كتاب: "السيِّد فضل الله مفسِّراً"

كتاب: "السيِّد فضل الله مفسِّراً"

كتاب "السيِّد محمد حسين فضل الله مفسِّراً"، من إعداد السيِّد محمد الحسيني، صادر عن دار الملاك، بيروت، بطبعته الأولى العام 2004م.

يبدأ الباحث كتابه بمقدّمة يوضح فيها بعض الملامح الأساسيَّة لمنهج سماحته في التَّفسير مع بعض التَّطبيقات.

في الفصل الأوَّل، تناول الكاتب مشروعيّة التّفسير وشروط المفسِّر، بعدما قدّم إضاءةً على علم التّفسير. بدايةً، يتحدّث عن عمليّة التّفسير كعمليّة مشروعة ضمن إطار تدبُّر كلام الله تعالى، وهو ما حثّت عليه السنّة القطعيّة أيضاً، ويناقش في مسائل متّصلة، كالتّفسير بالرّأي وما يترتّب على ذلك.

وفي سياق كلامه، يشير الباحث إلى مفهوم الاستنطاق، الّذي لا يعني التَّفسير بمعناه الاصطلاحيّ بما هو تفسير وكشف للمدلولات القرآنيَّة، بل يتجاوزه إلى محاورة القرآن، واستكشاف نظريَّة الإسلام بشكل عام من القرآن الكريم، بما له من قيمومة على الحياة الإنسانيَّة، وهو الموجود في تعبيرات السيَّد فضل الله. وينقل الباحث قولاً لسماحة المرجع المفسِّر السيِّد فضل الله(رض)، يشرح فيه أسلوبه التّفسيريّ: "لا تفهموا القرآن من خلال القاموس، وإن كان للقاموس دوره، بل افهموا القرآن من خلال حركة الحياة"[1].

ويذكر الباحث شروط المفسِّر، وهي أن يكون مطّلعاً على اللّغة العربيّة ونظامها، وأن يمتلك ثقافة أدبيَّة واسعة منفتحة على عمق الأساليب الأدبيَّة في فهم المضمون هنا وهناك، كما يصرِّح بذلك سماحة السيِّد(رض). ومن الشّروط أيضاً، أن لا ينطلق المفسِّر من مواقف مسبقة تجاه النصّ القرآنيّ، بل أن يكون مجرّداً من كلّ الانحيازات الفكريّة والعاطفيّة لمبتنياته وأفكاره ومذهبه، كما على المفسّر أن يكون واضحاً في تحديد طريقته في التّفسير، وأن ينظر في المناهج العامّة للمفسّرين.

في الفصل الثّاني، يسرد المؤلّف لمحطَّات من حياة وشخصيَّة سماحة المفسِّر المرجع السيِّد فضل الله(رض)، ويعرّج على تفسير (من وحي القرآن) باعتباره أحد أهمّ التّفاسير في هذا القرن.

وقد نقل كتاب "التّفسير والمفسّرون"، كلاماً للشّيخ محمد هادي معرفة بشأن التّفسير المذكور، ما نصّه: "من وحي القرآن، تفسير تربويّ اجتماعيّ شامل، ويُعدّ من أروع التّفاسير الجامعة، من روح حركيّة نابضة بالحيويّة الإسلاميّة العريقة، انطلق فيه المؤلّف، وهو السيِّد محمد حسين فضل الله، من ألمع علماء الإسلام في القطر اللّبناني، يعمل في إحياء الجوّ القرآني في كلّ مجالات الحياة الماديّة والمعنويّة، نظير ما صنعه سيّد قطب في تفسير "في ظلال القرآن"، مضيفاً إليه تعاليم صادرة عن أهل البيت في تربية الجيل المسلم، ومتناسباً مع كلّ دور من أدوار الزّمان..."[2].

ويتابع الباحث وصفه لتفسير "من وحي القرآن"، فيبيِّن بعضاً من ملامحه، من حيث الإشارة إلى الوصف المجمل للأفكار الأساسيّة للسّورة، ومعاني المفردات الّتي تحتاج إلى توضيح، وبيان أسباب النزول، وتتبّع آراء المفسّرين، وبوجه خاصّ (تفسير الميزان للعلامة الطباطبائي)، كذلك ربطه للحاضر بالماضي من خلال القراءة الحركيّة الواعية.

وما يتميَّز به أيضاً، معالجة أهمّ الأبحاث العقائديّة، ومنها المعجزة والعصمة والولاية التكوينيّة، والشّفاعة وغير ذلك، وتضمّنه لبعض المباحث واللّفتات الفقهيّة والأبحاث الفكريّة والثقافيّة، ناهيك بموضوعات قرآنيّة كالنّسخ، وصيانة القرآن من التّحريف، والتّأويل، والمحكم والمتشابه، والقصّة في القرآن، ويعرض الباحث لجريدة المصادر الحديثيّة والتفسيريّة المعتمدة في تفسير "من وحي القرآن".

وفي الفصل الثّالث، يتناول على وجه التّحديد، منهج التّفسير عند السيّد فضل الله من خلال تفسيره "من وحي القرآن"، وما يستلزم ذلك من عرضٍ لمقولات أساسيّة، منها "استقلاليّة القرآن"، و"الظهور القرآني"، و"السياق القرآني"، و"الاستيحاء"، وما يتعلّق بها من تفاصيل، فالسيّد فضل الله يرى أنّ "القرآن ليس رسالة خاصّة من الله إلى رسوله يشتمل على الرّموز الخفيّة الّتي يفهمها المرسَل إليه دون النّاس، كما يحدث في الرّسائل الخاصّة، بل هو كتاب هدى للنّاس كافّة، فلا بدّ من أن يكون الرّمز الّذي يشتمل عليه مما يتّصل مضمونه بجميع النّاس"..

وهو أيضاً ـ القرآن ـ نصّ متكامل لا يتوقّف فهمه على نصّ آخر، بل إنّ بعضه يضيء البعض الآخر، ويحدّد المراد النّهائيّ منه..

كتاب غنيّ بمباحثه، وخصوصاً أنها تتعلّق بعالم التّفسير، وعلى وجه التّحديد ما يتّصل بملامح التّفسير لدى المرجع المفسّر السيّد محمد حسين فضل الله(رض)، وما اتّسم به من فرادة وأهميّة وإبداع وغنى.


[1] السيد محمد حسين فضل الله مفسّراً، محمد الحسيني، ص19.

[2] التّفسير والمفسّرون، ص:474.

إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .

كتاب "السيِّد محمد حسين فضل الله مفسِّراً"، من إعداد السيِّد محمد الحسيني، صادر عن دار الملاك، بيروت، بطبعته الأولى العام 2004م.

يبدأ الباحث كتابه بمقدّمة يوضح فيها بعض الملامح الأساسيَّة لمنهج سماحته في التَّفسير مع بعض التَّطبيقات.

في الفصل الأوَّل، تناول الكاتب مشروعيّة التّفسير وشروط المفسِّر، بعدما قدّم إضاءةً على علم التّفسير. بدايةً، يتحدّث عن عمليّة التّفسير كعمليّة مشروعة ضمن إطار تدبُّر كلام الله تعالى، وهو ما حثّت عليه السنّة القطعيّة أيضاً، ويناقش في مسائل متّصلة، كالتّفسير بالرّأي وما يترتّب على ذلك.

وفي سياق كلامه، يشير الباحث إلى مفهوم الاستنطاق، الّذي لا يعني التَّفسير بمعناه الاصطلاحيّ بما هو تفسير وكشف للمدلولات القرآنيَّة، بل يتجاوزه إلى محاورة القرآن، واستكشاف نظريَّة الإسلام بشكل عام من القرآن الكريم، بما له من قيمومة على الحياة الإنسانيَّة، وهو الموجود في تعبيرات السيَّد فضل الله. وينقل الباحث قولاً لسماحة المرجع المفسِّر السيِّد فضل الله(رض)، يشرح فيه أسلوبه التّفسيريّ: "لا تفهموا القرآن من خلال القاموس، وإن كان للقاموس دوره، بل افهموا القرآن من خلال حركة الحياة"[1].

ويذكر الباحث شروط المفسِّر، وهي أن يكون مطّلعاً على اللّغة العربيّة ونظامها، وأن يمتلك ثقافة أدبيَّة واسعة منفتحة على عمق الأساليب الأدبيَّة في فهم المضمون هنا وهناك، كما يصرِّح بذلك سماحة السيِّد(رض). ومن الشّروط أيضاً، أن لا ينطلق المفسِّر من مواقف مسبقة تجاه النصّ القرآنيّ، بل أن يكون مجرّداً من كلّ الانحيازات الفكريّة والعاطفيّة لمبتنياته وأفكاره ومذهبه، كما على المفسّر أن يكون واضحاً في تحديد طريقته في التّفسير، وأن ينظر في المناهج العامّة للمفسّرين.

في الفصل الثّاني، يسرد المؤلّف لمحطَّات من حياة وشخصيَّة سماحة المفسِّر المرجع السيِّد فضل الله(رض)، ويعرّج على تفسير (من وحي القرآن) باعتباره أحد أهمّ التّفاسير في هذا القرن.

وقد نقل كتاب "التّفسير والمفسّرون"، كلاماً للشّيخ محمد هادي معرفة بشأن التّفسير المذكور، ما نصّه: "من وحي القرآن، تفسير تربويّ اجتماعيّ شامل، ويُعدّ من أروع التّفاسير الجامعة، من روح حركيّة نابضة بالحيويّة الإسلاميّة العريقة، انطلق فيه المؤلّف، وهو السيِّد محمد حسين فضل الله، من ألمع علماء الإسلام في القطر اللّبناني، يعمل في إحياء الجوّ القرآني في كلّ مجالات الحياة الماديّة والمعنويّة، نظير ما صنعه سيّد قطب في تفسير "في ظلال القرآن"، مضيفاً إليه تعاليم صادرة عن أهل البيت في تربية الجيل المسلم، ومتناسباً مع كلّ دور من أدوار الزّمان..."[2].

ويتابع الباحث وصفه لتفسير "من وحي القرآن"، فيبيِّن بعضاً من ملامحه، من حيث الإشارة إلى الوصف المجمل للأفكار الأساسيّة للسّورة، ومعاني المفردات الّتي تحتاج إلى توضيح، وبيان أسباب النزول، وتتبّع آراء المفسّرين، وبوجه خاصّ (تفسير الميزان للعلامة الطباطبائي)، كذلك ربطه للحاضر بالماضي من خلال القراءة الحركيّة الواعية.

وما يتميَّز به أيضاً، معالجة أهمّ الأبحاث العقائديّة، ومنها المعجزة والعصمة والولاية التكوينيّة، والشّفاعة وغير ذلك، وتضمّنه لبعض المباحث واللّفتات الفقهيّة والأبحاث الفكريّة والثقافيّة، ناهيك بموضوعات قرآنيّة كالنّسخ، وصيانة القرآن من التّحريف، والتّأويل، والمحكم والمتشابه، والقصّة في القرآن، ويعرض الباحث لجريدة المصادر الحديثيّة والتفسيريّة المعتمدة في تفسير "من وحي القرآن".

وفي الفصل الثّالث، يتناول على وجه التّحديد، منهج التّفسير عند السيّد فضل الله من خلال تفسيره "من وحي القرآن"، وما يستلزم ذلك من عرضٍ لمقولات أساسيّة، منها "استقلاليّة القرآن"، و"الظهور القرآني"، و"السياق القرآني"، و"الاستيحاء"، وما يتعلّق بها من تفاصيل، فالسيّد فضل الله يرى أنّ "القرآن ليس رسالة خاصّة من الله إلى رسوله يشتمل على الرّموز الخفيّة الّتي يفهمها المرسَل إليه دون النّاس، كما يحدث في الرّسائل الخاصّة، بل هو كتاب هدى للنّاس كافّة، فلا بدّ من أن يكون الرّمز الّذي يشتمل عليه مما يتّصل مضمونه بجميع النّاس"..

وهو أيضاً ـ القرآن ـ نصّ متكامل لا يتوقّف فهمه على نصّ آخر، بل إنّ بعضه يضيء البعض الآخر، ويحدّد المراد النّهائيّ منه..

كتاب غنيّ بمباحثه، وخصوصاً أنها تتعلّق بعالم التّفسير، وعلى وجه التّحديد ما يتّصل بملامح التّفسير لدى المرجع المفسّر السيّد محمد حسين فضل الله(رض)، وما اتّسم به من فرادة وأهميّة وإبداع وغنى.


[1] السيد محمد حسين فضل الله مفسّراً، محمد الحسيني، ص19.

[2] التّفسير والمفسّرون، ص:474.

إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية