كان أسلوب النبي محمّد(ص) يتَّجه نحو تحريك العقل لدى الناس أمام الحالة العدائية التي واجهته من خلال المشركين، لأنَّ المجتمع العربي الَّذي أراد الله لهذه الرسالة أن تنطلق منه، وتتجذّر فيه، وتمتدّ من خلاله إلى سائر أنحاء العالم، كان مجتمعاً بسيطاً في ثقافته، عاديَّاً في إمكاناته، لا عمق له في التفكير، فهو لا يملك أيّ قدرة علمية على مستوى الظاهرة العامة، من خلال حاجته لهذه القدرة من أجل مواجهته بالمعجزة، التي كانت تتحدى بطبيعتها مظاهر القوة في المجتمع، كما هو الحال في تجربة النبي موسى(ع)، في مواجهته للمجتمع الفرعوني الذي كان السحر فيه يمثل القوة البارزة التي تجتذب الجماهير في استغلال فرعون لها، من خلال أتباعه من السحرة، أو في تجربة النبي عيسى(ع) الذي كان يواجه ظاهرة القوة في علم الطب الذي يجمع الناس حوله، فكانت العصا واليد البيضاء تحدياً للسحر الذي فقد قوته في مواجهة موسى(ع)، وكان إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص، إضافةً إلى بعض الغيبيات، رداً للتحدي في مجتمع عيسى(ع)، وإثباتاً لقوة النبوة.
ولكنَّ قريش كانت تسمع أخبار النبوات السابقة، ما جعلها تتصوّر أنّ دور النبي أن يأتي بآية مماثلة لما جاء به الأنبياء، وأن يثبت نبوَّته بقدرته على تغيير العالم الطبيعي، أو على القيام بأعمال خارقة، تماماً كما لو كانت المعجزة مسألة مرتبطة بالاستعراض المثير، كما هو الرجل القويّ الاستعراضي الذي يريد إرهاب الآخرين، من خلال استعراض قوته بأساليبها المتنوعة أمامهم، ولا سيما أنهم يؤكدون ذلك بتصوراتهم الخاطئة، إذ إنّ النبوَّة لا تلتقي مع البشرية، بل إنها مهمّة المخلوقات الخارقة في طبيعتها وقدرتها، كالملائكة، وهذا هو ما واجهه النبي(ص) من المشركين في مكّة، في تحدياتهم العدوانية التي أرادوا من خلالها استثارة الجماهير، لإظهار عجز النبيّ(ص) أمامها، فيسقط دوره في قضيّة النبوّة، كنتيجة طبيعية لذلك، كما كانوا يتصوّرون.
وتتمثّل هذه الحالة في الطّروحات والاقتراحات التعجيزيّة التي استخدمها المجتمع القرشي مع الرسول(ص)، كما في قوله تعالى: {وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعاً * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً * أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ قَبِيلاً * أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَراً رَّسُولاً}1. ونلاحظ أنَّ هذه المجموعة من الاقتراحات، ليست متناسقةً في طبيعتها وعناصرها الذاتية، لأنَّ المطلوب هو أن يطرحوا شيئاً، أيَّ شيء، خارج القدرة العاديّة، لإظهار عجزه أمام الناس، لإسقاط دعواه في النبوّة.
دور الرّسول
ولكنَّ النبي(ص) ـ بتوجيه من الله ـ أراد أن يضع أمامهم الحقيقة الرسالية، وهي أن النبي لم يرسل ليغيّر العالم تكوينياً، أو ليأتي بأعمال خارقة من غير ضرورة، بل جاء ليبلغ الناس رسالة ربه، ليسمعوها، ويفكّروا فيها، ويؤمنوا بها، من خلال تأمّلاتهم الفكريّة، أو من خلال حوارهم مع النبي، وهذا ما أجابهم به: {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَراً رَّسُولاً}، فإنّ النبوّة لم تخرجني عن حدود بشريتي في القدرات الذاتية الطبيعية التي لا تملك قدرة الردّ على كل ما طرحتموه، كما أن دور الرسولية ليس هو هذا الدور، بل القيام بتبليغ الرسالة من الله، وتذكيرهم بمسؤولياتهم أمام المصير الذي ينتظرهم في الدنيا والآخرة.
ثم يدخل القرآن في الحديث عن النظرة الخاطئة في أبعادها التاريخيَّة، التي كانت تتصوَّر المنافاة بين البشرية والرسولية، لأنَّ للرسوليَّة معناها في سرّ الغيب، فلا بدَّ من أن يكون الرسول شخصيَّة غيبيَّة: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُواْ إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى إِلاَّ أَن قَالُواْ أَبَعَثَ اللّهُ بَشَراً رَّسُولاً}، ولكنَّهم لم يدركوا أن الرسول لا بدَّ من أن يكون مماثلاً في قدراته وفي طبيعته للذين أرسل إليهم، لأنَّ ذلك هو الَّذي يجعل مسألة التفاعل معه مسألة طبيعيّة، ويرتفع به إلى مستوى القدوة في سيرته، باعتبار أن التزامه بالقيم الرسالية لم يكن بعيداً عن درجة القدرة المتناسبة مع قدراتهم، ما يجعلهم قادرين على أن يقتدوا به، ويفعلوا فعله، ويلتزموا خطّه.
فالبشر لا بدَّ من أن يكون رسولهم منهم، وإذا كان هناك ملك، فلا بدَّ من أن يكون الرسول ملكاً مماثلاً له، {قُل لَّوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلآئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ مَلَكاً رَّسُولاً}، وهكذا رأينا أن ردَّ فعل النبي ـ وحسب الأسلوب القرآني ـ هو توجيه الخطاب إلى عقولهم، ليفكّروا في المسألة تفكيراً موضوعياً، فإذا كان الغيب بيد الله، وكانت الرسالة صادرة عن الله ـ وهو ما يؤمنون به حسب فرضية الطرح التعجيزي ـ فإن الله بحكمته قادر على أن يرسل بشراً للبشر، أو ملكاً للملائكة، لأنَّ المسألة كلّها هي كيف يبلّغ الله وحيه لعباده، وهي من الأمور التي لا يملك أحدٌ غير الله أيّ خيار فيها، ولذلك، أراد الله للنبي(ص) أن يؤكّد لهم الثّقة برسوليّته، من خلال تأكيد شهادة الله له، التي سوف تفرض نفسها عليهم إن عاجلاً أو آجلاً، {قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً}2.
وقد أكّد القرآن في أكثر من آية، أنَّ هؤلاء لا يطلبون الآيات الإعجازية ليؤمنوا به، بل لإطلاق التحدي في وجه رسالته، لأنهم أصروا منذ البداية على الكفر، وذلك قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ * خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ}3.
وقوله تعالى: {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ}4، وقوله تعالى: {وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا حَتَّى إِذَا جَآؤُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ}5.
وكانوا يكرّرون عليه طلب الآيات: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}6، وهكذا، يعالج القرآن المسألة بالتأكيد أنَّ الآية لا دور لها في حاجات الرسالة، لأنَّ دورها يتَّصل بانفتاح العقل على مسائل الهداية وأساليب الإنذار، لأنَّ قضية ردِّ التحدي بالآية، لا تخضع للاقتراح، بل تخضع لتحديات الواقع الاجتماعي في إزالة الحواجز الواقعية عن طريق الرسالة، وقد أثار القرآن أمام الناس، أن هؤلاء المقترحين لا يؤمنون بالآية إذا جاءتهم من قبل الله: {وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءتْ لاَ يُؤْمِنُونَ}7.
وكانوا يحاولون فتنته عن وحي الله، ليفتري على الله كلاماً آخر، ليقرّبوه إليهم، ظناً منهم أنّه يخضع لأساليب الإغراء والفتنة الصَّادرة عنهم، ولكنَّ الله يثبّت رسوله بالعصمة الفكريّة والروحيّة والعمليّة واللّطف الإلهي، فيتمرد ـ طبيعياً ـ على كلّ وسائل الإغراء الموجّهة إليه، بالدرجة التي لو وجِّهت إلى غيره، لركن إليها، واستسلم لما يريدونه منه. وقد تحدَّث القرآن عن ذلك بقوله تعالى: {وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً * وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً * إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً}8.
وكان النبيّ(ص) يصارحهم بأنّه الأمين على وحي الله، بإصرارٍ شديد على أن يتلوه عليهم كما أنزله الله، ليعرفوا أن القرآن لم يصدر عن ذاتياته الثقافية، {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}9، وأنَّ الله يريد له الإيحاء لهم بثباته على الرّسالة، من خلال ائتمانه عليها، وبأنه لا يملك لنفسه حقّ التصرّف بهذه الرسالة، إلا من خلال قوله تعالى وأمره، بحيث لو انحرف عنه، لعذّبه الله.
وعندما يئسوا من استسلامه لهم في الاستجابة لطروحاتهم، ورأوا أن الناس بدأوا ينجذبون إليه، من خلال القرآن الذي أقبلوا يستمعون إليه، حاولوا أن يمنعوا الناس من الاستماع إلى القرآن، {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ}10.
إثارة التفكير
وهكذا، كان الأسلوب النبويّ يتحرك لإبعاد كلّ التهاويل والضغوط النفسيّة التي تدفعهم إلى عدم الإيمان، بفعل الصدمة الضاغطة من الخارج من دون تفكير، لأنَّ رسالته هي أن يفكّروا في الإيمان، ويقتنعوا به، من خلال استيعاب كلّ مفرداته ووسائله. ولهذا، برز إليهم كرسول لا يحمل أية قدرات ذاتية خارج بشريته، ولا يقدّم لهم أية أمور خارقة للعادة في الصورة المادية على الصعيد الكوني، بل يحمل إليهم وحي الله رسالةً تثير الفكر، وتفتح القلب، وتلتقي بإنسانية الإنسان، وترتفع به إلى آفاق الله، وتدفعه إلى المنهج العقلي في متابعة آيات الله في النفس وفي الكون كلّه، ليرى الله في وحدانيته متمثّلاً في كلّ آية من آياته الكونيّة والإنسانيّة، ولا يرى غيره في مواقع قدرته، فهو الخالق ولا خالق غيره، وهو المهيمن على الأمر كلّه، والمدبِّر للحياة كلّها في كلّ مواقع الوجود، {قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ}11. وكما في قوله تعالى: {قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ}12، وقوله تعالى: {قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}13.
وقد آمن المؤمنون به، لأنهم فتحوا عقولهم على مضمون الرسالة، واقتنعوا بها، وعرفوا صدق الرسول، وآمنوا به، وهذه هي عظمة الإسلام الّذي هو دين الحياة في امتداداتها المستقبليّة، وفي احترامه لعقل الإنسان، والدعوة إلى تحريكه وتنميته وتطويره، بالتأمّل تارةً، وبالتَّجربة أخرى، وبالحوار ثالثة، ليكون الإيمان ذاتياً للمؤمن، مما يستوحيه ويتعلّمه ويفكّر فيه، وهذا هو أسلوب النبيّ محمد(ص) والأنبياء من قبله، في مواجهتهم لأعداء الرّسالة، فإنهم يصبرون عليهم ليتخلّصوا من رواسب الجمود الذي جمَّد عقولهم، ولتندفع ينابيع الفطرة إلى أعماقهم، لتمنحهم خصب الإيمان، ونموَّ الوعي، وحركيّة الحقيقة، لأنهم يعرفون أنّ العداوة ليست موجّهة إليهم بالذات، ليتعقَّدوا منها، بل هي موجّهة إلى الرسالة، لعجزهم عن استيعاب مفاهيمها في البداية، فكانت الخطّة أن يمنحوهم الفرصة للتعرّف إليها، والانفتاح على آفاقها الرحبة، وهذا هو الذي خاطب الله به رسوله الذي كان يعيش الحزن الشعوري لتكذيبهم له، وهو قوله تعالى: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ * وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ}؛ ففي هذه الآية، يخاطب الله نبيّه، وقد أراد له من خلال هذا الخطاب، أن يوحي إلى أمته والدعاة فيها، أن يصبروا في خطّ الرسالة والدعوة، وأن لا تكون طروحات الأعداء التعجيزية لهم، مدعاةً إلى ترك ما بدأوه، وأن يصبروا ويثبتوا على الخطّ الرسالي، وذلك هو قوله تعالى: {وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّمَاء فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ}14.
وكان الله يثبِّت رسوله ـ كما يثبِّت الدعاة من خلاله ـ لئلا يهتزّ أمام الحالات الشعوريّة الحاصلة من جحود الكافرين وتمرّدهم، لأنّ النبي(ص) كان رقيق القلب، مرهف الإحساس، فيحزن عليهم، ويتألم لهم، فيوحي الله إليه، ويدعوه إلى أن يتماسك في مشاعره، ولا يحزن، وذلك هو قوله تعالى: {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}15، وقوله تعالى: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}16.
ويتأكّد هذا الثبيت للنبي محمَّد(ص) في تعليل نزول القرآن على دفعات نجوماً، وذلك قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً}17.
وينفتح هذا التثبيت من خلال النماذج التي يقدّمها القرآن عن أنباء الرسل في مسيرتهم الصعبة الغارقة في التحدّيات الكبرى، {وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءكَ فِي هَـذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}18. ويمتدّ هذا التّثبيت الروحيّ الَّذي يراد له أن يتحوَّل إلى ثبات حركيّ للمؤمنين، وذلك قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاءُ}19، لأنَّ المطلوب من النبي(ص) ومن المؤمنين في حركة الدعوة في حياة الناس، هو أن لا يهتزوا أمام تحديات أعداء الرسالة، مهما عظمت أساليبهم الضّاغطة نفسياً وعملياً، لأنَّ خطة الأعداء هي أن يدفعوا الرساليّين إلى السقوط النفسي، بأسلوب الهزء تارة، كما في قوله تعالى: {وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُم بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ}20، أو بالأساليب التعسفية تارة أخرى، وهذا ما ينبغي للدعاة إلى الله أن يتمثَّلوه في مسيرتهم الطويلة في خطتهم التغييرية التي تستهدف تغيير التفكير، كمقدّمة لتغيير الواقع الإنساني، فلا تشغلهم الوسائل الضاغطة عن الهدف الكبير الذي يسعون إليه، بالانشغال بالقضايا الجزئية والصراعات الصغيرة، ولذلك، كان النداء الحاسم في مواجهة التحديات بأكثر من عنوان وأسلوب: {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ}21، {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ}22، {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل}23.
وهكذا، كانت حركة الدعوة في مرحلتها الأولى صموداً وثباتاً، ووعياً للواقع، وانفتاحاً على الناس، بالرغم من كلّ حالات الانغلاق التي تحيط بهم...
المواجهة المستمرّة
وكانت ساحة الصراع الأخرى للنبيّ محمد(ص) هي صراع الرسالة الإسلاميّة مع أهل الكتاب، ولا سيما اليهود الّذين احتضنهم الإسلام في بداية الهجرة في المجتمع الإسلامي، وأدخلهم في معاهدة "مجتمع المدينة"، باعتبارهم من المواطنين فيها، وجعل لهم من الحقّ ما جعله ـ حسب المعاهدة ـ للمواطنين المسلمين، من مهاجرين وأنصار، من الحقوق والواجبات، ولكنهم ـ كعادتهم التاريخية ـ خطَّطوا للفتنة في داخل هذا المجتمع، من خلال استعادة الأحقاد التاريخية بين الأنصار، بإثارة تاريخ الحروب الماضية بين الأوس والخزرج، وكادت الفتنة تقع لولا مبادرة النبي(ص) في التدخّل الشَّخصي لإطفاء النار التي كانت قريبة من الاشتعال، ما جعل الوحي يتدخّل في توجيه المسلمين إلى الخطِّ الإسلامي الوحدوي، الّذي يلغي كلّ أحقاد الماضي وعداواته، بفعل الأخوّة الإيمانيّة المرتبطة بحبل الله الّذي لا بدّ للجميع من أن يعتصموا به، وذلك هو قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}24. وتابع الوحي الإلهيّ تحذير المسلمين من خططهم التآمريّة الخفيَّة ضدّهم، مستغلّين الانفتاح الرّوحيّ للمسلمين عليهم، بفعل القيمة الأخلاقيّة التي تنفتح على الإنسان الآخر، حتى لو اختلف معهم في الدين، إذا كانت هناك قاعدة مشتركة بينهم، وذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ * هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}25.
وقد أكّد الإسلام هذه العداوة التي يحملها اليهود ضدّ المسلمين، تماماً كما هم المشركون في مستوى العداوة، وذلك قوله تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ}26، وجاء في آية أخرى: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ}27. وقد كان اليهود يتحدّثون مع المشركين عن النبيّ محمد(ص)، قبل أن يبعثه الله رسولاً، ويقولون لهم إنهم سوف يحصلون على القوّة من خلاله، فيكون لهم النصرة عليهم به، وذلك قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ}28.
وهكذا جحدوا رسالة النبيّ محمد(ص) الذي بشّر به النبيّ موسى(ع) حسداً وبغياً، لأنهم كانوا يفكّرون أن يكونوا ـ وحدهم ـ الذين يحملون رسالة الله، {بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أنَزَلَ اللّهُ بَغْياً أَن يُنَزِّلُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَآؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}29.
وقد بلغت عقدة اليهود من الإسلام والمسلمين، أنهم كانوا يقولون للمشركين إنكم أهدى منهم سبيلاً، مع أنّ المشركين من عبدة الأوثان، أما المسلمون، فإنهم موحِّدون لله مصدّقون بالتوراة، وذلك هو قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً}30.
وقد كانوا يثيرون التحدّيات التعجيزيّة أمام النبيّ(ص)، لإظهار عجزه، كوسيلة من وسائل إبعاد الناس عنه، من جهة كونه رسولاً من الله، بحجّة أنّ الرسول لا بدّ من أن يأتي بأمور خارقة إعجازية في كلّ ما يُطلَب منه: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَاناً مُّبِيناً}31.
وقد حذَّر الله المؤمنين منهم، وأخبرهم بأنهم قرّروا عدم الإيمان بالنبي وبالإسلام، مهما كانت الظروف، ومهما قدَّم النبيّ من البراهين والحجج، وذلك قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ}32، وليست المسألة عندهم مسألة غموض في معرفة النبي محمد(ص)، أو الإسلام، ليكون لهم عذر في ذلك، بل هي عقدة متأصّلة في أنفسهم، تدفعهم إلى الكفر به والرفض للرّسالة، بغياً وعدواناً وانغلاقاً على ذاتياتهم، {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}33، وكانوا في أسلوبهم النفاقي مع المؤمنين، يحرِّفون كلام الله عن مواضعه، عندما كان النبيّ يطلب منهم أن يأتوا بالتوارة التي تؤكّد الحجة الدينية للإسلام، {أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}34، وقد يعلنون الإيمان من دون جديّة عقائديّة، لينفذوا إلى داخل المجتمع الإسلامي، وربما كان بعضهم يتحدّث إلى المسلمين ببعض الأمور التي تمثّل الحجة للإسلام، فينكرون عليه ذلك، {وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىَ بَعْضٍ قَالُواْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ * أَوَلاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ}35، وكانت بعض أساليبهم التي يريدون لها أن تثير الشّكّ في نفوس المسلمين، أنهم دفعوا بعضهم إلى إعلان إسلامه في الصّباح، ليعود عنه في آخر النهار، ليتساءل ضعفاء المسلمين عن سبب ذلك، ويتخذوه أساساً للشكّ في الإسلام، {وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُواْ بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}36.
وهكذا، كانت أساليبهم الملتوية تتحرّك في اتجاه إبعاد المسلمين عن دينهم، وإثارة المشاكل فيما بينهم، مستغلّين في ذلك حالة السلم الاجتماعي الذي يتمتعون به في المجتمع الإسلامي. وتطوّرت الأمور لديهم أن نفذوا إلى داخل هذا المجتمع، ليستجمعوا ظاهرة النفاق، وليحركوا المنافقين ضدّ المؤمنين، لينسفوا الوحدة الإسلاميّة من الداخل، ثم امتدّت ألاعيبهم إلى التحالف مع المشركين في الحرب ضدّ الإسلام والمسلمين، الذي انتهى بالهجوم عليهم من قبل المسلمين، ليخرجوهم من ديارهم، ليستريح المجتمع منهم.
وتبقى هناك نقطة حيوية، وهي أنّ إعلان القرآن العداوة لهم، لم يكن بسبب يهوديتهم، حيث أبقاهم عليها عندما أدخلهم في المعاهدة، ولكن كان ذلك بسبب سلوكهم العدواني ضدّ الإسلام والمسلمين.
*ندوة الشام الأسبوعيّة، فكر وثقافة
1 [الإسراء: 90 ـ 93].
2 [الإسراء: 94 ـ 96].
3 [البقرة: 6، 7].
4 [الأنعام: 7].
5 [الأنعام: 25].
6 [الرعد: 7].
7 [الأنعام: 109].
8 [الإسراء: 73 ـ 75].
9 [يونس: 15].
10 [فصلت: 26].
11 [الأحقاف: 9].
12 [الأنعام: 50].
13 [الأعراف: 188].
14 [الأنعام: 33 ـ 35].
15 [فاطر: 8].
16 [الشعراء: 3].
17 [الفرقان: 32].
18 [هود: 120].
19 [إبراهيم: 27].
20 [الأنبياء: 36].
21 [الشورى: 15].
22 [الكهف: 29].
23 [الأحقاف: 35].
24 [آل عمران: 103].
25 [آل عمران: 118 ـ 120].
26 [المائدة: 82].
27 [آل عمران: 186].
28 [البقرة: 89].
29 [البقرة: 90، 91].
30 [النساء: 51].
31 [النساء: 153].
32 [البقرة: 145].
33 [البقرة: 146].
34 [البقرة: 75].
35 [البقرة: 76، 77].
36 [آل عمران: 72].