يعتزم الاتحاد الأوروبي فرض قواعد أكثر صرامةً بخصوص بيع السّجائر، وذلك من أجل حماية المستهلكين. والسّؤال المطروح هو: هل تفي هذه القواعد بالغرض المطلوب؟
وبحسب إحصائيّات مركز أبحاث السّرطان الألماني، فإن 110,000 آلاف شخص في ألمانيا، يموتون سنويّاً لتعاطيهم التّدخين، ما يبيّن أنّ معدّل الإدمان عليه مرتفع جداً. فربع البالغين في ألمانيا يدخّنون السّجائر بانتظام. وفي بعض الدّول، فإنّ النّسبة هي أعلى بكثير، ففي كوريا وروسيا وبنغلادش، يدخّن أكثر من نصف السكّان.
ويعتبر التّدخين في ألمانيا من المواضيع المثيرة للجدل منذ سنوات، حيث بدأت وسائل الإعلام مؤخّراً بالحديث عن سياسة جديدة بخصوص التبغ، ستفرضها مديريّة الصحّة وحماية المستهلك التّابعة للمفوّضيّة الأوروبيّة، ومنها إبراز صورة مروّعة عن نتائج التّدخين ستعرض على علب السّجائر قريباً، حيث ستبيّن الأضرار الصحيّة الجسيمة بوضوح. يذكر أنّه في أستراليا وكندا والبرازيل، باتت مثل هذه الصّور أمراً إلزامياً بالفعل.
وستوضع جملة مثل "التدخين يسبّب سرطان الفم"، إلى جانب صورة لشخص يعاني من المرض ذاته، وهذه تعتبر بحدّ ذاتها تغييرات هائلة. ويعلّق "ديرك بانغريتس" من رابطة التبغ الألمانيّة، بأنّ الخطط الجديدة لا يمكن تحمّلها، وأنّ شركة التبغ الكبرى في ألمانيا ستخطو خطوات قانونيّة ضدّ ذلك.
يشار إلى أنّ استطلاعات الرّأي في أستراليا وكندا، تشير إلى أنّ تسعة من أصل عشرة أشخاص من الشّباب يرغبون برؤية تحذيرات واضحة على علب السّجائر، وحتى في ألمانيا، ترغب الأغلبيّة بذلك أيضاً.
ويذكر أنّه، وبحسب منظّمة الصحّة العالميّة، فإنّ التّبغ يقتل نصف من يتعاطونه تقريباً، حيث يودي بحياة ستّة ملايين نسمة تقريباً كلّ عام، وأكثر من 600,000 من غير المدخّنين الّذين يتعرّضون لدخانه.
ومن الممكن، إذا لم تتّخذ إجراءات عاجلة، أن يزيد عدد الوفيات ليبلغ أكثر من ثمانية ملايين حالة وفاة بحلول العام 2030.
وبحسب المنظّمة، يعيش نحو 80% من المدخّنين، البالغ عددهم مليار نسمة على الصّعيد العالميّ، في البلدان المنخفضة الدخل والمتوسّطة الدّخل.
وتتابع المنظّمة حديثها بالتّنبيه إلى أنّ إجمالي استهلاك التّبغ آخذ في الزّيادة على الصّعيد العالمي، وذلك على الرّغم من انخفاضه في بعض البلدان المرتفعة الدّخل وذات الدّخل المتوسّط.
وتضيف مشيرةً إلى أنَّ 29 بلداً فقط، أي ما يمثّل 15% من سكّان العالم، يطبّقون الممارسة الفضلى المتمثّلة بوضع تحذيرات مصوّرة، بما في ذلك تحذيرات مكتوبة بلغة البلد المحليّة، وتغطّي واجهة علب السّجائر وظهرها على الأقلّ، ولا يطبّق هذه الممارسة أيّ من البلدان المنخفضة الدّخل.
ومع هذه الصّورة القاتمة والأرقام المخيفة، يبقى السّؤال عن الإجراءات العملانيّة في التّوعية من مضارّ التّدخين في مجتمعاتنا العربيّة، ودور وسائل الإعلام، والهيئات التعليميّة والتربويّة والاجتماعيّة في كلّ ذلك، فكثيراً ما نرى بأمّ العين أطفالاً يدخّنون عند كلّ زاوية وطريق، وليس من أحد يهتمّ أو يكترث، وكأنّه منظر بات طبيعيّاً ومألوفاً حتى داخل المدارس أو بجانب أبوابها وأسوارها.
إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .