كتابات
18/10/2021

في ذكرى ولادةِ الرّسولِ (ص): الرّوحُ الوحدويّةُ ضرورةٌ وواجبٌ

في ذكرى ولادةِ الرّسولِ (ص): الرّوحُ الوحدويّةُ ضرورةٌ وواجبٌ

لماذا الوحدة؟ هذه الّتي تطرح شعاراً، وتكتب بحثاً وتحليلاً، وتخرّك في المواقع كلمات وخطوات؟!

لماذا الوحدة الإسلاميّة؟! الوحدة الإسلاميّة للإسلام، وللإسلام فقط.

من يفتح قلبه للإسلام الدّعوة يمكن أن يفكر في الوحدة، من يفتح قلبه للإسلام الفكر والشّريعة والمنهج وحركة الحياة كلّها يمكن أن يتحدّث عن الوحدة.. من لا يخاف من الحديث عن الإسلام، أن يطلقه أمام الملحدين ليقول إننا مسلمون، وليطلقه أمام المشركين ليقول إننا مسلمون، وليطلقه أمام أهل الكتاب ليقول إننا مسلمون؛ مسلمون من موقع الفكر المنفتح، لا مسلمون من موقع الطائفيّة العمياء المغلقة...

من لا يخاف من طرح الإسلام أن يقال عنه متزمّتٌ ومتعصّبٌ وطائفيّ وتقسيميّ، من يرفض هذه الكلمات ويركلها برجله لأنه لا يريد أن يرفض حياة الأمّة، هو الذي ينبغي أن يتكلم عن الوحدة.

طرح الوحدة الإسلاميّة

لماذا ذلك كله؟ ذلك كلّه لأننا نريد الوحدة بين المسلمين أن تكون لهم بصفة أنهم مسلمون، يعيش الإسلام في عقلهم فكراً، ويعيش الإسلام في قلوبهم عاطفة، ويعيش الإسلام في حياتهم حركة، ويعيش الإسلام في ساحة الصراع التي يخوضونها جهاداً، أن يكونوا مسلمين بكلِّ ما لكلمة الإسلام من معنى، أن لا يكون عندهم شيءٌ غير الإسلام.

أولئك هم المسلمون حقاً، هم الذين يريدون أن ينطلقوا حيث انطلق رسول الله (ص)، لم ينطلق رسول الله (ص) من موقع التسويات المكيّة، ولم ينطلق من موقع التسويات العربيّة في الجزيرة العربية، ولم ينطلق من أيّ موقع يحابي فيه أحداً على حساب كلام الله.. جامل رسول الله الناس كأعظم ما تكون المجاملة، ودارى رسول الله الناس كأعظم ما تكون المداراة، لكن داراهم في مسألة المشاعر، وداراهم في مسألة الأساليب، ولكنه لم يدارهم في مسألة العقيدة.

قالوا له امتنع عن تسفيه آبائنا وعن سبّ أصنامنا، تعال لنتوافق على أن نقسم العبادة بيننا؛ أن تعبد آلهتنا سنة، أو توافق على أن يعبد أصحابك آلهتنا سنة وأن نعبد إلهك سنة، تعال إلى التسويات.. وجاء الجواب: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}[سورة "الكافرون"]. لكم دينكم، لن تقترب كلمة من دينكم لتدخل في ديني، إذا كنتم ترفضون أن يحتلّ ديني كل وجدانكم وكل عقلكم وكلّ فكركم.

لقد انطلق، فلم يجامل في كلام الله، ولم ينقص منه حرفاً، ولم يزد عليه حرفاً، لأن الله كان حاسماً.. نقولها لكلّ الذين يزيدون من كلام الله كلمات، فيما يقدّمونه إلى الناس، وكلّ الذين ينقصون من كلام الله كلمات، لا من كلام الله فقط، ولكن من مضمون كلام الله، من خطّه، من شريعته، الله كان حاسماً مع رسوله، فهل تعتبرون أنه لن يكون حاسماً معكم؟!! {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ}[الحاقّة: 44 – 46].

مسؤوليّةُ الدّعوةِ

الوحدة الإسلاميّة نريدها للإسلام، لنقول للمسلمين إنّ رسول الله (ص) لا يزال يقف في بداية الطريق ليشير إلينا أن نتقدَّم، إنَّ رسول الله (ص) انطلق إلى الناس كافّة، لأنّ الله أرسله إلى الناس كافّة، ويريدنا أن نفكّر على أساس أن يتحرك الإسلام للناس كافة.. لا تفكروا، عندما تفكرون في الإسلام، في زواياكم الصغيرة ومواقعكم المغلقة، ولكن فكّروا أنّ كلّ مسلم يستطيع أن يحرك الإسلام في أيّ موقع من العالم، كلّ مسلم يستطيع أن ينطلق ليحطّم شيئاً من الباطل في أيّ مكان في العالم، فهو مسؤول أمام الله إن لم يفعل.. لأن معنى أن تكون مسلماً، أن تكون داعيةً، ومن لا يكون داعيةً للإسلام، فإنّ إسلامه في إجازة، لأنه يعيش إسلامه فكراً مختنقاً في داخله، والإسلام فكرٌ مفتوحٌ على الحياة كلّها.

لهذا، كلّ همّ المسلمين هو همّنا، وكلّ همّ الإسلام في حركة الدعوة إلى الله في العالم هو همّنا الكبير.. عندما تنطلقون طلاباً، كونوا الدعاة إلى الإسلام، عندما تنطلقون عمّالاً، كونوا الدعاة إلى الإسلام، عندما تنطلقون تجاراً، كونوا الدعاة إلى الإسلام... تلك هي مسؤوليتكم، وليست صدقة تتصدَّقون بها على الإسلام وليست إحساناً، لأنّ المسألة هي أننا نتحمّل مسؤوليّة أن نجعل الإسلامَ هو فكر العالم.. قد يسخر منّا الكثيرون، كما سخروا من الأنبياء والأولياء، قد يضحك الكثيرون أن نفكّر في أسلمة العالم، في وقت يسيطر الكفر المسلَّح بأنياب ذريّة على العالم؟.. نحن نفكّر في ذلك لأننا نفكر في الله، لا نفكر في الله بطريقةٍ غزليّة نتغزَّل فيها به، ولا نفكّر فيه بطريقة عاطفيّة، لكننا نفكّر فيه بطريقة حركية؛ أن ننطلق ونشعر كما كان يشعر رسول الله (ص)، والدنيا كلّها كانت ضدّه، والأعداء يقتربون منه، حتى إنّهم لم يكونوا يبتعدون عنه أكثر من شبرين أو ثلاثة: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا}[التّوبة: 40].. نحن لسنا في البيت لنخاف أن يهجم علينا أحدٌ ونحن في حالة استرخاء؛ نحن في الحركة إلى الله، في الهجرة إلى الله، وعندما يكون الإنسان مهاجراً إلى الله، فإنّ أجره يقع على الله، فيحميه إن كانت الهجرة تفرض الحماية، ويعطيه السعادة بالشهادة إن كانت الهجرة تفرض الشّهادة.

أن ننطلق مع الله من موقعنا الحركيّ، أن نشعر بأنّه معنا.. هذا كلام نقوله نحن لكم، ربما نطلقه مفاهيم، ولكنه الكلام الصعب الصعب الذي يتحدى الكثيرين منا، نحن الذين نعظ، ونحن الذين نطلق المفاهيم الكبيرة، إنّه يتحدّانا: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[آل عمران: 173 – 175].

الخوفُ من طرحِ الإسلام!

ألسنا نخاف من أولياء الشيطان؟!! ونحن لا نعيش الشعور بأنّ الله يمكن أن يعطينا الأمان، المسألة تتحدّانا.. فلنفكّر معاً؛ نحن الآن نمثّل الانتماء إلى الإسلام، هناك من ينتمون إلى الماركسيّة، وهناك من ينتمون إلى الاشتراكية، وهناك من ينتمون إلى أكثر من فكر، ويعملون على أساس أن يشمل فكرُهم العالم بكلّ مواقعه.. فلماذا نخاف نحن من هذه الفكرة؟!! لماذا نسترخي أمام كلّ هذه الفكرة؟! لماذا ننهزم من خلال التحدّيات التي تفرض نفسها علينا في خطّ هذه الفكرة؟ لماذا؟!!

لأننا في كثير من مواقعنا لسنا جدّيين في الإسلام.. أقولها، وأخاف أن أكون أنا كذلك، لأننا لا ننزل إلى أعماقنا جيّداً، نحن مشغولون عن الأعماق بزخارف السطح، ونحن مشغولون عن الأعماق بالكثير من المظاهر والزخارف التي تنفخ شخصيّتنا عندما يحاول الآخرون أن يعطونا الصفات الكبيرة التي نلهث وراءها، ولكننا عندما ننزل إلى أعماقنا، فإننا سنصاب بالذّعر.. إننا لسنا جدّيين في الإسلام، نحن جديون في مصالحنا، نحن مستعدّون أن نؤوّل الإسلام على غير ما يرضى الله، إذا اقترب الإسلام من شخصياتنا وذاتيتنا ومصالحنا.

لهذا، المسألة هي أن نكون الدّعاة إلى الله، والدّعاة إلى الإسلام، والمرحلة الصعبة التي نعيشها تفرض علينا أن نفكر بهذه الطّريقة.

إنّ هناك عملاً يتحرّك في أكثر من موقع، يأخذ الصّفة الوطنيّة تارةً، والصفة القوميّة أخرى، والصفات التحرريّة في الأطر الماركسيّة وغير الماركسيّة ثالثة، إنَّ هناك اتجاهاً يعمل على أن يسلب منّا شعار الإسلام، أن يقول لنا أعطونا كلماتٍ تتَّسع للوطن وابتعدوا عن الإسلام، أعطونا كلماتٍ تتّسع للعروبة هنا، أو للطورانيّة هناك، أو للفرعونية هنالك، أو للفارسية هناك... أعطونا كلمات تتسع للقوميّة ولا تتحدّثوا عن الإسلام، أعطونا كلمات تتحدث عن الاستعمار كيف نواجهه، ولكن لا تتحدثوا عن الإسلام..

من حقّهم أن يتحدثوا عن كلّ رموزهم وعن كلّ خطوطهم، وليس من حقّنا أن نحرك الإسلام إلّا في المساجد، بشرط أن لا تكون حركة الإسلام حارّة!

هناك اتجاه ثقافي يزرع نفسه في حركة الفكر السياسيّ، ليجعل من هذه المسألة قضيّة التقدّم والتخلف بالنّسبة إلى الأمّة؛ أنّ الأمّة تتخلّف عندما يُطرَح الإسلام فيها، وأنها تتقدَّم عندما يطرَح غير الإسلام فيها! المسألة المطروحة ثقافياً هي هذه، والمسألة التي تحرَّك سياسياً هي هذه، والمسألة التي تريد أن تدخل إلى دوائر أصحاب السماحة والفضيلة هي هذه؛ أن يُقال لهم تحدثوا عن الوطنية، وتحدثوا عن القومية، وتحدثوا حتى عن الاشتراكية، وأعطوها صبغة إسلاميّة يمكن لأصحاب الفخامة والجلالة والسّيادة والسموّ أن يوقِّعوا لكم عليها في آخر الشّهر.

لا أريد أن أتحدّث بهذه الطريقة بأسلوب استعراضيّ، ولكني أريد أن أقول لنفسي ولكم جميعاً، من خلال وعي المشكلة الثقافيَّة التي نعيشها في العالم أمام الإسلام، والمشكلة السياسيَّة التي نعيشها في واقعنا في دائرة الإسلام، إنّها مشكلة كبيرة جداً، وأستطيع أن أقول لكم إنّ هناك حصاراً قد تعتبرونه حالة داخليةً فيما هو تعسّف الحكام، أو حالةً استعمارية فيما هو تعسّف الاستعمار، لكني أريد أن أقول لكم إنّها حالة ثقافيّة يسهر الحكام على أن يحاصروها، حتى لا تستطيع أن تتحرّك وتدخل في عمق الأمَّة.

إنها حالة ثقافيّة يتعسّف فيها الذين يسيطرون على مقدّرات الأمّة، من أجل أن يعطوا الحصار الثقافيّ لوناً سياسيّاً، حتّى ينشغل الناس بالمسألة السياسيّة عن المسألة الثقافية، والكثيرون منا يحرسون هذا الحصار الثقافي، والأنظمة والأجهزة تعرف كيف تقتحم عقولنا وقلوبنا، من خلال اقتحامها لمصالحنا التي تنطلق لتكون دخاناً في العقول وفي القلوب.

لهذا، ما أريد أن أقوله: الإسلام أوّلاً، عندما نتحدّث عن الحريّة، نتحدّث عنها من خلال الإسلام، وعندما نتحدّث عن العدالة، نتحدّث عنها من خلال الإسلام؛ الإسلام المنفتح الذي يتّسع للحياة كلّها، وللعالم كلّه، وللناس كلّهم، أن نعيش على هذا الأساس، وأن نربي أنفسنا على هذا الأساس، لأنّ الواقع الذي نعيش فيه، يربينا بطريقة أخرى وبشكلٍ آخر.

الوحدة بعيداً من المذهبيّة

وعندما نريد أن نطلق الوحدة الإسلاميّة؛ إنني أتساءل: الوحدة مشروع في عقلك وفي فكرك وفي حياتك، يفرض عليك أن تقدِّم بعض التنازلات من هوامش فكرك، وأن تقدِّم بعض التّنازلات من مزاجك ومن شعورك، وأن تقدِّم بعض التّنازلات للحالة المتحجّرة في وعيك الّتي تمنعك من أن تناقش طروح الآخرين، وتمنعك في البداية من أن تناقش طروحاتك أو أن يناقش الآخرون طروحاتهم، وتلك هي الشخصيّة المعلّبة.

هناك حديثٌ يُقال دائماً في ساحة الوحدويّين، لا تحدّثوا السنّة بالفكر الذي يمثّل حالة العقيدة والشريعة والمنهج، ولا تحدّثوا الشيعة بالفكر الّذي يتحرَّك على أساس العقيدة والشّريعة والمنهج، لا تثيروا هذه الأمور، إننا نخاف أن يسيء ذلك إلى الوحدة!

نحن قد نكون مع الأسلوب الّذي يحاول أن يضمن الجوَّ الوحدويّ في السّاحة، وأن يجعل القضيّة مرحليّة، ولكن على ماذا يدلّ هذا؟!

يدلّ هذا على أنّ الشيعيّ ليس مستعداً لأن يناقش شيعيّته، والسني ليس مستعداً لأن يناقش سنيّته، لأنّ الطرح أن يُغلَق الباب حول ذلك حتى في المواقع العلميّة.

نحن لا نريد أن نثير المسألة في الساحة العامّة المملوءة بالدخان والمملوءة بتوتر الأعصاب، لكنّني أريد أن أكتشف عمق الشخصية في شخصيّتنا؛ أنها شخصيةٌ مذهبيّة في الإطار المغلق للمذهبيّة، لا في الإطار الفكري للمذهبيّة؛ إنها شخصية مذهبية أكثر مما هي شخصيةٌ إسلامية.

هذه هي المسألة، لأنك عندما تكون مذهبياً، فمن حقك أن تكون مذهبياً في أيّ فكر، ولكن عندما تكون مذهبياً في الفكر، فإنك لن تخاف من الفكر الآخر، بل إنك تستدعيه، لأن مواقع القوّة في فكرك، تجعلك ترجو أن يأتي الفكر الآخر إليك، من خلال ما تطرحه من الأسس الفكرية.

إنّني أريد أن أرصد ماذا في داخل شخصيّتنا من هذا التحجّر المذهبي الّذي لا ينفتح على المذهبيّة من خلال مفاهيمها ومفرداتها الفكرية والشرعية، ولكن ينفتح عليها من خلال شعاراتها العامّة فقط الّتي تلامس السطح، ولكنّها لا تلامس العمق.

تُرصَد نكتةٌ في الساحة، وهي أن هناك مسلمين كثيرين من هذا المذهب أو ذاك المذهب مستعدّون لأن يدخلوا في قتال إذا سمعوا أحداً يسبّ الرموز المذهبيّة، ولكنهم ليسوا مستعدّين لأن يثيروا أيّ كلمة أو أيّ إحساس إذا سمعوا من يسبّ الله أو يسبّ رسول الله (ص)، على أساس أنّ هذا المذهب ليس مسؤولاً عن رسول الله، بل كلّ المسلمين مسؤولون، وكلّ مذهب مسؤول عن جماعته، ولا يعرف أنّ كلّ جماعته قيمتهم، إذا كانت لهم من قيمة، أنهم جماعة رسول الله، وأنهم عبادُ الله. لكن حتى هذا المعنى الّذي يجعلنا نرتبط بالرّموز الكبيرة التي نعظّمها، فمن خلال ارتباطها بالله وبرسول الله (ص)، لأنّه لا أحد مع الله، الكلّ عبادُ الله، مهما كبرت عظمتهم.

الذّهنيّة الوحدويّة

إنّ الوحدة تحتاج إلى ذهنيّة وحدويّة؛ أن تكون إسلامياً في ذهنيّتك، تخلص لمذهبك من خلال إخلاصك لإسلامك، لأنّك تجد فيه الوجه المشرق لإسلامك، وأنت مستعدّ لأن تتطلَّع إلى وجه آخر، فلعلّ في الصّورة ملامح غير حقيقيّة.. أن تكون عندنا الذهنيّة الوحدويّة، ولن تكون عندنا الذهنية الوحدوية إذا لم تكن عندنا الذهنيّة الحركية الإسلاميّة.. الذين يمارسون الإسلام في استرخاء يحاربون الوحدة، والذين يمارسون الإسلام في جلسات شرب الشّاي، لا يمكن أن يتحركوا نحو الوحدة.. الّذي يتحرك نحو الوحدة هو الّذي يقف في ساحة التحدّي؛ عندما يجد فكر الإسلام يُتَحدَّى، وعندما يجد حريّة المسلمين تُتحدَّى، وعندما يجد بلاد المسلمين تُتحدَّى، عند ذلك يشعر أين المسلمون، لأنّه يجد أنّه لا يستطيع أن يقف أمام التحدّي إلّا إذا اجتمع المسلمون في السّاحة الّتي يجتمع فيها الكافرون.

من يفكّر فردياً إسلامياً لينتظر الفرج من الله ومن الملائكة ومن المهدي المنتظر (عج) ليحارب بالنيابة عنا، وليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بالنيابة عنا، هذا يحارب الوحدة، ولا يتحرك في اتجاهها.

لهذا، نحتاج إلى العقليّة الوحدويّة، من خلال أنّنا نتبنّى العقلية الإسلاميّة بالطريقة الحركيّة، أن تشعر بأنّك مسلم يتحرك بنفس ذهنيّة رسول الله (ص) في الدّعوة وفي الحركة وفي الجهاد، وأنّك تفتح قلبك للنّاس كلّهم على الإسلام، عند ذلك يمكن أن تكون وحدويّاً.

لهذا، نجد حتى في ساحتنا، ساحتنا الخاصّة في لبنان، في تجربة الوحدة التي تمثّلت في تجمع العلماء المسلمين كنموذجٍ جيّد، وفي تلاقي الحركات الإسلامية في أكثر من موقع، نجد أنّ الذين يتحركون في الوحدة هم الحركيّون وحدهم، أمّا غير الحركيين، فإنهم يثيرون الغبار والدّخان والضّباب وكلّ ذلك ضدَّ الوحدة، لأنَّ الحركيَّ هو الّذي يشعر بالجوع للوحدة، عندما يشعر الآخرون بحالة الترف الغذائيّ للوحدة، هناك فرق أن تشعر بأنّ الجوع يفترس كلّ كيانك لأن الآخرين يريدون أن يفترسوا كلّ كيانك...

الاهتمام بقضايا المسلمين

ثم، عندما تكون لنا العقلية الوحدوية الحركية الإسلامية، فإنه أيضاً لا بد أن تكون عندنا الآفاق الواسعة العالمية في مستوى القضايا الإسلاميّة... نحن نتحرّك على أساس أنّ لكلّ منا موقعه، ولكلّ موقعٍ قضاياه، ولكلّ قضية مشاكل مع القضايا الأخرى!! إنا نتحرك على أساس أن هناك قضايا إسلاميّة، وكل شعب مسلمٍ يجب أن يهتم بقضاياه، وعلينا أن نهتمّ بقضايانا، وليس لنا شغل بقضايا المسلمين، وإذا اصطدمت قضايانا بقضايا المسلمين الآخرين، فعلينا أن نكون مع قضايانا ضدّ قضايا المسلمين الآخرين!

عندما تكون المسألة مسألة إسرائيل واحتلالها لمنطقة، علينا أن نفكر فقط فيما هو الاحتلال الإسرائيلي لمنطقتنا، أما مناطق الآخرين فما شغلنا بها! نحن لبنانيّون، وعلينا أن نفكّر في بلدنا، أو عندما نفكّر عراقياً، علينا أن ندبّر الوضع في العراق، ولا شغل لنا بمكان آخر، لأننا مسؤولون عن العراق، وهكذا بالنّسبة إلى الكويت أو أيّ بلدٍ آخر.

الوحدويّة تعني أن تنظر إلى قضايا المسلمين بعينٍ واحدة، وأن تدخل في المسألة على أساس فهم عمق القضايا أوّلاً، أن يكون عندك الوعي السياسيّ للقضايا، حتى تفهم أنّ قضيّة ما؛ هل هي قضية هذا الموقع، أو هي قضية المواقع كلّها، وحتى تفهم أنّ هذه المشكلة التي تعيشها الآن؛ هل هي مشكلتك أنت أو مشكلة الناس كلّهم، لأنّ الكثيرين قد يشتبه عليهم الأمر.

إسرائيل تريدنا أن نفكّر في معركتنا في لبنان معها لبنانيّاً، وفي معركة سوريا معها في الجولان سوريّاً، وفي معركتها في شرق الأردن أردنيّاً... تريدنا أن نفكر بهذه الطريقة، لأنها بذلك تستطيع أن تحلّ مشكلتنا معها عندما تخاطبنا بقضايا لبنان، أو عندما تخاطب الآخرين عن قضايا سوريا أو عن قضايا الأردن أو مصر، كما فعلت في مسالة السادات الذي أخرج مصر من ساحة الصّراع ضد إسرائيل على أساس أنّه فكّر مصرياً، وتجاوبت إسرائيل مع هذا الخطّ في التفكير.

مواجهةُ إسرائيلَ بالوحدةِ

لهذا، لا بدّ لنا من وعي المسألة الإسرائيليّة، لنفهم أنها مسألة تتحدَّى الوجود الإسلاميّ كلّه، وأن إسرائيل ليست مجرّد شعب يريد أن يأخذ دولة، ولكنّه شعب يريد أن يسيطر على العالم، ولكن بطريقة مرحليّة.

أن تفكر أن مسألة إسرائيل هي مسألة المسلمين كلّهم، وحتى إنها مسألة المستضعفين كلّهم، من خلال ما هو الطموح الإسرائيلي في المسألة اليهوديّة في العالم.

لا بدّ لنا من وعي المسألة الإسرائيليّة، لنفهم أنها مسألة تتحدَّى الوجود الإسلاميّ كلّه

ولهذا، فإنّ علينا أن نفهم أنّنا لن نحلّ مشكلة إذا استطعنا أن نقوم بترتيباتٍ أمنيّةٍ مع إسرائيل، حتى لبنانياً، لأن المسألة الإسرائيلية لا يمكن أن تحلّ بهذه الطريقة التجزيئيّة أبداً، لا بدّ أن تحلّ بطريقةٍ إسلاميةٍ شاملة.. ولهذا، فقد نجد من حقّنا، من خلال منظورنا للمسألة الإسرائيليّة في مواجهة المسألة الإسلاميّة، أن نقول للمسلمين كلّهم، ضمن تخطيطٍ دقيقٍ سياسيٍّ جهاديٍّ أمنيٍّ مركَّز، لا ضمن فوضى، تعالوا لنقاتل إسرائيل جميعاً، لأن إسرائيل لن تموت إلّا بوحدة المسلمين جميعاً.

لماذا تحارَبُ إيران؟!

وهكذا، عندما نواجه المسألة الإيرانية، عندما نريد أن نسمّي الأشياء بأسمائها الجغرافيّة؛ هل المسألة هي مسألة حرب إيران مع العراق؟! المسألة ليست كذلك، ليست لإيران أيّ مشكلة مع العراق بالمعنى الجغرافي والإقليمي، إلّا في مسألة شطّ العرب التي حُلَّت في عهد الشّاه المقبور، ثم بعد ذلك انتفض [صدّام] عليه.

المهمّ أنّه ليست لدى إيران مشكلة كبيرة في أن تندفع إلى النظام العراقي، لأن النظام العراقي يشبه الأنظمة المنصوبة في كلّ المنطقة مع اختلافات معيّنة، لم تكن مشكلتها هي مشكلة النظام العراقي من الناحية الإقليمية.. هو لا يشكّل أيّ خطر على إيران بصفتها الجغرافية، ولكنّ المسألة هي أنّ النظام العراقيّ أخذ الوكالة عن الاستعمار كلّه، وعن الرجعيّة كلّها، وعن المنطقة كلّها.

إنَّه لا يحارب إيران بصفتها الإيرانيَّة، وإنما يحارب إيران بصفتها الإسلاميّة، ولهذا يضطهد كلّ المسلمين الحركيّين في داخل العراق، كما أن المنطقة الخليجيّة تضطهد كلّ المسلمين الواعين الحركيّين في كلّ الأماكن. وفي المنطقة أيضتً في غير الخليج، نجد أن هناك في تونس والجزائر وفي المغرب، وفي أكثر من بلدٍ عربي وإسلامي، هناك اضطهاد للإسلاميّين، وهناك تعاون بين المخابرات الإقليمية في كلّ بلدٍ مسلم أو عربي وبين المخابرات الأميركيّة والبريطانية والفرنسية، إلى آخر السلسلة.

نحن نعرف أنّ المخابرات الفرنسيّة كانت تتعاون تعاوناً كبيراً مع المخابرات التونسيّة والمخابرات المغربيّة والمخابرات الجزائريّة وما إلى ذلك، كانت تتعاون مع أكثر من موقع لرصد الاتجاه الإسلامي والحركة الإسلامية، لأن المسألة ليست هي مسألة هذه "الجماعة المتطرفة" هنا و"الجماعة المتطرفة" هناك، المسألة هي مسألة الإسلام الأصولي الحركي الذي انطلق من أجل أن يُكتّل المسلمين كلّهم حتى يقفوا في وجه الاستكبار العالمي، وحتى يستعيدوا مواقعهم الأصيلة في الإمساك بثرواتهم وبمواقعهم الاستراتيجية وبكلّ أوضاعهم.. حتى إننا نعرف أنّ بعض رموز بعض المنظمات الفلسطينية، تتعاون أمنياً ومخابراتياً مع المخابرات الفرنسية، بالنسبة إلى من يسمونهم المسلمين الأصوليين في لبنان، وذلك باعتراف هؤلاء وباعتراف المخابرات الفرنسية.. هناك شبكة تتعاون وتتبادل الخبرات، وتتبادل المواقف، وتغيّر المواقع، وتغيّر الأساليب، من أجل ضرب الإسلام المتحرك الذي أرادوه أن يكون موظفاً في بلاطات أصحاب الفخامة والجلالة والسمو والسيادة، فعاد، كما أرسله الله، موظفاً عند الله وحده، ليواجه الحياة كلّها، وليخدم الناس كلّهم.

إذاً، المسألة أنّ إيران لا تُحارَب من خلال طروحاتها السياسيّة الإقليميّة.. قد يقول بعض الناس إنّ إيران تقف ضدّ أمريكا وروسيا، هناك دول كثيرة تقف ضدّ أمريكا وضدّ روسيا، مثل كوبا مثلاً وغيرها؛ فلماذا لا تثار الحرب عليها بهذه الطريقة؟ لأنّ إيران لم تقف ضدّ السياسة الأمريكية والسوفياتية في الدائرة الإيرانية، وإنما تقف ضدّ السياسة الأميركية والسوفياتية في الساحة العالمية، ولهذا، فإنها تشكّل خطراً على مصالح الدول الكبرى المستكبرة في كلّ موقع من مواقع العالم.

وأنا أقول لكم، وأتحمّل مسؤوليّة ما أقول، فلتصرّح إيران بأنّه لا شغل لنا بالمسلمين، ولا شغل لنا بأمريكا في أيّ مكان، نحن لنا سياستنا المتحرّرة القائمة على الحياد الإيجابي، لا شرقية ولا غربية، وأن تقوم بعلاقات طبيعيّة معقولة مع جيرانها ومع الناس، سوف ينطلق كلّ العالم لينثر المنّ والسلوى على إيران، المهمّ أن تسحب صفتها الإسلاميّة، وأن تسحب تحرّكها الإسلامي.

لهذا، نحن عندما نقف ضدّ كلّ الأوضاع السياسيّة والأمنيّة الّتي توجَّه ضدَّ إيران، فنحن لا نتحرّك كما يتحرّك الكثيرون الَّذين هم كما يقول المثل: "رَمَتْنِي بِدَائِهَا وانْسَلَّتْ".. لسنا عملاء لإيران، ولكننا جزءٌ من الحركة الإسلامية التي تقودها إيران، حتى لسنا أصدقاء ولسنا حلفاء، نحن مسلمون نؤمن بوحدة الحركة الإسلاميّة في العالم، لأن رسول الله (ص) علَّمنا ذلك "إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الأعضاء بالسَّهر والحمَّى".

ولهذا، وقفنا ضدّ النظام العراقيّ على أساس أنّه يمثّل الوكالة عن الاستكبار العالمي كلّه، ووقفنا ضدّ المجازر الوحشية التي حدثت في مكّة، وقلناها بصوتٍ عالٍ، لأنّنا رأينا أن النظام هناك يتحرّك على أساس خدمة المصالح الأمريكيّة في المنطقة.

وهذا ما كنا نقوله، ولكن معلّمهم ريغان قالها بملء فيه، عندما استقبل بعض أمرائهم، قال ما مضمونه: إنّ ما قامت به هذه الدولة (السعودية) في مكّة، يمثّل حالة متقدِّمة رائعة. وقال أيضاً: إنّ الخدمات التي تقدّمها هذه الدّولة لأمريكا في السرّ، هي من أعظم الخدمات التي لو أنها أعلنت، لرأى العالم شيئاً كبيراً في خدمتها أمريكا، إنها تمارس صدقة السرّ بالنّسبة إلى أمريكا!.

قلناها على هذا الأساس، لأنّهم أرادوا أن يضربوا الوعي الإسلاميّ الذي أرادت إيران الإسلام أن تحركه في الحجّ، ليكون الحجّ، كما أراده الله، ساحةً للبراءة من المشركين في كلّ مفردات المشركين، وفي كلّ مناهج المشركين، وفي كلّ أوضاعهم السياسيّة.

أهميّةُ الرّوحِ الوحدويّةِ

إنّ مسألة الروح الوحدويّة تفرض أن لا تفكّر أنَّ لك موقعاً خاصّاً، وأنَّ للمسلمين الآخرين مواقع خاصّة، بل فكّر أنّ كلّ مواقع المسلمين الصغيرة مرتبطة بالموقع الكبير للمسلمين، وأنّ الاستكبار العالمي يحاربنا بالمفرَّق لنحاربه بالمفرَّق، ليصادرنا على طريقة الجملة بعد ذلك.

لهذا، لم تكن كلمة رسول الله (ص) في معركة الأحزاب: "برز الإيمان كلّه إلى الشِّرك كلّه"، لم تكن كلمةً تعني تلك المرحلة أو تعني عليّاً وحده، كانت تعني النموذج والرمز، ولا بدَّ أن يبرز الإيمان كلّه إلى الشّرك كلّه.. وحتى لو لم يبرز الإيمان كلّه إلى الشّرك كلّه، لأنه إذا لم يخرج اليوم فسيخرج غداً.

إنّ الاستكبار العالميّ يحاربنا بالمفرَّق لنحاربه بالمفرَّق، ليصادرنا على طريقة الجملة بعد ذلك

الروح الوحدوية في الإسلام، والروح الوحدوية في المواقع؛ أن تكون مواقعنا مواقع إسلاميّة، لا لبنانيّة مغلقة على لبنان، ولا إيرانية مغلقة على إيران، ولا أفغانية مغلقة على الأفغان، بل هي إسلامية مفتوحة على الإسلام كلّه.. قد تكون هناك خصوصيات لهذا البلد أو ذاك البلد، ولكن علينا أن لا نعطي الخصوصيات أكثر مما تتحمّل لتنسف الشموليّات.

المقاومون هم الوحدويّون

في الختام، الوحدويون هم شبابنا المجاهد، شباب المقاومة الإسلاميّة وشباب المقاومة المؤمنة، شباب المقاومة الإسلاميّة الذين اقتحموا في هذا اليوم، وقبل أيّام، أكثر من موقع للعدوّ، وأكثر من تحصينٍ للعدوّ، واستطاعوا أن يقتحموا أكثر من خطّ أحمر، وأن يفجّروا أكثر من موقع.

لا نريد أن نعطي موقعهم انتفاخاً، ولكنّ هذه العمليات المتلاحقة المركّزة المدروسة المحسوبة المنطلقة من نداء "يا رسول الله"، هذا النّداء الذي يشعر فيه المسلم عندما يقف أمام التحدّي، بأنّه ينادي يا رسول الله، ليشعر المسلم بأنّ رسول الله معه في بدر وفي أحد وفي الأحزاب وفي حنين...

إنهم الوحدويّون بدمائهم الّذين عاشت الوحدة في دمائهم، لأنَّ الإسلام عاش في دمائهم، لأنهم لم يقبلوا إلّا أن يكونوا إسلاميّين حتى في العنوان؛ إسلاميّين في صلاتهم وصومهم وحجّهم، وإسلاميّين في جهادهم وحركة جهادهم، وإسلاميّين حتى في العنوان الذي يتحرّك الجهاد في خطّه، لأنهم قالوا لأنفسهم وقالوا للناس، إذا لم نقل عن أنفسنا إنّنا إسلاميون، وقلنا عن أنفسنا شيئاً آخر، فنخاف أن تختلط عندنا العناوين، فنكون ونحن نعمل لله، نعمل لأصنامٍ من دون الله!

لهذا، شبابنا المجاهدون هم أساتذتنا الذين ننحني أمام جهادهم بكلّ خشوع لروعة الإيمان الملتقي بالله في جهادهم، ونتعلّم منهم أن لا نخاف في اللّعبة السياسيّة الطّفوليّة، لأنهم لم يخافوا من إسرائيل، ونتعلّم منهم أن لا نخاف من كلّ هذه المؤامرات المتحركة، لأنهم لم يخافوا من أمريكا، سمعوا قول الله {إنّما ذلكم الشّيطان يخوّف أولياءه}...

الالتزام بخطّ الرّسول (ص)

في ذكرى رسول الله (ص)، علينا أن يكون كلّ واحدٍ منا رسول الله (ص) ولو بنسبة الواحد إلى الألف؛ أن نكون رسول الله في الدَّعوة، وأن نكون رسول الله في الحركة، وأن نكون رسول الله في الجهاد، وفي الالتزام بحدود الله، وفي الانفتاح على الحياة كلِّها، أن نكون في خطِّ رسول الله.. كما أنَّنا نتطلَّع إلى القمَّة الإسلاميَّة الشّامخة الفقيهة المتمثلة بالإمام الخميني (حفظه الله)، لنرى فيه دعوة رسول الله (ص)، ولنرى فيه حركة رسول الله، ولنرى فيه جهاد رسول الله، ولنرى فيه القلب الكبير الذي ينطلق ليحتوي الناس كلّهم، وليقول في كلّ يوم وهو يسمع كلّ كلمات المنافقين والمشكّكين والمضلّلين، ليقول كما قال رسول الله (ص): "اللّهمّ اغفر لقومي إنهم لا يعلمون".

*كلمة ألقاها سماحته في احتفال أسبوع الوحدة الإسلاميّة في سينما الكونكورد في بيروت، بتاريخ: 8-11-1987م.

لماذا الوحدة؟ هذه الّتي تطرح شعاراً، وتكتب بحثاً وتحليلاً، وتخرّك في المواقع كلمات وخطوات؟!

لماذا الوحدة الإسلاميّة؟! الوحدة الإسلاميّة للإسلام، وللإسلام فقط.

من يفتح قلبه للإسلام الدّعوة يمكن أن يفكر في الوحدة، من يفتح قلبه للإسلام الفكر والشّريعة والمنهج وحركة الحياة كلّها يمكن أن يتحدّث عن الوحدة.. من لا يخاف من الحديث عن الإسلام، أن يطلقه أمام الملحدين ليقول إننا مسلمون، وليطلقه أمام المشركين ليقول إننا مسلمون، وليطلقه أمام أهل الكتاب ليقول إننا مسلمون؛ مسلمون من موقع الفكر المنفتح، لا مسلمون من موقع الطائفيّة العمياء المغلقة...

من لا يخاف من طرح الإسلام أن يقال عنه متزمّتٌ ومتعصّبٌ وطائفيّ وتقسيميّ، من يرفض هذه الكلمات ويركلها برجله لأنه لا يريد أن يرفض حياة الأمّة، هو الذي ينبغي أن يتكلم عن الوحدة.

طرح الوحدة الإسلاميّة

لماذا ذلك كله؟ ذلك كلّه لأننا نريد الوحدة بين المسلمين أن تكون لهم بصفة أنهم مسلمون، يعيش الإسلام في عقلهم فكراً، ويعيش الإسلام في قلوبهم عاطفة، ويعيش الإسلام في حياتهم حركة، ويعيش الإسلام في ساحة الصراع التي يخوضونها جهاداً، أن يكونوا مسلمين بكلِّ ما لكلمة الإسلام من معنى، أن لا يكون عندهم شيءٌ غير الإسلام.

أولئك هم المسلمون حقاً، هم الذين يريدون أن ينطلقوا حيث انطلق رسول الله (ص)، لم ينطلق رسول الله (ص) من موقع التسويات المكيّة، ولم ينطلق من موقع التسويات العربيّة في الجزيرة العربية، ولم ينطلق من أيّ موقع يحابي فيه أحداً على حساب كلام الله.. جامل رسول الله الناس كأعظم ما تكون المجاملة، ودارى رسول الله الناس كأعظم ما تكون المداراة، لكن داراهم في مسألة المشاعر، وداراهم في مسألة الأساليب، ولكنه لم يدارهم في مسألة العقيدة.

قالوا له امتنع عن تسفيه آبائنا وعن سبّ أصنامنا، تعال لنتوافق على أن نقسم العبادة بيننا؛ أن تعبد آلهتنا سنة، أو توافق على أن يعبد أصحابك آلهتنا سنة وأن نعبد إلهك سنة، تعال إلى التسويات.. وجاء الجواب: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}[سورة "الكافرون"]. لكم دينكم، لن تقترب كلمة من دينكم لتدخل في ديني، إذا كنتم ترفضون أن يحتلّ ديني كل وجدانكم وكل عقلكم وكلّ فكركم.

لقد انطلق، فلم يجامل في كلام الله، ولم ينقص منه حرفاً، ولم يزد عليه حرفاً، لأن الله كان حاسماً.. نقولها لكلّ الذين يزيدون من كلام الله كلمات، فيما يقدّمونه إلى الناس، وكلّ الذين ينقصون من كلام الله كلمات، لا من كلام الله فقط، ولكن من مضمون كلام الله، من خطّه، من شريعته، الله كان حاسماً مع رسوله، فهل تعتبرون أنه لن يكون حاسماً معكم؟!! {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ}[الحاقّة: 44 – 46].

مسؤوليّةُ الدّعوةِ

الوحدة الإسلاميّة نريدها للإسلام، لنقول للمسلمين إنّ رسول الله (ص) لا يزال يقف في بداية الطريق ليشير إلينا أن نتقدَّم، إنَّ رسول الله (ص) انطلق إلى الناس كافّة، لأنّ الله أرسله إلى الناس كافّة، ويريدنا أن نفكّر على أساس أن يتحرك الإسلام للناس كافة.. لا تفكروا، عندما تفكرون في الإسلام، في زواياكم الصغيرة ومواقعكم المغلقة، ولكن فكّروا أنّ كلّ مسلم يستطيع أن يحرك الإسلام في أيّ موقع من العالم، كلّ مسلم يستطيع أن ينطلق ليحطّم شيئاً من الباطل في أيّ مكان في العالم، فهو مسؤول أمام الله إن لم يفعل.. لأن معنى أن تكون مسلماً، أن تكون داعيةً، ومن لا يكون داعيةً للإسلام، فإنّ إسلامه في إجازة، لأنه يعيش إسلامه فكراً مختنقاً في داخله، والإسلام فكرٌ مفتوحٌ على الحياة كلّها.

لهذا، كلّ همّ المسلمين هو همّنا، وكلّ همّ الإسلام في حركة الدعوة إلى الله في العالم هو همّنا الكبير.. عندما تنطلقون طلاباً، كونوا الدعاة إلى الإسلام، عندما تنطلقون عمّالاً، كونوا الدعاة إلى الإسلام، عندما تنطلقون تجاراً، كونوا الدعاة إلى الإسلام... تلك هي مسؤوليتكم، وليست صدقة تتصدَّقون بها على الإسلام وليست إحساناً، لأنّ المسألة هي أننا نتحمّل مسؤوليّة أن نجعل الإسلامَ هو فكر العالم.. قد يسخر منّا الكثيرون، كما سخروا من الأنبياء والأولياء، قد يضحك الكثيرون أن نفكّر في أسلمة العالم، في وقت يسيطر الكفر المسلَّح بأنياب ذريّة على العالم؟.. نحن نفكّر في ذلك لأننا نفكر في الله، لا نفكر في الله بطريقةٍ غزليّة نتغزَّل فيها به، ولا نفكّر فيه بطريقة عاطفيّة، لكننا نفكّر فيه بطريقة حركية؛ أن ننطلق ونشعر كما كان يشعر رسول الله (ص)، والدنيا كلّها كانت ضدّه، والأعداء يقتربون منه، حتى إنّهم لم يكونوا يبتعدون عنه أكثر من شبرين أو ثلاثة: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا}[التّوبة: 40].. نحن لسنا في البيت لنخاف أن يهجم علينا أحدٌ ونحن في حالة استرخاء؛ نحن في الحركة إلى الله، في الهجرة إلى الله، وعندما يكون الإنسان مهاجراً إلى الله، فإنّ أجره يقع على الله، فيحميه إن كانت الهجرة تفرض الحماية، ويعطيه السعادة بالشهادة إن كانت الهجرة تفرض الشّهادة.

أن ننطلق مع الله من موقعنا الحركيّ، أن نشعر بأنّه معنا.. هذا كلام نقوله نحن لكم، ربما نطلقه مفاهيم، ولكنه الكلام الصعب الصعب الذي يتحدى الكثيرين منا، نحن الذين نعظ، ونحن الذين نطلق المفاهيم الكبيرة، إنّه يتحدّانا: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[آل عمران: 173 – 175].

الخوفُ من طرحِ الإسلام!

ألسنا نخاف من أولياء الشيطان؟!! ونحن لا نعيش الشعور بأنّ الله يمكن أن يعطينا الأمان، المسألة تتحدّانا.. فلنفكّر معاً؛ نحن الآن نمثّل الانتماء إلى الإسلام، هناك من ينتمون إلى الماركسيّة، وهناك من ينتمون إلى الاشتراكية، وهناك من ينتمون إلى أكثر من فكر، ويعملون على أساس أن يشمل فكرُهم العالم بكلّ مواقعه.. فلماذا نخاف نحن من هذه الفكرة؟!! لماذا نسترخي أمام كلّ هذه الفكرة؟! لماذا ننهزم من خلال التحدّيات التي تفرض نفسها علينا في خطّ هذه الفكرة؟ لماذا؟!!

لأننا في كثير من مواقعنا لسنا جدّيين في الإسلام.. أقولها، وأخاف أن أكون أنا كذلك، لأننا لا ننزل إلى أعماقنا جيّداً، نحن مشغولون عن الأعماق بزخارف السطح، ونحن مشغولون عن الأعماق بالكثير من المظاهر والزخارف التي تنفخ شخصيّتنا عندما يحاول الآخرون أن يعطونا الصفات الكبيرة التي نلهث وراءها، ولكننا عندما ننزل إلى أعماقنا، فإننا سنصاب بالذّعر.. إننا لسنا جدّيين في الإسلام، نحن جديون في مصالحنا، نحن مستعدّون أن نؤوّل الإسلام على غير ما يرضى الله، إذا اقترب الإسلام من شخصياتنا وذاتيتنا ومصالحنا.

لهذا، المسألة هي أن نكون الدّعاة إلى الله، والدّعاة إلى الإسلام، والمرحلة الصعبة التي نعيشها تفرض علينا أن نفكر بهذه الطّريقة.

إنّ هناك عملاً يتحرّك في أكثر من موقع، يأخذ الصّفة الوطنيّة تارةً، والصفة القوميّة أخرى، والصفات التحرريّة في الأطر الماركسيّة وغير الماركسيّة ثالثة، إنَّ هناك اتجاهاً يعمل على أن يسلب منّا شعار الإسلام، أن يقول لنا أعطونا كلماتٍ تتَّسع للوطن وابتعدوا عن الإسلام، أعطونا كلماتٍ تتّسع للعروبة هنا، أو للطورانيّة هناك، أو للفرعونية هنالك، أو للفارسية هناك... أعطونا كلمات تتسع للقوميّة ولا تتحدّثوا عن الإسلام، أعطونا كلمات تتحدث عن الاستعمار كيف نواجهه، ولكن لا تتحدثوا عن الإسلام..

من حقّهم أن يتحدثوا عن كلّ رموزهم وعن كلّ خطوطهم، وليس من حقّنا أن نحرك الإسلام إلّا في المساجد، بشرط أن لا تكون حركة الإسلام حارّة!

هناك اتجاه ثقافي يزرع نفسه في حركة الفكر السياسيّ، ليجعل من هذه المسألة قضيّة التقدّم والتخلف بالنّسبة إلى الأمّة؛ أنّ الأمّة تتخلّف عندما يُطرَح الإسلام فيها، وأنها تتقدَّم عندما يطرَح غير الإسلام فيها! المسألة المطروحة ثقافياً هي هذه، والمسألة التي تحرَّك سياسياً هي هذه، والمسألة التي تريد أن تدخل إلى دوائر أصحاب السماحة والفضيلة هي هذه؛ أن يُقال لهم تحدثوا عن الوطنية، وتحدثوا عن القومية، وتحدثوا حتى عن الاشتراكية، وأعطوها صبغة إسلاميّة يمكن لأصحاب الفخامة والجلالة والسّيادة والسموّ أن يوقِّعوا لكم عليها في آخر الشّهر.

لا أريد أن أتحدّث بهذه الطريقة بأسلوب استعراضيّ، ولكني أريد أن أقول لنفسي ولكم جميعاً، من خلال وعي المشكلة الثقافيَّة التي نعيشها في العالم أمام الإسلام، والمشكلة السياسيَّة التي نعيشها في واقعنا في دائرة الإسلام، إنّها مشكلة كبيرة جداً، وأستطيع أن أقول لكم إنّ هناك حصاراً قد تعتبرونه حالة داخليةً فيما هو تعسّف الحكام، أو حالةً استعمارية فيما هو تعسّف الاستعمار، لكني أريد أن أقول لكم إنّها حالة ثقافيّة يسهر الحكام على أن يحاصروها، حتى لا تستطيع أن تتحرّك وتدخل في عمق الأمَّة.

إنها حالة ثقافيّة يتعسّف فيها الذين يسيطرون على مقدّرات الأمّة، من أجل أن يعطوا الحصار الثقافيّ لوناً سياسيّاً، حتّى ينشغل الناس بالمسألة السياسيّة عن المسألة الثقافية، والكثيرون منا يحرسون هذا الحصار الثقافي، والأنظمة والأجهزة تعرف كيف تقتحم عقولنا وقلوبنا، من خلال اقتحامها لمصالحنا التي تنطلق لتكون دخاناً في العقول وفي القلوب.

لهذا، ما أريد أن أقوله: الإسلام أوّلاً، عندما نتحدّث عن الحريّة، نتحدّث عنها من خلال الإسلام، وعندما نتحدّث عن العدالة، نتحدّث عنها من خلال الإسلام؛ الإسلام المنفتح الذي يتّسع للحياة كلّها، وللعالم كلّه، وللناس كلّهم، أن نعيش على هذا الأساس، وأن نربي أنفسنا على هذا الأساس، لأنّ الواقع الذي نعيش فيه، يربينا بطريقة أخرى وبشكلٍ آخر.

الوحدة بعيداً من المذهبيّة

وعندما نريد أن نطلق الوحدة الإسلاميّة؛ إنني أتساءل: الوحدة مشروع في عقلك وفي فكرك وفي حياتك، يفرض عليك أن تقدِّم بعض التنازلات من هوامش فكرك، وأن تقدِّم بعض التّنازلات من مزاجك ومن شعورك، وأن تقدِّم بعض التّنازلات للحالة المتحجّرة في وعيك الّتي تمنعك من أن تناقش طروح الآخرين، وتمنعك في البداية من أن تناقش طروحاتك أو أن يناقش الآخرون طروحاتهم، وتلك هي الشخصيّة المعلّبة.

هناك حديثٌ يُقال دائماً في ساحة الوحدويّين، لا تحدّثوا السنّة بالفكر الذي يمثّل حالة العقيدة والشريعة والمنهج، ولا تحدّثوا الشيعة بالفكر الّذي يتحرَّك على أساس العقيدة والشّريعة والمنهج، لا تثيروا هذه الأمور، إننا نخاف أن يسيء ذلك إلى الوحدة!

نحن قد نكون مع الأسلوب الّذي يحاول أن يضمن الجوَّ الوحدويّ في السّاحة، وأن يجعل القضيّة مرحليّة، ولكن على ماذا يدلّ هذا؟!

يدلّ هذا على أنّ الشيعيّ ليس مستعداً لأن يناقش شيعيّته، والسني ليس مستعداً لأن يناقش سنيّته، لأنّ الطرح أن يُغلَق الباب حول ذلك حتى في المواقع العلميّة.

نحن لا نريد أن نثير المسألة في الساحة العامّة المملوءة بالدخان والمملوءة بتوتر الأعصاب، لكنّني أريد أن أكتشف عمق الشخصية في شخصيّتنا؛ أنها شخصيةٌ مذهبيّة في الإطار المغلق للمذهبيّة، لا في الإطار الفكري للمذهبيّة؛ إنها شخصية مذهبية أكثر مما هي شخصيةٌ إسلامية.

هذه هي المسألة، لأنك عندما تكون مذهبياً، فمن حقك أن تكون مذهبياً في أيّ فكر، ولكن عندما تكون مذهبياً في الفكر، فإنك لن تخاف من الفكر الآخر، بل إنك تستدعيه، لأن مواقع القوّة في فكرك، تجعلك ترجو أن يأتي الفكر الآخر إليك، من خلال ما تطرحه من الأسس الفكرية.

إنّني أريد أن أرصد ماذا في داخل شخصيّتنا من هذا التحجّر المذهبي الّذي لا ينفتح على المذهبيّة من خلال مفاهيمها ومفرداتها الفكرية والشرعية، ولكن ينفتح عليها من خلال شعاراتها العامّة فقط الّتي تلامس السطح، ولكنّها لا تلامس العمق.

تُرصَد نكتةٌ في الساحة، وهي أن هناك مسلمين كثيرين من هذا المذهب أو ذاك المذهب مستعدّون لأن يدخلوا في قتال إذا سمعوا أحداً يسبّ الرموز المذهبيّة، ولكنهم ليسوا مستعدّين لأن يثيروا أيّ كلمة أو أيّ إحساس إذا سمعوا من يسبّ الله أو يسبّ رسول الله (ص)، على أساس أنّ هذا المذهب ليس مسؤولاً عن رسول الله، بل كلّ المسلمين مسؤولون، وكلّ مذهب مسؤول عن جماعته، ولا يعرف أنّ كلّ جماعته قيمتهم، إذا كانت لهم من قيمة، أنهم جماعة رسول الله، وأنهم عبادُ الله. لكن حتى هذا المعنى الّذي يجعلنا نرتبط بالرّموز الكبيرة التي نعظّمها، فمن خلال ارتباطها بالله وبرسول الله (ص)، لأنّه لا أحد مع الله، الكلّ عبادُ الله، مهما كبرت عظمتهم.

الذّهنيّة الوحدويّة

إنّ الوحدة تحتاج إلى ذهنيّة وحدويّة؛ أن تكون إسلامياً في ذهنيّتك، تخلص لمذهبك من خلال إخلاصك لإسلامك، لأنّك تجد فيه الوجه المشرق لإسلامك، وأنت مستعدّ لأن تتطلَّع إلى وجه آخر، فلعلّ في الصّورة ملامح غير حقيقيّة.. أن تكون عندنا الذهنيّة الوحدويّة، ولن تكون عندنا الذهنية الوحدوية إذا لم تكن عندنا الذهنيّة الحركية الإسلاميّة.. الذين يمارسون الإسلام في استرخاء يحاربون الوحدة، والذين يمارسون الإسلام في جلسات شرب الشّاي، لا يمكن أن يتحركوا نحو الوحدة.. الّذي يتحرك نحو الوحدة هو الّذي يقف في ساحة التحدّي؛ عندما يجد فكر الإسلام يُتَحدَّى، وعندما يجد حريّة المسلمين تُتحدَّى، وعندما يجد بلاد المسلمين تُتحدَّى، عند ذلك يشعر أين المسلمون، لأنّه يجد أنّه لا يستطيع أن يقف أمام التحدّي إلّا إذا اجتمع المسلمون في السّاحة الّتي يجتمع فيها الكافرون.

من يفكّر فردياً إسلامياً لينتظر الفرج من الله ومن الملائكة ومن المهدي المنتظر (عج) ليحارب بالنيابة عنا، وليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بالنيابة عنا، هذا يحارب الوحدة، ولا يتحرك في اتجاهها.

لهذا، نحتاج إلى العقليّة الوحدويّة، من خلال أنّنا نتبنّى العقلية الإسلاميّة بالطريقة الحركيّة، أن تشعر بأنّك مسلم يتحرك بنفس ذهنيّة رسول الله (ص) في الدّعوة وفي الحركة وفي الجهاد، وأنّك تفتح قلبك للنّاس كلّهم على الإسلام، عند ذلك يمكن أن تكون وحدويّاً.

لهذا، نجد حتى في ساحتنا، ساحتنا الخاصّة في لبنان، في تجربة الوحدة التي تمثّلت في تجمع العلماء المسلمين كنموذجٍ جيّد، وفي تلاقي الحركات الإسلامية في أكثر من موقع، نجد أنّ الذين يتحركون في الوحدة هم الحركيّون وحدهم، أمّا غير الحركيين، فإنهم يثيرون الغبار والدّخان والضّباب وكلّ ذلك ضدَّ الوحدة، لأنَّ الحركيَّ هو الّذي يشعر بالجوع للوحدة، عندما يشعر الآخرون بحالة الترف الغذائيّ للوحدة، هناك فرق أن تشعر بأنّ الجوع يفترس كلّ كيانك لأن الآخرين يريدون أن يفترسوا كلّ كيانك...

الاهتمام بقضايا المسلمين

ثم، عندما تكون لنا العقلية الوحدوية الحركية الإسلامية، فإنه أيضاً لا بد أن تكون عندنا الآفاق الواسعة العالمية في مستوى القضايا الإسلاميّة... نحن نتحرّك على أساس أنّ لكلّ منا موقعه، ولكلّ موقعٍ قضاياه، ولكلّ قضية مشاكل مع القضايا الأخرى!! إنا نتحرك على أساس أن هناك قضايا إسلاميّة، وكل شعب مسلمٍ يجب أن يهتم بقضاياه، وعلينا أن نهتمّ بقضايانا، وليس لنا شغل بقضايا المسلمين، وإذا اصطدمت قضايانا بقضايا المسلمين الآخرين، فعلينا أن نكون مع قضايانا ضدّ قضايا المسلمين الآخرين!

عندما تكون المسألة مسألة إسرائيل واحتلالها لمنطقة، علينا أن نفكر فقط فيما هو الاحتلال الإسرائيلي لمنطقتنا، أما مناطق الآخرين فما شغلنا بها! نحن لبنانيّون، وعلينا أن نفكّر في بلدنا، أو عندما نفكّر عراقياً، علينا أن ندبّر الوضع في العراق، ولا شغل لنا بمكان آخر، لأننا مسؤولون عن العراق، وهكذا بالنّسبة إلى الكويت أو أيّ بلدٍ آخر.

الوحدويّة تعني أن تنظر إلى قضايا المسلمين بعينٍ واحدة، وأن تدخل في المسألة على أساس فهم عمق القضايا أوّلاً، أن يكون عندك الوعي السياسيّ للقضايا، حتى تفهم أنّ قضيّة ما؛ هل هي قضية هذا الموقع، أو هي قضية المواقع كلّها، وحتى تفهم أنّ هذه المشكلة التي تعيشها الآن؛ هل هي مشكلتك أنت أو مشكلة الناس كلّهم، لأنّ الكثيرين قد يشتبه عليهم الأمر.

إسرائيل تريدنا أن نفكّر في معركتنا في لبنان معها لبنانيّاً، وفي معركة سوريا معها في الجولان سوريّاً، وفي معركتها في شرق الأردن أردنيّاً... تريدنا أن نفكر بهذه الطريقة، لأنها بذلك تستطيع أن تحلّ مشكلتنا معها عندما تخاطبنا بقضايا لبنان، أو عندما تخاطب الآخرين عن قضايا سوريا أو عن قضايا الأردن أو مصر، كما فعلت في مسالة السادات الذي أخرج مصر من ساحة الصّراع ضد إسرائيل على أساس أنّه فكّر مصرياً، وتجاوبت إسرائيل مع هذا الخطّ في التفكير.

مواجهةُ إسرائيلَ بالوحدةِ

لهذا، لا بدّ لنا من وعي المسألة الإسرائيليّة، لنفهم أنها مسألة تتحدَّى الوجود الإسلاميّ كلّه، وأن إسرائيل ليست مجرّد شعب يريد أن يأخذ دولة، ولكنّه شعب يريد أن يسيطر على العالم، ولكن بطريقة مرحليّة.

أن تفكر أن مسألة إسرائيل هي مسألة المسلمين كلّهم، وحتى إنها مسألة المستضعفين كلّهم، من خلال ما هو الطموح الإسرائيلي في المسألة اليهوديّة في العالم.

لا بدّ لنا من وعي المسألة الإسرائيليّة، لنفهم أنها مسألة تتحدَّى الوجود الإسلاميّ كلّه

ولهذا، فإنّ علينا أن نفهم أنّنا لن نحلّ مشكلة إذا استطعنا أن نقوم بترتيباتٍ أمنيّةٍ مع إسرائيل، حتى لبنانياً، لأن المسألة الإسرائيلية لا يمكن أن تحلّ بهذه الطريقة التجزيئيّة أبداً، لا بدّ أن تحلّ بطريقةٍ إسلاميةٍ شاملة.. ولهذا، فقد نجد من حقّنا، من خلال منظورنا للمسألة الإسرائيليّة في مواجهة المسألة الإسلاميّة، أن نقول للمسلمين كلّهم، ضمن تخطيطٍ دقيقٍ سياسيٍّ جهاديٍّ أمنيٍّ مركَّز، لا ضمن فوضى، تعالوا لنقاتل إسرائيل جميعاً، لأن إسرائيل لن تموت إلّا بوحدة المسلمين جميعاً.

لماذا تحارَبُ إيران؟!

وهكذا، عندما نواجه المسألة الإيرانية، عندما نريد أن نسمّي الأشياء بأسمائها الجغرافيّة؛ هل المسألة هي مسألة حرب إيران مع العراق؟! المسألة ليست كذلك، ليست لإيران أيّ مشكلة مع العراق بالمعنى الجغرافي والإقليمي، إلّا في مسألة شطّ العرب التي حُلَّت في عهد الشّاه المقبور، ثم بعد ذلك انتفض [صدّام] عليه.

المهمّ أنّه ليست لدى إيران مشكلة كبيرة في أن تندفع إلى النظام العراقي، لأن النظام العراقي يشبه الأنظمة المنصوبة في كلّ المنطقة مع اختلافات معيّنة، لم تكن مشكلتها هي مشكلة النظام العراقي من الناحية الإقليمية.. هو لا يشكّل أيّ خطر على إيران بصفتها الجغرافية، ولكنّ المسألة هي أنّ النظام العراقيّ أخذ الوكالة عن الاستعمار كلّه، وعن الرجعيّة كلّها، وعن المنطقة كلّها.

إنَّه لا يحارب إيران بصفتها الإيرانيَّة، وإنما يحارب إيران بصفتها الإسلاميّة، ولهذا يضطهد كلّ المسلمين الحركيّين في داخل العراق، كما أن المنطقة الخليجيّة تضطهد كلّ المسلمين الواعين الحركيّين في كلّ الأماكن. وفي المنطقة أيضتً في غير الخليج، نجد أن هناك في تونس والجزائر وفي المغرب، وفي أكثر من بلدٍ عربي وإسلامي، هناك اضطهاد للإسلاميّين، وهناك تعاون بين المخابرات الإقليمية في كلّ بلدٍ مسلم أو عربي وبين المخابرات الأميركيّة والبريطانية والفرنسية، إلى آخر السلسلة.

نحن نعرف أنّ المخابرات الفرنسيّة كانت تتعاون تعاوناً كبيراً مع المخابرات التونسيّة والمخابرات المغربيّة والمخابرات الجزائريّة وما إلى ذلك، كانت تتعاون مع أكثر من موقع لرصد الاتجاه الإسلامي والحركة الإسلامية، لأن المسألة ليست هي مسألة هذه "الجماعة المتطرفة" هنا و"الجماعة المتطرفة" هناك، المسألة هي مسألة الإسلام الأصولي الحركي الذي انطلق من أجل أن يُكتّل المسلمين كلّهم حتى يقفوا في وجه الاستكبار العالمي، وحتى يستعيدوا مواقعهم الأصيلة في الإمساك بثرواتهم وبمواقعهم الاستراتيجية وبكلّ أوضاعهم.. حتى إننا نعرف أنّ بعض رموز بعض المنظمات الفلسطينية، تتعاون أمنياً ومخابراتياً مع المخابرات الفرنسية، بالنسبة إلى من يسمونهم المسلمين الأصوليين في لبنان، وذلك باعتراف هؤلاء وباعتراف المخابرات الفرنسية.. هناك شبكة تتعاون وتتبادل الخبرات، وتتبادل المواقف، وتغيّر المواقع، وتغيّر الأساليب، من أجل ضرب الإسلام المتحرك الذي أرادوه أن يكون موظفاً في بلاطات أصحاب الفخامة والجلالة والسمو والسيادة، فعاد، كما أرسله الله، موظفاً عند الله وحده، ليواجه الحياة كلّها، وليخدم الناس كلّهم.

إذاً، المسألة أنّ إيران لا تُحارَب من خلال طروحاتها السياسيّة الإقليميّة.. قد يقول بعض الناس إنّ إيران تقف ضدّ أمريكا وروسيا، هناك دول كثيرة تقف ضدّ أمريكا وضدّ روسيا، مثل كوبا مثلاً وغيرها؛ فلماذا لا تثار الحرب عليها بهذه الطريقة؟ لأنّ إيران لم تقف ضدّ السياسة الأمريكية والسوفياتية في الدائرة الإيرانية، وإنما تقف ضدّ السياسة الأميركية والسوفياتية في الساحة العالمية، ولهذا، فإنها تشكّل خطراً على مصالح الدول الكبرى المستكبرة في كلّ موقع من مواقع العالم.

وأنا أقول لكم، وأتحمّل مسؤوليّة ما أقول، فلتصرّح إيران بأنّه لا شغل لنا بالمسلمين، ولا شغل لنا بأمريكا في أيّ مكان، نحن لنا سياستنا المتحرّرة القائمة على الحياد الإيجابي، لا شرقية ولا غربية، وأن تقوم بعلاقات طبيعيّة معقولة مع جيرانها ومع الناس، سوف ينطلق كلّ العالم لينثر المنّ والسلوى على إيران، المهمّ أن تسحب صفتها الإسلاميّة، وأن تسحب تحرّكها الإسلامي.

لهذا، نحن عندما نقف ضدّ كلّ الأوضاع السياسيّة والأمنيّة الّتي توجَّه ضدَّ إيران، فنحن لا نتحرّك كما يتحرّك الكثيرون الَّذين هم كما يقول المثل: "رَمَتْنِي بِدَائِهَا وانْسَلَّتْ".. لسنا عملاء لإيران، ولكننا جزءٌ من الحركة الإسلامية التي تقودها إيران، حتى لسنا أصدقاء ولسنا حلفاء، نحن مسلمون نؤمن بوحدة الحركة الإسلاميّة في العالم، لأن رسول الله (ص) علَّمنا ذلك "إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الأعضاء بالسَّهر والحمَّى".

ولهذا، وقفنا ضدّ النظام العراقيّ على أساس أنّه يمثّل الوكالة عن الاستكبار العالمي كلّه، ووقفنا ضدّ المجازر الوحشية التي حدثت في مكّة، وقلناها بصوتٍ عالٍ، لأنّنا رأينا أن النظام هناك يتحرّك على أساس خدمة المصالح الأمريكيّة في المنطقة.

وهذا ما كنا نقوله، ولكن معلّمهم ريغان قالها بملء فيه، عندما استقبل بعض أمرائهم، قال ما مضمونه: إنّ ما قامت به هذه الدولة (السعودية) في مكّة، يمثّل حالة متقدِّمة رائعة. وقال أيضاً: إنّ الخدمات التي تقدّمها هذه الدّولة لأمريكا في السرّ، هي من أعظم الخدمات التي لو أنها أعلنت، لرأى العالم شيئاً كبيراً في خدمتها أمريكا، إنها تمارس صدقة السرّ بالنّسبة إلى أمريكا!.

قلناها على هذا الأساس، لأنّهم أرادوا أن يضربوا الوعي الإسلاميّ الذي أرادت إيران الإسلام أن تحركه في الحجّ، ليكون الحجّ، كما أراده الله، ساحةً للبراءة من المشركين في كلّ مفردات المشركين، وفي كلّ مناهج المشركين، وفي كلّ أوضاعهم السياسيّة.

أهميّةُ الرّوحِ الوحدويّةِ

إنّ مسألة الروح الوحدويّة تفرض أن لا تفكّر أنَّ لك موقعاً خاصّاً، وأنَّ للمسلمين الآخرين مواقع خاصّة، بل فكّر أنّ كلّ مواقع المسلمين الصغيرة مرتبطة بالموقع الكبير للمسلمين، وأنّ الاستكبار العالمي يحاربنا بالمفرَّق لنحاربه بالمفرَّق، ليصادرنا على طريقة الجملة بعد ذلك.

لهذا، لم تكن كلمة رسول الله (ص) في معركة الأحزاب: "برز الإيمان كلّه إلى الشِّرك كلّه"، لم تكن كلمةً تعني تلك المرحلة أو تعني عليّاً وحده، كانت تعني النموذج والرمز، ولا بدَّ أن يبرز الإيمان كلّه إلى الشّرك كلّه.. وحتى لو لم يبرز الإيمان كلّه إلى الشّرك كلّه، لأنه إذا لم يخرج اليوم فسيخرج غداً.

إنّ الاستكبار العالميّ يحاربنا بالمفرَّق لنحاربه بالمفرَّق، ليصادرنا على طريقة الجملة بعد ذلك

الروح الوحدوية في الإسلام، والروح الوحدوية في المواقع؛ أن تكون مواقعنا مواقع إسلاميّة، لا لبنانيّة مغلقة على لبنان، ولا إيرانية مغلقة على إيران، ولا أفغانية مغلقة على الأفغان، بل هي إسلامية مفتوحة على الإسلام كلّه.. قد تكون هناك خصوصيات لهذا البلد أو ذاك البلد، ولكن علينا أن لا نعطي الخصوصيات أكثر مما تتحمّل لتنسف الشموليّات.

المقاومون هم الوحدويّون

في الختام، الوحدويون هم شبابنا المجاهد، شباب المقاومة الإسلاميّة وشباب المقاومة المؤمنة، شباب المقاومة الإسلاميّة الذين اقتحموا في هذا اليوم، وقبل أيّام، أكثر من موقع للعدوّ، وأكثر من تحصينٍ للعدوّ، واستطاعوا أن يقتحموا أكثر من خطّ أحمر، وأن يفجّروا أكثر من موقع.

لا نريد أن نعطي موقعهم انتفاخاً، ولكنّ هذه العمليات المتلاحقة المركّزة المدروسة المحسوبة المنطلقة من نداء "يا رسول الله"، هذا النّداء الذي يشعر فيه المسلم عندما يقف أمام التحدّي، بأنّه ينادي يا رسول الله، ليشعر المسلم بأنّ رسول الله معه في بدر وفي أحد وفي الأحزاب وفي حنين...

إنهم الوحدويّون بدمائهم الّذين عاشت الوحدة في دمائهم، لأنَّ الإسلام عاش في دمائهم، لأنهم لم يقبلوا إلّا أن يكونوا إسلاميّين حتى في العنوان؛ إسلاميّين في صلاتهم وصومهم وحجّهم، وإسلاميّين في جهادهم وحركة جهادهم، وإسلاميّين حتى في العنوان الذي يتحرّك الجهاد في خطّه، لأنهم قالوا لأنفسهم وقالوا للناس، إذا لم نقل عن أنفسنا إنّنا إسلاميون، وقلنا عن أنفسنا شيئاً آخر، فنخاف أن تختلط عندنا العناوين، فنكون ونحن نعمل لله، نعمل لأصنامٍ من دون الله!

لهذا، شبابنا المجاهدون هم أساتذتنا الذين ننحني أمام جهادهم بكلّ خشوع لروعة الإيمان الملتقي بالله في جهادهم، ونتعلّم منهم أن لا نخاف في اللّعبة السياسيّة الطّفوليّة، لأنهم لم يخافوا من إسرائيل، ونتعلّم منهم أن لا نخاف من كلّ هذه المؤامرات المتحركة، لأنهم لم يخافوا من أمريكا، سمعوا قول الله {إنّما ذلكم الشّيطان يخوّف أولياءه}...

الالتزام بخطّ الرّسول (ص)

في ذكرى رسول الله (ص)، علينا أن يكون كلّ واحدٍ منا رسول الله (ص) ولو بنسبة الواحد إلى الألف؛ أن نكون رسول الله في الدَّعوة، وأن نكون رسول الله في الحركة، وأن نكون رسول الله في الجهاد، وفي الالتزام بحدود الله، وفي الانفتاح على الحياة كلِّها، أن نكون في خطِّ رسول الله.. كما أنَّنا نتطلَّع إلى القمَّة الإسلاميَّة الشّامخة الفقيهة المتمثلة بالإمام الخميني (حفظه الله)، لنرى فيه دعوة رسول الله (ص)، ولنرى فيه حركة رسول الله، ولنرى فيه جهاد رسول الله، ولنرى فيه القلب الكبير الذي ينطلق ليحتوي الناس كلّهم، وليقول في كلّ يوم وهو يسمع كلّ كلمات المنافقين والمشكّكين والمضلّلين، ليقول كما قال رسول الله (ص): "اللّهمّ اغفر لقومي إنهم لا يعلمون".

*كلمة ألقاها سماحته في احتفال أسبوع الوحدة الإسلاميّة في سينما الكونكورد في بيروت، بتاريخ: 8-11-1987م.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية