كتابات
16/11/2021

بينَ الصِّراعِ معَ الغربِ والانفتاحِ علَيْه!

بينَ الصِّراعِ معَ الغربِ والانفتاحِ علَيْه!

هناك صراع ـــ إذا أردنا أن نكون دقيقين ـــ بين المفاهيم الإسلاميّة وبين المفاهيم الغربيّة في كثير من المواقع.. ولا أستطيع أن أتحدَّث عن حضارة إسلاميّة في الواقع، لأنَّني أجدُ أنّ الواقع الإسلامي لا يمثّل حالة حضاريّة تُعبِّر عن الإسلام، بحيث يمكن أن نُطلِق عليها اسم الحضارة الإسلاميّة.. هناك مفردات لمضمون الحضارة الإسلاميّة تتّصلُ بالمفاهيم التي يختزنها المسلمون، أو ببعض الأوضاع العمليّة التي ينطلقون فيها.

ومن الطبيعي أنّ القاعدة التي تنطلق منها الحضارة الغربيّة هي القاعدة الماديّة، بينما القاعدة التي تنطلق منها الحضارة الإسلاميّة ليست قاعدة ماديّة، وإنْ كانت لا تبتعد عن حركة المادّة وتأثيرها في الإنسان، لأنَّ الإسلام لا يتنكَّر للعالم الخارجيّ وتأثير العوامل الماديّة في حركة الإنسان وفي واقع الحياة. ولكنَّه يعتبر أنَّ الله هو الأساس في ذلك، وهو سبحانه خلق السببيّة وخلق الإنسان، ليجعل الإنسان هو محور الكون، باعتبار أنّه صانع التّغيير { إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ }[الرّعد: 11].

أنا أعتقد أنَّ هناك صراعاً بين الغرب وبين الإسلام، وقد برزت هذه الحركة الصراعيّة حديثاً، عندما انطلقت الصحوة الإسلاميّة، وشعر الغرب بخطورة المفاهيم الإسلاميّة التي تمثّل خلفيّات هذه الصحوة في المسألة السياسية والاقتصادية والأمنية. من هنا، بدأ يستعدّ لها في القيود التي يفرضها على الإسلاميّين الذين يعيشون في محيطه من جهة، أو في الأوضاع التي يفرضها على الحركة الإسلاميّة في هذا البلد الذي يرتبط به سياسياً، أو ذاك البلد الذي يرتبط به أمنياً أو اقتصادياً، أو ما إلى ذلك.. وإنَّني أتصوَّر أنّ الصراع سيكون مريراً في المستقبل.

وهناك فرق بين أنْ نتحدَّث عن سلبية تجاه الغرب ككلّ، أو نتحدَّث عن سلبية تجاه الغرب كقوّة اقتصادية وسياسية وأمنية تفرض نفسها على واقع المستضعفين، وتصادر ثرواتهم وحريّاتهم وما إلى ذلك.

إنَّنا لا نتعقَّد من الغرب العلم والثقافة، ومن الغرب القوّة التكنولوجية والتقنية.. ونحن نعمل على أن نستفيد من الغرب في ذلك كلِّه، لذلك ندفع بشبابنا لكي يذهبوا إلى الغرب ليتخصَّصوا، ونعمل على تحصين هؤلاء الشّباب من خلال المواقع الثقافية والدينية الإسلامية الّتي تحفظ للشباب إسلامهم. لذلك، نحن لا نتعقَّد من الغرب، ولا نوافق على خطابٍ يُلغي الغرب كلّه، حتّى إِنَّنا نفرِّق بين الغرب في المسألة السياسيّة، على حسب درجات التحرُّك الغربي ضدّ مصالحنا. فنحن الآن نفرِّق بين الغرب الأميركي، والغرب الأوروبي، بالرّغم من أنّنا عانينا من الغرب الأميركي كثيراً في بعض المسائل المتّصلة بالقضية الفلسطينيّة، أو بعض المسائل المتّصلة ببعض الواقع الموجود في هذا البلد أو ذاك.

إنَّ الخطاب الإسلاميّ في مواجهته للغرب، ليس خطاباً جامداً متعصِّباً يستغرق في السلبيات الغربية ويُعطي الحكم الشمولي عليها، ولكنَّنا نواجه المسألة الغربيّة على أساس أنَّ هناك شعوباً غربيّة، وأنَّ هناك إدارة غربيّة. ونحن نعتبر أنَّ هذه الشعوب هي ساحة رسالتنا في أن نفتح عقولها على الإسلام، وأن نعمل على أن نربح صداقتها وتأييدها لقضايانا بطريقةٍ وأخرى.

ومن هنا، فنحن لا نتعقَّد من الغرب الشعب، ولا نتعقَّد من الغرب العلم، نحن نتعقَّد من الاستكبار الغربيّ، بكلّ ما تعطيه كلمة الاستكبار الغربيّ من معنًى في مواجهة استضعاف العالَم الثّالث، والذي يمثِّل مصادرة ثرواتنا والضّغط على قراراتنا السياسيّة، والطغيان في المسائل الأمنيّة وما إلى ذلك.

وتبقى هناك المفاهيم عن الإنسان وعن الحياة وعن الكون وعن الخطوط السياسيّة والمذاهب الاقتصاديّة، ممّا قد يختلفُ الغرب فيه بين مفكِّرٍ وآخر، وبين مدرسةٍ وأخرى، كما قد نختلفُ فيه بين مذهبٍ إسلاميّ ومذهب إسلاميّ آخر، أو دين إسلاميّ ودين مسيحيّ وما إلى هنالك.

* من كتاب "للإنسان والحياة".

هناك صراع ـــ إذا أردنا أن نكون دقيقين ـــ بين المفاهيم الإسلاميّة وبين المفاهيم الغربيّة في كثير من المواقع.. ولا أستطيع أن أتحدَّث عن حضارة إسلاميّة في الواقع، لأنَّني أجدُ أنّ الواقع الإسلامي لا يمثّل حالة حضاريّة تُعبِّر عن الإسلام، بحيث يمكن أن نُطلِق عليها اسم الحضارة الإسلاميّة.. هناك مفردات لمضمون الحضارة الإسلاميّة تتّصلُ بالمفاهيم التي يختزنها المسلمون، أو ببعض الأوضاع العمليّة التي ينطلقون فيها.

ومن الطبيعي أنّ القاعدة التي تنطلق منها الحضارة الغربيّة هي القاعدة الماديّة، بينما القاعدة التي تنطلق منها الحضارة الإسلاميّة ليست قاعدة ماديّة، وإنْ كانت لا تبتعد عن حركة المادّة وتأثيرها في الإنسان، لأنَّ الإسلام لا يتنكَّر للعالم الخارجيّ وتأثير العوامل الماديّة في حركة الإنسان وفي واقع الحياة. ولكنَّه يعتبر أنَّ الله هو الأساس في ذلك، وهو سبحانه خلق السببيّة وخلق الإنسان، ليجعل الإنسان هو محور الكون، باعتبار أنّه صانع التّغيير { إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ }[الرّعد: 11].

أنا أعتقد أنَّ هناك صراعاً بين الغرب وبين الإسلام، وقد برزت هذه الحركة الصراعيّة حديثاً، عندما انطلقت الصحوة الإسلاميّة، وشعر الغرب بخطورة المفاهيم الإسلاميّة التي تمثّل خلفيّات هذه الصحوة في المسألة السياسية والاقتصادية والأمنية. من هنا، بدأ يستعدّ لها في القيود التي يفرضها على الإسلاميّين الذين يعيشون في محيطه من جهة، أو في الأوضاع التي يفرضها على الحركة الإسلاميّة في هذا البلد الذي يرتبط به سياسياً، أو ذاك البلد الذي يرتبط به أمنياً أو اقتصادياً، أو ما إلى ذلك.. وإنَّني أتصوَّر أنّ الصراع سيكون مريراً في المستقبل.

وهناك فرق بين أنْ نتحدَّث عن سلبية تجاه الغرب ككلّ، أو نتحدَّث عن سلبية تجاه الغرب كقوّة اقتصادية وسياسية وأمنية تفرض نفسها على واقع المستضعفين، وتصادر ثرواتهم وحريّاتهم وما إلى ذلك.

إنَّنا لا نتعقَّد من الغرب العلم والثقافة، ومن الغرب القوّة التكنولوجية والتقنية.. ونحن نعمل على أن نستفيد من الغرب في ذلك كلِّه، لذلك ندفع بشبابنا لكي يذهبوا إلى الغرب ليتخصَّصوا، ونعمل على تحصين هؤلاء الشّباب من خلال المواقع الثقافية والدينية الإسلامية الّتي تحفظ للشباب إسلامهم. لذلك، نحن لا نتعقَّد من الغرب، ولا نوافق على خطابٍ يُلغي الغرب كلّه، حتّى إِنَّنا نفرِّق بين الغرب في المسألة السياسيّة، على حسب درجات التحرُّك الغربي ضدّ مصالحنا. فنحن الآن نفرِّق بين الغرب الأميركي، والغرب الأوروبي، بالرّغم من أنّنا عانينا من الغرب الأميركي كثيراً في بعض المسائل المتّصلة بالقضية الفلسطينيّة، أو بعض المسائل المتّصلة ببعض الواقع الموجود في هذا البلد أو ذاك.

إنَّ الخطاب الإسلاميّ في مواجهته للغرب، ليس خطاباً جامداً متعصِّباً يستغرق في السلبيات الغربية ويُعطي الحكم الشمولي عليها، ولكنَّنا نواجه المسألة الغربيّة على أساس أنَّ هناك شعوباً غربيّة، وأنَّ هناك إدارة غربيّة. ونحن نعتبر أنَّ هذه الشعوب هي ساحة رسالتنا في أن نفتح عقولها على الإسلام، وأن نعمل على أن نربح صداقتها وتأييدها لقضايانا بطريقةٍ وأخرى.

ومن هنا، فنحن لا نتعقَّد من الغرب الشعب، ولا نتعقَّد من الغرب العلم، نحن نتعقَّد من الاستكبار الغربيّ، بكلّ ما تعطيه كلمة الاستكبار الغربيّ من معنًى في مواجهة استضعاف العالَم الثّالث، والذي يمثِّل مصادرة ثرواتنا والضّغط على قراراتنا السياسيّة، والطغيان في المسائل الأمنيّة وما إلى ذلك.

وتبقى هناك المفاهيم عن الإنسان وعن الحياة وعن الكون وعن الخطوط السياسيّة والمذاهب الاقتصاديّة، ممّا قد يختلفُ الغرب فيه بين مفكِّرٍ وآخر، وبين مدرسةٍ وأخرى، كما قد نختلفُ فيه بين مذهبٍ إسلاميّ ومذهب إسلاميّ آخر، أو دين إسلاميّ ودين مسيحيّ وما إلى هنالك.

* من كتاب "للإنسان والحياة".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية