إنّنا نتحمّل مسؤوليّة أنفسنا من خلال قدرتنا على تربية أنفسنا، أنت لم تُصنَع شرّيراً إذا كنتَ الآن شرّيراً، ولم تصنَع خيّراً إذا كنتَ الآن خيّراً، لقد خلقك الله ورقةً بيضاء، تستطيع أن تكتب فيها الخير من خلال التزام إرادتك بالخير، وتستطيع أن تكتب فيها الشرّ من خلال التزام إرادتك بالشرّ، فالله لم يضعك في الطّريق الشرّير أو الطّريق الخيّر؛ الله قال: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً}[الإنسان: 3]. لقد هداك الله الطريق، وقال لكَ هذا طريق الخير سر فيه والجنّة في نهايته، وهذا طريق الشرّ لا تسر فيه لأنَّ النار في نهايته، وأنتَ حرّ في ذلك، وقال للرّسول: {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ}[الكهف: 29]. وقال للإنسان بعد ذلك: أتريد أن تكون مؤمناً أو كافراً؟ اعرف هذه الحقيقة {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ}[الزلزلة: 7 ـــ 8]، فدبِّر نفسك بنفسك.
إذاً، أنتَ تستطيع أن تربّي نفسك، قد يربّيك أهلك على طباع معيَّنة، وعلى عادات معيّنة، وعلى أفعال معيّنة، وعلى كلمات معيّنة، قد لا تكون هذه الطباع والعادات والأفعال والكلمات في مصلحتك، ربّما تسير مدّةً تحت ضغط أهلك، ولكن عندما تنتبه وتصطدم بالحياة، قف وفكِّر أنَّ ما جاء به أهلك قد لا يكون الحقيقة، لأنَّ الله قد علَّم رسوله عندما كان النّاس يقولون: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ}[الزخرف: 23]، أن يقول: {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ}[البقرة: 170]. هل تسيرون وراء آبائكم وتلتزمون عاداتهم أو عادات مجتمعكم، حتّى لو كان مجتمعكم غير عاقل وغير مهتد؟!
إنَّ الإنسان لا يلتزم الضَّلال ليتعصَّب له. لا بدَّ لك أن تفكّر، فقد علَّم الله رسوله أن يقول لأمثالنا ممّن يلتزمون عادات مجتمعهم، سواء كان مجتمعاً عشائرياً أو مدنيّاً أو عائلياً، ويتعصَّبون له: {أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءكُمْ}[الزخرف: 24]. ما رأيكم؟ هل تظلُّون مصرِّين، حتّى لو جئتكم بالدَّعوة التي هي أكثر هدىً ممّا وجدتم عليه آباءكم؟ هل تتعصّبون لآبائكم؟ إنّكم عندما تتعصَّبون لخطأ آبائكم أو مجتمعاتكم، أو عندما تتعصّبون لضلال آبائكم أو لضلال مجتمعاتكم، فإنَّ معنى ذلك أن تتعصَّبوا للتّاريخ وللمجتمع على حساب مصيركم في الدّنيا، وقد يكون على حساب مصيركم في الآخرة.
هل من العقل أنْ تتعصَّب بالخطأ، حتّى لو كسر لك الخطأ رقبتك؟ أن يتعصَّب الإنسان للحقّ ويكسر لك الحقّ رقبتك، فذلك في سبيل الله، وهو أمر عظيم، أمّا أن تتعصّب لضلال أو خطأ أو أيّ شيء سيِّئ وتورّط نفسك في الدنيا في الخسارة، وتورّط نفسك في الآخرة لدخول النّار؛ أيّ عقل هو هذا العقل؟!
من أبوك؟ إنسان عاش في بيئة معيَّنة، قد تكون خيّرة فيتأثّر بها فيكون خيّراً، وقد تكون سيّئة فيتأثّر بها فيكون سيّئاً. أبوك مثلك، الفرق بينك وبين أبيك أنّه عاش في زمن وعشت في زمنٍ آخر. الزمن لا يعطي الحقيقة، بل الفكر هو الذي يحدِّدها.
إذاً، ليكن أبوك أو رئيس منظّمتك أو رئيس حركتك، أيّ شيء من ذلك، ليكن ما كان، فهو إنسانٌ يملك فكراً، وأنتَ تملك فكراً، وفكره ليس حجّة على فكرك وليس حجّة لك، فإذا اتّبعته بدون بصيرة، لن تستطيع أن تدافع عن موقفك أمام الله، هل تقول إنَّ رؤساءنا وكبراءنا اختاروا لنا ذلك {رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا}[الأحزاب: 67]؟! انظروا ما أضعف هذا المنطق!
في هذا المجال، حاولوا أن تعيدوا النظر في كلّ ما درجتم عليه من عادات ومن انتماءات ومن أقوال وأفعال، فإن وجدتموها خيراً، أكّدوها في أنفسكم، وزيدوا عليها من الخير؛ وإذا وجدتم فيها شرّاً، فحاولوا أن تغيّروا الشرّ، أن تغيّروا نفوسكم وتطردوا الشرّ، بأن تحلّوا الخير مكانه.
* من كتاب "الجمعة منبر ومحراب".
إنّنا نتحمّل مسؤوليّة أنفسنا من خلال قدرتنا على تربية أنفسنا، أنت لم تُصنَع شرّيراً إذا كنتَ الآن شرّيراً، ولم تصنَع خيّراً إذا كنتَ الآن خيّراً، لقد خلقك الله ورقةً بيضاء، تستطيع أن تكتب فيها الخير من خلال التزام إرادتك بالخير، وتستطيع أن تكتب فيها الشرّ من خلال التزام إرادتك بالشرّ، فالله لم يضعك في الطّريق الشرّير أو الطّريق الخيّر؛ الله قال: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً}[الإنسان: 3]. لقد هداك الله الطريق، وقال لكَ هذا طريق الخير سر فيه والجنّة في نهايته، وهذا طريق الشرّ لا تسر فيه لأنَّ النار في نهايته، وأنتَ حرّ في ذلك، وقال للرّسول: {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ}[الكهف: 29]. وقال للإنسان بعد ذلك: أتريد أن تكون مؤمناً أو كافراً؟ اعرف هذه الحقيقة {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ}[الزلزلة: 7 ـــ 8]، فدبِّر نفسك بنفسك.
إذاً، أنتَ تستطيع أن تربّي نفسك، قد يربّيك أهلك على طباع معيَّنة، وعلى عادات معيّنة، وعلى أفعال معيّنة، وعلى كلمات معيّنة، قد لا تكون هذه الطباع والعادات والأفعال والكلمات في مصلحتك، ربّما تسير مدّةً تحت ضغط أهلك، ولكن عندما تنتبه وتصطدم بالحياة، قف وفكِّر أنَّ ما جاء به أهلك قد لا يكون الحقيقة، لأنَّ الله قد علَّم رسوله عندما كان النّاس يقولون: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ}[الزخرف: 23]، أن يقول: {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ}[البقرة: 170]. هل تسيرون وراء آبائكم وتلتزمون عاداتهم أو عادات مجتمعكم، حتّى لو كان مجتمعكم غير عاقل وغير مهتد؟!
إنَّ الإنسان لا يلتزم الضَّلال ليتعصَّب له. لا بدَّ لك أن تفكّر، فقد علَّم الله رسوله أن يقول لأمثالنا ممّن يلتزمون عادات مجتمعهم، سواء كان مجتمعاً عشائرياً أو مدنيّاً أو عائلياً، ويتعصَّبون له: {أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءكُمْ}[الزخرف: 24]. ما رأيكم؟ هل تظلُّون مصرِّين، حتّى لو جئتكم بالدَّعوة التي هي أكثر هدىً ممّا وجدتم عليه آباءكم؟ هل تتعصّبون لآبائكم؟ إنّكم عندما تتعصَّبون لخطأ آبائكم أو مجتمعاتكم، أو عندما تتعصّبون لضلال آبائكم أو لضلال مجتمعاتكم، فإنَّ معنى ذلك أن تتعصَّبوا للتّاريخ وللمجتمع على حساب مصيركم في الدّنيا، وقد يكون على حساب مصيركم في الآخرة.
هل من العقل أنْ تتعصَّب بالخطأ، حتّى لو كسر لك الخطأ رقبتك؟ أن يتعصَّب الإنسان للحقّ ويكسر لك الحقّ رقبتك، فذلك في سبيل الله، وهو أمر عظيم، أمّا أن تتعصّب لضلال أو خطأ أو أيّ شيء سيِّئ وتورّط نفسك في الدنيا في الخسارة، وتورّط نفسك في الآخرة لدخول النّار؛ أيّ عقل هو هذا العقل؟!
من أبوك؟ إنسان عاش في بيئة معيَّنة، قد تكون خيّرة فيتأثّر بها فيكون خيّراً، وقد تكون سيّئة فيتأثّر بها فيكون سيّئاً. أبوك مثلك، الفرق بينك وبين أبيك أنّه عاش في زمن وعشت في زمنٍ آخر. الزمن لا يعطي الحقيقة، بل الفكر هو الذي يحدِّدها.
إذاً، ليكن أبوك أو رئيس منظّمتك أو رئيس حركتك، أيّ شيء من ذلك، ليكن ما كان، فهو إنسانٌ يملك فكراً، وأنتَ تملك فكراً، وفكره ليس حجّة على فكرك وليس حجّة لك، فإذا اتّبعته بدون بصيرة، لن تستطيع أن تدافع عن موقفك أمام الله، هل تقول إنَّ رؤساءنا وكبراءنا اختاروا لنا ذلك {رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا}[الأحزاب: 67]؟! انظروا ما أضعف هذا المنطق!
في هذا المجال، حاولوا أن تعيدوا النظر في كلّ ما درجتم عليه من عادات ومن انتماءات ومن أقوال وأفعال، فإن وجدتموها خيراً، أكّدوها في أنفسكم، وزيدوا عليها من الخير؛ وإذا وجدتم فيها شرّاً، فحاولوا أن تغيّروا الشرّ، أن تغيّروا نفوسكم وتطردوا الشرّ، بأن تحلّوا الخير مكانه.
* من كتاب "الجمعة منبر ومحراب".