كتابات
15/09/2021

الكثرةُ العدديّةُ وعلاقتُها بالقوَّةِ والنَّصرِ!

الكثرةُ العدديّةُ وعلاقتُها بالقوَّةِ والنَّصرِ!

قد يظنّ البعض أنَّ القوّة العدديّة لأيِّ أمّة من الأمم، تمثّل قيمة كبيرة في حساب القوّة بين الأُمم الأخرى، بما تثيره في نفوس الآخرين من شعور بالرهبة والعظمة، وفي نفوس أصحابها من إحساس بالقوّة، وبما تهيّئه للمعركة من طاقات هائلة تفرض لها النّصر، أو تجعل الخسارة ـــ إنْ حدثت ـــ غير ذات بال، لأنَّ الرّصيد الباقي من العدد الكبير لن يكون قليلاً، مهما كبر حجم الخسائر البشريّة في المعركة.

وعلى ضوء هذا المفهوم، يفسّر هؤلاء الحديث النبويّ الشّريف الذي يدعو الأمّة إلى التّوالد والتّكاثر، لتكون في مركز القوَّة بين الأمم.

فقد ورد في الحديث عن الإمام جعفر الصّادق (ع)، أنّ رسول الله (ص) قال: "تزوّجوا فإنّي مكاثر بكم الأمم غداً في القيامة، حتى إنّ السقط يجيء مُحَبنطِئاً على باب الجنّة، فيقال له: ادخل الجنّة، فيقول: لا، حتى يدخل أبواي قبلي"(1).

قد فهم هؤلاء ـــ من هذا الحديث ـــ الدعوة النبويّة إلى التكاثر العدديّ باعتباره عنصراً حيوياً من عناصر التمايز بين الأمم، وقيمة كبيرة من القِيَم الذاتيّة للأُمّة.

ولكنّ القضيّة ليست كما يبدو لهؤلاء ـــ فيما نظنّ ـــ فإنّ الكثرة ـــ بطبيعتها ـــ ليست أساساً للقوَّة ما لم تتوافر فيها العناصر الأخرى التي تنظّم طاقاتها وتوجّهها وتحيطها بالعوامل الحيويّة التي تضيف إليها عنصر "النوعيّة" إلى جانب ما تحمله من ضخامة "الكميّة"، لأنّ واقع الحياة هو الذي يفرض ذلك، انطلاقاً من طبيعة الأشياء التي ترفض نظريّة العامل الواحد في أيّ ظاهرة من ظواهر الواقع، فلا بدَّ من توفّر عوامل عديدة حتى تكتمل الظّاهرة وتعطي نتائجها الكبيرة في الحياة، فيما تعطيه من قوّة، أو تحقّقه من توازن.

وإذا اقتربنا من الواقع، لنضع النقاط على الحروف، فقد نواجه الكثرة كعامل ضعف، فيما إذا لم تتوفّر لها القوى الماديّة التي تمدّها بالغذاء الذي يقيم لها حياتها، وبالسّلاح الذي يدفع عنها كيد الأعداء، وبالصّناعة التي تحقّق لها الاكتفاء الذاتيّ في الموادّ الاستهلاكيّة وغيرها، كما نشاهده في بعض الشعوب الأفريقيّة والآسيويّة، كالهند، التي تفتك بها المجاعات والأزمات الاقتصادية الخانقة، كنتيجة للكثرة العدديّة التي لا تتلاءَمُ مع القوى المادية التي تحتاجها في استمرارها مع الحياة، سواء كان السّبب في ذلك انعدام التنظيم الدقيق لهذه القوى، أو سوء الاستغلال الجشع من قِبَل السلطة المسيطرة، أو ظروف القحط والجفاف التي تفتك بالبلاد، أو غير ذلك من الأسباب التي تجعل الأمّة تلهث جرياً وراء الغذاء، لتجعل الميزانية كلّها تصبّ في ذلك، ولتمدّ يديها إلى الآخرين، الذين يستغلّون حاجتها إليهم للإجهاز عليها وعلى عزّتها وكرامتها، بالأساليب الاستعمارية الظاهرة والخفيّة.

إنّنا لن نذهب بعيداً مع الفئات التي تعتبر الكثرة ضدّ القيمة، إلى المستوى الذي يجعل الأمّة تضمر وتتقلّص حتى تفقد طاقتها على البقاء والاستمرار... إنّ كل ما نريد الإشارة إليه، أنّ أيّ كمية، في أيّ جانب من الجوانب الحياتيّة، لا تمثّل أيّ قيمة، في أيّ مستوى من المستويات، ما لم نضف إليها "النوعيّة" و"الكيف" الّذي يجعل منها عنصر قوّة بدلاً من أن يكون عنصر ضعف، وعامل نظام بدلاً من أنْ يتحوَّل إلى عامل فوضى.

*من كتاب "الإسلام ومنطق القوّة".

قد يظنّ البعض أنَّ القوّة العدديّة لأيِّ أمّة من الأمم، تمثّل قيمة كبيرة في حساب القوّة بين الأُمم الأخرى، بما تثيره في نفوس الآخرين من شعور بالرهبة والعظمة، وفي نفوس أصحابها من إحساس بالقوّة، وبما تهيّئه للمعركة من طاقات هائلة تفرض لها النّصر، أو تجعل الخسارة ـــ إنْ حدثت ـــ غير ذات بال، لأنَّ الرّصيد الباقي من العدد الكبير لن يكون قليلاً، مهما كبر حجم الخسائر البشريّة في المعركة.

وعلى ضوء هذا المفهوم، يفسّر هؤلاء الحديث النبويّ الشّريف الذي يدعو الأمّة إلى التّوالد والتّكاثر، لتكون في مركز القوَّة بين الأمم.

فقد ورد في الحديث عن الإمام جعفر الصّادق (ع)، أنّ رسول الله (ص) قال: "تزوّجوا فإنّي مكاثر بكم الأمم غداً في القيامة، حتى إنّ السقط يجيء مُحَبنطِئاً على باب الجنّة، فيقال له: ادخل الجنّة، فيقول: لا، حتى يدخل أبواي قبلي"(1).

قد فهم هؤلاء ـــ من هذا الحديث ـــ الدعوة النبويّة إلى التكاثر العدديّ باعتباره عنصراً حيوياً من عناصر التمايز بين الأمم، وقيمة كبيرة من القِيَم الذاتيّة للأُمّة.

ولكنّ القضيّة ليست كما يبدو لهؤلاء ـــ فيما نظنّ ـــ فإنّ الكثرة ـــ بطبيعتها ـــ ليست أساساً للقوَّة ما لم تتوافر فيها العناصر الأخرى التي تنظّم طاقاتها وتوجّهها وتحيطها بالعوامل الحيويّة التي تضيف إليها عنصر "النوعيّة" إلى جانب ما تحمله من ضخامة "الكميّة"، لأنّ واقع الحياة هو الذي يفرض ذلك، انطلاقاً من طبيعة الأشياء التي ترفض نظريّة العامل الواحد في أيّ ظاهرة من ظواهر الواقع، فلا بدَّ من توفّر عوامل عديدة حتى تكتمل الظّاهرة وتعطي نتائجها الكبيرة في الحياة، فيما تعطيه من قوّة، أو تحقّقه من توازن.

وإذا اقتربنا من الواقع، لنضع النقاط على الحروف، فقد نواجه الكثرة كعامل ضعف، فيما إذا لم تتوفّر لها القوى الماديّة التي تمدّها بالغذاء الذي يقيم لها حياتها، وبالسّلاح الذي يدفع عنها كيد الأعداء، وبالصّناعة التي تحقّق لها الاكتفاء الذاتيّ في الموادّ الاستهلاكيّة وغيرها، كما نشاهده في بعض الشعوب الأفريقيّة والآسيويّة، كالهند، التي تفتك بها المجاعات والأزمات الاقتصادية الخانقة، كنتيجة للكثرة العدديّة التي لا تتلاءَمُ مع القوى المادية التي تحتاجها في استمرارها مع الحياة، سواء كان السّبب في ذلك انعدام التنظيم الدقيق لهذه القوى، أو سوء الاستغلال الجشع من قِبَل السلطة المسيطرة، أو ظروف القحط والجفاف التي تفتك بالبلاد، أو غير ذلك من الأسباب التي تجعل الأمّة تلهث جرياً وراء الغذاء، لتجعل الميزانية كلّها تصبّ في ذلك، ولتمدّ يديها إلى الآخرين، الذين يستغلّون حاجتها إليهم للإجهاز عليها وعلى عزّتها وكرامتها، بالأساليب الاستعمارية الظاهرة والخفيّة.

إنّنا لن نذهب بعيداً مع الفئات التي تعتبر الكثرة ضدّ القيمة، إلى المستوى الذي يجعل الأمّة تضمر وتتقلّص حتى تفقد طاقتها على البقاء والاستمرار... إنّ كل ما نريد الإشارة إليه، أنّ أيّ كمية، في أيّ جانب من الجوانب الحياتيّة، لا تمثّل أيّ قيمة، في أيّ مستوى من المستويات، ما لم نضف إليها "النوعيّة" و"الكيف" الّذي يجعل منها عنصر قوّة بدلاً من أن يكون عنصر ضعف، وعامل نظام بدلاً من أنْ يتحوَّل إلى عامل فوضى.

*من كتاب "الإسلام ومنطق القوّة".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية