كتابات
11/10/2021

معنى أن يكونَ القرآنُ كتابًا حركيًّا

معنى أن يكونَ القرآنُ كتابًا حركيًّا

إنَّ القرآن الكريم فيما نستوحيه من بعض آياته، يريد أن يكون كتاب الدين المتحرِّك، كتاب الحركة الجديد، كان يرافق الحركة، ويطلق الآية في حركة الواقع.. كان الحديث يتحرّك، وكان القرآن يرافقه، كانت المعركة تنطلق من خلال الإشارة القرآنية، وكان القرآن يتحرّك في وسط المعركة، ثمّ يأتي بعد ذلك ليقيِّم المعركة، كما نقرأ في "معركة أُحُد"، حيث إِنّ الآيات التي نزلت بعد هذه المعركة، لو درسناها دراسة جيّدة، لرأيناها تتحدّث عن السلبيات التي كانت تعيش في داخل المعركة لينتبه إليها المسلمون في المستقبل، وتتحدّث عن الإيجابيات التي كانت في داخل المعركة، ليعمل المسلمون على الاستزادة منها في المستقبل..

وهكذا رأينا في الآيات التي تتحدَّث عن "معركة بدر" أنَّها كانت تُقيّم المعركة، وتُقيّم المسلمين، وذلك بإثارتها لنقاط ضعفهم، ولنقاط قوّتهم، وفي الحديث عن جانب الغيب، كيف كان يتحرَّك من أجل أن يعطي قوّةً معنويّة للمقاتلين، وكذلك في الحديث عن بقيّة الجوانب.

وهكذا نجد أنَّ القرآن الكريم، كان يواجه الواقع المنحرف ليؤكِّد القيمة الأخلاقيّة من خلال حركة الواقع، كوسيلةٍ من وسائل جعل القيمة الأخلاقيّة أو الروحيّة تتحرَّك من موقع الواقع.. وهذا المعنى هو الذي نستطيع تمثّله في أكثر آيات القرآن الذي نزل من أجل أن يلاحق التجربة ليوجّهها، ولينقدها، وليعطيها القوَّة.. ونحن إذ نتحدَّث عن التجربة، نتحدَّث عن تجربة المسلمين، وليس عن القرآن، لأنّه ليس كتاب تجربة يُخطئ ويُصيب، ولكنَّه كتاب الله، حيث كان يلاحق التجربة الإسلاميّة فيما تخطئ به أو تصيب ليقوِّمها، وليدعو المسلمين إلى أخذ العبرة منها، وإلى محاولة دراستها بشكلٍ أساس.

إذاً، القرآن الكريم، كتاب الدعوة، وكتاب الحركة، وكتاب الدّين، ولذلك، يجب ألّا نفهم القرآن بطريقة تجريدية، كما لو كان كتاباً يطرحُ فكراً مجرّداً ككلّ الكتب التي تطرح فكراً مجرَّداً، بل هو كتاب حركي ـــ إذا صحّ التعبير ـــ حتّى في الجانب العقيدي، فنحن نعرف أنّ القرآن عندما يطرح العقيدة، فإنّه لا يطرحها بالطريقة الفلسفية، وإنّما يطرحها بطريقة تشعرُ فيها بأنّ الواقع يتحرَّك مع الفكر، وأنَّ الأحاسيس الذاتيّة، وطبيعة التجارب التي يعيش الإنسان فيها، تتجمّع كلُّها، وتجعل من العقيدة شيئاً يتحرّك من خلال حركة الحياة في داخل الإنسان، وفيما يُحيط به..

وعلى هذا الأساس، نستطيع القول: إنَّ القرآن لا يمكن أن يُفهم إلّا من خلال التجربة الإسلامية الشاملة، ومن خلال الحركة الإسلامية العامّة.. وعندما نعتبر أنَّ القرآن كان يتحرَّك في ساحات الجهاد، فمن الطبيعي أنّنا لا نستطيع فهمَ عمقِ معانيه إلّا من خلال تمثّلنا لحركة الجهاد في واقعنا العمليّ.

لهذا نقول: إنَّ القرآن لا يفهمه جيّداً إلّا الحركيّون والإسلاميون الذين يتطلَّعون إلى الساحة من خلال الوعي الحركي للإسلام، والوعي الحركي للقرآن، والوعي الحركي للتجربة الإسلاميّة. ومن هنا، فإنّ المجتمع المسترخي لا يستطيع أن يفهم القرآن، بل ربّما استطاع أن يجمِّد القرآن، وأن يبعث فيه بعض ملامح التخلُّف، من خلال أنَّ الإنسان يتمثّل النصّ انطلاقاً من تجربته، ولا يحاول أن يجعل تجربة النصّ أساساً لتقييم التجربة في حياته.

إنَّنا نحتاج إلى أن نثير الواقع الحركيّ الإسلاميّ في كلّ موقعٍ من مواقع الصراع الفكري والسياسي والاجتماعي والجهادي، لنجعل القرآن يتحرّك في الساحة. وعلى هذا الأساس، فنحن نحتاجُ في حركتنا الجهادية، أو حركتنا الإسلاميّة الشاملة، إلى أن نرجع إلى الآيات القرآنيّة لنرى كيف تحرَّكت مع الحالات المماثلة، فنحاول أنْ نثير الآيات القرآنيّة والنصّ القرآني في مواجهة أيّ حالة انحراف، أو في أيّ حالة اهتزاز، لنأتي بالآية التي تعالجُ حالةً مماثلة من الاهتزاز في عهد الدّعوة الأول، وهكذا يتحرَّك القرآن معنا كما تحرَّك مع المسلمين الأوائل، ليكون لنا الكتاب الذي يلاحق التجربة وينقدها ويقيِّمها، ويركّز من خلالها الخطّ المستقيم للتحرُّك في الحاضر والمستقبل.

* من كتاب "للإنسان والحياة".

إنَّ القرآن الكريم فيما نستوحيه من بعض آياته، يريد أن يكون كتاب الدين المتحرِّك، كتاب الحركة الجديد، كان يرافق الحركة، ويطلق الآية في حركة الواقع.. كان الحديث يتحرّك، وكان القرآن يرافقه، كانت المعركة تنطلق من خلال الإشارة القرآنية، وكان القرآن يتحرّك في وسط المعركة، ثمّ يأتي بعد ذلك ليقيِّم المعركة، كما نقرأ في "معركة أُحُد"، حيث إِنّ الآيات التي نزلت بعد هذه المعركة، لو درسناها دراسة جيّدة، لرأيناها تتحدّث عن السلبيات التي كانت تعيش في داخل المعركة لينتبه إليها المسلمون في المستقبل، وتتحدّث عن الإيجابيات التي كانت في داخل المعركة، ليعمل المسلمون على الاستزادة منها في المستقبل..

وهكذا رأينا في الآيات التي تتحدَّث عن "معركة بدر" أنَّها كانت تُقيّم المعركة، وتُقيّم المسلمين، وذلك بإثارتها لنقاط ضعفهم، ولنقاط قوّتهم، وفي الحديث عن جانب الغيب، كيف كان يتحرَّك من أجل أن يعطي قوّةً معنويّة للمقاتلين، وكذلك في الحديث عن بقيّة الجوانب.

وهكذا نجد أنَّ القرآن الكريم، كان يواجه الواقع المنحرف ليؤكِّد القيمة الأخلاقيّة من خلال حركة الواقع، كوسيلةٍ من وسائل جعل القيمة الأخلاقيّة أو الروحيّة تتحرَّك من موقع الواقع.. وهذا المعنى هو الذي نستطيع تمثّله في أكثر آيات القرآن الذي نزل من أجل أن يلاحق التجربة ليوجّهها، ولينقدها، وليعطيها القوَّة.. ونحن إذ نتحدَّث عن التجربة، نتحدَّث عن تجربة المسلمين، وليس عن القرآن، لأنّه ليس كتاب تجربة يُخطئ ويُصيب، ولكنَّه كتاب الله، حيث كان يلاحق التجربة الإسلاميّة فيما تخطئ به أو تصيب ليقوِّمها، وليدعو المسلمين إلى أخذ العبرة منها، وإلى محاولة دراستها بشكلٍ أساس.

إذاً، القرآن الكريم، كتاب الدعوة، وكتاب الحركة، وكتاب الدّين، ولذلك، يجب ألّا نفهم القرآن بطريقة تجريدية، كما لو كان كتاباً يطرحُ فكراً مجرّداً ككلّ الكتب التي تطرح فكراً مجرَّداً، بل هو كتاب حركي ـــ إذا صحّ التعبير ـــ حتّى في الجانب العقيدي، فنحن نعرف أنّ القرآن عندما يطرح العقيدة، فإنّه لا يطرحها بالطريقة الفلسفية، وإنّما يطرحها بطريقة تشعرُ فيها بأنّ الواقع يتحرَّك مع الفكر، وأنَّ الأحاسيس الذاتيّة، وطبيعة التجارب التي يعيش الإنسان فيها، تتجمّع كلُّها، وتجعل من العقيدة شيئاً يتحرّك من خلال حركة الحياة في داخل الإنسان، وفيما يُحيط به..

وعلى هذا الأساس، نستطيع القول: إنَّ القرآن لا يمكن أن يُفهم إلّا من خلال التجربة الإسلامية الشاملة، ومن خلال الحركة الإسلامية العامّة.. وعندما نعتبر أنَّ القرآن كان يتحرَّك في ساحات الجهاد، فمن الطبيعي أنّنا لا نستطيع فهمَ عمقِ معانيه إلّا من خلال تمثّلنا لحركة الجهاد في واقعنا العمليّ.

لهذا نقول: إنَّ القرآن لا يفهمه جيّداً إلّا الحركيّون والإسلاميون الذين يتطلَّعون إلى الساحة من خلال الوعي الحركي للإسلام، والوعي الحركي للقرآن، والوعي الحركي للتجربة الإسلاميّة. ومن هنا، فإنّ المجتمع المسترخي لا يستطيع أن يفهم القرآن، بل ربّما استطاع أن يجمِّد القرآن، وأن يبعث فيه بعض ملامح التخلُّف، من خلال أنَّ الإنسان يتمثّل النصّ انطلاقاً من تجربته، ولا يحاول أن يجعل تجربة النصّ أساساً لتقييم التجربة في حياته.

إنَّنا نحتاج إلى أن نثير الواقع الحركيّ الإسلاميّ في كلّ موقعٍ من مواقع الصراع الفكري والسياسي والاجتماعي والجهادي، لنجعل القرآن يتحرّك في الساحة. وعلى هذا الأساس، فنحن نحتاجُ في حركتنا الجهادية، أو حركتنا الإسلاميّة الشاملة، إلى أن نرجع إلى الآيات القرآنيّة لنرى كيف تحرَّكت مع الحالات المماثلة، فنحاول أنْ نثير الآيات القرآنيّة والنصّ القرآني في مواجهة أيّ حالة انحراف، أو في أيّ حالة اهتزاز، لنأتي بالآية التي تعالجُ حالةً مماثلة من الاهتزاز في عهد الدّعوة الأول، وهكذا يتحرَّك القرآن معنا كما تحرَّك مع المسلمين الأوائل، ليكون لنا الكتاب الذي يلاحق التجربة وينقدها ويقيِّمها، ويركّز من خلالها الخطّ المستقيم للتحرُّك في الحاضر والمستقبل.

* من كتاب "للإنسان والحياة".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية