[خطَّط الإسلام لبناء القوّة الرّوحيّة للإنسان] في جانبين يلتقيان في إطار الإيمان بالله:
1 ـــ شعور الإنسان بقوّته الذاتيّة من خلال ما أودعه الله فيه من قوى هائلة كبيرة، وما مكّنه من أدوات لتفجير هذه القوى، وما سخّره له من الظواهر الكونيَّة، وما ذلّله له من الأرض التي جعله سيِّدها المطلق الَّذي يبدع لها ما يشاء من إبداع الاكتشاف المتطوّر أبداً في مصلحة الإنسان، الأمر الَّذي يوحي للإنسان بأنّ الحياة مفتوحة أمامه بكلّ طاقاته، ليحصل منها على رزقه، وليدفع بها عن نفسه، وليبني عليها حياته، وليكتسب منها في كلّ يوم قوّة جديدة تتصاعد وتتنامى في طريق الكمال، وليكتشف فيها كلّ يوم أُفقاً جديداً يفتح له مجالات عديدة للرّزق وللقوَّة وللحياة.
2 ـــ ثمّ يثير أمامه قوَّة الله، من حيث هي مصدر قوَّته الَّذي لم يقتصر على صنع القوَّة، بل استمرّ في رعايتها وامتدادها وتنميتها وحمايتها من كلّ شيء.
فإذا امتلأت نفسه بقوَّة الله المطلقة، وأدرك أنّها ليست بعيدةً عنه، في كلّ وقت، وفي كلّ مكان، استطاع أن يحسّ بالطمأنينة والثقة، فيستمدّ منها الشّعور العميق بالقوَّة الذاتيّة التي تتدفَّق وتنمو وتتصاعد باستمرار وتجدّد.
ولما كانت قضيّة الرزق مصدر قلقٍ للإنسان في حياته، جاء الإيحاء القرآني الدَّائم ليؤكّد للإنسان ـــ من خلال الإيمان بالله ـــ أنّ الرزق بيد الله، فهو الَّذي خلق مصادره، وفجّر ينابيعه، وأخرج ثمراته، وهو الذي يملك أن يرسله وأنْ يمسكه، في نظام دقيق للحياة، فقد يأتيه من حيث لا يحتسب، كما يأتيه من حيث يحتسب، وقد يمتنع عنه فيما يأمله وفيما يحتسبه.
{ وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً }[الطلاق: 2ــ 3].
وكان الشعور الإيماني العميق بأنَّ النفع والضَّرر بيد الله، يحرّكه كيف يشاء، ويمسكه كيف يشاء، وأنَّ الحياة خاضعة لنظام دقيق تابع للحكمة والرّحمة، كما قال الإمام جعفر الصّادق (ع) في حديثه عن أمير المؤمنين (ع): " كان عليّ يقول: لا يجد عبد طعم الإيمان حتى يعلم أنَّ ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وأنّ الضارّ النافع هو الله عزّ وجلّ "1.
وهكذا نجد فيما عرضناه الآن، وفيما تقدَّم لنا من حديث حول مفهوم قوّة الله وقوّة الإنسان في العقيدة، أنَّ العنصر الإيجابي الذي يثير أمام الإنسان الشعور العميق بالقوَّة، من ناحية ذاتية مرتبطة بالله الكلّي القدرة، ليس غريباً عن حياة الإنسان، وليس بعيداً عن خطّ الإيمان الشَّامل للحياة.
*من كتاب "الإسلام ومنطق القوّة".
[1]وسائل الشيعة، الحرّ العاملي، ج6، ص157.
[خطَّط الإسلام لبناء القوّة الرّوحيّة للإنسان] في جانبين يلتقيان في إطار الإيمان بالله:
1 ـــ شعور الإنسان بقوّته الذاتيّة من خلال ما أودعه الله فيه من قوى هائلة كبيرة، وما مكّنه من أدوات لتفجير هذه القوى، وما سخّره له من الظواهر الكونيَّة، وما ذلّله له من الأرض التي جعله سيِّدها المطلق الَّذي يبدع لها ما يشاء من إبداع الاكتشاف المتطوّر أبداً في مصلحة الإنسان، الأمر الَّذي يوحي للإنسان بأنّ الحياة مفتوحة أمامه بكلّ طاقاته، ليحصل منها على رزقه، وليدفع بها عن نفسه، وليبني عليها حياته، وليكتسب منها في كلّ يوم قوّة جديدة تتصاعد وتتنامى في طريق الكمال، وليكتشف فيها كلّ يوم أُفقاً جديداً يفتح له مجالات عديدة للرّزق وللقوَّة وللحياة.
2 ـــ ثمّ يثير أمامه قوَّة الله، من حيث هي مصدر قوَّته الَّذي لم يقتصر على صنع القوَّة، بل استمرّ في رعايتها وامتدادها وتنميتها وحمايتها من كلّ شيء.
فإذا امتلأت نفسه بقوَّة الله المطلقة، وأدرك أنّها ليست بعيدةً عنه، في كلّ وقت، وفي كلّ مكان، استطاع أن يحسّ بالطمأنينة والثقة، فيستمدّ منها الشّعور العميق بالقوَّة الذاتيّة التي تتدفَّق وتنمو وتتصاعد باستمرار وتجدّد.
ولما كانت قضيّة الرزق مصدر قلقٍ للإنسان في حياته، جاء الإيحاء القرآني الدَّائم ليؤكّد للإنسان ـــ من خلال الإيمان بالله ـــ أنّ الرزق بيد الله، فهو الَّذي خلق مصادره، وفجّر ينابيعه، وأخرج ثمراته، وهو الذي يملك أن يرسله وأنْ يمسكه، في نظام دقيق للحياة، فقد يأتيه من حيث لا يحتسب، كما يأتيه من حيث يحتسب، وقد يمتنع عنه فيما يأمله وفيما يحتسبه.
{ وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً }[الطلاق: 2ــ 3].
وكان الشعور الإيماني العميق بأنَّ النفع والضَّرر بيد الله، يحرّكه كيف يشاء، ويمسكه كيف يشاء، وأنَّ الحياة خاضعة لنظام دقيق تابع للحكمة والرّحمة، كما قال الإمام جعفر الصّادق (ع) في حديثه عن أمير المؤمنين (ع): " كان عليّ يقول: لا يجد عبد طعم الإيمان حتى يعلم أنَّ ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وأنّ الضارّ النافع هو الله عزّ وجلّ "1.
وهكذا نجد فيما عرضناه الآن، وفيما تقدَّم لنا من حديث حول مفهوم قوّة الله وقوّة الإنسان في العقيدة، أنَّ العنصر الإيجابي الذي يثير أمام الإنسان الشعور العميق بالقوَّة، من ناحية ذاتية مرتبطة بالله الكلّي القدرة، ليس غريباً عن حياة الإنسان، وليس بعيداً عن خطّ الإيمان الشَّامل للحياة.
*من كتاب "الإسلام ومنطق القوّة".
[1]وسائل الشيعة، الحرّ العاملي، ج6، ص157.