كتابات
23/09/2021

التحرّرُ من الخوفِ أمامَ القوى الطّاغية

التحرّرُ من الخوفِ أمامَ القوى الطّاغية

إنّ عنصر التحرّر من الخوف من القوى الأخرى التي يواجهها الإنسان في حياته، سواءٌ فيها القوى البشريّة الطاغية التي تهدّد الإنسان في رزقه وفي حياته، أو القوى الطبيعيّة التي تواجه الإنسان بالرّعب إزاء ما تثيره من متاعب ومن مصاعب تهدّم كلّ ما بناه من أعمال، وما خطّط له من مشاريع زراعية أو صناعية أو غير ذلك من شؤون الحياة، أمّا هذا العنصر، فقد واجهه القرآن مواجهة حاسمة تستند إلى تحليل عناصر الخوف، باستقراء مصادرها ومواردها وطاقاتها، فيما تملكه وفيما لا تملكه.

فكانت الخطّة العمليّة، هي تفريغ الإنسان من كلّ إحساس بالقوّة الساحقة التي يملكها الآخرون، وكلّ شعور بالخوف والرّعب من كلّ قوّة غير قوّة الله، سواء أكانت قوّةً بشريّة؛ وذلك بإرجاع أمور الحياة كلّها إلى الله، باعتباره خالق الحياة، وتصوير القوى الأخرى بصورتها الواقعيّة التي تتكشّف فيها كائناتٍ لا تملك لنفسها ولا لغيرها ضرّاً ولا نفعاً... فليست القوّة التي تملكها إلّا قوّة طارئة محدودة قابلة للزوال في أيّ وقت، فيمكن للإنسان أن يقاومها بقوّته الذاتية أو يستعين عليها بقوّة الله، وبالتالي، يشعر بالتخلّص من عقدة الشّعور بالخوف المرعب إزاءها، والضعف الساحق أمامها.

وسنجد فيما نقرأه من آيات في هذا الجانب، أنّ الأسلوب القرآني يتّجه إلى إثارة القوّة الذاتية في الإنسان تحت رعاية الله، وإلى تعرية القوى الأخرى من سيطرة القوّة وشمولها، لينطلق الإنسان في قضايا الصّراع بشكل طبيعي لا يلغي إرادته، ولا يضعف روحه، أو يشلّ حياته.

ففي المواجهة التي يلتقي فيها الإنسان بالقوى البشريّة التي تتجمّع ضدّ أنصار الحقّ ودعاته، لتهاجمهم، ولترسل ـــ أمامها ـــ الرسل الذين يحذِّرون ويخوّفون ويدعون إلى التراجع والانسحاب من المعركة، ليوفّروا على أنفسهم الهزيمة السّاحقة في المعركة التي يفقد فيها الموقف عنصر التكافؤ في القوى، يأتي القرآن الكريم ليطرح وحي الله في الموقف، فقد قال الله تعالى:

{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}[آل عمران: 173 ــ 175].

إنّها الصورة المشرقة التي يعرضها القرآن للمؤمنين الذين واجهوا التخويف بالقوّة العدديّة لخصومهم، ليتركوا ما هم فيه من دعوة الله، ويسيروا مع دعوة الشّيطان، فوقفوا موقفاً صلباً عنيفاً مستنداً إلى الإيمان الذي يتزايد وينمو أمام حالات التحدّي والمواجهة، لتعاظم الشعور بالمسؤوليّة إزاء الكثرة الضالّة المخدوعة، وأعلنوا للمحذّرين والمخوّفين والمخذّلين، بأنّهم سيواجهون التحدّي بقوّتهم المستمدّة من قوّة الله المطلقة، فإذا كانت الجموع الحاشدة تقف مع دعاة الباطل لتسندهم وتدعمهم وتدافع عنهم، فإنَّ الله يكفي دعاة الحقّ، في القوّة والدعم والدّفاع عنهم.

وهكذا التجأوا إلى الإيمان بالله ليأخذوا منه القوّة على الصّمود في الموقف، ومواجهة هؤلاء كلّهم ـــ فانتصروا عليهم، وكانت الغلبة لهم، ورجعوا إلى قواعدهم سالمين بنعمة الله وفضله، لم يمسسهم سوء والله ذو فضلٍ عظيم، لا يمنع أحداً من فضله، ولا يبخل على أحد بنعمه.

وتنتهي هذه الآيات، بالقاعدة الإيمانيّة العامّة للمؤمنين، في كلّ حالة من حالات التخويف وحرب الأعصاب، بأنّها من تسويلات الشيطان وتهويلاته التي لا يستجيب لها إلّا أتباعه. أمّا المؤمنون، فإنّهم يخافون الله، ولا يخافون غيره مهما بلغت قوّته، لأنّه القوّة الوحيدة التي تخيف، ولذلك يريد الله منهم أن يلتزموا بهذا الخطّ، كما التزم هؤلاء المؤمنون الّذين واجهوا التحدّي والصّمود فكان لهم ما أرادوا من خير، عندما نفّذوا ما أراده الله لهم من صمود في الموقف.

* من كتاب "الإسلام ومنطق القوّة".

إنّ عنصر التحرّر من الخوف من القوى الأخرى التي يواجهها الإنسان في حياته، سواءٌ فيها القوى البشريّة الطاغية التي تهدّد الإنسان في رزقه وفي حياته، أو القوى الطبيعيّة التي تواجه الإنسان بالرّعب إزاء ما تثيره من متاعب ومن مصاعب تهدّم كلّ ما بناه من أعمال، وما خطّط له من مشاريع زراعية أو صناعية أو غير ذلك من شؤون الحياة، أمّا هذا العنصر، فقد واجهه القرآن مواجهة حاسمة تستند إلى تحليل عناصر الخوف، باستقراء مصادرها ومواردها وطاقاتها، فيما تملكه وفيما لا تملكه.

فكانت الخطّة العمليّة، هي تفريغ الإنسان من كلّ إحساس بالقوّة الساحقة التي يملكها الآخرون، وكلّ شعور بالخوف والرّعب من كلّ قوّة غير قوّة الله، سواء أكانت قوّةً بشريّة؛ وذلك بإرجاع أمور الحياة كلّها إلى الله، باعتباره خالق الحياة، وتصوير القوى الأخرى بصورتها الواقعيّة التي تتكشّف فيها كائناتٍ لا تملك لنفسها ولا لغيرها ضرّاً ولا نفعاً... فليست القوّة التي تملكها إلّا قوّة طارئة محدودة قابلة للزوال في أيّ وقت، فيمكن للإنسان أن يقاومها بقوّته الذاتية أو يستعين عليها بقوّة الله، وبالتالي، يشعر بالتخلّص من عقدة الشّعور بالخوف المرعب إزاءها، والضعف الساحق أمامها.

وسنجد فيما نقرأه من آيات في هذا الجانب، أنّ الأسلوب القرآني يتّجه إلى إثارة القوّة الذاتية في الإنسان تحت رعاية الله، وإلى تعرية القوى الأخرى من سيطرة القوّة وشمولها، لينطلق الإنسان في قضايا الصّراع بشكل طبيعي لا يلغي إرادته، ولا يضعف روحه، أو يشلّ حياته.

ففي المواجهة التي يلتقي فيها الإنسان بالقوى البشريّة التي تتجمّع ضدّ أنصار الحقّ ودعاته، لتهاجمهم، ولترسل ـــ أمامها ـــ الرسل الذين يحذِّرون ويخوّفون ويدعون إلى التراجع والانسحاب من المعركة، ليوفّروا على أنفسهم الهزيمة السّاحقة في المعركة التي يفقد فيها الموقف عنصر التكافؤ في القوى، يأتي القرآن الكريم ليطرح وحي الله في الموقف، فقد قال الله تعالى:

{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}[آل عمران: 173 ــ 175].

إنّها الصورة المشرقة التي يعرضها القرآن للمؤمنين الذين واجهوا التخويف بالقوّة العدديّة لخصومهم، ليتركوا ما هم فيه من دعوة الله، ويسيروا مع دعوة الشّيطان، فوقفوا موقفاً صلباً عنيفاً مستنداً إلى الإيمان الذي يتزايد وينمو أمام حالات التحدّي والمواجهة، لتعاظم الشعور بالمسؤوليّة إزاء الكثرة الضالّة المخدوعة، وأعلنوا للمحذّرين والمخوّفين والمخذّلين، بأنّهم سيواجهون التحدّي بقوّتهم المستمدّة من قوّة الله المطلقة، فإذا كانت الجموع الحاشدة تقف مع دعاة الباطل لتسندهم وتدعمهم وتدافع عنهم، فإنَّ الله يكفي دعاة الحقّ، في القوّة والدعم والدّفاع عنهم.

وهكذا التجأوا إلى الإيمان بالله ليأخذوا منه القوّة على الصّمود في الموقف، ومواجهة هؤلاء كلّهم ـــ فانتصروا عليهم، وكانت الغلبة لهم، ورجعوا إلى قواعدهم سالمين بنعمة الله وفضله، لم يمسسهم سوء والله ذو فضلٍ عظيم، لا يمنع أحداً من فضله، ولا يبخل على أحد بنعمه.

وتنتهي هذه الآيات، بالقاعدة الإيمانيّة العامّة للمؤمنين، في كلّ حالة من حالات التخويف وحرب الأعصاب، بأنّها من تسويلات الشيطان وتهويلاته التي لا يستجيب لها إلّا أتباعه. أمّا المؤمنون، فإنّهم يخافون الله، ولا يخافون غيره مهما بلغت قوّته، لأنّه القوّة الوحيدة التي تخيف، ولذلك يريد الله منهم أن يلتزموا بهذا الخطّ، كما التزم هؤلاء المؤمنون الّذين واجهوا التحدّي والصّمود فكان لهم ما أرادوا من خير، عندما نفّذوا ما أراده الله لهم من صمود في الموقف.

* من كتاب "الإسلام ومنطق القوّة".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية