كتابات
19/11/2015

أهميّة الشّعور بحضور نعمة الحمد

أهميّة الشّعور بحضور نعمة الحمد

يظلّ الحمد لله تعالى الغاية المثلى الَّتي يطمح إليها كلّ مؤمنٍ مخلصٍ لله، بحيث تختزن كلمة "الحمد" كلّ معاني القرب من الله تعالى، وتجعل من الإنسان يسمو بنفسه وروحه فوق كلّ الصَّغائر والدّونيات..

من هنا أهمية الشّعور بحضور نعمة الحمد في أنفسنا، وتربيتها على ذلك، ليكون الحمد نابعاً من صفاء الذّات، متوجِّهاً إلى عظمة الربوبيّة، وصولاً إلى نيل رضوانه، ويكون الحمد معيناً لنا على تأدية حقِّ الله علينا، وصوناً لأنفسنا عن محارمه، فهو الرّبّ العظيم الّذي ليس كمثله شيء، ومن حقِّه علينا أن نمجِّده ونعبده، ونتوجَّه إليه وحده.

يقول الإمام زين العابدين(ع) في دعاءٍ له في الصَّحيفة السّجاديّة: "الحمد لله الأوَّل بلا أوّلٍ قبله، والآخر بلا آخرٍ بعده، الّذي قصُرتْ عن رؤيته أبصار النّاظرين، وعجزت عن نعته أوهام الواصفين".

إنّه الله تعالى الخالق لكلِّ شيء، فهو الأوَّل والآخر، بلا شيءٍ قبله، ولا شيء بعده، لا تدركه أبصار النَّاظرين وهو يدركها: {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}[الأنعام: 103]، والّذي عجزت العقول والأذهان عن معرفة صفاته والتَّعبير عنها وأداء حقِّها، فهو فوق الوصف وفوق إدراك البصيرة. آياته تعمُّ الأرجاء لتحرّك فينا العقول والأحاسيس، للاستدلال على مواطن عظمته ونعمته.

وفي تعليقه على هذا الدّعاء، يقول سماحة المرجع السيِّد محمد حسين فضل الله(رض) في معانيه ومراميه: "يا ربّ، أنا هنا في الأجواء الممتدَّة في الزّمن الأزليّ في حركة الأبد، وفي الآفاق الرّحبة التي تشمل الوجود كلَّه، وفي المعاني التي تتنوّع وتتلوّن وتحتوي الحياة كلَّها في مضمونها الفكريّ وانفتاحها الروحيّ وانسيابها الشعوريّ.. الحمد لله الّذي لم يقترب الزمن من وجوده، لأنَّه هو الّذي أعطى الزمن وجوده، وحدَّد له بداياته ونهاياته.. وأطلق سرّه في الكون ليحتوي حركته في كلِّ شيء يتحرّك فيه، فكيف يدخل الزَّمن في معنى ذاته، فلا معنى للنَّسبيَّة في صفة الأوَّل إذا وصفته بها، لأنَّ الكلمة قد تختزن في معناها الحدوث الّذي يخترق العدم مفهومه، فلا نتصوَّر معنى الأوليَّة في معنى القبليَّة الزمنيّة في الوجود، كما لا معنى للنسبيّة في صفة الآخر له، لأنها قد تحمل معنى الإيحاء بنهاية الوجود في موقعه، ليكون خاضعاً لحدود القبليَّة والتبعيَّة في الأوليّة والآخريَّة عنده.. الحمد لله في وجودك الّذي لا يقترب من الحسّ في معناه، لأنه يرتبط بالمحدود في تفاصيله، فكيف يمكن أن يدرك المطلق الّذي لا حدود له ولا تفاصيل؟! فلا تدركه الأبصار وليس كمثله شيء.

وإذا لم يكن للحسّ دور في معرفته، فإنَّ العقل هو الّذي يكتشف وجوده من خلال مظاهر عظمته، ولكنَّه لا يستطيع الوصول إلى الوعي الكامل لصفاته، إلا بما عرفنا منها، وهذا هو ما يقف الواصفون أمامه عاجزين حيارى لا يملكون الكثير مما يقولون أو مما يصفون"...[كتاب: "آفاق الرّوح"، ج 1، ص 32 ـ 34].

ما أجمل أن ننفتح على حمد الله تعالى، ونعيش قيمة هذا الحمد في أنفسنا، ونحوّلها إلى طاقة تدفعنا نحو الخير والإحسان والعطاء، وتغيير أوضاعنا لما فيه صلاحنا! نحن فعلاً نحتاج على الدّوام إلى أن ننشِّط قابليّاتنا واستعداداتنا الروحيَّة والأخلاقيّة، وأن نجذِّر قيمة الحمد في نفوسنا، وننشئ أجيالنا عليها، كي يكونوا أكثر انفتاحاً على الله تعالى.

*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.

يظلّ الحمد لله تعالى الغاية المثلى الَّتي يطمح إليها كلّ مؤمنٍ مخلصٍ لله، بحيث تختزن كلمة "الحمد" كلّ معاني القرب من الله تعالى، وتجعل من الإنسان يسمو بنفسه وروحه فوق كلّ الصَّغائر والدّونيات..

من هنا أهمية الشّعور بحضور نعمة الحمد في أنفسنا، وتربيتها على ذلك، ليكون الحمد نابعاً من صفاء الذّات، متوجِّهاً إلى عظمة الربوبيّة، وصولاً إلى نيل رضوانه، ويكون الحمد معيناً لنا على تأدية حقِّ الله علينا، وصوناً لأنفسنا عن محارمه، فهو الرّبّ العظيم الّذي ليس كمثله شيء، ومن حقِّه علينا أن نمجِّده ونعبده، ونتوجَّه إليه وحده.

يقول الإمام زين العابدين(ع) في دعاءٍ له في الصَّحيفة السّجاديّة: "الحمد لله الأوَّل بلا أوّلٍ قبله، والآخر بلا آخرٍ بعده، الّذي قصُرتْ عن رؤيته أبصار النّاظرين، وعجزت عن نعته أوهام الواصفين".

إنّه الله تعالى الخالق لكلِّ شيء، فهو الأوَّل والآخر، بلا شيءٍ قبله، ولا شيء بعده، لا تدركه أبصار النَّاظرين وهو يدركها: {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}[الأنعام: 103]، والّذي عجزت العقول والأذهان عن معرفة صفاته والتَّعبير عنها وأداء حقِّها، فهو فوق الوصف وفوق إدراك البصيرة. آياته تعمُّ الأرجاء لتحرّك فينا العقول والأحاسيس، للاستدلال على مواطن عظمته ونعمته.

وفي تعليقه على هذا الدّعاء، يقول سماحة المرجع السيِّد محمد حسين فضل الله(رض) في معانيه ومراميه: "يا ربّ، أنا هنا في الأجواء الممتدَّة في الزّمن الأزليّ في حركة الأبد، وفي الآفاق الرّحبة التي تشمل الوجود كلَّه، وفي المعاني التي تتنوّع وتتلوّن وتحتوي الحياة كلَّها في مضمونها الفكريّ وانفتاحها الروحيّ وانسيابها الشعوريّ.. الحمد لله الّذي لم يقترب الزمن من وجوده، لأنَّه هو الّذي أعطى الزمن وجوده، وحدَّد له بداياته ونهاياته.. وأطلق سرّه في الكون ليحتوي حركته في كلِّ شيء يتحرّك فيه، فكيف يدخل الزَّمن في معنى ذاته، فلا معنى للنَّسبيَّة في صفة الأوَّل إذا وصفته بها، لأنَّ الكلمة قد تختزن في معناها الحدوث الّذي يخترق العدم مفهومه، فلا نتصوَّر معنى الأوليَّة في معنى القبليَّة الزمنيّة في الوجود، كما لا معنى للنسبيّة في صفة الآخر له، لأنها قد تحمل معنى الإيحاء بنهاية الوجود في موقعه، ليكون خاضعاً لحدود القبليَّة والتبعيَّة في الأوليّة والآخريَّة عنده.. الحمد لله في وجودك الّذي لا يقترب من الحسّ في معناه، لأنه يرتبط بالمحدود في تفاصيله، فكيف يمكن أن يدرك المطلق الّذي لا حدود له ولا تفاصيل؟! فلا تدركه الأبصار وليس كمثله شيء.

وإذا لم يكن للحسّ دور في معرفته، فإنَّ العقل هو الّذي يكتشف وجوده من خلال مظاهر عظمته، ولكنَّه لا يستطيع الوصول إلى الوعي الكامل لصفاته، إلا بما عرفنا منها، وهذا هو ما يقف الواصفون أمامه عاجزين حيارى لا يملكون الكثير مما يقولون أو مما يصفون"...[كتاب: "آفاق الرّوح"، ج 1، ص 32 ـ 34].

ما أجمل أن ننفتح على حمد الله تعالى، ونعيش قيمة هذا الحمد في أنفسنا، ونحوّلها إلى طاقة تدفعنا نحو الخير والإحسان والعطاء، وتغيير أوضاعنا لما فيه صلاحنا! نحن فعلاً نحتاج على الدّوام إلى أن ننشِّط قابليّاتنا واستعداداتنا الروحيَّة والأخلاقيّة، وأن نجذِّر قيمة الحمد في نفوسنا، وننشئ أجيالنا عليها، كي يكونوا أكثر انفتاحاً على الله تعالى.

*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية