الحذر من الفراغ

الحذر من الفراغ

[من دعاء الإمام زين العابدين (ع) بخواتم الخير الوارد في الصّحيفة السجاديّة:]  

"فإنْ قَدَّرْتَ لَنَا فَراغاً مِنْ شُغْلٍ، فاجْعَلْهُ فَرَاغَ سَلامةٍ لاَ تُدْركُنَا فيهِ تَبِعَةٌ، ولاَ تَلحَقُنَا فيهِ سَآمَةٌ، حتّى ينْصَرفَ عنّا كُتّابُ السَّيِّئاتِ بصَحِيفةٍ خَاليَةٍ مِنْ ذِكْرِ سيِّئاتِنَا، ويتَولّى كُتّابُ الحَسَناتِ عنّا مسْرورِينَ بِمَا كتَبُوا مِنْ حَسَناتِنا".

... ربما تتخفَّف النفس من العمل الدّاخلي والخارجيّ عندما يدركها التّعب، ويرهقها الجهد، فتعيش بعض الفراغ الّذي يريح العقل والقلب والجسد، حتى تعود ـ بعد ذلك ـ إلى مرحلةٍ جديدةٍ من العمل في خطّ مسؤوليّاتها المادية والروحية، بعد أن تأخذ قسطاً من الراحة، وبعضاً من القوّة، وما أطلقته في تشريعك من ترويح القلوب والأجساد، لأنَّ القلوب تملّ كما تملّ الأبدان، ما يجعل الراحة أمراً حيوياً ضرورياً للاستمرار من أجل تجديد النشاط والقوّة.

ولكنّ للفراغ إيحاءاته التي قد تدخل فيها وساوس الشّيطان، كما أنَّ له مشاكله التي قد تجعل النفس وجهاً لوجه أمام أفكار السّوء التي تقود إلى الانحراف في غياب الشّغل الجدّيّ الذي يصرف عنها تلك الأفكار، لأنّ الخير إذا لم يملأ الفراغ بالعمل، فإنَّ الشرّ سوف يأخذ مكانه، فينحرف به في الاتجاه الخاطئ.

وللفراغ ملَلهُ وسأمُه عندما يتحوّل بالنفس إلى حالةٍ من الضّجر والكسل الذي يؤدّي إلى النتائج السلبيّة، بحيث يبعدها في المستقبل عن الرّغبة في العمل، كما نلاحظ ذلك في البطّالين الذين اعتادوا على الفراغ، فكانت حياتهم نوماً وكسلاً وضجراً واسترخاءً، بعيداً من روح الجدّ والمسؤوليّة.

وهذا ما حذّرت منه الأحاديث الواردة عن أئمة أهل البيت (ع)، فقد روى ثقة الإسلام في "الكافي"، بسنده عن أبي بصير عن أبي عبد الله جعفر الصّادق (ع) قال: "إنّ الله عزّ وجلّ يبغض كثرة النّوم وكثرة الفراغ".

وروى بسنده عن بشير الدهّان قال: سمعت أبا الحسن موسى الكاظم (ع) قال: "إنّ الله يبغض العبد النوّام الفارغ".

وروى ـ أيضاً ـ بسنده (ع) سعد بن أبي خلف عن أبي الحسن موسى (ع) قال: قال أبي ـ جعفر الصّادق ـ لبعض ولده: "إيّاك والضّجر والكسل، فإنهما يمنعانك حظّ الدنيا والآخرة"، وقال: "إيّاك وخصلتين: الضّجر والكسل، فإنّك إن ضجرت لم تصبر على حقّ، وإن كسلت لم تؤدّ حقاً".

إنّنا لا نريد الفراغ استغراقاً في المعصية التي نتحمّل مسؤوليّتها ـ غداً ـ بين يديك، ولا سأماً ومللاً يفسد وعينا للخطّ المسؤول الجادّ في حياتنا، بل نريده انطلاقة تأمّل، وتخفّفاً من جهدٍ، واسترخاءً في الراحة، وتجديداً للنشاط، وحافزاً ليوم عملٍ جديد، ليكون الفراغ مقدّمة للعمل، ونافذة على المسؤوليّة، لا بديلاً منهما.

إننا نفكّر في ذلك ـ يا ربّ ـ ونتطلّبه، لتكون حياتنا مملوءةً بالحسنات، خاليةً من السيّئات، لأنّ ذلك هو الذي يؤكّد لنا التوازن في حركة الشخصيّة الإسلاميّة في الخطّ الذي يحمينا من الانحراف، ويؤدّي بنا إلى الشعور بالأمان في حسن العاقبة.

إننا نعلم ـ يا ربّ ـ أنّك جعلت لكلّ واحدٍ منّا ملكين كاتبين، يكتب أحدهما حسناتنا، ويكتب الآخر سيّئاتنا، لذا إنّنا نريد ـ يا ربّ ـ أن تكون أوقات أعمالنا في طاعتك، وأوقات فراغنا في رضاك، فلا يرى كتّاب الحسنات منا إلا النتائج التي تملأهم بالسّرور، عندما يرون صحيفة الحسنات مملوءةً بحسناتنا، أمّا كتّاب السيّئات فينصرفون دون أن يكتبوا سيّئةً واحدةً، وذلك هو الفوز العظيم.

*من كتاب "آفاق الروح"، ج 1.

[من دعاء الإمام زين العابدين (ع) بخواتم الخير الوارد في الصّحيفة السجاديّة:]  

"فإنْ قَدَّرْتَ لَنَا فَراغاً مِنْ شُغْلٍ، فاجْعَلْهُ فَرَاغَ سَلامةٍ لاَ تُدْركُنَا فيهِ تَبِعَةٌ، ولاَ تَلحَقُنَا فيهِ سَآمَةٌ، حتّى ينْصَرفَ عنّا كُتّابُ السَّيِّئاتِ بصَحِيفةٍ خَاليَةٍ مِنْ ذِكْرِ سيِّئاتِنَا، ويتَولّى كُتّابُ الحَسَناتِ عنّا مسْرورِينَ بِمَا كتَبُوا مِنْ حَسَناتِنا".

... ربما تتخفَّف النفس من العمل الدّاخلي والخارجيّ عندما يدركها التّعب، ويرهقها الجهد، فتعيش بعض الفراغ الّذي يريح العقل والقلب والجسد، حتى تعود ـ بعد ذلك ـ إلى مرحلةٍ جديدةٍ من العمل في خطّ مسؤوليّاتها المادية والروحية، بعد أن تأخذ قسطاً من الراحة، وبعضاً من القوّة، وما أطلقته في تشريعك من ترويح القلوب والأجساد، لأنَّ القلوب تملّ كما تملّ الأبدان، ما يجعل الراحة أمراً حيوياً ضرورياً للاستمرار من أجل تجديد النشاط والقوّة.

ولكنّ للفراغ إيحاءاته التي قد تدخل فيها وساوس الشّيطان، كما أنَّ له مشاكله التي قد تجعل النفس وجهاً لوجه أمام أفكار السّوء التي تقود إلى الانحراف في غياب الشّغل الجدّيّ الذي يصرف عنها تلك الأفكار، لأنّ الخير إذا لم يملأ الفراغ بالعمل، فإنَّ الشرّ سوف يأخذ مكانه، فينحرف به في الاتجاه الخاطئ.

وللفراغ ملَلهُ وسأمُه عندما يتحوّل بالنفس إلى حالةٍ من الضّجر والكسل الذي يؤدّي إلى النتائج السلبيّة، بحيث يبعدها في المستقبل عن الرّغبة في العمل، كما نلاحظ ذلك في البطّالين الذين اعتادوا على الفراغ، فكانت حياتهم نوماً وكسلاً وضجراً واسترخاءً، بعيداً من روح الجدّ والمسؤوليّة.

وهذا ما حذّرت منه الأحاديث الواردة عن أئمة أهل البيت (ع)، فقد روى ثقة الإسلام في "الكافي"، بسنده عن أبي بصير عن أبي عبد الله جعفر الصّادق (ع) قال: "إنّ الله عزّ وجلّ يبغض كثرة النّوم وكثرة الفراغ".

وروى بسنده عن بشير الدهّان قال: سمعت أبا الحسن موسى الكاظم (ع) قال: "إنّ الله يبغض العبد النوّام الفارغ".

وروى ـ أيضاً ـ بسنده (ع) سعد بن أبي خلف عن أبي الحسن موسى (ع) قال: قال أبي ـ جعفر الصّادق ـ لبعض ولده: "إيّاك والضّجر والكسل، فإنهما يمنعانك حظّ الدنيا والآخرة"، وقال: "إيّاك وخصلتين: الضّجر والكسل، فإنّك إن ضجرت لم تصبر على حقّ، وإن كسلت لم تؤدّ حقاً".

إنّنا لا نريد الفراغ استغراقاً في المعصية التي نتحمّل مسؤوليّتها ـ غداً ـ بين يديك، ولا سأماً ومللاً يفسد وعينا للخطّ المسؤول الجادّ في حياتنا، بل نريده انطلاقة تأمّل، وتخفّفاً من جهدٍ، واسترخاءً في الراحة، وتجديداً للنشاط، وحافزاً ليوم عملٍ جديد، ليكون الفراغ مقدّمة للعمل، ونافذة على المسؤوليّة، لا بديلاً منهما.

إننا نفكّر في ذلك ـ يا ربّ ـ ونتطلّبه، لتكون حياتنا مملوءةً بالحسنات، خاليةً من السيّئات، لأنّ ذلك هو الذي يؤكّد لنا التوازن في حركة الشخصيّة الإسلاميّة في الخطّ الذي يحمينا من الانحراف، ويؤدّي بنا إلى الشعور بالأمان في حسن العاقبة.

إننا نعلم ـ يا ربّ ـ أنّك جعلت لكلّ واحدٍ منّا ملكين كاتبين، يكتب أحدهما حسناتنا، ويكتب الآخر سيّئاتنا، لذا إنّنا نريد ـ يا ربّ ـ أن تكون أوقات أعمالنا في طاعتك، وأوقات فراغنا في رضاك، فلا يرى كتّاب الحسنات منا إلا النتائج التي تملأهم بالسّرور، عندما يرون صحيفة الحسنات مملوءةً بحسناتنا، أمّا كتّاب السيّئات فينصرفون دون أن يكتبوا سيّئةً واحدةً، وذلك هو الفوز العظيم.

*من كتاب "آفاق الروح"، ج 1.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية