كتابات
08/09/2021

متى يحقُّ للمسلمِ أن يكونَ على الحيادِ؟!

متى يحقُّ للمسلمِ أن يكونَ على الحيادِ؟!

هناك أشخاص يقولون دائماً: إنَّنا حياديّون، لا مع هذا ولا مع ذاك، أو يقولون: إنَّنا لا نريد أن ندخل بين السلاطين أو بين المختلفين.

المسألة في نظر الإسلام وفي نظر الإمام الّذي يستمدّ ذلك من الإسلام مختلفة: قل لنفسك مَن أنت؛ هل أنتَ مسلم، هل أنتَ مع الحقّ، هل أنت على طريق القرآن، أم أنّك كافر، وعلى طريق الشّيطان، ومائع الشخصيّة؟ {مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَـؤُلاء وَلاَ إِلَى هَـؤُلاء...}[النساء: 143]، منافق؛ تماماً كبعض النّاس الذين يقولون الطعام عند معاوية أدسم، والصلاة وراء عليّ أقوم، والجلوس على التلّ أسلم؟! مَن أنت؟ إذا كنتَ مسلماً، حاول أن تطرح على نفسك سؤالاً آخر: ما هو الإسلام؟ هل هو أن أُصلّي وأصوم وأحجّ وأُخمِّس وأُزكّي وتنتهي القصّة عند هذا الحدّ، أم أنَّ الإسلام هو الموقف في الحياة، وجهاد للكفّار وللمنافقين وللطاغين، وموقف مع الحقّ ضدّ الباطل؟ هل أنتَ تفهم الإسلام عزلة عن الحياة، أم تفهمه موقفاً في الحياة؟ إذا كنتَ مسلماً، وإذا كنت تتحرّك في خطّ الإسلام، وكنتَ ترى أنَّ الإسلام يشمل الحياة كلّها، فلا بدَّ لك أن تكون إنساناً ملتزماً، أن لا تكون حياديّاً، وأن لا تنعزل عن ساحة الصراع.

تارةً يكون الصراع بين باطلين وبين ظلمين وبين شرّين وبين كفرين، وأخرى يكون الصّراع بين حقّ وباطل، بين كفر وإيمان، بين خير وشرّ، بين عدل وظلم. في هذا المجال، إذا كان الصّراع بين كفرين وباطلين، كانت المسألة فتنة، والفتنة لا بدَّ لك أن تقف أمامها حيادياً، لتترك الباطلين يتصارعان في ما بينهما ليضعفا، ولتكون القوّة لك بعد ذلك. وإذا رأيت أنّ بعض الباطل قد يخدم أهدافك وقتاً ما أكثر من ذلك، في وقت لا تكون فيه أنتَ البديل، ادعم من يكون أقرب إلى هدفك، أو أضعِف من يكون بعيداً عن هدفك، حتّى تستطيع أن تقطع شوطاً في ذلك من دون أن تلتزم شرعية الباطل.

هذا الذي عبَّر عنه أمير المؤمنين في ما عبَّر عنه من كلمات: "كُن في الفتنة كابن اللّبون؛ لا ظهر فيركب، ولا ضرع فيحلب"(1). فابن اللّبون هو ولد النّاقة الذّكر الّذي لم يبلغ السنة الثانية من العمر، بحيث لم يقوَ لكي يُنتفع بركوبه، وهو ليس أنثى حتى تحلب منه. كن حياديّاً في الفتنة الّتي يتنازع فيها أهل الباطل ولا تنتفع منها في موقفك بشيء، كما يقول المثل الشعبي "فخَّار يكسِّر بعضه"، لأنّ الباطل يكسّر باطلاً والكفر يكسّر كفراً، إلّا إذا كان في هذا الصراع انعكاس سلبي على واقع المسلمين، عند ذلك، لا بدّ أن تدرس موقفك كيف يمكن أن تحفظ الواقع الإسلاميّ العام من خلاله.

ولكن قد تكون المسألة وجود صراع بين خطّ يحمل الحقّ وخطّ يحمل الباطل، في هذا المجال، لا بدّ أن تدقّق، لا تكن حياديّاً وتقول لا أعرف الحقّ مع مَن والباطل مع مَن: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}[النحل: 43]، اسألوا مَن يملكون العلم والأمانة في حركة العلم والوعي في السّاحة، حتى تستعينوا بهم لمعرفة الحقّ أين يكون، وخطّ الباطل أين يكون، فإذا عرفتم خطّ الحقّ فقفوا معه، وإذا عرفتم خطّ الباطل فقفوا ضدَّه؛ فإذا لم تلتزموا ذلك، فمعناه أنّكم لم تلتزموا بالإسلام، لأنَّ الله يريدكم أن تتحرَّكوا في خطِّ الحقِّ كلّه، سواء كان حقّاً في العقيدة أو في العمل، وسواء كان العمل في الواقع السياسيّ أو الاجتماعيّ أو الاقتصاديّ أو الأمني أو أيّ جانب من الجوانب الأخرى، أن تلتزم الحقّ على أساس أنَّ التزامك بالإسلام يفرض عليك ذلك، وإلّا كنتَ منحرفاً عن خطّ الحقّ.

* من كتاب "الجمعة منبر ومحراب".

[1]البحار، ج: 69، ص: 408.

هناك أشخاص يقولون دائماً: إنَّنا حياديّون، لا مع هذا ولا مع ذاك، أو يقولون: إنَّنا لا نريد أن ندخل بين السلاطين أو بين المختلفين.

المسألة في نظر الإسلام وفي نظر الإمام الّذي يستمدّ ذلك من الإسلام مختلفة: قل لنفسك مَن أنت؛ هل أنتَ مسلم، هل أنتَ مع الحقّ، هل أنت على طريق القرآن، أم أنّك كافر، وعلى طريق الشّيطان، ومائع الشخصيّة؟ {مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَـؤُلاء وَلاَ إِلَى هَـؤُلاء...}[النساء: 143]، منافق؛ تماماً كبعض النّاس الذين يقولون الطعام عند معاوية أدسم، والصلاة وراء عليّ أقوم، والجلوس على التلّ أسلم؟! مَن أنت؟ إذا كنتَ مسلماً، حاول أن تطرح على نفسك سؤالاً آخر: ما هو الإسلام؟ هل هو أن أُصلّي وأصوم وأحجّ وأُخمِّس وأُزكّي وتنتهي القصّة عند هذا الحدّ، أم أنَّ الإسلام هو الموقف في الحياة، وجهاد للكفّار وللمنافقين وللطاغين، وموقف مع الحقّ ضدّ الباطل؟ هل أنتَ تفهم الإسلام عزلة عن الحياة، أم تفهمه موقفاً في الحياة؟ إذا كنتَ مسلماً، وإذا كنت تتحرّك في خطّ الإسلام، وكنتَ ترى أنَّ الإسلام يشمل الحياة كلّها، فلا بدَّ لك أن تكون إنساناً ملتزماً، أن لا تكون حياديّاً، وأن لا تنعزل عن ساحة الصراع.

تارةً يكون الصراع بين باطلين وبين ظلمين وبين شرّين وبين كفرين، وأخرى يكون الصّراع بين حقّ وباطل، بين كفر وإيمان، بين خير وشرّ، بين عدل وظلم. في هذا المجال، إذا كان الصّراع بين كفرين وباطلين، كانت المسألة فتنة، والفتنة لا بدَّ لك أن تقف أمامها حيادياً، لتترك الباطلين يتصارعان في ما بينهما ليضعفا، ولتكون القوّة لك بعد ذلك. وإذا رأيت أنّ بعض الباطل قد يخدم أهدافك وقتاً ما أكثر من ذلك، في وقت لا تكون فيه أنتَ البديل، ادعم من يكون أقرب إلى هدفك، أو أضعِف من يكون بعيداً عن هدفك، حتّى تستطيع أن تقطع شوطاً في ذلك من دون أن تلتزم شرعية الباطل.

هذا الذي عبَّر عنه أمير المؤمنين في ما عبَّر عنه من كلمات: "كُن في الفتنة كابن اللّبون؛ لا ظهر فيركب، ولا ضرع فيحلب"(1). فابن اللّبون هو ولد النّاقة الذّكر الّذي لم يبلغ السنة الثانية من العمر، بحيث لم يقوَ لكي يُنتفع بركوبه، وهو ليس أنثى حتى تحلب منه. كن حياديّاً في الفتنة الّتي يتنازع فيها أهل الباطل ولا تنتفع منها في موقفك بشيء، كما يقول المثل الشعبي "فخَّار يكسِّر بعضه"، لأنّ الباطل يكسّر باطلاً والكفر يكسّر كفراً، إلّا إذا كان في هذا الصراع انعكاس سلبي على واقع المسلمين، عند ذلك، لا بدّ أن تدرس موقفك كيف يمكن أن تحفظ الواقع الإسلاميّ العام من خلاله.

ولكن قد تكون المسألة وجود صراع بين خطّ يحمل الحقّ وخطّ يحمل الباطل، في هذا المجال، لا بدّ أن تدقّق، لا تكن حياديّاً وتقول لا أعرف الحقّ مع مَن والباطل مع مَن: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}[النحل: 43]، اسألوا مَن يملكون العلم والأمانة في حركة العلم والوعي في السّاحة، حتى تستعينوا بهم لمعرفة الحقّ أين يكون، وخطّ الباطل أين يكون، فإذا عرفتم خطّ الحقّ فقفوا معه، وإذا عرفتم خطّ الباطل فقفوا ضدَّه؛ فإذا لم تلتزموا ذلك، فمعناه أنّكم لم تلتزموا بالإسلام، لأنَّ الله يريدكم أن تتحرَّكوا في خطِّ الحقِّ كلّه، سواء كان حقّاً في العقيدة أو في العمل، وسواء كان العمل في الواقع السياسيّ أو الاجتماعيّ أو الاقتصاديّ أو الأمني أو أيّ جانب من الجوانب الأخرى، أن تلتزم الحقّ على أساس أنَّ التزامك بالإسلام يفرض عليك ذلك، وإلّا كنتَ منحرفاً عن خطّ الحقّ.

* من كتاب "الجمعة منبر ومحراب".

[1]البحار، ج: 69، ص: 408.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية