كتابات
24/06/2021

بينَ نعتِ الآخرينَ بالكفرِ ولغةِ الحوارِ

بينَ نعتِ الآخرينَ بالكفرِ ولغةِ الحوارِ

[قد يرى البعض أنَّ نعت الآخرين بالكفر أو الضّلال يعتبر إعلاناً عن الابتعاد عن لغة الحوار].

وهناك دائرتان للمسألة: دائرة مواجهة الآخر في الفكر المضادّ، في مقام تأكيد خطوط الفكرة عنده، ودائرة عودة الآخرين إلى الفكرة.

لقد كان القرآن في كلّ تجاربه مع الآخرين الّذين يحملون فكراً مضادّاً، يحاول تأكيد الفواصل بين ما يؤمن به وما يؤمن به هؤلاء، فهو يقول: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ}[المائدة: 72]، ومسألة الكفر هي مسألة فكريّة ثقافيّة.

وما معنى الكفر؟ يعني أنّ هؤلاء يجحدون في العقيدة التي ألتزمها. فالقرآن بيّن الفاصل، وهو ما ركّز عليه في سورة "الكافرون"، عندما طلب القرشيّون من محمد (ص) أن يعبدوا إلهه سنة ويعبد آلهتهم سنة، فقال: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}[سورة الكافرون].

هذا في مقام تركيز الفواصل بين الفكر الّذي يدعو إليه الإسلام، وبين الفكر الّذي يدعو إليه الآخرون، ولهذا أتحدَّث عما يعتقده النصارى مثلاً، وبيّن الفرق بينه وبين ما يعتقدونه، وهكذا بالنّسبة إلى ما يعتقده اليهود كذلك. ففي مسألة الفكرة، لا بدّ من وجود عنف تصوير الفكرة، وبتعبير آخر، لا بدَّ من عنفٍ في تأصيل الفكرة، حتى لا تتميّع الفكرة في المشاعر والأحاسيس، أما في مقام الدعوة إلى الفكرة: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}[النّحل: 125].

وليس [ذلك] تناقضاً [مع مسألة الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر]، فهذه مسألة إنسانيّة، وعندما نأتي إلى كلّ التيارات الحضاريّة الموجودة في الفلسفات والاتجاهات السياسيّة، نجد أنّ أصحاب الفكرة، حتى لو كانوا إنسانيّين، يحاولون تأكيد فكرتهم إزاء فكرة الآخر، حتى يركّزوا الفواصل بين فكرٍ وفكر، ولعلّنا بحاجةٍ إلى تركيز الفواصل بين الأفكار، حتى نعرف كيف نخوض الحوار في هذه القضيّة الفكريّة أو تلك.

أمّا مسألة المعروف والنهي عن المنكر، فهي تتحرّك في مجال تطبيق القانون، وهذا أمرٌ لا يتّصل بالدّعوة ولا بالحرمة الفكرية الثقافية، فالإسلام يختزن في داخله منهج الدّولة. ولهذا، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يمثّل فكرة تطبيق القانون، وإلّا فمعناه إلغاء الدولة، فعندما لا تكون هناك قوة تنفيذيّة في الدّولة، بحيث ينفّذ القانون، فتأمر بالمعروف، وهو المنسجم مع الخطّ القانوني، وتنهى عن المنكر، وهو الممثّل للانحراف عن القانون، فهذه مسألة لا تتّصل بالجانب الفكري الثقافيّ، ولكنّها تتّصل بالجانب التنفيذي للقانون في نطاق الدولة أو المجتمع.

* من كتاب "عن سنوات ومواقف وشخصيّات".

[قد يرى البعض أنَّ نعت الآخرين بالكفر أو الضّلال يعتبر إعلاناً عن الابتعاد عن لغة الحوار].

وهناك دائرتان للمسألة: دائرة مواجهة الآخر في الفكر المضادّ، في مقام تأكيد خطوط الفكرة عنده، ودائرة عودة الآخرين إلى الفكرة.

لقد كان القرآن في كلّ تجاربه مع الآخرين الّذين يحملون فكراً مضادّاً، يحاول تأكيد الفواصل بين ما يؤمن به وما يؤمن به هؤلاء، فهو يقول: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ}[المائدة: 72]، ومسألة الكفر هي مسألة فكريّة ثقافيّة.

وما معنى الكفر؟ يعني أنّ هؤلاء يجحدون في العقيدة التي ألتزمها. فالقرآن بيّن الفاصل، وهو ما ركّز عليه في سورة "الكافرون"، عندما طلب القرشيّون من محمد (ص) أن يعبدوا إلهه سنة ويعبد آلهتهم سنة، فقال: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}[سورة الكافرون].

هذا في مقام تركيز الفواصل بين الفكر الّذي يدعو إليه الإسلام، وبين الفكر الّذي يدعو إليه الآخرون، ولهذا أتحدَّث عما يعتقده النصارى مثلاً، وبيّن الفرق بينه وبين ما يعتقدونه، وهكذا بالنّسبة إلى ما يعتقده اليهود كذلك. ففي مسألة الفكرة، لا بدّ من وجود عنف تصوير الفكرة، وبتعبير آخر، لا بدَّ من عنفٍ في تأصيل الفكرة، حتى لا تتميّع الفكرة في المشاعر والأحاسيس، أما في مقام الدعوة إلى الفكرة: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}[النّحل: 125].

وليس [ذلك] تناقضاً [مع مسألة الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر]، فهذه مسألة إنسانيّة، وعندما نأتي إلى كلّ التيارات الحضاريّة الموجودة في الفلسفات والاتجاهات السياسيّة، نجد أنّ أصحاب الفكرة، حتى لو كانوا إنسانيّين، يحاولون تأكيد فكرتهم إزاء فكرة الآخر، حتى يركّزوا الفواصل بين فكرٍ وفكر، ولعلّنا بحاجةٍ إلى تركيز الفواصل بين الأفكار، حتى نعرف كيف نخوض الحوار في هذه القضيّة الفكريّة أو تلك.

أمّا مسألة المعروف والنهي عن المنكر، فهي تتحرّك في مجال تطبيق القانون، وهذا أمرٌ لا يتّصل بالدّعوة ولا بالحرمة الفكرية الثقافية، فالإسلام يختزن في داخله منهج الدّولة. ولهذا، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يمثّل فكرة تطبيق القانون، وإلّا فمعناه إلغاء الدولة، فعندما لا تكون هناك قوة تنفيذيّة في الدّولة، بحيث ينفّذ القانون، فتأمر بالمعروف، وهو المنسجم مع الخطّ القانوني، وتنهى عن المنكر، وهو الممثّل للانحراف عن القانون، فهذه مسألة لا تتّصل بالجانب الفكري الثقافيّ، ولكنّها تتّصل بالجانب التنفيذي للقانون في نطاق الدولة أو المجتمع.

* من كتاب "عن سنوات ومواقف وشخصيّات".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية