اصطفاء موسى(ع) لتبليغ الرِّسالة

اصطفاء موسى(ع) لتبليغ الرِّسالة

احتاج أهل موسى في سفرهم إلى النَّار ليحصلوا منها على الدِّفء في ليلةٍ شديدة البرد، فراح(ع) يبحث لهم عنها، وتطلَّع إلى الأفق الواسع في الصَّحراء، فشاهد ناراً ترتفع وتشتعل، فاندفع بسرعةٍ للوصول إليها بعد أن طلب من أهله الاستقرار في مكانهم ليتعرّف إلى مكان النّار، ليسير بهم إليها، أو ليقتبس منها جذوةً يحملها لإيقاد الحطب الَّذي جمعه لهم من أجل الاستدفاء به بعد إشعاله.

مخاطبة الله لموسى(ع)

وكانت المفاجأة الكبرى عند وصوله إلى النّار، إذ وجدها ناراً لا تشبه النّيران الأخرى الّتي يعرفها، من حيث الحرارة والحريق والدّخان المتصاعد منها، بل كانت قطعةً نورانيّةً تتميَّز بالإشراق والصَّفاء الَّذي قد يشبه ضوء الشَّمس عند الشّروق. وبينما هو في تأمّلاته النفسيَّة من خلال الدّهشة البالغة، إذا به يسمع صوتاً لا كالأصوات، من دون أن يرى شخصاً، وقد ملأ هذا الصّوت روحه، وحرّك مشاعره، وألهب إحساسه، بحيث نفذ إلى كيانه بالسّكينة والطّمأنينة، عندما {نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ ـ أي من ساحل الطريق الممتدّ بين الجبلين، أو من ممرّ السيول على جهة اليمين ـ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ ـ الَّتي باركها الله بما أفاضه عليها من روحه، وبما أوحى فيها من كلماته، وبما منحه لموسى من نوره في تجلّياته فيها ـ مِنَ الشَّجَرَةِ ـ التي كان موسى يحدّق فيها، فيما يخيّل إليه أنَّ هناك سرّاً في داخلها يختزن الصَّوت الّذي ينطلق منها ـ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}[1].

وكانت تلك هي المفاجأة المذهلة الَّتي هزَّت كيانه، فقد كان ذلك فوق مستوى التصوّر، لأنَّه كان يطمع بأن يجد في موقع النّار دليلاً على الطّريق وجذوةً للدّفء، فإذا به يجد الفرحة الروحيّة الكبرى الّتي ترتفع به إلى المستوى الأعلى في إشراقة الرّوح والعقل والقلب والحياة، ليكون دليلاً على موقع القرب من الله، وعلى خطِّ السّير إليه، وليجد فيه دفء الإيمان الّذي يملأ عقله وشعوره وحياته؛ فها هو الله الّذي يؤمن به دون أن يراه أو يسمعه أو يتكلَّم معه، يخاطبه ويناديه دون وسيط، معلناً له عن اسمه وذاته القدسيّة، وعن صفته الربوبيّة المهيمنة على العالمين، من خلال قدرته المطلقة ورسالاته الموحية، ليكون ذلك بدايةً للانطلاق نحو التّغيير المستقبليّ، من خلال ما سيحمله من مسؤوليَّات جديدة، لأنَّ مناداته له لا بدَّ من أن تنفتح على وحيٍ جديدٍ يدفع به إلى السَّير في الطّريق الّتي سوف يبدأ الاتّجاه إليها، إطاعةً لأمر الله، وخضوعاً لإرادته.

وجاء في آياتٍ أخرى في سورة طه تفصيل أكثر عمَّا كلَّم الله به النبيّ موسى(ع)، فقال تعالى: {إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى}[2]، في عمليّة إيحائيّة بأنَّ الموقف الّذي يقفه أمام هذا الصَّوت الإلهيّ، هو موقف يوحي بالقداسة، لأنَّ تجلّي الله لموسى في مخاطبته له في هذا الوادي المسمَّى طوى، أعطاه حالاً من القداسة جعلته مختلفاً عن غيره، لتميّزه القدسيّ بهذه الميزة الإلهيَّة الروحيَّة، فلا بدَّ له من أن يخلع نعليه ليقف بين يدي الله حافياً، كدلالةٍ على التواضع والخشوع في حضرة ربّه الّذي استولت عظمته على كلِّ كيانه، فتصاغر أمامه تصاغر العبد أمام مولاه...

الاصطفاء للرّسالة

وربما انتظر موسى من الله أن يعرّفه المهمَّة الخاصَّة التي كلّمه من أجلها، وكانت المفاجأة الرساليّة: {وَأَنَا اخْتَرْتُكَ}، لتكون رسولاً من قِبَلي إلى فرعون، لتقوده إلى الإيمان، ولتردعه عن الطّغيان، وإلى هذا الشَّعب الّذي عاش العبوديّة حتى أصبحت جزءاً من ذاته، بما يقدِّمه من فروض الطّاعة لمستعبديه، من دون إحساسٍ بالحاجة إلى الثّورة عليهم من أجل الحصول على حريّته الّتي هي سرّ إنسانيَّته، ولتكون رسولاً إلى الحياة كلّها من أجل تغييرها إلى الأفضل، ليستقيم الطَّريق من خلال الرّسالة الَّتي أكلّفك بها وأحمِّلك مسؤوليَّتها، ولتدفع بخطواتها إلى شاطئ الأمان والسَّعادة.

{فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى}[3]، وافتحْ قلبك لآياته، وعقلك لأفكاره، وسمعك لكلماته، وروحك لإحساساته، وأعطه كلَّ كيانك لتستوعبه كحقيقة وجدانيَّة لا مجال فيها لأيِّ شكّ وزيغ. {إِنَّنِي أَنَا اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا}، فهذه هي الحقيقة المشرقة الّتي يشعّ نورها في الوجود كلِّه؛ إنّها فكرة التوحيد التي تؤكِّد وحدانيّة الخالق، وأنّه الله الواحد الذي لا شريك له ولا عديل. وهذا هو العنوان الّذي انطلقت به الرّسالات كلّها، والَّذي عمل الرّسل على تعميق معناه الأصيل في وجدان الإنسان وعقله، ليكون التصوّر للمسألة الإلهيَّة صافياً نقيّاً في العمق التّوحيديّ الربوبيّ، بحيث يمتزج الجانب العقليّ بالجانب الوجدانيّ الشعوري.

الوحي الأوّل

{فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي}[4]، فإذا كان الخطّ الأوّل في المسألة التوحيديّة هو وحدانيّة الخالق، فإنَّ الخطَّ الثاني هو توحيد الله في العبادة، بحيث لا يكون هناك معبود غيره، والخضوع المطلق له في كلِّ أمور الحياة، والالتزام بأحكامه في الجانب التَّشريعيّ، والتزام مفاهيمه الأصيلة في الجانب الفكريّ، والانفتاح على منهجه في الأسلوب العمليّ، ما يجعل حركة الإنسان في الحياة منسجمةً مع حركة إيمانه في الدَّاخل، لأنَّ الإخلاص في التّوحيد يفرض التّحرّك في خطَّين؛ خطّ العقيدة وخطّ العمل.

وفي هذا الجوّ، تأتي إقامة الصَّلاة لتحقّق القوَّة الروحيّة الّتي ترتفع بالإنسان إلى الله، ليعيش عروج الرّوح إلى قدسه، من خلال الجوّ الإيمانيّ الّذي يعيشه الجسد في حركة العبادة، ما يؤدِّي به إلى الإحساس بحضور الله في وعيه ووجدانه، بحيث يراه في كلِّ شيء، فيذكره في كلّ موقف، ويرتفع إلى مواقع القرب عنده.

وهذا هو الوحي الأوَّل الّذي أوحى به الله إلى موسى(ع)، ليكون عنوان الرّسالة في خطوطها التفصيليَّة الفكريَّة والعمليَّة، ليعرف من خلاله البداية الّتي تحدّد له خطَّ السّير لتلمّس ملامح خطِّ النّهاية، تماماً كما هو المفهوم من الآية الكريمة: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا}[5].

 الوحي الثّاني

{إِنَّ السَّاعَةَ ءاَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا}، وهذا هو الوحي الثّاني الَّذي يضع المسألة في دائرة المسؤوليَّة، من خلال الموعد الّذي حدّده الله، وهو يوم القيامة الّذي يعبَّر عنه بالسّاعة الّتي لم يبيّنها الله للإنسان، {لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى}[6]، فيما تقدّمه من أعمال الخير التي تنال بها رضا الله، وأعمال الشّرّ الّتي تستنـزل عقابه.

{فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لاَ يُؤْمِنُ بِهَا}، ممّن يعيش في الدّنيا باعتبارها نهاية المطاف، أو باعتبارها الفرصة الأولى والأخيرة، فيعمل على ممارسة الضّغوط الفكريّة والنفسيّة والعمليّة، للوقوف في وجه الالتزام الفكريّ والعمليّ بالخطِّ الإيماني الّذي يطلّ على الدّار الآخرة في عملية اقتناع وإيمان، والحؤول دون الوصول به إلى نتيجة حاسمة في حركة الإنسان والحياة.

إنَّ مثل هذا النَّموذج من النّاس لا يمثِّل قيمةً كبيرةً في ميزان التقويم الاجتماعيّ على مستوى الحقّ والواقع، لأنَّ عدم الإيمان ليس ناشئاً من حالةٍ فكريّةٍ مضادّةٍ، بل هو ناشئ من حالةٍ مزاجيّة معقَّدة، وقلقٍ ذهنيٍّ ساذج، ونزعة شهوانيَّة منحرفة. {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ}، فكان مقياسه للرّفض والقبول في مواقفه، هوى النّفس، بعيداً عن العقل، فلا تستسلم لأسلوبه، {فَتَرْدَى}[7]، لأنَّه يصل بك إلى الهلاك المحتوم في قضيَّة المصير. وهذه هي المفاجأة الثّانية التي تعطيه الدّليل على أنّ الرّسالة تنتظره في مواقع التحدّي، وأنَّ الله لن يتركه وحده، بل سوف يؤيّده ويدعمه بقوَّة عجيبة لا يثبت أمامها شيء.

وجاء في سورة النَّمل، في الحديث عن النّار التي واجهها موسى: {فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا}، والظّاهر أنَّ المراد بهذا المبارك هو الّذي خلق البركة ومنحها لعباده في وجودهم، وخلق النّعم الّتي أنعم بها عليهم، وهو الله، ولكن ليس بمعنى أنّه في داخلها، بل بمعنى أنّه الذي أبدعها وأشرف عليها وأعطاها حالة الإبداع والإشراق. {وَسُبْحَانَ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[8]، فهو الّذي تتجلَّى عظمته في ذاته، وتمتدُّ في ربوبيّته، وتتمثَّل في قدرته، {يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[9]، الَّذي يملك العزَّة جميعاً، ويمنح الأعزّاء لطفاً من عزَّته، والّذي يجري الخلق كلّه بحكمته.

فتعال إليَّ، وأقبل عليَّ، واستمع إلى ما أقوله لك، واعتمد على قوّتي أمام كلّ القوى، واتّبع هداي إذا سلك النّاس طريق الضّلال، وانتظر عطاياي الّتي تتمثَّل فيها المعجزة التكوينيّة الّتي سوف تكون عوناً لك في مسؤوليَّتك المستقبليَّة في حمل الرّسالة إلى فرعون، في عمليَّة صراع القوّة التي سوف تكون الرّابح فيها.

معجزة موسى

{وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّـ في صورة حيَّةٍ فيما كان يتصوّره الناس من صورة الجانّ ـ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ}، في حالة هروب من هذا المخلوق المخيف الَّذي يمكن أن يستهدفه كما تستهدف الثّعابين الإنسان لتقتله. وانطلق الصَّوت الإلهيّ من جديد ليمسح على قلبه بالسَّكينة الإلهيَّة الروحيّة الّتي توحي إليه بالأمن والطّمأنينة، ليثبته ولينـزع من صدره عنصر الخوف من هذه العصا الثعبانيَّة الّتي لم يرد لها أن تثير الرّعب في نفسه: {يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ}[10]، بل أطلقها لتكون الآية المعجزة الخارقة للعادة التي أريد لها أن تكون سلاحاً مخيفاً للطغاة الَّذين أرسلك إليهم، ولتستشعر القوّة في موقفك في مواجهة التحدّي الكبير الّذي ينتظرك في مهمّتك الصّعبة.

{اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ـ الَّذي هو البرص ـ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ}[11]، أي الخوف، وذلك بأن يجمع يديه إلى صدره إذا عرض له الخوف، {فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ}، يؤكِّدان أنّك الرّسول الّذي اختاره الله لرسالته ليواجه فرعون وقومه، {إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ}، لتقدِّمهما إليهم في بداية دعوتك إيّاهم إلى الله، لتبدأ فيما بعد عمليّة التحدّي لفرعون وجبروته وطغيانه، وكذلك لقومه، {إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ}[12]، لأنهم تجاوزوا حدود ما أمر الله به، وطغوا وبغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد.

وفي آيةٍ أخرى، عبَّر الله تعالى عن هذا الموقف بأسلوبٍ آخر، فقال تعالى: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى}[13]، ولم يكن السّؤال استفهاماً من الله، لأنّه هو الّذي يعلم كلَّ شيء، ولكن كان وسيلةً للحوار الّذي يريد الله إثارته مع موسى(ع)، ليحصل موسى على حال الانفتاح في الجواب عن السّؤال الإلهيّ، من خلال التعجّب من سؤال الله عن ذلك، وهو العالم بكلِّ ما يحيط به.

{قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا}، عندما يثقلني الجهد ويحلّ بي التَّعب، {وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي}، لأدير أوضاعها في الغذاء، وفي انضباطها في خطِّ سيرها، {وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى}[14]، مثل الدّفاع عن النفس أو عن الآخرين الّذين تتّصل مسؤوليّتي بحياتهم العامّة والخاصّة أو غير ذلك. {قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى}[15]،  لتكتشف في ذلك شيئاً جديداً لم تكن تتصوّره، {فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى}[16]،  وكانت هذه أوَّل دلالةٍ لموسى(ع) على أنَّ هناك حدثاً يتجاوز المألوف قد دخل حياته، فكيف حدث هذا التطوّر في لحظات؟ وكيف تحوَّلت العصا الجامدة اليابسة إلى حيّة تتحرّك؟

وبدأ الخوف الغريزي يدبّ في قلبه من هذه الأفعى الّتي قد تؤذيه إذا اتّجهت نحوه أو هجمت عليه، {قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ}، فلن تؤذيك، لأنَّ العصا سوف ترجع كما كانت، {سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى}[17]، أي ستعود عصا من جديد، {وَاضْمُمْ يَدَكَ} السّمراء {إِلَى جَنَاحِكَ}، أي تحت إبطك، {تَخْرُجْ بَيْضَاء} في نقاء البياض وإشراقه، {مِنْ غَيْرِ سُوءٍ}، أي من غير مرضٍ أو عاهةٍ كالبرص، {آيَةً أُخْرَى*لِنُرِيَكَـ من خلال الآيتين؛ العصا التي تحوّلت إلى ثعبان، واليد السّمراء التي تحوّلت إلى يد بيضاء ـ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى}[18]، التي ستكون التحدّي الكبير لما قد تصادفه في حركتك الرساليَّة، من ضغطٍ وإنكارٍ وتهديدٍ وجحودٍ وتمرّد، لتنطلق إلى المهمّة الصّعبة بقلبٍ قويّ ثابتٍ لا تهزّه كلّ التّهاويل المحيطة به، الضّاغطة عليه، ولا تضعفه تهديدات الطّغاة.

وهكذا خرج موسى من هذه التّجربة الجديدة المثيرة، نبيّاً، {وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً}[19]. {وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيماً}[20].

فكيف تحدَّث الله معه عن هذه المهمّة؟ وكيف واجه الموقف الصَّعب؟ وكيف كان إحساسه بخطورة الأمر؟ وما الّذي طلبه من الله؟ هذا ما نتحدّث عنه في المرّة القادمة، إن شاء الله، والحمد لله ربِّ العالمين.

*ندوة الشام الأسبوعيّة، فكر وثقافة


[1]  [القصص: 30].

[2]  [طه: 12].

[3]  [طه: 13].

[4]  [طه: 14].

[5]  [فصلت: 30].

[6]  [طه: 15].

[7]  [طه: 16].

[8]  [النمل: 8].

[9]  [النمل: 9].

[10]  [القصص: 31].

[11]  [القصص: 32].

[12]  [القصص: 32].

[13]  [طه: 17].

[14]  [طه: 18].

[15]  [طه: 19].

[16]  [طه: 20].

[17]  [طه: 21].

[18]  [طه: 22، 23].

[19]   [مريم: 52].

[20]  [النساء: 164].

احتاج أهل موسى في سفرهم إلى النَّار ليحصلوا منها على الدِّفء في ليلةٍ شديدة البرد، فراح(ع) يبحث لهم عنها، وتطلَّع إلى الأفق الواسع في الصَّحراء، فشاهد ناراً ترتفع وتشتعل، فاندفع بسرعةٍ للوصول إليها بعد أن طلب من أهله الاستقرار في مكانهم ليتعرّف إلى مكان النّار، ليسير بهم إليها، أو ليقتبس منها جذوةً يحملها لإيقاد الحطب الَّذي جمعه لهم من أجل الاستدفاء به بعد إشعاله.

مخاطبة الله لموسى(ع)

وكانت المفاجأة الكبرى عند وصوله إلى النّار، إذ وجدها ناراً لا تشبه النّيران الأخرى الّتي يعرفها، من حيث الحرارة والحريق والدّخان المتصاعد منها، بل كانت قطعةً نورانيّةً تتميَّز بالإشراق والصَّفاء الَّذي قد يشبه ضوء الشَّمس عند الشّروق. وبينما هو في تأمّلاته النفسيَّة من خلال الدّهشة البالغة، إذا به يسمع صوتاً لا كالأصوات، من دون أن يرى شخصاً، وقد ملأ هذا الصّوت روحه، وحرّك مشاعره، وألهب إحساسه، بحيث نفذ إلى كيانه بالسّكينة والطّمأنينة، عندما {نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ ـ أي من ساحل الطريق الممتدّ بين الجبلين، أو من ممرّ السيول على جهة اليمين ـ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ ـ الَّتي باركها الله بما أفاضه عليها من روحه، وبما أوحى فيها من كلماته، وبما منحه لموسى من نوره في تجلّياته فيها ـ مِنَ الشَّجَرَةِ ـ التي كان موسى يحدّق فيها، فيما يخيّل إليه أنَّ هناك سرّاً في داخلها يختزن الصَّوت الّذي ينطلق منها ـ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}[1].

وكانت تلك هي المفاجأة المذهلة الَّتي هزَّت كيانه، فقد كان ذلك فوق مستوى التصوّر، لأنَّه كان يطمع بأن يجد في موقع النّار دليلاً على الطّريق وجذوةً للدّفء، فإذا به يجد الفرحة الروحيّة الكبرى الّتي ترتفع به إلى المستوى الأعلى في إشراقة الرّوح والعقل والقلب والحياة، ليكون دليلاً على موقع القرب من الله، وعلى خطِّ السّير إليه، وليجد فيه دفء الإيمان الّذي يملأ عقله وشعوره وحياته؛ فها هو الله الّذي يؤمن به دون أن يراه أو يسمعه أو يتكلَّم معه، يخاطبه ويناديه دون وسيط، معلناً له عن اسمه وذاته القدسيّة، وعن صفته الربوبيّة المهيمنة على العالمين، من خلال قدرته المطلقة ورسالاته الموحية، ليكون ذلك بدايةً للانطلاق نحو التّغيير المستقبليّ، من خلال ما سيحمله من مسؤوليَّات جديدة، لأنَّ مناداته له لا بدَّ من أن تنفتح على وحيٍ جديدٍ يدفع به إلى السَّير في الطّريق الّتي سوف يبدأ الاتّجاه إليها، إطاعةً لأمر الله، وخضوعاً لإرادته.

وجاء في آياتٍ أخرى في سورة طه تفصيل أكثر عمَّا كلَّم الله به النبيّ موسى(ع)، فقال تعالى: {إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى}[2]، في عمليّة إيحائيّة بأنَّ الموقف الّذي يقفه أمام هذا الصَّوت الإلهيّ، هو موقف يوحي بالقداسة، لأنَّ تجلّي الله لموسى في مخاطبته له في هذا الوادي المسمَّى طوى، أعطاه حالاً من القداسة جعلته مختلفاً عن غيره، لتميّزه القدسيّ بهذه الميزة الإلهيَّة الروحيَّة، فلا بدَّ له من أن يخلع نعليه ليقف بين يدي الله حافياً، كدلالةٍ على التواضع والخشوع في حضرة ربّه الّذي استولت عظمته على كلِّ كيانه، فتصاغر أمامه تصاغر العبد أمام مولاه...

الاصطفاء للرّسالة

وربما انتظر موسى من الله أن يعرّفه المهمَّة الخاصَّة التي كلّمه من أجلها، وكانت المفاجأة الرساليّة: {وَأَنَا اخْتَرْتُكَ}، لتكون رسولاً من قِبَلي إلى فرعون، لتقوده إلى الإيمان، ولتردعه عن الطّغيان، وإلى هذا الشَّعب الّذي عاش العبوديّة حتى أصبحت جزءاً من ذاته، بما يقدِّمه من فروض الطّاعة لمستعبديه، من دون إحساسٍ بالحاجة إلى الثّورة عليهم من أجل الحصول على حريّته الّتي هي سرّ إنسانيَّته، ولتكون رسولاً إلى الحياة كلّها من أجل تغييرها إلى الأفضل، ليستقيم الطَّريق من خلال الرّسالة الَّتي أكلّفك بها وأحمِّلك مسؤوليَّتها، ولتدفع بخطواتها إلى شاطئ الأمان والسَّعادة.

{فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى}[3]، وافتحْ قلبك لآياته، وعقلك لأفكاره، وسمعك لكلماته، وروحك لإحساساته، وأعطه كلَّ كيانك لتستوعبه كحقيقة وجدانيَّة لا مجال فيها لأيِّ شكّ وزيغ. {إِنَّنِي أَنَا اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا}، فهذه هي الحقيقة المشرقة الّتي يشعّ نورها في الوجود كلِّه؛ إنّها فكرة التوحيد التي تؤكِّد وحدانيّة الخالق، وأنّه الله الواحد الذي لا شريك له ولا عديل. وهذا هو العنوان الّذي انطلقت به الرّسالات كلّها، والَّذي عمل الرّسل على تعميق معناه الأصيل في وجدان الإنسان وعقله، ليكون التصوّر للمسألة الإلهيَّة صافياً نقيّاً في العمق التّوحيديّ الربوبيّ، بحيث يمتزج الجانب العقليّ بالجانب الوجدانيّ الشعوري.

الوحي الأوّل

{فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي}[4]، فإذا كان الخطّ الأوّل في المسألة التوحيديّة هو وحدانيّة الخالق، فإنَّ الخطَّ الثاني هو توحيد الله في العبادة، بحيث لا يكون هناك معبود غيره، والخضوع المطلق له في كلِّ أمور الحياة، والالتزام بأحكامه في الجانب التَّشريعيّ، والتزام مفاهيمه الأصيلة في الجانب الفكريّ، والانفتاح على منهجه في الأسلوب العمليّ، ما يجعل حركة الإنسان في الحياة منسجمةً مع حركة إيمانه في الدَّاخل، لأنَّ الإخلاص في التّوحيد يفرض التّحرّك في خطَّين؛ خطّ العقيدة وخطّ العمل.

وفي هذا الجوّ، تأتي إقامة الصَّلاة لتحقّق القوَّة الروحيّة الّتي ترتفع بالإنسان إلى الله، ليعيش عروج الرّوح إلى قدسه، من خلال الجوّ الإيمانيّ الّذي يعيشه الجسد في حركة العبادة، ما يؤدِّي به إلى الإحساس بحضور الله في وعيه ووجدانه، بحيث يراه في كلِّ شيء، فيذكره في كلّ موقف، ويرتفع إلى مواقع القرب عنده.

وهذا هو الوحي الأوَّل الّذي أوحى به الله إلى موسى(ع)، ليكون عنوان الرّسالة في خطوطها التفصيليَّة الفكريَّة والعمليَّة، ليعرف من خلاله البداية الّتي تحدّد له خطَّ السّير لتلمّس ملامح خطِّ النّهاية، تماماً كما هو المفهوم من الآية الكريمة: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا}[5].

 الوحي الثّاني

{إِنَّ السَّاعَةَ ءاَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا}، وهذا هو الوحي الثّاني الَّذي يضع المسألة في دائرة المسؤوليَّة، من خلال الموعد الّذي حدّده الله، وهو يوم القيامة الّذي يعبَّر عنه بالسّاعة الّتي لم يبيّنها الله للإنسان، {لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى}[6]، فيما تقدّمه من أعمال الخير التي تنال بها رضا الله، وأعمال الشّرّ الّتي تستنـزل عقابه.

{فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لاَ يُؤْمِنُ بِهَا}، ممّن يعيش في الدّنيا باعتبارها نهاية المطاف، أو باعتبارها الفرصة الأولى والأخيرة، فيعمل على ممارسة الضّغوط الفكريّة والنفسيّة والعمليّة، للوقوف في وجه الالتزام الفكريّ والعمليّ بالخطِّ الإيماني الّذي يطلّ على الدّار الآخرة في عملية اقتناع وإيمان، والحؤول دون الوصول به إلى نتيجة حاسمة في حركة الإنسان والحياة.

إنَّ مثل هذا النَّموذج من النّاس لا يمثِّل قيمةً كبيرةً في ميزان التقويم الاجتماعيّ على مستوى الحقّ والواقع، لأنَّ عدم الإيمان ليس ناشئاً من حالةٍ فكريّةٍ مضادّةٍ، بل هو ناشئ من حالةٍ مزاجيّة معقَّدة، وقلقٍ ذهنيٍّ ساذج، ونزعة شهوانيَّة منحرفة. {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ}، فكان مقياسه للرّفض والقبول في مواقفه، هوى النّفس، بعيداً عن العقل، فلا تستسلم لأسلوبه، {فَتَرْدَى}[7]، لأنَّه يصل بك إلى الهلاك المحتوم في قضيَّة المصير. وهذه هي المفاجأة الثّانية التي تعطيه الدّليل على أنّ الرّسالة تنتظره في مواقع التحدّي، وأنَّ الله لن يتركه وحده، بل سوف يؤيّده ويدعمه بقوَّة عجيبة لا يثبت أمامها شيء.

وجاء في سورة النَّمل، في الحديث عن النّار التي واجهها موسى: {فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا}، والظّاهر أنَّ المراد بهذا المبارك هو الّذي خلق البركة ومنحها لعباده في وجودهم، وخلق النّعم الّتي أنعم بها عليهم، وهو الله، ولكن ليس بمعنى أنّه في داخلها، بل بمعنى أنّه الذي أبدعها وأشرف عليها وأعطاها حالة الإبداع والإشراق. {وَسُبْحَانَ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[8]، فهو الّذي تتجلَّى عظمته في ذاته، وتمتدُّ في ربوبيّته، وتتمثَّل في قدرته، {يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[9]، الَّذي يملك العزَّة جميعاً، ويمنح الأعزّاء لطفاً من عزَّته، والّذي يجري الخلق كلّه بحكمته.

فتعال إليَّ، وأقبل عليَّ، واستمع إلى ما أقوله لك، واعتمد على قوّتي أمام كلّ القوى، واتّبع هداي إذا سلك النّاس طريق الضّلال، وانتظر عطاياي الّتي تتمثَّل فيها المعجزة التكوينيّة الّتي سوف تكون عوناً لك في مسؤوليَّتك المستقبليَّة في حمل الرّسالة إلى فرعون، في عمليَّة صراع القوّة التي سوف تكون الرّابح فيها.

معجزة موسى

{وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّـ في صورة حيَّةٍ فيما كان يتصوّره الناس من صورة الجانّ ـ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ}، في حالة هروب من هذا المخلوق المخيف الَّذي يمكن أن يستهدفه كما تستهدف الثّعابين الإنسان لتقتله. وانطلق الصَّوت الإلهيّ من جديد ليمسح على قلبه بالسَّكينة الإلهيَّة الروحيّة الّتي توحي إليه بالأمن والطّمأنينة، ليثبته ولينـزع من صدره عنصر الخوف من هذه العصا الثعبانيَّة الّتي لم يرد لها أن تثير الرّعب في نفسه: {يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ}[10]، بل أطلقها لتكون الآية المعجزة الخارقة للعادة التي أريد لها أن تكون سلاحاً مخيفاً للطغاة الَّذين أرسلك إليهم، ولتستشعر القوّة في موقفك في مواجهة التحدّي الكبير الّذي ينتظرك في مهمّتك الصّعبة.

{اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ـ الَّذي هو البرص ـ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ}[11]، أي الخوف، وذلك بأن يجمع يديه إلى صدره إذا عرض له الخوف، {فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ}، يؤكِّدان أنّك الرّسول الّذي اختاره الله لرسالته ليواجه فرعون وقومه، {إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ}، لتقدِّمهما إليهم في بداية دعوتك إيّاهم إلى الله، لتبدأ فيما بعد عمليّة التحدّي لفرعون وجبروته وطغيانه، وكذلك لقومه، {إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ}[12]، لأنهم تجاوزوا حدود ما أمر الله به، وطغوا وبغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد.

وفي آيةٍ أخرى، عبَّر الله تعالى عن هذا الموقف بأسلوبٍ آخر، فقال تعالى: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى}[13]، ولم يكن السّؤال استفهاماً من الله، لأنّه هو الّذي يعلم كلَّ شيء، ولكن كان وسيلةً للحوار الّذي يريد الله إثارته مع موسى(ع)، ليحصل موسى على حال الانفتاح في الجواب عن السّؤال الإلهيّ، من خلال التعجّب من سؤال الله عن ذلك، وهو العالم بكلِّ ما يحيط به.

{قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا}، عندما يثقلني الجهد ويحلّ بي التَّعب، {وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي}، لأدير أوضاعها في الغذاء، وفي انضباطها في خطِّ سيرها، {وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى}[14]، مثل الدّفاع عن النفس أو عن الآخرين الّذين تتّصل مسؤوليّتي بحياتهم العامّة والخاصّة أو غير ذلك. {قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى}[15]،  لتكتشف في ذلك شيئاً جديداً لم تكن تتصوّره، {فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى}[16]،  وكانت هذه أوَّل دلالةٍ لموسى(ع) على أنَّ هناك حدثاً يتجاوز المألوف قد دخل حياته، فكيف حدث هذا التطوّر في لحظات؟ وكيف تحوَّلت العصا الجامدة اليابسة إلى حيّة تتحرّك؟

وبدأ الخوف الغريزي يدبّ في قلبه من هذه الأفعى الّتي قد تؤذيه إذا اتّجهت نحوه أو هجمت عليه، {قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ}، فلن تؤذيك، لأنَّ العصا سوف ترجع كما كانت، {سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى}[17]، أي ستعود عصا من جديد، {وَاضْمُمْ يَدَكَ} السّمراء {إِلَى جَنَاحِكَ}، أي تحت إبطك، {تَخْرُجْ بَيْضَاء} في نقاء البياض وإشراقه، {مِنْ غَيْرِ سُوءٍ}، أي من غير مرضٍ أو عاهةٍ كالبرص، {آيَةً أُخْرَى*لِنُرِيَكَـ من خلال الآيتين؛ العصا التي تحوّلت إلى ثعبان، واليد السّمراء التي تحوّلت إلى يد بيضاء ـ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى}[18]، التي ستكون التحدّي الكبير لما قد تصادفه في حركتك الرساليَّة، من ضغطٍ وإنكارٍ وتهديدٍ وجحودٍ وتمرّد، لتنطلق إلى المهمّة الصّعبة بقلبٍ قويّ ثابتٍ لا تهزّه كلّ التّهاويل المحيطة به، الضّاغطة عليه، ولا تضعفه تهديدات الطّغاة.

وهكذا خرج موسى من هذه التّجربة الجديدة المثيرة، نبيّاً، {وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً}[19]. {وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيماً}[20].

فكيف تحدَّث الله معه عن هذه المهمّة؟ وكيف واجه الموقف الصَّعب؟ وكيف كان إحساسه بخطورة الأمر؟ وما الّذي طلبه من الله؟ هذا ما نتحدّث عنه في المرّة القادمة، إن شاء الله، والحمد لله ربِّ العالمين.

*ندوة الشام الأسبوعيّة، فكر وثقافة


[1]  [القصص: 30].

[2]  [طه: 12].

[3]  [طه: 13].

[4]  [طه: 14].

[5]  [فصلت: 30].

[6]  [طه: 15].

[7]  [طه: 16].

[8]  [النمل: 8].

[9]  [النمل: 9].

[10]  [القصص: 31].

[11]  [القصص: 32].

[12]  [القصص: 32].

[13]  [طه: 17].

[14]  [طه: 18].

[15]  [طه: 19].

[16]  [طه: 20].

[17]  [طه: 21].

[18]  [طه: 22، 23].

[19]   [مريم: 52].

[20]  [النساء: 164].

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية