كتابات
22/07/2020

هل يتصادم الإسلام مع القوميّة العربيّة؟!

هل يتصادم الإسلام مع القوميّة العربيّة؟!

عندما نريد أن ندرس أساس الفكر القومي، فإنّنا نراه يتصادم في عمقه مع أساس الفكر الإسلامي، لأنّ الفكر الإسلامي ينطلق من قاعدة الوحي الذي أنزله الله على رسوله، باعتبار أنّه يمثذل الحقيقة فيما يتحدّث به عن الكون في بدايته ونهايته وطبيعته، وفيما يتحدّث به عن الإنسان وعن حركته وأهدافه وأوضاعه، ككائن حيّ مسؤول في الكون أمام الله.

وهكذا في نظرته الامتداديّة التي لا تتمحور حول منطقة أو جماعة معيّنة، أما الفكر القوميّ، فإنه ينطلق من الاستغراق في مجموعة معيّنة من الناس، بعيداً من أيّ معطيات غيبيّة أو دينيّة؛ إنه ينطلق من فكرة أنّ هناك قوماً من الناس في أرض محدّدة في عناصر معيّنة، لا بدّ أن يلتقوا ويجتمعوا ويفكروا لأنفسهم من موقع الخصوصيّة الذاتية والموضوعية التي ترفع مستواهم، بقطع النظر عن أيّ حالة أخرى وأيّ جماعة أخرى.

فالفكر القومي يستغرق في داخل هذه الخصوصيات التي تمثّل محوره، بحيث تكون نظرته إلى العالم منفتحة على ما يرتبط بهذه الخصوصية، ولا يتحرك في العالم من خلال المواقع الإنسانية في ذاتياتها أو في آفاقها الواسعة. من خلال ذلك، نستطيع أن نؤكد أن الفكر القومي علماني بطبعه، بينما الفكر الإسلامي هو ديني في قاعدته.

تلاقٍ أم تصادم؟!

ومن هنا، يختلف الفكر القومي عن الفكر الإسلامي من حيث طبيعة القاعدة والنظرة إلى الأمور، ومن حيث معنى الشموليّة هنا في الفكر الإسلاميّ، والمحدودية هناك في الفكر القومي.. إنّ الحديث عن التناقض قد لا يكون دقيقاً بهذه المسألة.. إننا نتحدث عن الاختلاف، أما التناقض، فينطلق من مضمون أن فكراً ما يمثّل الإيجاب، بينما يمثل ذلك السلب..

إنّ القوميّة قد تلتقي بالفكر الإسلامي في بعض مواقعه وحركته وقضاياه وأهدافه المرحليّة ووسائله.. لذلك، لا نعتقد أنّ هناك حتميّة للتّصادم بينهما، ولكن، من حيث طبيعة حركيّة الفكر الإسلامي وحركيّة الفكر القومي، من الممكن أن يكون هناك تصادم بينهما، عندما يريد الفكر القوميّ أن يؤكّد ذاته في الموقع نفسه الذي يريد الفكر الإسلاميّ أن يؤكّد ذاته.

مثلاً، عندما نريد أن نقيم المنطقة العربيّة على الفكر القومي، فلا بد أن ننطلق في دراسة قضاياها من ذاتية القومية في خصائصها ومصالحها، وبعيداً من مصالح أيّ فئة أخرى، وبعيداً من أيّ التزام ثابت بأيّ شريعة معينة، بينما يكون الالتزام بالفكر الإسلامي خاضعاً للنظرة الشمولية للإنسان كلّه وللعالم كلّه وللحياة كلّها، بحيث تكون خصوصية هذا الموقع هنا مقارنة بخصوصية المواقع الأخرى، فتكون دراسة المسألة على أساس النتائج التي تخرج من خلال أولوية الخصوصيات هنا والخصوصيات هناك في الساحة العامّة، إنه تماماً كما هو الأفق العالمي والأفق لمحلي في نظرته للأشياء.

النظرة إلى القوميّة

أما ما هي نظرتنا إلى القومية العربية؟

القوميّة العربية عندما نخرجها من الخصوصية الإيديولوجية التي يفرضها الفكر القومي، فهي حالة إنسانية تمثّل أمّة من الناس، يُطلق عليهم اسم العرب، يلتقون في اللغة والأرض وبعض الخصائص الاجتماعية والتاريخية التي تجعل منهم مجموعة من البشر ذات خصائص مشتركة، مع وجود تمايز في تفاصيل هذه الخصائص بين موقع في الأمّة وموقع آخر، وبذلك ستكون القوميّة العربيّة هي خصوصيّة إنسانيّة تلتقي مع خصوصيات إنسانية أخرى، كالقومية الفارسية والتركية أو أيّ قومية أخرى، وهي لا تتنافى مع الإسلام، بل تمثل أحد الأطر الذي يتحرك فيها لتنفتح على نظامه ونهجه وتفكيره.

كما أنّ للقومية العربية خصوصية تختلف عن القوميات الأخرى، باعتبار أنّ الإسلام ولد في أرضها، وتحرّك كتابه المقدّس بلغتها، وانطلق المجاهدون من الصحابة الأول من موقع خصوصياتهم العربية التي انفتحت على الواقع الإسلامي، وبذلك استطاع العرب في خصوصياتهم الفكرية والعملية أن يعطوا الإسلام الكثير، كما أعطاهم الإسلام الكثير.

ولذلك، فإن شخصانية القومية العربية تتكامل مع شخصانية الإسلام، إذا صحّ التعبير، باعتبار أنّ العرب هم الطليعة الأولى للمسلمين، وهم القاعدة الأولى التي انطلق الإسلام من خلالها إلى العالم.

ونتصوّر أن الإسلام استطاع أن يوسّع أفق العروبة، باعتبار أنه استطاع أن يعرّب مساحات كبيرة من الناس ومن العالم، عندما انفتحت على الإسلام، فانفتحت على لغته وعلى تاريخه وعلى رموزه وشخصيّاته وما إلى ذلك، بحيث أصبح الإنسان المسلم في كلّ بلد في العالم، يرى في التاريخ العربي تاريخه، ويرى في الشخصيات العربية شخصيّته بشكل أو بآخر، مما لا تملكه أيّ قومية أخرى، إلا بمقدار ما أعطت الإسلام من علمها وثقافتها وخصوصياتها في مرحلة ثانية أو ثالثة أو رابعة من التاريخ الإسلامي.

أمّا عندما نتحدث عن القومية العربية كإيديولوجيا، تنطلق من خلال الخطوط الغربيّة في التفكير القومي، وتتحرّك بحرية في احتضان أيّ مضمون فكري جديد، فإنّ الإسلام يختلف معها من خلال ما تختزنه وتنفتح عليه وتتحرَّك معه من فكرٍ يختلف عن الفكر الإسلامي، عند ذلك، لن يختلف الإسلام مع القوميّة العربيّة، ولكنه يختلف مع الفكر القومي الذي ينفتح على فكر غربي أو غير غربي يختلف مع فكر الإسلام.

روابط العروبة والإسلام

ما هي الروابط بين العروبة والإسلام؟

لقد ذكرنا أنّ هناك أكثر من رابط، باعتبار أنّ لغة العرب هي لغة الإسلام في كتابه المقدَّس وفي سنّته الشريفة، وكذلك تاريخ العرب هو تاريخ الإسلام، كما أنّ تاريخ الإسلام هو تاريخ العرب، وهكذا نجد أنّ حركيّة العرب في فترة طويلة من التّاريخ وحتى يومنا هذا، ترتبط سلباً أو إيجاباً بحركة الإسلام، باعتبار أنّ أغلب العرب مسلمون.

 ولذلك، فإننا لا نستطيع أن نفصل بين العروبة والإسلام في ماضيهما وحاضرهما ومستقبلهما،كخطّين يلتقيان في أكثر من موقع.

*من كتاب "خطاب الإسلاميّين والمستقبل".

عندما نريد أن ندرس أساس الفكر القومي، فإنّنا نراه يتصادم في عمقه مع أساس الفكر الإسلامي، لأنّ الفكر الإسلامي ينطلق من قاعدة الوحي الذي أنزله الله على رسوله، باعتبار أنّه يمثذل الحقيقة فيما يتحدّث به عن الكون في بدايته ونهايته وطبيعته، وفيما يتحدّث به عن الإنسان وعن حركته وأهدافه وأوضاعه، ككائن حيّ مسؤول في الكون أمام الله.

وهكذا في نظرته الامتداديّة التي لا تتمحور حول منطقة أو جماعة معيّنة، أما الفكر القوميّ، فإنه ينطلق من الاستغراق في مجموعة معيّنة من الناس، بعيداً من أيّ معطيات غيبيّة أو دينيّة؛ إنه ينطلق من فكرة أنّ هناك قوماً من الناس في أرض محدّدة في عناصر معيّنة، لا بدّ أن يلتقوا ويجتمعوا ويفكروا لأنفسهم من موقع الخصوصيّة الذاتية والموضوعية التي ترفع مستواهم، بقطع النظر عن أيّ حالة أخرى وأيّ جماعة أخرى.

فالفكر القومي يستغرق في داخل هذه الخصوصيات التي تمثّل محوره، بحيث تكون نظرته إلى العالم منفتحة على ما يرتبط بهذه الخصوصية، ولا يتحرك في العالم من خلال المواقع الإنسانية في ذاتياتها أو في آفاقها الواسعة. من خلال ذلك، نستطيع أن نؤكد أن الفكر القومي علماني بطبعه، بينما الفكر الإسلامي هو ديني في قاعدته.

تلاقٍ أم تصادم؟!

ومن هنا، يختلف الفكر القومي عن الفكر الإسلامي من حيث طبيعة القاعدة والنظرة إلى الأمور، ومن حيث معنى الشموليّة هنا في الفكر الإسلاميّ، والمحدودية هناك في الفكر القومي.. إنّ الحديث عن التناقض قد لا يكون دقيقاً بهذه المسألة.. إننا نتحدث عن الاختلاف، أما التناقض، فينطلق من مضمون أن فكراً ما يمثّل الإيجاب، بينما يمثل ذلك السلب..

إنّ القوميّة قد تلتقي بالفكر الإسلامي في بعض مواقعه وحركته وقضاياه وأهدافه المرحليّة ووسائله.. لذلك، لا نعتقد أنّ هناك حتميّة للتّصادم بينهما، ولكن، من حيث طبيعة حركيّة الفكر الإسلامي وحركيّة الفكر القومي، من الممكن أن يكون هناك تصادم بينهما، عندما يريد الفكر القوميّ أن يؤكّد ذاته في الموقع نفسه الذي يريد الفكر الإسلاميّ أن يؤكّد ذاته.

مثلاً، عندما نريد أن نقيم المنطقة العربيّة على الفكر القومي، فلا بد أن ننطلق في دراسة قضاياها من ذاتية القومية في خصائصها ومصالحها، وبعيداً من مصالح أيّ فئة أخرى، وبعيداً من أيّ التزام ثابت بأيّ شريعة معينة، بينما يكون الالتزام بالفكر الإسلامي خاضعاً للنظرة الشمولية للإنسان كلّه وللعالم كلّه وللحياة كلّها، بحيث تكون خصوصية هذا الموقع هنا مقارنة بخصوصية المواقع الأخرى، فتكون دراسة المسألة على أساس النتائج التي تخرج من خلال أولوية الخصوصيات هنا والخصوصيات هناك في الساحة العامّة، إنه تماماً كما هو الأفق العالمي والأفق لمحلي في نظرته للأشياء.

النظرة إلى القوميّة

أما ما هي نظرتنا إلى القومية العربية؟

القوميّة العربية عندما نخرجها من الخصوصية الإيديولوجية التي يفرضها الفكر القومي، فهي حالة إنسانية تمثّل أمّة من الناس، يُطلق عليهم اسم العرب، يلتقون في اللغة والأرض وبعض الخصائص الاجتماعية والتاريخية التي تجعل منهم مجموعة من البشر ذات خصائص مشتركة، مع وجود تمايز في تفاصيل هذه الخصائص بين موقع في الأمّة وموقع آخر، وبذلك ستكون القوميّة العربيّة هي خصوصيّة إنسانيّة تلتقي مع خصوصيات إنسانية أخرى، كالقومية الفارسية والتركية أو أيّ قومية أخرى، وهي لا تتنافى مع الإسلام، بل تمثل أحد الأطر الذي يتحرك فيها لتنفتح على نظامه ونهجه وتفكيره.

كما أنّ للقومية العربية خصوصية تختلف عن القوميات الأخرى، باعتبار أنّ الإسلام ولد في أرضها، وتحرّك كتابه المقدّس بلغتها، وانطلق المجاهدون من الصحابة الأول من موقع خصوصياتهم العربية التي انفتحت على الواقع الإسلامي، وبذلك استطاع العرب في خصوصياتهم الفكرية والعملية أن يعطوا الإسلام الكثير، كما أعطاهم الإسلام الكثير.

ولذلك، فإن شخصانية القومية العربية تتكامل مع شخصانية الإسلام، إذا صحّ التعبير، باعتبار أنّ العرب هم الطليعة الأولى للمسلمين، وهم القاعدة الأولى التي انطلق الإسلام من خلالها إلى العالم.

ونتصوّر أن الإسلام استطاع أن يوسّع أفق العروبة، باعتبار أنه استطاع أن يعرّب مساحات كبيرة من الناس ومن العالم، عندما انفتحت على الإسلام، فانفتحت على لغته وعلى تاريخه وعلى رموزه وشخصيّاته وما إلى ذلك، بحيث أصبح الإنسان المسلم في كلّ بلد في العالم، يرى في التاريخ العربي تاريخه، ويرى في الشخصيات العربية شخصيّته بشكل أو بآخر، مما لا تملكه أيّ قومية أخرى، إلا بمقدار ما أعطت الإسلام من علمها وثقافتها وخصوصياتها في مرحلة ثانية أو ثالثة أو رابعة من التاريخ الإسلامي.

أمّا عندما نتحدث عن القومية العربية كإيديولوجيا، تنطلق من خلال الخطوط الغربيّة في التفكير القومي، وتتحرّك بحرية في احتضان أيّ مضمون فكري جديد، فإنّ الإسلام يختلف معها من خلال ما تختزنه وتنفتح عليه وتتحرَّك معه من فكرٍ يختلف عن الفكر الإسلامي، عند ذلك، لن يختلف الإسلام مع القوميّة العربيّة، ولكنه يختلف مع الفكر القومي الذي ينفتح على فكر غربي أو غير غربي يختلف مع فكر الإسلام.

روابط العروبة والإسلام

ما هي الروابط بين العروبة والإسلام؟

لقد ذكرنا أنّ هناك أكثر من رابط، باعتبار أنّ لغة العرب هي لغة الإسلام في كتابه المقدَّس وفي سنّته الشريفة، وكذلك تاريخ العرب هو تاريخ الإسلام، كما أنّ تاريخ الإسلام هو تاريخ العرب، وهكذا نجد أنّ حركيّة العرب في فترة طويلة من التّاريخ وحتى يومنا هذا، ترتبط سلباً أو إيجاباً بحركة الإسلام، باعتبار أنّ أغلب العرب مسلمون.

 ولذلك، فإننا لا نستطيع أن نفصل بين العروبة والإسلام في ماضيهما وحاضرهما ومستقبلهما،كخطّين يلتقيان في أكثر من موقع.

*من كتاب "خطاب الإسلاميّين والمستقبل".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية