نحن نعرف، مثلاً، في بلادنا الإسلاميّة والعربيّة بشكلٍ عامّ، أنّ كلّ طائفة من
الطوائف تختزن في داخلها المشاعر الذاتيّة تجاه الرّموز التي تؤمن بها في التّاريخ
أو في الواقع، وقد تتَّخذ لنفسها مشاعر عدائيّة ضدّ طائفةٍ أخرى ـــ نجد ذلك في
المسلمين وفي غير المسلمين ـــ. وهنا عندما يحمل الإنسان المشاعر الملتهبة في موقعه
الطائفيّ ضدّ طائفة أخرى، فإنَّه إذا لم يكن واعياً، فسيأتي الآخرون ليحرِّكوا
المشاعر الطائفية السلبية لديه أو لدى الطائفة الأخرى.
وهذا ما عانيناه في بلادنا الإسلاميّة في كلّ الحروب التي حدثت بين السُنّة
والشيعة، ذلك أنّ التاريخ غذَّى السُّنّة بأحقادٍ وأكملها الواقع، كما غذَّى الشيعة
بأحقادٍ وأكملها الواقع. وتأتي بريطانيا إلى الشّيعة تارةً وتقول لهم: إنّا معكم،
السُّنَّة يسيئون إليكم، ونحن نريد أن ننصركم عليهم. وعندما يجدون أنَّ بريطانيا
معهم، فمن الطبيعي أنّ ذلك يشعرهم بالقوّة، لالتزامهم بمواقفهم العصبيّة. وتأتي
أيضاً بريطانيا ـــ عندما كانت سيّدة المنطقة ـــ لتقول للسُنَّة: إنَّ الشيعة
يسبّون ويشتمون، تعالوا نحاصرهم ونضيِّق عليهم من خلالكم.
وهكذا، استطاع الاستعمار أن يصنع مصالح سنيَّة، يجد السُّنّة فيها أنَّ الشيعة
يريدون أن يقفوا أمامها، ومصالح شيعيَّة يرى الشيعة أنّ السنّة يريدون أن يقفوا
أمامها، مع أنّنا نعرف أنَّ بريطانيا لا تخلص للإسلام أبداً، وأنّها لا يهمّها
السنّة والشيعة إلّا من خلال المشاعر والتوتُّرات الّتي تحرّكها، لتحمي مصالحها
عندما تشغل المسلمين بعضهم ببعض.
هنا الواعون من المسلمين يقولون للمستعمرين ـــ في السابق للبريطانيّين، وفي الحاضر
للأميركيّين الذين يمارسون استعماراً جديداً غير مباشر ـــ يقولون لهم كما قال عليّ
(ع): "لأسلمنَّ ما سَلِمَت أمور المسلمين" . المسألة كيف تسلم قضايا المسلمين، وكيف
تسلم أمورهم، لأنَّ الواعين يعرفون... أنَّ هذه الدّول تمثّل الشيطان في المفهوم
القرآنيّ، لأنَّ الشيطان دوره أن يزرع العداوة والبغضاء، وأن يأمر بالسّوء
والفحشاء، وأن يقود الناس إلى عذاب السّعير في الدنيا والآخرة.
لهذا، فإنَّ الواعين لا ينخدعون بأساليبه ووسائله، وإنّما يقولون كما قال عليّ (ع)،
عندما كانت الحرب مشتعلة مع معاوية في صفّين، وجاءه من يقول إنَّ ملك الروم قد
يستغلّ هذه الحرب، حتّى يهجم على بلاد المسلمين، فقال: عندها نكون أنا ومعاوية
عليه. هذه الخلافات داخلية، ولكن عندما تكون المسألة مسألة المسلمين، فنكون أنا
ومعاوية عليه.
هذا هو الوعي، بينما يندفع الناس في اللّعبة الطائفيّة ويستغرقون فيها، ليهيِّئوا
للاستعمار الأجواء التي تساعده على أن يعمّق مواقعه، ويركِّز مواقفه، ويهدِّم
مصالحنا من حيث لا يدرون...
لهذا، فالَّذي يريد أن يتسلَّم أمور المسلمين في أيّ موقع، لا بدَّ أن يكون واعياً
للّعبة السياسيّة والاجتماعيّة والثقافيّة. وإلّا فعليه أن ينسحب، لأنّه عندما يضع
نفسه في موقع لا يستطيع أن يديره، فإنّه يسيء إلى الموقع نفسه. ولهذا، يجب أن
نواجهه في كلّ القضايا العامّة. وهذا ما يجب أن تعيه الأُمّة في كلّ مواردها وكلّ
مصادرها في الحياة.
*من كتاب "الجمعة منبر ومحراب".
نحن نعرف، مثلاً، في بلادنا الإسلاميّة والعربيّة بشكلٍ عامّ، أنّ كلّ طائفة من
الطوائف تختزن في داخلها المشاعر الذاتيّة تجاه الرّموز التي تؤمن بها في التّاريخ
أو في الواقع، وقد تتَّخذ لنفسها مشاعر عدائيّة ضدّ طائفةٍ أخرى ـــ نجد ذلك في
المسلمين وفي غير المسلمين ـــ. وهنا عندما يحمل الإنسان المشاعر الملتهبة في موقعه
الطائفيّ ضدّ طائفة أخرى، فإنَّه إذا لم يكن واعياً، فسيأتي الآخرون ليحرِّكوا
المشاعر الطائفية السلبية لديه أو لدى الطائفة الأخرى.
وهذا ما عانيناه في بلادنا الإسلاميّة في كلّ الحروب التي حدثت بين السُنّة
والشيعة، ذلك أنّ التاريخ غذَّى السُّنّة بأحقادٍ وأكملها الواقع، كما غذَّى الشيعة
بأحقادٍ وأكملها الواقع. وتأتي بريطانيا إلى الشّيعة تارةً وتقول لهم: إنّا معكم،
السُّنَّة يسيئون إليكم، ونحن نريد أن ننصركم عليهم. وعندما يجدون أنَّ بريطانيا
معهم، فمن الطبيعي أنّ ذلك يشعرهم بالقوّة، لالتزامهم بمواقفهم العصبيّة. وتأتي
أيضاً بريطانيا ـــ عندما كانت سيّدة المنطقة ـــ لتقول للسُنَّة: إنَّ الشيعة
يسبّون ويشتمون، تعالوا نحاصرهم ونضيِّق عليهم من خلالكم.
وهكذا، استطاع الاستعمار أن يصنع مصالح سنيَّة، يجد السُّنّة فيها أنَّ الشيعة
يريدون أن يقفوا أمامها، ومصالح شيعيَّة يرى الشيعة أنّ السنّة يريدون أن يقفوا
أمامها، مع أنّنا نعرف أنَّ بريطانيا لا تخلص للإسلام أبداً، وأنّها لا يهمّها
السنّة والشيعة إلّا من خلال المشاعر والتوتُّرات الّتي تحرّكها، لتحمي مصالحها
عندما تشغل المسلمين بعضهم ببعض.
هنا الواعون من المسلمين يقولون للمستعمرين ـــ في السابق للبريطانيّين، وفي الحاضر
للأميركيّين الذين يمارسون استعماراً جديداً غير مباشر ـــ يقولون لهم كما قال عليّ
(ع): "لأسلمنَّ ما سَلِمَت أمور المسلمين" . المسألة كيف تسلم قضايا المسلمين، وكيف
تسلم أمورهم، لأنَّ الواعين يعرفون... أنَّ هذه الدّول تمثّل الشيطان في المفهوم
القرآنيّ، لأنَّ الشيطان دوره أن يزرع العداوة والبغضاء، وأن يأمر بالسّوء
والفحشاء، وأن يقود الناس إلى عذاب السّعير في الدنيا والآخرة.
لهذا، فإنَّ الواعين لا ينخدعون بأساليبه ووسائله، وإنّما يقولون كما قال عليّ (ع)،
عندما كانت الحرب مشتعلة مع معاوية في صفّين، وجاءه من يقول إنَّ ملك الروم قد
يستغلّ هذه الحرب، حتّى يهجم على بلاد المسلمين، فقال: عندها نكون أنا ومعاوية
عليه. هذه الخلافات داخلية، ولكن عندما تكون المسألة مسألة المسلمين، فنكون أنا
ومعاوية عليه.
هذا هو الوعي، بينما يندفع الناس في اللّعبة الطائفيّة ويستغرقون فيها، ليهيِّئوا
للاستعمار الأجواء التي تساعده على أن يعمّق مواقعه، ويركِّز مواقفه، ويهدِّم
مصالحنا من حيث لا يدرون...
لهذا، فالَّذي يريد أن يتسلَّم أمور المسلمين في أيّ موقع، لا بدَّ أن يكون واعياً
للّعبة السياسيّة والاجتماعيّة والثقافيّة. وإلّا فعليه أن ينسحب، لأنّه عندما يضع
نفسه في موقع لا يستطيع أن يديره، فإنّه يسيء إلى الموقع نفسه. ولهذا، يجب أن
نواجهه في كلّ القضايا العامّة. وهذا ما يجب أن تعيه الأُمّة في كلّ مواردها وكلّ
مصادرها في الحياة.
*من كتاب "الجمعة منبر ومحراب".