلها إلى فضيحة أخلاقيَّة بهدف إسقاطه في المجتمع، فإذا صدر عنه شيء من هذا القبيل، فإنَّ ذلك يوحي بخروجه من الإيمان، واقترابه من الكفر في مظهره العملي، لأنَّ للكافر أخلاقيته العدوانية تجاه الآخرين، ولا سيَّما من المؤمنين، التي تختلف عن أخلاقية المؤمن الحافظة للعلاقات الإنسانية.

وفي الحديث عن الإمام جعفر الصادق (ع)، وقد سُئل: ما أدنى ما يكون به العبد كافراً؟ قال: «أن يبتدع به شيئاً، فيتولّى عليه، ويبرأ ممن خالفه»4. إنَّ خصوصيَّة الكفر في الالتزام الفكري، هي أن يلتزم في ذهنيَّته بالفكرة التي تخالف الحقَّ وتبتعد عن الإيمان، لأنَّ ذلك يوحي بأنه لا يملك الانفتاح على الحقيقة في التزاماته الثقافيَّة. وهذه أول درجة من درجات الكفر الَّذي يرتكز على رفض عناصر الإيمان في الأمور كلِّها، لأنَّ من يرفض بعض الحقيقة، سوف يمتدّ به الموقف إلى رفضها كلِّها.

ونلتقي - في هذا المفهوم - بحديث آخر للإمام جعفر الصَّادق (ع)، وقد سُئل: ما أدنى ما يصير به العبد كافراً؟ فقال: «أن يقول لهذه الحصاة إنها نواة ويبرأ ممن خالفه على ذلك»5.

إن القضية هي أن يتغير تصوره للواقع، فيلتزم بعكسه في التزامه الذاتي، ما يوحي بأنه لا ينفتح، في مفهومه عن الأشياء، على العنصر الحقيقي لها، بل يعيش الانقلاب في الصورة الواقعية، ما يفسح في المجال لإعطاء الانطباع بأنه ليس متوازناً في نظرته إلى الأمور، بما في ذلك الخطوط الإيمانية التي لا يملك معها الشخصية المتوازنة التي تدقق في عناصر الفكرة وامتداداتها، فيكون أقرب إلى الكفر وأبعد عن الإيمان.

إن القضية ليست قضية خصوصية الفكرة في علاقتها بقضية الكفر والإيمان في المضمون العقيدي، بل في الخلفية الثقافية التي تلتزم بالصورة العكسية للواقع في أسلوب التفكير ونتائجه في عقيدته التصورية، لأن المطلوب من الإنسان المؤمن، الانفتاح الدقيق على الحقيقة في مصادرها ومواردها، والبعد عمّا يخالفها.

وفي حديث آخر عن الإمام جعفر الصادق (ع): «أدنى ما يخرج به الرجل من الإيمان، أن يجلس إلى غالٍ، فيستمع إلى حديثه، ويصدّقه»6.

إن الالتزام الصادق للمؤمن، يتمثّل في رفض كلّ ما يتنافى مع العقيدة الإيمانية، ومن ذلك، رفض الغلوّ في الدين، في خطوطه السلبية المنافية للتوحيد الإلهي، بإعطاء المخلوقين من الأنبياء والأئمة والأولياء صفات الخالق في العلم والقدرة والخلق والموت والحياة، مما درج الغلاة على الاعتقاد به، والالتزام بمضمونه، مع بعض الإضافة إلى ذلك بأنه بإذن الله. فإذا جلس المؤمن إلى بعض هؤلاء الغلاة، واستمع إلى أحاديثهم في الغلوّ، وصدَّقهم في ذلك، كان موافقاً لهم ومنسجماً مع أفكارهم، وبذلك يخرج من الإيمان من خلال هذه المجاملة الفكرية الموحية بالرضا، حتى لو كان باقياً على القاعدة الإيمانية في التزاماته الدينية.

وإذا كان الحديث الصادقي يؤكد الغلوّ في استماع المؤمن للغالي، فإنه يشمل كل فكر يختلف مع فكر الإيمان في عناصره العقيديّة، لأنّ المطلوب من المؤمن، أن يملك الصفاء في إيمانه، بحيث لا يدخل فيه أيّ فكر يبتعد عن الحق في العقيدة أو في الشريعة.

* من كتاب "النَّدوة"، ج 16.

[1]تحف العقول، ابن شعبة الحراني، ص 330.

[2]وسائل الشيعة، الحرّ العاملي، ج12، ص 274.

[3]ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج1، ص 202.

[4]ميزان الحكمة، ج1، ص 202.

[5]بحار الأنوار، العلَّامة المجلسي، ج26، ص 239.

[6]بحار الأنوار، ج5، ص 8.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية