ما يتحقّق به السفر

ما يتحقّق به السفر

يتحقّق السفر الشرعي من المكلّف بالقطع المقصود للمسافة المعتبرة، وهي محدّدة في الشرع بثمانية فراسخ، والفرسخ مصطلح قديم في المسافة، ويساوي ثلاثة أميال شرعية، والميل: أربعة آلاف ذراع، بذراع اليد، وحَدُّه من المرفق إلى أطراف الأصابع في الإنسان المعتدل القامة.  وهي تساوي بالمصطلح الحديث ثلاثة وأربعين كيلو متراً وخمس الكيلو متر الواحد.

وحيث يقصد المكلّف قطع هذه المسافة ويشرع في السفر يعتبر مسافراً شرعاً ويقصر الصلاة، فإن نقصت عن تلك المسافة ولو قليلاً أتـمّ صلاته.

م ـ 795: لا يختلف الأمر في تحقّق السفر ولزوم القصر بين الصور المختلفة لقطع المسافة، وهي:
1 ـ أن يظلّ سائراً حتى يقطع تمام المسافة دفعة واحدة، وهي ما يصطلح عليه بـ (المسافة الامتدادية).
2 ـ أن يقطع نصف هذه المسافة أو ما يزيد عليها ذهاباً ونصفها أو ما يزيد عليه إياباً، بحيث يكون مجموع ذهابه وإيابه بحدود أربعةٍ وأربعين كيلو متراً فصاعداً.  وهي ما يصطلح عليها بـ (المسافة الملفقة).  ويشترط في ترتب الأثر عليها أن يرجع قبل مضي عشرة أيام على ذهابه وانطلاقه في سفره، فإذا كان في نية المسافر أن يفصل بين ذهابه ورجوعه بنية الإقامة عشرة أيام في مقصده لزمه الإتمام.
3 ـ أن يقطع المسافة الملفقة ولكن من دون أن يتساوى ذهابه ورجوعه، كأن يكون ذهابه ثمانية عشر كيلو متراً وإيابه ستة وعشرين كيلو متراً، أو بالعكس، ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط في هذه الصورة بالجمع بين القصر والتمام، وذلك بالإتيان بالفريضة مرة قصراً ومرة تماماً، ويتأكد الاحتياط في صورة ما لو كان الذهاب أقل من النصف والرجوع أكثر.

م ـ 796: لا فرق في الطريق التي يسلكها المسافر بين الطريق المستقيمة أو المتعرجة كثيراً أو قليلاً أو المستديرة، فمن كان مقصده واقعاً في طريق جبلي ملتف حول الجبل، أو كثير التعاريج، فإنه يحسب المسافة التي يمشيها إلى مقصده ولو كان ـ بحسب النظر ـ قريباً، اللّهم إلاَّ أن تكون الطريق مستديرة حول البلدة بنحو لا يعدّ السائر فيها مسافراً عرفاً، فلا تحسب من المسافة حينئذ.

م ـ 797: إذا أمكنه الوصول إلى مقصده من طريقين، إحداهما قريبة لا قصر فيها، والأخرى بعيدة يُقصِّر من سلكها، لم يجب على المسافر اختيار الطريقة القريبة حرصاً على إتمام الصلاة، بل يجوز له سلوك الطريق الأبعد والتقصير.

م ـ 798: لا يشترط في تحقّق السفر ولزوم القصر علم المكلّف حين شروعه في السفر بأنَّ البلد الذي يقصده يبعد مسافة القصر، بل يكفي علمه بذلك في الأثناء أو حين وصوله إليه، كذلك فإنه لا يشترط قصد بلد معين عند المسافة أو بعدها، فيكفيه قصد المسافة مجرّدة عن مكان محدّد.  والمهم في المقام تحقّق قطع المسافة مع قصد السفر المسبق إلى تلك المسافة أو إلى ذلك البلد، بلا فرق بين ما لو تعلّق القصد بمكان محدّد أو غير محدّد، وبلا فرق بين ما لو علم مسبقاً بأنَّ المكان المحدّد الذي قصده فيه مسافة القصر وبين ما لو لم يعلم بذلك.

م ـ 799: ابتداء حساب المسافة من آخر بيوت البلد من الجهة التي يخرج منها، ونهاية حساب المسافة عند أول بيوت البلد المقصودة من الجهة التي يدخل منها، والبلاد التي يخترقها عابراً فيها خلال سفره يَحسبُ طريقَها الداخلي من المسافة، إلا أن يكون له غرض في التجول فيها، للفرار من زحمة السير، أو التبضع، أو زيارة صديق، فإنه لا يَحسِبُ مسافة تجواله فيها من المسافة، نعم إذا تعدّدت المخارج منها فإنه لا بأس بسلوك طريق داخلي أطول ولو من دون سبب.
هذا ولا بُدَّ من التنبيه إلى أنه لا يشرع له قصر الصلاة أو الإفطار بمجرّد الخروج من البلد بل بعد تجاوز حدّ الترخص، كما سيأتي بيانه.

م ـ 800: تثبت المسافة بالعلم الوجداني الحاصل من التجربة ونحوها، وبالاطمئنان الحاصل من الشياع ونحوه، وبالبينة الشرعية الحاصلة من شهادة العدلين بها، وبخبر العدل الواحد، بل بخبر مطلق الثقة ولو لم يكن مسلماً.  وإذا تعارضت البينتان أو خبر العدلين أو الثقتين، سقطا عن الاعتبار ولم يُعتمد على أحدهما، ويبقى حكمه التمام ما دام لم يعلم بقطع المسافة.  هذا ولا يجب الفحص على المكلّف، ولو لم يكن فيه حرج، فحيث يشك في قطع المسافة يبقى على التمام إلى حين حصول العلم.

م ـ 801: لا بُدَّ من تحقّق العزم والقصد إلى قطع المسافة من أول السير، فلو سار مدّة من دون قصد مكان محدّد، رغبةً في النزهة أو طلباً لحيوان شارد، مثلاً، لم يحسب ذلك سفراً مهما طال، فإن نوى مكاناً محدّداً بعد ذلك احتسب المسافة من حين النية، فإن كان الباقي إلى مقصده مسافة السفر الشرعي ولو ملفقاً قصر، وإلاَّ أتـمّ.

كذلك فإنه لا بُدَّ من استمرار عزمه ونيته على الوصول إلى مقصده إلى حين وصوله إليه، فإن عدل في الأثناء عن متابعة السفر، أو تردّد ما بين متابعة السفر وعدمه واستمر على تردّده، لزمه الإتمام إذا لم تكن المسافة التي قطعها موجبة للقصر ولو ملفقة باحتساب مسافة الرجوع معها، وحينئذ فإنه إن كان قبل ذلك قد صلى فريضة قصراً أعادها تماماً في الوقت، وإلاَّ قضاها تماماً خارج الوقت على الأحوط وجوباً فيهما.  كما إنَّ عليه ـ في هذه الحالة ـ إن كان صائماً فأفطر الإمساك بقية النهار ثُمَّ قضاء الصوم فيما بعد على الأحوط وجوباً.  أمّا إذا كان ما قطعه مسافة القصر لم يكن عليه بأس في إفطاره ولا قصره.
من أجل ذلك فإنه لا بُدَّ للمسافر حين عزمه على قطع المسافة من إحراز قدرته على ذلك، وانتفاء الموانع من تحقيق مبتغاه، فلو لم يحرز ذلك، محتملاً عجزه عن المتابعة احتمالاً معتداً به، فضلاً عمّا لو علم به أو ظنّه، لم يترتب الأثر على سفره ذلك، إلاَّ أن يكون الاحتمال ضئيلاً لا يعتد به.

م ـ 802: التردّد في الأثناء ثُمَّ العود إلى نيته لا يلغي ما قطعه قبل تردّده، سواء قطع شيئاً من المسافة خلال حيرته وتردّده أو لم يقطع شيئاً، بل يستمر سفره ويرتب عليه الأثر كأن شيئاً لم يكن.  أمّا إذا لم يكن توقفه عن تردّد وحيرة بل عزم على ترك السفر وعدل عنه، فإن ظلّ في مكانه ثُمَّ تجدّد عزمه على متابعة السفر لم يضر ذلك بسفره، وإن فارق مكانه عائداً إلى وطنه، وسار أميالاً، ثُمَّ عدل عن العودة وتجدّد منه العزم على متابعة السفر، فإنه يلغى ما كان قد قطعه من المسافة في مبدأ سفره، ويشرع باحتساب المسافة من حين تَجَدُّدِ العزمِ على السفر، فإن كان ما بقي له إلى مقصده المسافة الشرعية، ولو ملفقة، قصّر الصلاة، وإلاَّ أتـمّ.

م ـ 803: إذا خرج من بيته إلى ما دون الأربعة فراسخ بنية السفر إذا تيسرت له سيارة تنقله، أو إذا رافقه فلان في سفره، أو نحوهما من الشروط التي لا يجزم بحصولها، لم تحسب له المسافة التي قطعها إلى موضع الاشتراط، ولزمه أن يستأنف سفراً جديداً من موضعه، نعم إذا كان جازماً بحصول الشرط بنحو لم يضر بعزمه على السفر احتسَبَ تلك المسافة ورتَّبَ على قطعِها الأثر.

م ـ 804: لا يشترط في القصد أن يكون نابعاً من رغبة شخصية مستقلة، بل يكفي فيه الانقياد والتبعية لرغبة الغير، مع العلم بقصده للمسافة، وذلك كمثل الخادم والزوجة والولد ممن يكون تابعاً للمخدوم والزوج والأب اختياراً، بل وكذلك مثل الأسير الذي يتبع آسرَه قهراً.  هذا ولا يكفي أن يقصد التابع ما يقصده المتبوع عند شكه في كون مقصده مسافة شرعية، وجهله بوجهة الآسر ومقصده، بل يبقى على التمام حينئذ، ولا يجب عليه ـ في هذه الحالة ـ الاستخبار عن قصد المتبوع، وإن كان هو الأحوط استحباباً، كذلك لا يجب على المتبوع الإخبار، وإذا علم التابع بقصد المتبوع في الأثناء احتسب المسافة من حين العلم، فإن كان الباقي مسافة شرعية قصّر وإلاَّ أتـمّ.

وإذا علم التابع المقهور مقصد آسره وكان مسافة شرعية، لكنه أسرَّ في نفسه رغبة وعزماً على مفارقة المتبوع حين سنوح الفرصة قبل الوصول إلى مقصده المعلوم، لم يكن الأسير بذلك قاصداً قطع المسافة، فيلزمه الإتمام حينئذ.

م ـ 805: لا يضر بالقصد حدوث النوم أو الإغماء بعده ما دام قد حصل القصد قبل ذلك، سواء حدث قبل شروعه في السفر أو بعد الشروع فيه، وعليه فإنه لا يتحقّق السفر بدون قصد مسبق من النائم أو المغمى عليه إذا حصل له السفر ولم يستيقظ إلاَّ بعد قطع المسافة.

م ـ 806: إذا اعتقد كون ما قطعه مسافة فقصر، فظهر عدمه، أعاد الصلاة إن بقي وقتها، وقضاها إن كان قد مضى وقتها، أمّا إذا اعتقد أنَّ ما قطعه ليس مسافة فأتـمّ صلاته، ثُمَّ تبين أنه مسافة، أعاد صلاته في وقتها، ولا يقضيها إن خرج الوقت.

م ـ 807: إذا شك في كون ما قصده مسافة، أو اعتقد عدم كونه مسافة، ثُمَّ تبين له في الأثناء أنه مسافة، وجب عليه القصر حتى لو لم يكن الباقي مسافة مستقلة، وكذلك يقصر لو ظلّ جاهلاً أو شاكاً بكونه مسافة إلى ما بعد الوصول إلى مقصده وانكشاف قطعه لها.

 

يتحقّق السفر الشرعي من المكلّف بالقطع المقصود للمسافة المعتبرة، وهي محدّدة في الشرع بثمانية فراسخ، والفرسخ مصطلح قديم في المسافة، ويساوي ثلاثة أميال شرعية، والميل: أربعة آلاف ذراع، بذراع اليد، وحَدُّه من المرفق إلى أطراف الأصابع في الإنسان المعتدل القامة.  وهي تساوي بالمصطلح الحديث ثلاثة وأربعين كيلو متراً وخمس الكيلو متر الواحد.

وحيث يقصد المكلّف قطع هذه المسافة ويشرع في السفر يعتبر مسافراً شرعاً ويقصر الصلاة، فإن نقصت عن تلك المسافة ولو قليلاً أتـمّ صلاته.

م ـ 795: لا يختلف الأمر في تحقّق السفر ولزوم القصر بين الصور المختلفة لقطع المسافة، وهي:
1 ـ أن يظلّ سائراً حتى يقطع تمام المسافة دفعة واحدة، وهي ما يصطلح عليه بـ (المسافة الامتدادية).
2 ـ أن يقطع نصف هذه المسافة أو ما يزيد عليها ذهاباً ونصفها أو ما يزيد عليه إياباً، بحيث يكون مجموع ذهابه وإيابه بحدود أربعةٍ وأربعين كيلو متراً فصاعداً.  وهي ما يصطلح عليها بـ (المسافة الملفقة).  ويشترط في ترتب الأثر عليها أن يرجع قبل مضي عشرة أيام على ذهابه وانطلاقه في سفره، فإذا كان في نية المسافر أن يفصل بين ذهابه ورجوعه بنية الإقامة عشرة أيام في مقصده لزمه الإتمام.
3 ـ أن يقطع المسافة الملفقة ولكن من دون أن يتساوى ذهابه ورجوعه، كأن يكون ذهابه ثمانية عشر كيلو متراً وإيابه ستة وعشرين كيلو متراً، أو بالعكس، ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط في هذه الصورة بالجمع بين القصر والتمام، وذلك بالإتيان بالفريضة مرة قصراً ومرة تماماً، ويتأكد الاحتياط في صورة ما لو كان الذهاب أقل من النصف والرجوع أكثر.

م ـ 796: لا فرق في الطريق التي يسلكها المسافر بين الطريق المستقيمة أو المتعرجة كثيراً أو قليلاً أو المستديرة، فمن كان مقصده واقعاً في طريق جبلي ملتف حول الجبل، أو كثير التعاريج، فإنه يحسب المسافة التي يمشيها إلى مقصده ولو كان ـ بحسب النظر ـ قريباً، اللّهم إلاَّ أن تكون الطريق مستديرة حول البلدة بنحو لا يعدّ السائر فيها مسافراً عرفاً، فلا تحسب من المسافة حينئذ.

م ـ 797: إذا أمكنه الوصول إلى مقصده من طريقين، إحداهما قريبة لا قصر فيها، والأخرى بعيدة يُقصِّر من سلكها، لم يجب على المسافر اختيار الطريقة القريبة حرصاً على إتمام الصلاة، بل يجوز له سلوك الطريق الأبعد والتقصير.

م ـ 798: لا يشترط في تحقّق السفر ولزوم القصر علم المكلّف حين شروعه في السفر بأنَّ البلد الذي يقصده يبعد مسافة القصر، بل يكفي علمه بذلك في الأثناء أو حين وصوله إليه، كذلك فإنه لا يشترط قصد بلد معين عند المسافة أو بعدها، فيكفيه قصد المسافة مجرّدة عن مكان محدّد.  والمهم في المقام تحقّق قطع المسافة مع قصد السفر المسبق إلى تلك المسافة أو إلى ذلك البلد، بلا فرق بين ما لو تعلّق القصد بمكان محدّد أو غير محدّد، وبلا فرق بين ما لو علم مسبقاً بأنَّ المكان المحدّد الذي قصده فيه مسافة القصر وبين ما لو لم يعلم بذلك.

م ـ 799: ابتداء حساب المسافة من آخر بيوت البلد من الجهة التي يخرج منها، ونهاية حساب المسافة عند أول بيوت البلد المقصودة من الجهة التي يدخل منها، والبلاد التي يخترقها عابراً فيها خلال سفره يَحسبُ طريقَها الداخلي من المسافة، إلا أن يكون له غرض في التجول فيها، للفرار من زحمة السير، أو التبضع، أو زيارة صديق، فإنه لا يَحسِبُ مسافة تجواله فيها من المسافة، نعم إذا تعدّدت المخارج منها فإنه لا بأس بسلوك طريق داخلي أطول ولو من دون سبب.
هذا ولا بُدَّ من التنبيه إلى أنه لا يشرع له قصر الصلاة أو الإفطار بمجرّد الخروج من البلد بل بعد تجاوز حدّ الترخص، كما سيأتي بيانه.

م ـ 800: تثبت المسافة بالعلم الوجداني الحاصل من التجربة ونحوها، وبالاطمئنان الحاصل من الشياع ونحوه، وبالبينة الشرعية الحاصلة من شهادة العدلين بها، وبخبر العدل الواحد، بل بخبر مطلق الثقة ولو لم يكن مسلماً.  وإذا تعارضت البينتان أو خبر العدلين أو الثقتين، سقطا عن الاعتبار ولم يُعتمد على أحدهما، ويبقى حكمه التمام ما دام لم يعلم بقطع المسافة.  هذا ولا يجب الفحص على المكلّف، ولو لم يكن فيه حرج، فحيث يشك في قطع المسافة يبقى على التمام إلى حين حصول العلم.

م ـ 801: لا بُدَّ من تحقّق العزم والقصد إلى قطع المسافة من أول السير، فلو سار مدّة من دون قصد مكان محدّد، رغبةً في النزهة أو طلباً لحيوان شارد، مثلاً، لم يحسب ذلك سفراً مهما طال، فإن نوى مكاناً محدّداً بعد ذلك احتسب المسافة من حين النية، فإن كان الباقي إلى مقصده مسافة السفر الشرعي ولو ملفقاً قصر، وإلاَّ أتـمّ.

كذلك فإنه لا بُدَّ من استمرار عزمه ونيته على الوصول إلى مقصده إلى حين وصوله إليه، فإن عدل في الأثناء عن متابعة السفر، أو تردّد ما بين متابعة السفر وعدمه واستمر على تردّده، لزمه الإتمام إذا لم تكن المسافة التي قطعها موجبة للقصر ولو ملفقة باحتساب مسافة الرجوع معها، وحينئذ فإنه إن كان قبل ذلك قد صلى فريضة قصراً أعادها تماماً في الوقت، وإلاَّ قضاها تماماً خارج الوقت على الأحوط وجوباً فيهما.  كما إنَّ عليه ـ في هذه الحالة ـ إن كان صائماً فأفطر الإمساك بقية النهار ثُمَّ قضاء الصوم فيما بعد على الأحوط وجوباً.  أمّا إذا كان ما قطعه مسافة القصر لم يكن عليه بأس في إفطاره ولا قصره.
من أجل ذلك فإنه لا بُدَّ للمسافر حين عزمه على قطع المسافة من إحراز قدرته على ذلك، وانتفاء الموانع من تحقيق مبتغاه، فلو لم يحرز ذلك، محتملاً عجزه عن المتابعة احتمالاً معتداً به، فضلاً عمّا لو علم به أو ظنّه، لم يترتب الأثر على سفره ذلك، إلاَّ أن يكون الاحتمال ضئيلاً لا يعتد به.

م ـ 802: التردّد في الأثناء ثُمَّ العود إلى نيته لا يلغي ما قطعه قبل تردّده، سواء قطع شيئاً من المسافة خلال حيرته وتردّده أو لم يقطع شيئاً، بل يستمر سفره ويرتب عليه الأثر كأن شيئاً لم يكن.  أمّا إذا لم يكن توقفه عن تردّد وحيرة بل عزم على ترك السفر وعدل عنه، فإن ظلّ في مكانه ثُمَّ تجدّد عزمه على متابعة السفر لم يضر ذلك بسفره، وإن فارق مكانه عائداً إلى وطنه، وسار أميالاً، ثُمَّ عدل عن العودة وتجدّد منه العزم على متابعة السفر، فإنه يلغى ما كان قد قطعه من المسافة في مبدأ سفره، ويشرع باحتساب المسافة من حين تَجَدُّدِ العزمِ على السفر، فإن كان ما بقي له إلى مقصده المسافة الشرعية، ولو ملفقة، قصّر الصلاة، وإلاَّ أتـمّ.

م ـ 803: إذا خرج من بيته إلى ما دون الأربعة فراسخ بنية السفر إذا تيسرت له سيارة تنقله، أو إذا رافقه فلان في سفره، أو نحوهما من الشروط التي لا يجزم بحصولها، لم تحسب له المسافة التي قطعها إلى موضع الاشتراط، ولزمه أن يستأنف سفراً جديداً من موضعه، نعم إذا كان جازماً بحصول الشرط بنحو لم يضر بعزمه على السفر احتسَبَ تلك المسافة ورتَّبَ على قطعِها الأثر.

م ـ 804: لا يشترط في القصد أن يكون نابعاً من رغبة شخصية مستقلة، بل يكفي فيه الانقياد والتبعية لرغبة الغير، مع العلم بقصده للمسافة، وذلك كمثل الخادم والزوجة والولد ممن يكون تابعاً للمخدوم والزوج والأب اختياراً، بل وكذلك مثل الأسير الذي يتبع آسرَه قهراً.  هذا ولا يكفي أن يقصد التابع ما يقصده المتبوع عند شكه في كون مقصده مسافة شرعية، وجهله بوجهة الآسر ومقصده، بل يبقى على التمام حينئذ، ولا يجب عليه ـ في هذه الحالة ـ الاستخبار عن قصد المتبوع، وإن كان هو الأحوط استحباباً، كذلك لا يجب على المتبوع الإخبار، وإذا علم التابع بقصد المتبوع في الأثناء احتسب المسافة من حين العلم، فإن كان الباقي مسافة شرعية قصّر وإلاَّ أتـمّ.

وإذا علم التابع المقهور مقصد آسره وكان مسافة شرعية، لكنه أسرَّ في نفسه رغبة وعزماً على مفارقة المتبوع حين سنوح الفرصة قبل الوصول إلى مقصده المعلوم، لم يكن الأسير بذلك قاصداً قطع المسافة، فيلزمه الإتمام حينئذ.

م ـ 805: لا يضر بالقصد حدوث النوم أو الإغماء بعده ما دام قد حصل القصد قبل ذلك، سواء حدث قبل شروعه في السفر أو بعد الشروع فيه، وعليه فإنه لا يتحقّق السفر بدون قصد مسبق من النائم أو المغمى عليه إذا حصل له السفر ولم يستيقظ إلاَّ بعد قطع المسافة.

م ـ 806: إذا اعتقد كون ما قطعه مسافة فقصر، فظهر عدمه، أعاد الصلاة إن بقي وقتها، وقضاها إن كان قد مضى وقتها، أمّا إذا اعتقد أنَّ ما قطعه ليس مسافة فأتـمّ صلاته، ثُمَّ تبين أنه مسافة، أعاد صلاته في وقتها، ولا يقضيها إن خرج الوقت.

م ـ 807: إذا شك في كون ما قصده مسافة، أو اعتقد عدم كونه مسافة، ثُمَّ تبين له في الأثناء أنه مسافة، وجب عليه القصر حتى لو لم يكن الباقي مسافة مستقلة، وكذلك يقصر لو ظلّ جاهلاً أو شاكاً بكونه مسافة إلى ما بعد الوصول إلى مقصده وانكشاف قطعه لها.

 

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية