كتابات
05/10/2021

أفضل الرّزق من الله

أفضل الرّزق من الله
[يقول الإمام زين العابدين (ع) في دعاء مكارم الأخلاق:]

"اللّهُمَّ صلِّ على محَمَّدٍ وآلِهِ، وارْزُقْني صحّةً في عبادةٍ، وفَرَاغاً في زَهادةٍ، وعِلْماً في اسْتِعْمالٍ، وورَعاً في إجْمالٍ".

اللّهمّ إني أسألك الصحة في جسدي وعقلي، ولكني لا أريدها للّهو والعبث والمعصية لأوامرك ونواهيك والانحراف عن خطّك المستقيم، فتكون مشكلةً لي على مستوى الواقع والمصير، باعتبارها وسيلةً من وسائل القوة السلبيّة في دائرة إنسانيّتي المتطلّعة إليك، بل أريدها لعبادتك الخاشعة في خطّ الإخلاص لك، فتكون أداةً من أدوات الارتفاع إليك، ومنطلقاً من منطلقات القرب منك، وطاقة حيويّة لتحريكها في دائرة عبوديّتي لك.

وأسألك أن تجعل الفراغ العمليّ الّذي قد تحتويه بعض مراحل حياتي، فراغاً لا تستهلكه الشهوات المحرّمة، ولا تسيطر عليه الأجواء العابثة، ولا تحرّكه الانحرافات الخاطئة، بل يكون فراغاً يدفع إلى التفكير في خطةٍ جديدة لطاعة جديدة، وخطٍّ عمليّ متحرّك في اتجاه الأهداف الكبيرة، وحركة للراحة النفسيّة والجسديّة التي تأخذ بأسباب اللّهو البريء الذي لا يجعل الحياة لهواً كلّها، أو بألوان اللذّة المحلّلة التي لا تستغرق الإنسان في أحاسيسها الحلوة التي يغفل بها عن واجباته ومسؤوليّاته لتمتدّ به الشهوة إلى ما لا يرضى به الله.

اجعل فراغي فراغ زهادةٍ تملك فيه نفسي كلّ القوّة لضبط انفعالاتها الذاتية، وتحديد حركتها العملية، وينطلق فيه العقل ليسيطر على مواقع الإنسان في كلّ مفردات حياته الخاصّة والعامّة، وذلك من خلال مفهوم الزهد الذي يختزن في داخله القوّة الإراديّة التي تمنع من الاهتزاز في دائرة الانحراف، والوعي العملي للخطوط المستقيمة والمنحرفة في النتائج الإيجابيّة والسلبيّة على مستوى المصير.

اللّهمّ ارزقني علماً واسعاً عميقاً ممتدّاً في كلّ آفاق المعرفة في رحاب الكون كله، والإنسان كله، وفي منطلقات الغيب الذي ينفتح على آفاق معرفة الله، من خلال حركة العقل ومضمون الوحي، ولكنّي لا أريده علماً تجريدياً يحلّق في الفراغ ليكون مجرّد فكر يطوف في العقل، ومعرفةٍ تنير الوعي، بعيداً من الواقع العملي الذي تتحرك به حياتي، بل أريده علماً منفتحاً على الحياة كلّها، ومتحركاً في خطّ المسؤوليّة التي حمّلتني إياها في إدارة نفسي على النهج الّذي وضعته للإنسان في وحيك، وفي إدارة الحياة في ساحتي وساحة النّاس من حولي، ليكون العمل مرادفاً للعلم، لأنّ العلم ليس قيمةً في ذاته، بل هو القيمة في خطّ التّغيير العملي للواقع في اتجاه الأفضل، كما جاء عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع): "إذا علمتُم، فاعملوا بما علمتم لعلّكم تهتدون" . وعن الإمام عليّ بن الحسين (ع) أنه قال: "مكتوب في الإنجيل: لا تطلبوا علم ما لا تعملون ولمّا تعملوا بما علمتم، فإنّ العلم إذا لم يُعمل به، لم يزدد صاحبه إلا كفراً، ولم يزدد من الله إلا بُعداً" .

وفي ضوء ذلك، لا بدّ للعلم أن يكون في مضمونه الفكري عملياً في دائرته الطبيعيّة، فلا يكون شيئاً لا غناء له على مستوى النتائج العمليّة، كما هو الحال في العلم الذي لا ينفع من علمه ولا يضرّ من جهله، فهو مجرد حشوٍ للفكر بالمعلومات التي لا نتيجة لها.

اللّهمّ ارزقني الورع عن الحرام، حتى أقف عند حدودك التي أردت لعبادك أن يقفوا عندها، فلا يتجاوزوها إلى المناطق المحرَّمة التي أبعدتهم عنها، لما فيها من فسادٍ لأنفسهم وللحياة من حولهم، وأعطني الإرادة الواعية التي تمنحني الثّبات في مواقف الاهتزاز الشيطاني التي تزلّ فيها الأقدام، وهب لي الوعي الشرعيّ الذي يعرّفني مواقع الشبهات التي تقترب بي من الحرام، فتثير في نفسي التهاويل في حركتي نحو الالتزام، لتدفع بي إلى الانحراف عن خطّ الاستقامة.

واجعلني ممن يقف في خطّ الاعتدال والتوازن في ذلك كلّه، حتى لا أقع في الوسواس الذهني والعملي، الذي يحوّل الورع الروحيّ إلى وسوسةٍ عمليّةٍ تحرّكني في دائرة الأوهام الخياليّة، فلا أستقرّ عند يقين، ولا أسكن إلى طمأنينةٍ، ولا أقف في أموري على إشراقةٍ من نور.

ارزقني ـ يا ربّ ـ الورع الذي يدفعني إلى أن أخافك مخافة الصّالحين، وألتزم بحدودك التزام الخائفين، وأتحرّك في طريقك في خطّ المتّقين، لأكون إنسان الإيمان الذي ينفتح على إرادتك في أمرك ونهيك، انفتاح الحقّ الذي لا يقترب الباطل منه، والاستقامة التي لا مجال للانحراف معها، والتّوازن الذي لا اختلال في مواقعه، والاطمئنان الّذي لا وسوسة فيه، حتى أنفتح على الحلال في ما وسعت عليّ، بالمستوى الذي أنغلق فيه عن الحرام، فلا يختلط عليّ الأمر بالدّرجة التي تفسد حياتي وحياة الناس من حولي، في دائرة التحجّر والتزمّت والبعد عن الاتّزان العملي.

*من كتاب "في رحاب دعاء مكارم الأخلاق".

[يقول الإمام زين العابدين (ع) في دعاء مكارم الأخلاق:]

"اللّهُمَّ صلِّ على محَمَّدٍ وآلِهِ، وارْزُقْني صحّةً في عبادةٍ، وفَرَاغاً في زَهادةٍ، وعِلْماً في اسْتِعْمالٍ، وورَعاً في إجْمالٍ".

اللّهمّ إني أسألك الصحة في جسدي وعقلي، ولكني لا أريدها للّهو والعبث والمعصية لأوامرك ونواهيك والانحراف عن خطّك المستقيم، فتكون مشكلةً لي على مستوى الواقع والمصير، باعتبارها وسيلةً من وسائل القوة السلبيّة في دائرة إنسانيّتي المتطلّعة إليك، بل أريدها لعبادتك الخاشعة في خطّ الإخلاص لك، فتكون أداةً من أدوات الارتفاع إليك، ومنطلقاً من منطلقات القرب منك، وطاقة حيويّة لتحريكها في دائرة عبوديّتي لك.

وأسألك أن تجعل الفراغ العمليّ الّذي قد تحتويه بعض مراحل حياتي، فراغاً لا تستهلكه الشهوات المحرّمة، ولا تسيطر عليه الأجواء العابثة، ولا تحرّكه الانحرافات الخاطئة، بل يكون فراغاً يدفع إلى التفكير في خطةٍ جديدة لطاعة جديدة، وخطٍّ عمليّ متحرّك في اتجاه الأهداف الكبيرة، وحركة للراحة النفسيّة والجسديّة التي تأخذ بأسباب اللّهو البريء الذي لا يجعل الحياة لهواً كلّها، أو بألوان اللذّة المحلّلة التي لا تستغرق الإنسان في أحاسيسها الحلوة التي يغفل بها عن واجباته ومسؤوليّاته لتمتدّ به الشهوة إلى ما لا يرضى به الله.

اجعل فراغي فراغ زهادةٍ تملك فيه نفسي كلّ القوّة لضبط انفعالاتها الذاتية، وتحديد حركتها العملية، وينطلق فيه العقل ليسيطر على مواقع الإنسان في كلّ مفردات حياته الخاصّة والعامّة، وذلك من خلال مفهوم الزهد الذي يختزن في داخله القوّة الإراديّة التي تمنع من الاهتزاز في دائرة الانحراف، والوعي العملي للخطوط المستقيمة والمنحرفة في النتائج الإيجابيّة والسلبيّة على مستوى المصير.

اللّهمّ ارزقني علماً واسعاً عميقاً ممتدّاً في كلّ آفاق المعرفة في رحاب الكون كله، والإنسان كله، وفي منطلقات الغيب الذي ينفتح على آفاق معرفة الله، من خلال حركة العقل ومضمون الوحي، ولكنّي لا أريده علماً تجريدياً يحلّق في الفراغ ليكون مجرّد فكر يطوف في العقل، ومعرفةٍ تنير الوعي، بعيداً من الواقع العملي الذي تتحرك به حياتي، بل أريده علماً منفتحاً على الحياة كلّها، ومتحركاً في خطّ المسؤوليّة التي حمّلتني إياها في إدارة نفسي على النهج الّذي وضعته للإنسان في وحيك، وفي إدارة الحياة في ساحتي وساحة النّاس من حولي، ليكون العمل مرادفاً للعلم، لأنّ العلم ليس قيمةً في ذاته، بل هو القيمة في خطّ التّغيير العملي للواقع في اتجاه الأفضل، كما جاء عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع): "إذا علمتُم، فاعملوا بما علمتم لعلّكم تهتدون" . وعن الإمام عليّ بن الحسين (ع) أنه قال: "مكتوب في الإنجيل: لا تطلبوا علم ما لا تعملون ولمّا تعملوا بما علمتم، فإنّ العلم إذا لم يُعمل به، لم يزدد صاحبه إلا كفراً، ولم يزدد من الله إلا بُعداً" .

وفي ضوء ذلك، لا بدّ للعلم أن يكون في مضمونه الفكري عملياً في دائرته الطبيعيّة، فلا يكون شيئاً لا غناء له على مستوى النتائج العمليّة، كما هو الحال في العلم الذي لا ينفع من علمه ولا يضرّ من جهله، فهو مجرد حشوٍ للفكر بالمعلومات التي لا نتيجة لها.

اللّهمّ ارزقني الورع عن الحرام، حتى أقف عند حدودك التي أردت لعبادك أن يقفوا عندها، فلا يتجاوزوها إلى المناطق المحرَّمة التي أبعدتهم عنها، لما فيها من فسادٍ لأنفسهم وللحياة من حولهم، وأعطني الإرادة الواعية التي تمنحني الثّبات في مواقف الاهتزاز الشيطاني التي تزلّ فيها الأقدام، وهب لي الوعي الشرعيّ الذي يعرّفني مواقع الشبهات التي تقترب بي من الحرام، فتثير في نفسي التهاويل في حركتي نحو الالتزام، لتدفع بي إلى الانحراف عن خطّ الاستقامة.

واجعلني ممن يقف في خطّ الاعتدال والتوازن في ذلك كلّه، حتى لا أقع في الوسواس الذهني والعملي، الذي يحوّل الورع الروحيّ إلى وسوسةٍ عمليّةٍ تحرّكني في دائرة الأوهام الخياليّة، فلا أستقرّ عند يقين، ولا أسكن إلى طمأنينةٍ، ولا أقف في أموري على إشراقةٍ من نور.

ارزقني ـ يا ربّ ـ الورع الذي يدفعني إلى أن أخافك مخافة الصّالحين، وألتزم بحدودك التزام الخائفين، وأتحرّك في طريقك في خطّ المتّقين، لأكون إنسان الإيمان الذي ينفتح على إرادتك في أمرك ونهيك، انفتاح الحقّ الذي لا يقترب الباطل منه، والاستقامة التي لا مجال للانحراف معها، والتّوازن الذي لا اختلال في مواقعه، والاطمئنان الّذي لا وسوسة فيه، حتى أنفتح على الحلال في ما وسعت عليّ، بالمستوى الذي أنغلق فيه عن الحرام، فلا يختلط عليّ الأمر بالدّرجة التي تفسد حياتي وحياة الناس من حولي، في دائرة التحجّر والتزمّت والبعد عن الاتّزان العملي.

*من كتاب "في رحاب دعاء مكارم الأخلاق".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية