كتابات
24/04/2022

تحصينُ الإيمانِ في وجهِ التَّحدِّياتِ

تحصينُ الإيمانِ في وجهِ التَّحدِّياتِ

من الأدعية الَّتي تأتي في القرآن لتركِّز على بعض القضايا وعلى بعض المفاهيم الَّتي يريد الله للإنسان أن يعيشها في نفسه كهمِّ يحكم كلّ حياته، لأنَّ قيمة الأدعية في القرآن، كما ذكرنا سابقاً، تؤكِّد بعض النقاط الأساسيَّة في حياة النَّاس، من خلال علاقتهم بالله سبحانه وتعالى، من بين هذه الآيات الّتي تضمَّنت هذه الأدعية: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}[آل عمران: 8].

تحدّياتٌ تواجهُ الإيمانَ

إنَّ الفكرة الَّتي تنطلق من وحي هذه الآية، هي أنَّ الله قد يمنح الانسان نعمة الهداية، فيملأ عقله بالإيمان به وبرسله وبرسالاته وباليوم الآخر. ولكن، لا بدَّ للإنسان أن لا يستسلم لهذه النعمة، فيسترخي ويرتاح، ويشغل نفسه بأشغاله الطبيعيَّة في الحياة، بل لا بدَّ له أن يعيش الحذر من كلِّ التحدّيات التي يمكن أن تضعف إيمانه، أو أن تهزَّه، أو أن تنحرف به، أو أن تسقطه، لأنَّ الكثيرين من النَّاس قد يضعفهم البلاء، فإذا ابتلاهم الله بمرضٍ أو خوفٍ أو بمصيبةٍ تتَّصل ببعض من يحبّون، فإنَّهم يعيشون حالةَ اهتزازِ الإيمان، فينكرون على الله قضاءه، وقد يتجرّأون على الله في بعض الكلمات، وقد يعاتبون الله على بعض ذلك: "فإنْ أبطأَ عنِّي عتبْتُ بجهلي عليك"1.

قد يدعو الإنسان ولا يستجيب الله دعاءه، قد يُبتلَى، ويخيَّل إليه أنَّ البلاء عقوبة من الله له، أو أنَّه لا ينسجم مع حقِّه على ربِّه. ولكنَّ المسألة قد تكون خيراً له، وقد تكون امتحاناً لإيمانه، وقد تكون مرتبطةً بالواقع الكوني أو الواقع الإنساني، لأنَّ الله تعالى عندما خلق الكون ونظَّمه، فإنَّ من طبيعة النظام العام للنّاس، في ما يراه الله من الحكمة في ذلك، أن يصاب بعض الناس ببعض المشاكل.. القضايا العامّة دائماً، سواء كانت القضايا الكونيّة، أو كانت القضايا الإنسانية، لا بدّ أن تترك تأثيراتها السلبيَّة على القضايا الخاصّة.. وإلّا، إذا أردنا أن ننظِّم الكون على أن نعطي كلَّ إنسان ما يشتهيه، فقد تتناقض شهوات الناس، كتلك القصَّة المعروفة، أنَّ رجلاً زوَّج ابنة له من شخص يصنع الفخَّار، وزوَّج الأخرى من فلَّاح يزرع الأرض، وبدأ زيارةً لزوجة الفلَّاح، وعندما ودَّعها قالت له: ادع الله أن ينزل علينا المطر حتَّى ينتج لنا هذا الزّرع، وعندما زار زوجة الفخَّار، وعند توديعه لها، قالت له: ادع الله أن يكون هناك صحوٌ حتى يجفَّ ما صنعناه لنبيعه، فرأى أنَّه أيّاً كان دعاؤه، سيكون ضدّ مصلحة واحدة منهما، فأوكلَ الأمرَ إلى الله تعالى، باعتبار أنَّه إذا حبس الله المطر، فقد يتأذَّى كلُّ النَّاس الَّذين يزرعون، وقد تكون القضيَّة بالعكس، إذا أنزل المطر، فقد يتأذَّى كلّ النَّاس الَّذين يحتاجون إلى الصَّحو.

لذلك، لو أراد الله أن يعطي كلَّ إنسانٍ ما يتمنَّاه، فإنَّ النَّاس قد يتمنّون أمنياتٍ وأحلاماً كثيرة تسيء إلى الصَّالح العامّ، وقد تتناقض، فلا يمكن أن تحقَّق كلُّها. مثلاً، شخص يتمنَّى لشخصٍ أن يموت، أو أن يمرض، فلا يمكن لله أن يمشي حسب النَّوازع الذاتيَّة للناس.

تدبيرُ الله لأمورِ الكونِ

لذلك، فالمسألة لا بدَّ من أن تتَّصل بالواقع العام للإنسان، والإنسان المؤمن الواعي هو الذي يختزن في ذاته أنَّ الله رحيم، ومن رحمته أن ينظر إلى النَّاس في تدبيره لهم ما يحقِّق لهم المصالح العامَّة لوجودهم، حتَّى على حساب المصالح الخاصَّة لذاتيَّاتهم، وأن يختزن في نفسه حكمة الله، وأنَّ الله سبحانه وتعالى، لا يصدر في قضائه وقدره عن عبث، ولا يمكن أن يظلم أحداً من عباده، لأنَّ الضَّعيف هو الَّذي يحتاج الظّلم. ولذلك، علينا أن نختزن في أنفسنا أنَّ الله لم يفعل بنا إلَّا خيراً، سواء كان من بلاء أو من نعمة.

في تعابيرنا نقول: "الحمدُ لله الَّذي لا يُحمَدُ على مكروهٍ سواه"، يعني نحن في الحياة الاجتماعيَّة، لو أنَّ إنساناً فعل بنا مكروهاً، فإنَّنا لا نحمده على هذا المكروه، ولكن لو أصابنا مكروه من خلال قضاء الله وقدره، فإنَّنا نحمد الله عليه، لأننا نعرف أنَّ هذا المكروه لا بدَّ أن ينطلق من حكمة تتَّصل بحياتنا، بحيث يتحوَّل المكروه في عمق تأثيره في واقعنا إلى نعمة من نعم الله علينا: "ولعلَّ الَّذي أبطأ عنّي هو خير لي لعلمك بعاقبة الأمور"2، {فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرً}[النساء: 19].

تحصينُ الإيمانِ

لهذا، بعض الناس يسقطون أمام البلاء، فيضعف إيمانهم ويهتزّ.. بعض الناس قد تأتيهم وساوس الشَّيطان، فيخيَّل إليهم أنهم فقدوا إيمانهم، ويسقطون أمام حيرتهم. ورد أنَّ رجلاً جاء إلى رسول الله (ص) وقال له: يا رسول الله، هلكت، قال (ص): "أتاك الخبيث - يعني الشَّيطان - فقال لك: من خلقك؟ فقلتَ: الله، فقال لك: الله من خلقه؟"، فقال: إي والّذي بعثك بالحقّ لكان كذا، فقال (ص): "ذاك والله محض الإيمان"3. فهذه الحالة النفسيَّة، أنّك خفت من هذا الفكر، وشعرت بأنَّك فقدت إيمانك، يدلّ على عمق إيمانك، وأنَّ هذه وسوسه من الشّيطان.

فسؤال: "من خلق الله؟" هو سؤال خطأ، باعتبار أنَّ مَنْ يحتاج إلى الخلق هو الَّذي لا يحمل في ذاته حتميَّة الوجود، ولكنَّ الله يحمل في ذاته حتميَّةَ وجودِهِ، لأنَّ وجودَ الله هو التَّفسيرُ لوجودِ الكون، لأنَّه لو لم يكن هناك خالقٌ، فلا خلق، لأنَّ كلَّ الوجود لا يحمل في ذاته ما يؤكِّد وجوده، بينما الخالق ليس كالمخلوق حتى يحتاج إلى من يوجده.

هناك من النَّاس من قد تأتيهم بعض الأفكار الشَّيطانيَّة، فالكثير من الشَّباب قد تأتيهم تخيّلات شيطانيّة تشكِّكهم في الله، لكن على الإنسان في هذه الحال أن ينزل إلى أعماق نفسه، ليجد أنَّ فطرته لا تزال فطرة صافية، تمدّه بصفاء الإيمان، وأنَّ هذه من قبيل الوساوس، على طريقه ما يقوله الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ}[الأعراف: 201].

على الإنسان أن لا يستسلم لوساوسه ولخطرات قلبه، بل عليه أن يرجع إلى عمق فطرته، ليجد أنَّ تلك أمور تأتي في السَّطح من نفسه لا في العمق، فلو لم يكن عند الإنسان إيمان، فلماذا يشعر بالرّعب؟!

الهمُّ الكبيرُ

وربّما يواجه الإنسان بعض المشاكل الفكريَّة، قد يواجه الشَّباب في ما يقرأونه، أو في ما يسمعونه، أو في ما يتعلَّمونه، أو في ما يتأمَّلون، قد يواجهون بعض المشاكل الفكريَّة التي تتحدَّى إيمانهم في هذا المجال، على طريقة: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُون}[النَّحل: 43]. فإذا صار عندك شكّ أو شبهة، فلا تدعها تتفاعل في نفسك لتسقط إيمانك، إذا لم يكن لك القوَّة الفكريّة التي تستطيع من خلالها أن تدفع هذه الشّبهة أو تزيل هذا الشكّ، بل الجأ إلى الَّذين أعطاهم الله تعالى نعمة العلم ونعمة العقل، فحاول أن تسألهم ليجيبوك عن ذلك، وارجع إلى الَّذين يملكون عمق العلم وسعته وشموليَّته، ولا ترجع إلى الجهَّال الذين قد يخيَّل إليك أنهم علماء.. {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ}، أهل الكتاب الَّذين يملكون علم الكتاب في سعته وعمقه وامتداده وشموليَّته.

لذلك، يريد الله لنا أن نفكِّر دائماً في أنَّ إيماننا هو همُّنا الكبير، كما كان الإيمان همّاً قبل أن يوجَد في نفوسنا، فهو همٌّ بعد أن وجد، لأنَّ عليك أن تحافظ على صحَّة إيمانك، وعافية إيمانك، وقوَّة إيمانك، كما تحافظ على صحَّة جسدك وعافيته وقوَّته، لأنَّك عندما يضعف جسدك، فإنَّه لا يمثِّل الخطر على مصيرك، ولكن إذا ضعف إيمانك، فإنّه يمثِّل الخطر على مصيرك.

نحن في ما نقرأ: {الْحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللهُ}[الأعراف: 43]، بحيث نعتبر أنَّ الإيمان نعمة من الله تعالى علينا، وأنَّ علينا أن نحافظ على هذه النِّعمة، علينا أن نحرس إيماننا من كلِّ ما يمكن أن يضعفه ويزيله، أكثر مما نحمي أجسادنا وأموالنا، لأنَّ الإيمان يتصل بقضيَّة المصير، لأنَّ الإنسان إذا فقد إيمانه بالله، فقد علاقته به، وفقد القوَّة الَّتي تربطه بسلامة المصير في يوم القيامة.

تأثيرُ رفاقِ السّوءِ

وعلى هذا الأساس، ينبغي للإنسان أن يحترس من رفاق السّوء الّذين يزيِّنون له الانحراف، والذين يضعفون له هذه الروح الإيمانيَّة، لأنَّ الإنسان قد يضلّ من خلال رفاقه.. إذا كنت مؤمناً، فعاشر من تذكِّرك بالله رؤيتُه، ويزيد في علمك منطقُه، لا من تنسيك الله رؤيتُه، ويزيد في جهلك منطقُه.

الله يحدِّثنا عن بعض النَّاس في يوم القيامة، عندما يُقادون إلى النَّار، ويشعرون بالنَّدم، ويتحدَّثون عن سبب ذلك: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّاَلِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يا وَيْلَتَا ليتني لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً * لَّقَدْ أضلَّني عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءني وَكَانَ الشَّيْطانُ للإنسان خَذُول}[الفرقان: 27 – 29].

صار في هذا الموقع، لأنَّه عاشر أشخاصاً أبعدوه عن خطِّ الذّكر وهو خطّ القرآن، وأبعدوه عن درب النّجاة وهو درب الرّسول، فالشّيطان يمنّيه {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورً}[النّساء: 120].

الله أعطانا هذا الوعي، الوعي في فهم الخطوات الشيطانيّة، سواء كان من شياطين الإنس أو شياطين الجنّ، فالله لم يتركنا في غفلة: {كمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَآ أَنَّهُمَا فِى ٱلنَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ ٱلظَّٰالِمِينَ}[الحشر: 16].

بعض النَّاس يأتونك ويقولون لك: امش معي في هذا الطّريق ومسؤوليَّتك عليّ، اِنتمِ إلى هذه الجهة، والمسوؤليَّة في عهدتي وذمّتي.. ألا يقول بعض النَّاس ذلك؟ يقولون: تعال انتخب فلاناً وعلى ذمَّتي، تعال التزم بالحزب الفلاني وعلى رقبتي...

كيف يتحدَّث الله عن هذه التَّجربة؟ فالقرآن هو حركة وعي، والله يريدنا أن نتدبَّر القرآن، لأنَّنا بالقرآن نستطيع أن نعي الحياة، ونعي كلَّ ما في الحياة، ولكن بشرط ألَّا نقرأ القرآن من دون تدبّر معانيه وأبعاده في حركة الحياة، لأنَّ القرآن جاء نوراً للحياة {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ}[المائدة: 15]. يقول الله عن هذه التَّجربة: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ}[العنكبوت: 12- 13].

عندما يأتيك إنسانٌ وتكون جاهلاً بالحكم الشَّرعيّ، أو جاهلاً باستقامة طريقه أو انحرافه، إذا جاءك فقل له إنَّ الله رزقني عقلاً، فدعني أشغِّل عقلي في فهم هذا الشَّيء، ورزقني سمعاً، فدعني أسمع ممّن يمكن أن يفيدني، ولساناً، فدعني أسأل بلساني، وعيناً، فدعني أقرأ، لأنَّ الله سيسألني غداً: لم فعلت ذلك؟ فلان يقول لك: على ذمَّتي، فمن أنت حتَّى تضمن لي موقفي مع الله؟! نعم، لو جاء النَّبيّ وقال افعلوا هذا الشَّيء وأنا أتحمّل المسؤوليَّة يوم القيامة، فمن المؤكَّد أنَّ علينا أن نلتزم بما يقوله، لأنَّ الله يقول: {أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ}[النّساء: 59]، فإذا جاءنا علماء ورعون مجتهدون يكونون حجَّة على الناس، فالله أمرنا أن نرجع إلى العلماء والفقهاء، أمّا أن يأتي شخص ليس عنده ضمانه ولا قوله حجّة، ويقول تعال على ذمّتي، فمن أنت لتقول ذلك؟

مشكلة كثير من الشَّباب أنهم عاطفيّون، يأتي الصَّديق ويقول: الصَّديق وقت الضِّيق، تعال وامنحني شهادة زور، أو يقول: أنا مفلس، تعال لنسرق سويّاً، تعال نمش مع تلك الجهة الظَّالمة، تعال لنعمل مع المخابرات حتَّى نعيش... كثير من النَّاس ينحرفون من خلال أصدقائهم، ومن خلال شياطينهم، وما أكثر الشَّياطين؛ شياطين الإعلام، وشياطين الإعلان، وشياطين المجتمع...! الشّيطان الّذي يوسوس في صدور الناس ليس إبليس فقط الَّذي نعرفه، فهناك أبالسة من الجنِّ والإنس.

مسؤوليّةُ التّابعِ والمتبوعِ

فلا بدَّ للإنسان أن يكون واعياً، فإذا كانت القضيَّة تتعلَّق بالمصير، فلا بدَّ أن تكون كلّك وعياً؛ عقلك وعينك وسمعك وإحساسك...

الله تعالى يحدِّثنا في القرآن أنَّ مسؤوليَّة الإنسان هي مسؤوليَّة فرديَّة، ليس هناك من أحد يتحمَّل المسؤوليَّة عن أحد، حتّى من يقول لك إنَّه مسؤول، فإنَّه يوم القيامة يتبرّأ من المسؤوليَّة.. ألا يحدِّثنا الله في القرآن عن موقف المستضعفين والمستكبرين؟! إنَّ مشكلتنا في الحياة هي مشكلة الضَّلال، في المجتمعات الَّتي يحكمها المستكبرون، سواء كان استكباراً ماليّاً أو سياسيّاً أو اجتماعيّاً أو اقتصاديّاً أو عسكريّاً، مشكلة ضلال النَّاس أنَّ المستكبرين يسيطرون عليهم، فيضعفون أمامهم وينحرفون ويتّبعونهم. القرآن يحدِّثنا عن الموضوع: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَ}، فإذا كنت تعاني ضغطاً، فاترك المكان وهاجر، حتّى لا تكون ممّن يقوِّي مواقع الظّلم الاستكبار والكفر.

{فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا * إِلَّا ٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَاءِ وَٱلْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلً} إذا كان الإنسان لا يملك أيَّ حيلة أو قوّة، ولا يستطيع أن يفعل شيئاً {فَأُولَٰئِكَ عَسَى اللهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ...}[النساء: 97 – 99].

هذا إذا كان مستضعفاً، أمَّا أنت، إذا كنت واعياً ولكن ضعيفاً، فحاول أن تستنفر طاقتك وقوَّتك، فالله لا يبرِّر للضَّعيف ضعفه إذا كان قادراً على أن يركِّز نقاط قوَّته في هذا الموضوع، فالله أعطاك إمكانات القوَّة، ولو بالانسحاب من مواطن الضّعف، حتّى تستطيع أن تأخذ القوَّة إلى مكانٍ آخر، لترجع إلى هذا الموقع وتتحرَّك من جديد من موقع قوَّة جديدة.

الله يحدِّثنا عن يوم القيامة {وَبَرَزُوا للهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُو} المستكبرون قد يكونون زعماء أو رؤساء أو وزراء أو أغنياء أو سياسيّين... وما أكثرهم في حياتنا! {إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللهِ مِن شَيْءٍ}، أعطونا توصية، بطاقة إلى مالك خازن النَّار، توسّطوا لنا كما كنتم تتوسَّطون لنا لدى القضاة، نحن معتادون أن نَقتُل ثم تتوسَّطون لنا لدى القاضي فيعفو عنا، رتِّبوا لنا وضعنا، فقد كنَّا جماعتكم! {قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللهُ لَهَدَيْنَاكُمْ} فنحن وأنتم سواء، كلانا سار في خطِّ الضَّلال {سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ}[إبراهيم: 21]، فكلّنا نتحمَّل المسؤوليَّة؛ التّابع والمتبوع.

وفي آيةٍ أخرى، يبيّن الله حسرة التّابعين: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءواْ مِنَّا كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ ٱللهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ ٱلنَّار}[البقرة: 166 – 167].

تبرّؤُ إبليسَ من المسؤوليَّة

ولمّا لم يجد هؤلاء فائدة من تحميل الّذين كانوا مستكبرين في الدّنيا المسؤوليَّة، حمّل الجميع إبليس المسؤوليَّة، وإذ كلّ المظاهرات اتَّجهت حيث إبليس؛ هذا يلعن، وذاك يستعيذ... فوقف إبليس فيهم خطيباً، وقال:

{وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي...}[إبراهيم: 22]...

فدور إبليس الكذب والدَّجل والنِّفاق والوسوسة، ولكن ليس له قوَّة تنفيذيّة، بل قوّة ثقافيّة، كما طبيب التَّجميل الّذي يجمِّل الأمور إذا كان هناك تشويه، فإبليس يجمّل الأشياء القبيحة ويزيّنها، فهو لديه ثقافة تجميليّة، وعنده أيضاً ثقافة تقبيحيَّة، إذا صحّ التعبير، بحيث يقبّح الأشياء الحسنة، ولكن ليس لديه قوَّة تنفيذيّة: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}[الحجر: 42].

{فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ}[إبراهيم: 22]، فأنا لا أعترف بما جعلتموني فيه شريكاً لله.

استعداداً لليومِ الموعودِ

{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَ} ربَّنا لا تجعل قلوبنا زائغة منحرفة {بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَ}. والقلوب في القرآن هي العقول، أو كلّ مناطق الوعي في الإنسان، فالإنسان يلتفت إلى نفسه من خلال كلّ المؤثّرات السّلبيَّة الّتي يمكن أن تؤثِّر سلباً في وجدانه الدِّيني، وفي إحساسه وشعوره، فينتبه إليها حتَّى لا تنحرف به عن الخطّ، وإذا أحسّ الإنسان ضعفاً في نفسه، فإنَّ عليه أن يلجأ إلى ربِّه ويتوب: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَ}، أبقنا يا ربّ مؤمنين إلى أن نلقاك {وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً} تعطينا الصّفاء والنّقاء والثّبات {إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ}[آل عمران: 8].

ثمّ بعد ذلك، عندما يفكِّر الإنسان في هذا الموضوع؛ ينتقل ويسأل: لماذا أطلب من الله أن لا يزيغ قلبي؟ لماذا أطلب منه أن يهبني رحمةً؟ لماذا؟ {رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَّا رَيْبَ فِيهِ}، لأنَّنا سنجتمع غداً بين يديك، وستسألنا غداً عن إيماننا كيف حفظناه، وكيف حركناه، وكيف ثبَّتناه، وكيف أطلقناه، وسيأتي هذا اليوم، فلا بدَّ من أن نستعدَّ لهذا اليوم، وسنسأل في ذلك اليوم، فلا بدَّ أن نحضِّر جواباً لكلِّ سؤال، لأنَّ الله لا يخلف وعده {إِنَّ اللهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ}[آل عمران: 9].

فهاتان الآيتان اللّتان تتضمَّنان هذه النّقطة من معنى الدّعاء، ينبغي أن نثيرهما في عقولنا وقلوبنا وإحساسنا وألسنتنا، حتّى نكون في وعي دائم في مواقع الهداية في حياتنا، نكون الهادين المهديّين في الدنيا وفي الآخرة.

*محاضرة من سلسلة محاضرات #منبر_الوعي ألقاها سماحة العلَّامة المرجع السيِّد محمد حسين فضل الله (رض) في مسجد بئر العبد، بتاريخ (20-06-1993م).

[1]من دعاء الافتتاح.

[2]من دعاء الافتتاح.

[3]ميزان الحكمة، محمّد الريشهري، ج4، ص 3524.

من الأدعية الَّتي تأتي في القرآن لتركِّز على بعض القضايا وعلى بعض المفاهيم الَّتي يريد الله للإنسان أن يعيشها في نفسه كهمِّ يحكم كلّ حياته، لأنَّ قيمة الأدعية في القرآن، كما ذكرنا سابقاً، تؤكِّد بعض النقاط الأساسيَّة في حياة النَّاس، من خلال علاقتهم بالله سبحانه وتعالى، من بين هذه الآيات الّتي تضمَّنت هذه الأدعية: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}[آل عمران: 8].

تحدّياتٌ تواجهُ الإيمانَ

إنَّ الفكرة الَّتي تنطلق من وحي هذه الآية، هي أنَّ الله قد يمنح الانسان نعمة الهداية، فيملأ عقله بالإيمان به وبرسله وبرسالاته وباليوم الآخر. ولكن، لا بدَّ للإنسان أن لا يستسلم لهذه النعمة، فيسترخي ويرتاح، ويشغل نفسه بأشغاله الطبيعيَّة في الحياة، بل لا بدَّ له أن يعيش الحذر من كلِّ التحدّيات التي يمكن أن تضعف إيمانه، أو أن تهزَّه، أو أن تنحرف به، أو أن تسقطه، لأنَّ الكثيرين من النَّاس قد يضعفهم البلاء، فإذا ابتلاهم الله بمرضٍ أو خوفٍ أو بمصيبةٍ تتَّصل ببعض من يحبّون، فإنَّهم يعيشون حالةَ اهتزازِ الإيمان، فينكرون على الله قضاءه، وقد يتجرّأون على الله في بعض الكلمات، وقد يعاتبون الله على بعض ذلك: "فإنْ أبطأَ عنِّي عتبْتُ بجهلي عليك"1.

قد يدعو الإنسان ولا يستجيب الله دعاءه، قد يُبتلَى، ويخيَّل إليه أنَّ البلاء عقوبة من الله له، أو أنَّه لا ينسجم مع حقِّه على ربِّه. ولكنَّ المسألة قد تكون خيراً له، وقد تكون امتحاناً لإيمانه، وقد تكون مرتبطةً بالواقع الكوني أو الواقع الإنساني، لأنَّ الله تعالى عندما خلق الكون ونظَّمه، فإنَّ من طبيعة النظام العام للنّاس، في ما يراه الله من الحكمة في ذلك، أن يصاب بعض الناس ببعض المشاكل.. القضايا العامّة دائماً، سواء كانت القضايا الكونيّة، أو كانت القضايا الإنسانية، لا بدّ أن تترك تأثيراتها السلبيَّة على القضايا الخاصّة.. وإلّا، إذا أردنا أن ننظِّم الكون على أن نعطي كلَّ إنسان ما يشتهيه، فقد تتناقض شهوات الناس، كتلك القصَّة المعروفة، أنَّ رجلاً زوَّج ابنة له من شخص يصنع الفخَّار، وزوَّج الأخرى من فلَّاح يزرع الأرض، وبدأ زيارةً لزوجة الفلَّاح، وعندما ودَّعها قالت له: ادع الله أن ينزل علينا المطر حتَّى ينتج لنا هذا الزّرع، وعندما زار زوجة الفخَّار، وعند توديعه لها، قالت له: ادع الله أن يكون هناك صحوٌ حتى يجفَّ ما صنعناه لنبيعه، فرأى أنَّه أيّاً كان دعاؤه، سيكون ضدّ مصلحة واحدة منهما، فأوكلَ الأمرَ إلى الله تعالى، باعتبار أنَّه إذا حبس الله المطر، فقد يتأذَّى كلُّ النَّاس الَّذين يزرعون، وقد تكون القضيَّة بالعكس، إذا أنزل المطر، فقد يتأذَّى كلّ النَّاس الَّذين يحتاجون إلى الصَّحو.

لذلك، لو أراد الله أن يعطي كلَّ إنسانٍ ما يتمنَّاه، فإنَّ النَّاس قد يتمنّون أمنياتٍ وأحلاماً كثيرة تسيء إلى الصَّالح العامّ، وقد تتناقض، فلا يمكن أن تحقَّق كلُّها. مثلاً، شخص يتمنَّى لشخصٍ أن يموت، أو أن يمرض، فلا يمكن لله أن يمشي حسب النَّوازع الذاتيَّة للناس.

تدبيرُ الله لأمورِ الكونِ

لذلك، فالمسألة لا بدَّ من أن تتَّصل بالواقع العام للإنسان، والإنسان المؤمن الواعي هو الذي يختزن في ذاته أنَّ الله رحيم، ومن رحمته أن ينظر إلى النَّاس في تدبيره لهم ما يحقِّق لهم المصالح العامَّة لوجودهم، حتَّى على حساب المصالح الخاصَّة لذاتيَّاتهم، وأن يختزن في نفسه حكمة الله، وأنَّ الله سبحانه وتعالى، لا يصدر في قضائه وقدره عن عبث، ولا يمكن أن يظلم أحداً من عباده، لأنَّ الضَّعيف هو الَّذي يحتاج الظّلم. ولذلك، علينا أن نختزن في أنفسنا أنَّ الله لم يفعل بنا إلَّا خيراً، سواء كان من بلاء أو من نعمة.

في تعابيرنا نقول: "الحمدُ لله الَّذي لا يُحمَدُ على مكروهٍ سواه"، يعني نحن في الحياة الاجتماعيَّة، لو أنَّ إنساناً فعل بنا مكروهاً، فإنَّنا لا نحمده على هذا المكروه، ولكن لو أصابنا مكروه من خلال قضاء الله وقدره، فإنَّنا نحمد الله عليه، لأننا نعرف أنَّ هذا المكروه لا بدَّ أن ينطلق من حكمة تتَّصل بحياتنا، بحيث يتحوَّل المكروه في عمق تأثيره في واقعنا إلى نعمة من نعم الله علينا: "ولعلَّ الَّذي أبطأ عنّي هو خير لي لعلمك بعاقبة الأمور"2، {فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرً}[النساء: 19].

تحصينُ الإيمانِ

لهذا، بعض الناس يسقطون أمام البلاء، فيضعف إيمانهم ويهتزّ.. بعض الناس قد تأتيهم وساوس الشَّيطان، فيخيَّل إليهم أنهم فقدوا إيمانهم، ويسقطون أمام حيرتهم. ورد أنَّ رجلاً جاء إلى رسول الله (ص) وقال له: يا رسول الله، هلكت، قال (ص): "أتاك الخبيث - يعني الشَّيطان - فقال لك: من خلقك؟ فقلتَ: الله، فقال لك: الله من خلقه؟"، فقال: إي والّذي بعثك بالحقّ لكان كذا، فقال (ص): "ذاك والله محض الإيمان"3. فهذه الحالة النفسيَّة، أنّك خفت من هذا الفكر، وشعرت بأنَّك فقدت إيمانك، يدلّ على عمق إيمانك، وأنَّ هذه وسوسه من الشّيطان.

فسؤال: "من خلق الله؟" هو سؤال خطأ، باعتبار أنَّ مَنْ يحتاج إلى الخلق هو الَّذي لا يحمل في ذاته حتميَّة الوجود، ولكنَّ الله يحمل في ذاته حتميَّةَ وجودِهِ، لأنَّ وجودَ الله هو التَّفسيرُ لوجودِ الكون، لأنَّه لو لم يكن هناك خالقٌ، فلا خلق، لأنَّ كلَّ الوجود لا يحمل في ذاته ما يؤكِّد وجوده، بينما الخالق ليس كالمخلوق حتى يحتاج إلى من يوجده.

هناك من النَّاس من قد تأتيهم بعض الأفكار الشَّيطانيَّة، فالكثير من الشَّباب قد تأتيهم تخيّلات شيطانيّة تشكِّكهم في الله، لكن على الإنسان في هذه الحال أن ينزل إلى أعماق نفسه، ليجد أنَّ فطرته لا تزال فطرة صافية، تمدّه بصفاء الإيمان، وأنَّ هذه من قبيل الوساوس، على طريقه ما يقوله الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ}[الأعراف: 201].

على الإنسان أن لا يستسلم لوساوسه ولخطرات قلبه، بل عليه أن يرجع إلى عمق فطرته، ليجد أنَّ تلك أمور تأتي في السَّطح من نفسه لا في العمق، فلو لم يكن عند الإنسان إيمان، فلماذا يشعر بالرّعب؟!

الهمُّ الكبيرُ

وربّما يواجه الإنسان بعض المشاكل الفكريَّة، قد يواجه الشَّباب في ما يقرأونه، أو في ما يسمعونه، أو في ما يتعلَّمونه، أو في ما يتأمَّلون، قد يواجهون بعض المشاكل الفكريَّة التي تتحدَّى إيمانهم في هذا المجال، على طريقة: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُون}[النَّحل: 43]. فإذا صار عندك شكّ أو شبهة، فلا تدعها تتفاعل في نفسك لتسقط إيمانك، إذا لم يكن لك القوَّة الفكريّة التي تستطيع من خلالها أن تدفع هذه الشّبهة أو تزيل هذا الشكّ، بل الجأ إلى الَّذين أعطاهم الله تعالى نعمة العلم ونعمة العقل، فحاول أن تسألهم ليجيبوك عن ذلك، وارجع إلى الَّذين يملكون عمق العلم وسعته وشموليَّته، ولا ترجع إلى الجهَّال الذين قد يخيَّل إليك أنهم علماء.. {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ}، أهل الكتاب الَّذين يملكون علم الكتاب في سعته وعمقه وامتداده وشموليَّته.

لذلك، يريد الله لنا أن نفكِّر دائماً في أنَّ إيماننا هو همُّنا الكبير، كما كان الإيمان همّاً قبل أن يوجَد في نفوسنا، فهو همٌّ بعد أن وجد، لأنَّ عليك أن تحافظ على صحَّة إيمانك، وعافية إيمانك، وقوَّة إيمانك، كما تحافظ على صحَّة جسدك وعافيته وقوَّته، لأنَّك عندما يضعف جسدك، فإنَّه لا يمثِّل الخطر على مصيرك، ولكن إذا ضعف إيمانك، فإنّه يمثِّل الخطر على مصيرك.

نحن في ما نقرأ: {الْحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللهُ}[الأعراف: 43]، بحيث نعتبر أنَّ الإيمان نعمة من الله تعالى علينا، وأنَّ علينا أن نحافظ على هذه النِّعمة، علينا أن نحرس إيماننا من كلِّ ما يمكن أن يضعفه ويزيله، أكثر مما نحمي أجسادنا وأموالنا، لأنَّ الإيمان يتصل بقضيَّة المصير، لأنَّ الإنسان إذا فقد إيمانه بالله، فقد علاقته به، وفقد القوَّة الَّتي تربطه بسلامة المصير في يوم القيامة.

تأثيرُ رفاقِ السّوءِ

وعلى هذا الأساس، ينبغي للإنسان أن يحترس من رفاق السّوء الّذين يزيِّنون له الانحراف، والذين يضعفون له هذه الروح الإيمانيَّة، لأنَّ الإنسان قد يضلّ من خلال رفاقه.. إذا كنت مؤمناً، فعاشر من تذكِّرك بالله رؤيتُه، ويزيد في علمك منطقُه، لا من تنسيك الله رؤيتُه، ويزيد في جهلك منطقُه.

الله يحدِّثنا عن بعض النَّاس في يوم القيامة، عندما يُقادون إلى النَّار، ويشعرون بالنَّدم، ويتحدَّثون عن سبب ذلك: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّاَلِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يا وَيْلَتَا ليتني لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً * لَّقَدْ أضلَّني عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءني وَكَانَ الشَّيْطانُ للإنسان خَذُول}[الفرقان: 27 – 29].

صار في هذا الموقع، لأنَّه عاشر أشخاصاً أبعدوه عن خطِّ الذّكر وهو خطّ القرآن، وأبعدوه عن درب النّجاة وهو درب الرّسول، فالشّيطان يمنّيه {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورً}[النّساء: 120].

الله أعطانا هذا الوعي، الوعي في فهم الخطوات الشيطانيّة، سواء كان من شياطين الإنس أو شياطين الجنّ، فالله لم يتركنا في غفلة: {كمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَآ أَنَّهُمَا فِى ٱلنَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ ٱلظَّٰالِمِينَ}[الحشر: 16].

بعض النَّاس يأتونك ويقولون لك: امش معي في هذا الطّريق ومسؤوليَّتك عليّ، اِنتمِ إلى هذه الجهة، والمسوؤليَّة في عهدتي وذمّتي.. ألا يقول بعض النَّاس ذلك؟ يقولون: تعال انتخب فلاناً وعلى ذمَّتي، تعال التزم بالحزب الفلاني وعلى رقبتي...

كيف يتحدَّث الله عن هذه التَّجربة؟ فالقرآن هو حركة وعي، والله يريدنا أن نتدبَّر القرآن، لأنَّنا بالقرآن نستطيع أن نعي الحياة، ونعي كلَّ ما في الحياة، ولكن بشرط ألَّا نقرأ القرآن من دون تدبّر معانيه وأبعاده في حركة الحياة، لأنَّ القرآن جاء نوراً للحياة {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ}[المائدة: 15]. يقول الله عن هذه التَّجربة: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ}[العنكبوت: 12- 13].

عندما يأتيك إنسانٌ وتكون جاهلاً بالحكم الشَّرعيّ، أو جاهلاً باستقامة طريقه أو انحرافه، إذا جاءك فقل له إنَّ الله رزقني عقلاً، فدعني أشغِّل عقلي في فهم هذا الشَّيء، ورزقني سمعاً، فدعني أسمع ممّن يمكن أن يفيدني، ولساناً، فدعني أسأل بلساني، وعيناً، فدعني أقرأ، لأنَّ الله سيسألني غداً: لم فعلت ذلك؟ فلان يقول لك: على ذمَّتي، فمن أنت حتَّى تضمن لي موقفي مع الله؟! نعم، لو جاء النَّبيّ وقال افعلوا هذا الشَّيء وأنا أتحمّل المسؤوليَّة يوم القيامة، فمن المؤكَّد أنَّ علينا أن نلتزم بما يقوله، لأنَّ الله يقول: {أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ}[النّساء: 59]، فإذا جاءنا علماء ورعون مجتهدون يكونون حجَّة على الناس، فالله أمرنا أن نرجع إلى العلماء والفقهاء، أمّا أن يأتي شخص ليس عنده ضمانه ولا قوله حجّة، ويقول تعال على ذمّتي، فمن أنت لتقول ذلك؟

مشكلة كثير من الشَّباب أنهم عاطفيّون، يأتي الصَّديق ويقول: الصَّديق وقت الضِّيق، تعال وامنحني شهادة زور، أو يقول: أنا مفلس، تعال لنسرق سويّاً، تعال نمش مع تلك الجهة الظَّالمة، تعال لنعمل مع المخابرات حتَّى نعيش... كثير من النَّاس ينحرفون من خلال أصدقائهم، ومن خلال شياطينهم، وما أكثر الشَّياطين؛ شياطين الإعلام، وشياطين الإعلان، وشياطين المجتمع...! الشّيطان الّذي يوسوس في صدور الناس ليس إبليس فقط الَّذي نعرفه، فهناك أبالسة من الجنِّ والإنس.

مسؤوليّةُ التّابعِ والمتبوعِ

فلا بدَّ للإنسان أن يكون واعياً، فإذا كانت القضيَّة تتعلَّق بالمصير، فلا بدَّ أن تكون كلّك وعياً؛ عقلك وعينك وسمعك وإحساسك...

الله تعالى يحدِّثنا في القرآن أنَّ مسؤوليَّة الإنسان هي مسؤوليَّة فرديَّة، ليس هناك من أحد يتحمَّل المسؤوليَّة عن أحد، حتّى من يقول لك إنَّه مسؤول، فإنَّه يوم القيامة يتبرّأ من المسؤوليَّة.. ألا يحدِّثنا الله في القرآن عن موقف المستضعفين والمستكبرين؟! إنَّ مشكلتنا في الحياة هي مشكلة الضَّلال، في المجتمعات الَّتي يحكمها المستكبرون، سواء كان استكباراً ماليّاً أو سياسيّاً أو اجتماعيّاً أو اقتصاديّاً أو عسكريّاً، مشكلة ضلال النَّاس أنَّ المستكبرين يسيطرون عليهم، فيضعفون أمامهم وينحرفون ويتّبعونهم. القرآن يحدِّثنا عن الموضوع: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَ}، فإذا كنت تعاني ضغطاً، فاترك المكان وهاجر، حتّى لا تكون ممّن يقوِّي مواقع الظّلم الاستكبار والكفر.

{فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا * إِلَّا ٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَاءِ وَٱلْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلً} إذا كان الإنسان لا يملك أيَّ حيلة أو قوّة، ولا يستطيع أن يفعل شيئاً {فَأُولَٰئِكَ عَسَى اللهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ...}[النساء: 97 – 99].

هذا إذا كان مستضعفاً، أمَّا أنت، إذا كنت واعياً ولكن ضعيفاً، فحاول أن تستنفر طاقتك وقوَّتك، فالله لا يبرِّر للضَّعيف ضعفه إذا كان قادراً على أن يركِّز نقاط قوَّته في هذا الموضوع، فالله أعطاك إمكانات القوَّة، ولو بالانسحاب من مواطن الضّعف، حتّى تستطيع أن تأخذ القوَّة إلى مكانٍ آخر، لترجع إلى هذا الموقع وتتحرَّك من جديد من موقع قوَّة جديدة.

الله يحدِّثنا عن يوم القيامة {وَبَرَزُوا للهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُو} المستكبرون قد يكونون زعماء أو رؤساء أو وزراء أو أغنياء أو سياسيّين... وما أكثرهم في حياتنا! {إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللهِ مِن شَيْءٍ}، أعطونا توصية، بطاقة إلى مالك خازن النَّار، توسّطوا لنا كما كنتم تتوسَّطون لنا لدى القضاة، نحن معتادون أن نَقتُل ثم تتوسَّطون لنا لدى القاضي فيعفو عنا، رتِّبوا لنا وضعنا، فقد كنَّا جماعتكم! {قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللهُ لَهَدَيْنَاكُمْ} فنحن وأنتم سواء، كلانا سار في خطِّ الضَّلال {سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ}[إبراهيم: 21]، فكلّنا نتحمَّل المسؤوليَّة؛ التّابع والمتبوع.

وفي آيةٍ أخرى، يبيّن الله حسرة التّابعين: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءواْ مِنَّا كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ ٱللهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ ٱلنَّار}[البقرة: 166 – 167].

تبرّؤُ إبليسَ من المسؤوليَّة

ولمّا لم يجد هؤلاء فائدة من تحميل الّذين كانوا مستكبرين في الدّنيا المسؤوليَّة، حمّل الجميع إبليس المسؤوليَّة، وإذ كلّ المظاهرات اتَّجهت حيث إبليس؛ هذا يلعن، وذاك يستعيذ... فوقف إبليس فيهم خطيباً، وقال:

{وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي...}[إبراهيم: 22]...

فدور إبليس الكذب والدَّجل والنِّفاق والوسوسة، ولكن ليس له قوَّة تنفيذيّة، بل قوّة ثقافيّة، كما طبيب التَّجميل الّذي يجمِّل الأمور إذا كان هناك تشويه، فإبليس يجمّل الأشياء القبيحة ويزيّنها، فهو لديه ثقافة تجميليّة، وعنده أيضاً ثقافة تقبيحيَّة، إذا صحّ التعبير، بحيث يقبّح الأشياء الحسنة، ولكن ليس لديه قوَّة تنفيذيّة: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}[الحجر: 42].

{فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ}[إبراهيم: 22]، فأنا لا أعترف بما جعلتموني فيه شريكاً لله.

استعداداً لليومِ الموعودِ

{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَ} ربَّنا لا تجعل قلوبنا زائغة منحرفة {بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَ}. والقلوب في القرآن هي العقول، أو كلّ مناطق الوعي في الإنسان، فالإنسان يلتفت إلى نفسه من خلال كلّ المؤثّرات السّلبيَّة الّتي يمكن أن تؤثِّر سلباً في وجدانه الدِّيني، وفي إحساسه وشعوره، فينتبه إليها حتَّى لا تنحرف به عن الخطّ، وإذا أحسّ الإنسان ضعفاً في نفسه، فإنَّ عليه أن يلجأ إلى ربِّه ويتوب: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَ}، أبقنا يا ربّ مؤمنين إلى أن نلقاك {وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً} تعطينا الصّفاء والنّقاء والثّبات {إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ}[آل عمران: 8].

ثمّ بعد ذلك، عندما يفكِّر الإنسان في هذا الموضوع؛ ينتقل ويسأل: لماذا أطلب من الله أن لا يزيغ قلبي؟ لماذا أطلب منه أن يهبني رحمةً؟ لماذا؟ {رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَّا رَيْبَ فِيهِ}، لأنَّنا سنجتمع غداً بين يديك، وستسألنا غداً عن إيماننا كيف حفظناه، وكيف حركناه، وكيف ثبَّتناه، وكيف أطلقناه، وسيأتي هذا اليوم، فلا بدَّ من أن نستعدَّ لهذا اليوم، وسنسأل في ذلك اليوم، فلا بدَّ أن نحضِّر جواباً لكلِّ سؤال، لأنَّ الله لا يخلف وعده {إِنَّ اللهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ}[آل عمران: 9].

فهاتان الآيتان اللّتان تتضمَّنان هذه النّقطة من معنى الدّعاء، ينبغي أن نثيرهما في عقولنا وقلوبنا وإحساسنا وألسنتنا، حتّى نكون في وعي دائم في مواقع الهداية في حياتنا، نكون الهادين المهديّين في الدنيا وفي الآخرة.

*محاضرة من سلسلة محاضرات #منبر_الوعي ألقاها سماحة العلَّامة المرجع السيِّد محمد حسين فضل الله (رض) في مسجد بئر العبد، بتاريخ (20-06-1993م).

[1]من دعاء الافتتاح.

[2]من دعاء الافتتاح.

[3]ميزان الحكمة، محمّد الريشهري، ج4، ص 3524.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية