يُشدِّد سماحة السيّد محمّد حسين فضل الله، في سياق إجابته عن نظرته إلى شرعيّة الحوار ومقاصده، على أنَّ الإسلام انطلق في حركته الثقافية في دعوته الآخر إلى الإيمان بفكره من "قاعدة الحوار الّتي ترتكز على طرح الفكرة الإسلاميّة بكلّ تفاصيلها، والاستماع إلى فكرة الآخر على أساس الجدال بالتي هي أحسن، ما يفتح العقل على عناصر الفكر المتنوّع للوصول إلى النّتائج الإيجابيّة الحاسمة، الأمر الذي يجعل الحوار مع الآخر ضرورةً إسلاميّةً ثقافيّةً في حركة الدعوة في مقاصدها الحركية في الانفتاح على الآخر، للوصول معه إلى مواقع اللّقاء..".
غير أنَّ السيّد، وارتباطاً بنظرته الواقعيّة والشموليّة إلى الأشياء، يميّز بين مستويين في تبيان القاعدة التي تنبني عليها الحضارات، وتتحكَّم بالنّتيجة في سيرورات حوارها: القاعدة الدينيّة المنفتحة على "الغيب"، والقاعدة الفلسفيّة الماديّة، بما يتفرَّع عنها "من خطوط التشريع على صعيد قضايا الحريات العامّة والخاصّة والحقوق الإنسانيّة، وإلى العناصر الأخرى المتّصلة بالجانب الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والأمني".
لذلك، فحوار الحضارات يتّسع لكلّ حضارة إنسانيّة في أبعادها الدينيّة وغيرها، بل إنّ "الجانب الجدلي في القاعدة الدينيّة للحضارة الإسلاميّة، ينفتح على الصراع الفكري بين العنصر الروحي الديني الذي يتمثّل بالدّين، والعنصر المادّي الحسّي الذي يتمثل بالحضارة الماديّة، بما يمنع من الفصل في عمليّة الحوار بينهما في مفرداته الفكريّة.."
يُميّز سماحة السيّد، في حديثه عن فرص الحوار وإمكاناته، بين الممكن والمستبعد في عمليّة الحوار. فهو يرى أنّ النزوع إلى السيطرة بسبب البحث عن المصالح، لا يترك حظوظاً لإطلاق الحوار وحَفزِه لإدراك مقاصده، ويذهب في تبيان مصادر الاستحالة بقوله: "أتصوَّر أنّ من الصّعب الحديث عن حوار الحضارات في مواقع الدّول السّائرة في صراعها الحادّ من أجل تحريك مصالحها الاقتصاديّة والسياسيّة والأمنيّة، والأخذ بأسباب القوّة في سبيل الوصول إلى النّتائج الإيجابيّة لأهدافها المتنوّعة، لأنّها ليست في معرض الحوار على أساس الاقتناع الحضاري بما يؤمن به الآخرون في مقابل ما نؤمن به بعيداً عن الواقع، بل هي في معرض السّيطرة على الآخر ومصادرة قضاياه الكبرى بما يؤمِّن لها استقرار مصالحها الحيويّة". فهل يعني هذا أنَّ باب الحوار مقفل، وأن فتحَه يستلزم انتظار استعادة قدر من القوّة لمواجهة سيطرة قوّة الآخر؟.
يستمرّ سماحة السيّد في دعوته إلى الحوار، على الرغم من تنبيهه إلى اختلال موازين القوى لصالح الآخر، المستكبِر، والمهيمن على مقدّرات المجتمعات الإسلاميّة ومصالحها، حيث يقول: "ولكنَّ ذلك لا يمنع من إيجاد فرصة واقعيّة لحوار الحضارات من نافذة المراكز الثقافية المنتشرة في أنحاء العالم في الشرق والغرب، ومواقع الدّراسات المتخصّصة التي تستهدف تحريك الحوار حول الاختلافات الفكرية في القاعدة الحضارية في مرتكزاتها وامتداداتها في هذه الحضارة أو تلك، في نطاق الجوّ العلمي الثقافي بذهنيّة موضوعيّة عقلانيّة.. وهذا ما نلاحظ واقعيّته في أكثر من موقعٍ في عالمنا المعاصر، ما حقَّق بعض الحاجات على مستوى جزئي، ولا سيّما في الحوار بين الإسلام والغرب، وبين المسيحيّة والإسلام".
*من موسوعة الفكر الإسلامي، المجلَّد الثّامن.

يُشدِّد سماحة السيّد محمّد حسين فضل الله، في سياق إجابته عن نظرته إلى شرعيّة الحوار ومقاصده، على أنَّ الإسلام انطلق في حركته الثقافية في دعوته الآخر إلى الإيمان بفكره من "قاعدة الحوار الّتي ترتكز على طرح الفكرة الإسلاميّة بكلّ تفاصيلها، والاستماع إلى فكرة الآخر على أساس الجدال بالتي هي أحسن، ما يفتح العقل على عناصر الفكر المتنوّع للوصول إلى النّتائج الإيجابيّة الحاسمة، الأمر الذي يجعل الحوار مع الآخر ضرورةً إسلاميّةً ثقافيّةً في حركة الدعوة في مقاصدها الحركية في الانفتاح على الآخر، للوصول معه إلى مواقع اللّقاء..".
غير أنَّ السيّد، وارتباطاً بنظرته الواقعيّة والشموليّة إلى الأشياء، يميّز بين مستويين في تبيان القاعدة التي تنبني عليها الحضارات، وتتحكَّم بالنّتيجة في سيرورات حوارها: القاعدة الدينيّة المنفتحة على "الغيب"، والقاعدة الفلسفيّة الماديّة، بما يتفرَّع عنها "من خطوط التشريع على صعيد قضايا الحريات العامّة والخاصّة والحقوق الإنسانيّة، وإلى العناصر الأخرى المتّصلة بالجانب الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والأمني".
لذلك، فحوار الحضارات يتّسع لكلّ حضارة إنسانيّة في أبعادها الدينيّة وغيرها، بل إنّ "الجانب الجدلي في القاعدة الدينيّة للحضارة الإسلاميّة، ينفتح على الصراع الفكري بين العنصر الروحي الديني الذي يتمثّل بالدّين، والعنصر المادّي الحسّي الذي يتمثل بالحضارة الماديّة، بما يمنع من الفصل في عمليّة الحوار بينهما في مفرداته الفكريّة.."
يُميّز سماحة السيّد، في حديثه عن فرص الحوار وإمكاناته، بين الممكن والمستبعد في عمليّة الحوار. فهو يرى أنّ النزوع إلى السيطرة بسبب البحث عن المصالح، لا يترك حظوظاً لإطلاق الحوار وحَفزِه لإدراك مقاصده، ويذهب في تبيان مصادر الاستحالة بقوله: "أتصوَّر أنّ من الصّعب الحديث عن حوار الحضارات في مواقع الدّول السّائرة في صراعها الحادّ من أجل تحريك مصالحها الاقتصاديّة والسياسيّة والأمنيّة، والأخذ بأسباب القوّة في سبيل الوصول إلى النّتائج الإيجابيّة لأهدافها المتنوّعة، لأنّها ليست في معرض الحوار على أساس الاقتناع الحضاري بما يؤمن به الآخرون في مقابل ما نؤمن به بعيداً عن الواقع، بل هي في معرض السّيطرة على الآخر ومصادرة قضاياه الكبرى بما يؤمِّن لها استقرار مصالحها الحيويّة". فهل يعني هذا أنَّ باب الحوار مقفل، وأن فتحَه يستلزم انتظار استعادة قدر من القوّة لمواجهة سيطرة قوّة الآخر؟.
يستمرّ سماحة السيّد في دعوته إلى الحوار، على الرغم من تنبيهه إلى اختلال موازين القوى لصالح الآخر، المستكبِر، والمهيمن على مقدّرات المجتمعات الإسلاميّة ومصالحها، حيث يقول: "ولكنَّ ذلك لا يمنع من إيجاد فرصة واقعيّة لحوار الحضارات من نافذة المراكز الثقافية المنتشرة في أنحاء العالم في الشرق والغرب، ومواقع الدّراسات المتخصّصة التي تستهدف تحريك الحوار حول الاختلافات الفكرية في القاعدة الحضارية في مرتكزاتها وامتداداتها في هذه الحضارة أو تلك، في نطاق الجوّ العلمي الثقافي بذهنيّة موضوعيّة عقلانيّة.. وهذا ما نلاحظ واقعيّته في أكثر من موقعٍ في عالمنا المعاصر، ما حقَّق بعض الحاجات على مستوى جزئي، ولا سيّما في الحوار بين الإسلام والغرب، وبين المسيحيّة والإسلام".
*من موسوعة الفكر الإسلامي، المجلَّد الثّامن.