دينية
08/04/2013

الثبات على الإيمان في بيئة غير ملتزمة

الثبات على الإيمان في بيئة غير ملتزمة

استشارة..
السلام عليكم.

أنا شابة أبلغ من العمر 22 عاماً. كنت في ما مضى غير ملتزمة، ولا أعمل الصالحات، وكنت ألهو وأترك بعض الصلوات، ولا أعرف الله حق معرفته، إلى أن دخل نور إلى قلبي جعلني أستفيق من غفلتي. أحسست عندها بأنَّ الله هو ملجئي، وعلي العودة إليه، فذرفت الكثير من الدموع، وطلبت منه العفو والرحمة، وبدأت رحلة المسير إليه حتى أصبحت ملتزمة بكل ما أمرنا به على أفضل وجه، ورأيت ألطافه تتنزل عليَّ. ولكنَّني اليوم أخشى من أن أبتعد عن هذا الطَّريق وأفقد رحمة الله، فأرجو أن تنصحوني حتى لا أتيه مجدداً في هذه الحياة، وخصوصاً أنني أعيش في بيئة غير ملتزمة أحاول جاهدة أن لا تؤثر فيَّ.

وجواب..
الحمد لله على الهداية، والحمد لله الَّذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. إنَّ ما حصل معك أختي المؤمنة والمهتدية، يكشف ـ وهو مثال واضح ـ أنَّ الله تعالى ليس بعيداً عن خلقه مهما ابتعدوا عنه، وأن باب الله تعالى مفتوح أمامهم دائماً، وإن لم يلتفتوا إلى ذلك. وقد يغفل الإنسان عن باب التوبة والهداية، ولكن لا بد من أن تأتي لحظات الاستيقاظ، والحمد لله أنك الآن في هذه المرحلة.

والواضح من كلامك أنك ما زلت تعيشين في هذا النور الذي شعَّ في قلبك وروحك، وهذه خطوة مهمَّة في طريق السير إلى الله تعالى، وذرفك للدموع وطلبك العفو والمغفرة وتوبتك عن الحياة السابقة التي كنت فيها بعيدة عن الله، يعني أنَّ الله تعالى تاب عليك وغفر لك كل ما تقدم من ذنوبك: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[الزمر: 53].

وما دمت تسيرين في هذا الخط، فأنت من المغفور لهم ذنوبهم، فلا بدَّ من أن تشكري الله على الهداية والتوبة، وأن تثقي به، فإن الله الذي هداك لن يتركك للضياع ثانية، وسوف يبقى ماسكاً يدك حتى لا تضلي.

وفي هذا الإطار، أقدّم لك بعض النَّصائح والإرشادات:  

1ـ أداء الصّلوات اليوميَّة في أوقاتها.

2ـ المواظبة على قراءة الأدعية اليومية أو تعقيبات الخاصة لكل صلاة إذا أمكن.

3ـ المواظبة على قراءة القرآن الكريم، ولو صفحة كاملة في كل يوم، أو على الأقل قراءة خمسين آية.

أما كونك في بيئة غير ملتزمة، فهذا قد يعطي لعملك الأجر والثواب المضاعفين، ويجب أن تعلمي أنك في حالة جهاد، فالمؤمن الذي يحافظ على إيمانه وعلاقته مع الله تعالى في بيئة غير مؤمنة، من دون أن يؤثر ذلك في إيمانه، هو مجاهد بحق، لأنَّ جهاد النفس هو الجهاد الأكبر، كما سماه رسول الله(ص)، كما أن أجره أعظم عند الله تعالى من المؤمن الذي يعيش في بيئة ملتزمة، لا يؤثر في إيمانه والتزامه شيء.

وأخيراً، قد تشعرين في وقتٍ من الأوقات بأنَّ جذوة الإيمان تخفّ أو تضعف عندك، فلا يجب أن يدفعك ذلك إلى اليأس أو الإحباط، فهذا أمر طبيعي، لأنَّ نفس الإنسان متقلّبة، والقلب له حالات كما قال الإمام علي(ع): "إِنَّ لِلْقُلُوبِ إِقْبَالاً وَإِدباراً؛ فَإِذَا أَقْبَلَتْ فَاحْمِلُوهَاعَلَىالنَّوَافِلِ، وَإِذَا أَدبَرَتْ فَاقْتَصِرُوا بِهَا عَلَى الْفَرَائِض". فلا تضغطي على نفسك، وفي اللحظة التي تشعرين فيها بالملل أو السأم من العبادة، اقتصري على أداء الواجبات. وقد ورد عن الإمام علي(ع): "أعبد الناس من أتى بالواجبات"، ويقول أيضاً: "عمل مداوم عليه خير من كثير مملول".

حفظك الله أختي المؤمنة والمهتدية، وأبعد عنك كلّ شر، وسدَّد خطاك إلى ما فيه الخير والصلاح لك، ولجميع المؤمنين المجاهدين لأنفسهم ولأعدائهم.

***
 مرسلة الاستشارة: فاطمة.
 المجيب عن الاستشارة: الشّيخ يوسف سبيتي، عالم دين وباحث، عضو المكتب الشّرعي في مؤسّسة العلامة المرجع السيّد محمَّد حسين فضل الله(رض).
 التاريخ: 2 نيسان 2013م.
نوع الاستشارة: دينية.

استشارة..
السلام عليكم.

أنا شابة أبلغ من العمر 22 عاماً. كنت في ما مضى غير ملتزمة، ولا أعمل الصالحات، وكنت ألهو وأترك بعض الصلوات، ولا أعرف الله حق معرفته، إلى أن دخل نور إلى قلبي جعلني أستفيق من غفلتي. أحسست عندها بأنَّ الله هو ملجئي، وعلي العودة إليه، فذرفت الكثير من الدموع، وطلبت منه العفو والرحمة، وبدأت رحلة المسير إليه حتى أصبحت ملتزمة بكل ما أمرنا به على أفضل وجه، ورأيت ألطافه تتنزل عليَّ. ولكنَّني اليوم أخشى من أن أبتعد عن هذا الطَّريق وأفقد رحمة الله، فأرجو أن تنصحوني حتى لا أتيه مجدداً في هذه الحياة، وخصوصاً أنني أعيش في بيئة غير ملتزمة أحاول جاهدة أن لا تؤثر فيَّ.

وجواب..
الحمد لله على الهداية، والحمد لله الَّذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. إنَّ ما حصل معك أختي المؤمنة والمهتدية، يكشف ـ وهو مثال واضح ـ أنَّ الله تعالى ليس بعيداً عن خلقه مهما ابتعدوا عنه، وأن باب الله تعالى مفتوح أمامهم دائماً، وإن لم يلتفتوا إلى ذلك. وقد يغفل الإنسان عن باب التوبة والهداية، ولكن لا بد من أن تأتي لحظات الاستيقاظ، والحمد لله أنك الآن في هذه المرحلة.

والواضح من كلامك أنك ما زلت تعيشين في هذا النور الذي شعَّ في قلبك وروحك، وهذه خطوة مهمَّة في طريق السير إلى الله تعالى، وذرفك للدموع وطلبك العفو والمغفرة وتوبتك عن الحياة السابقة التي كنت فيها بعيدة عن الله، يعني أنَّ الله تعالى تاب عليك وغفر لك كل ما تقدم من ذنوبك: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[الزمر: 53].

وما دمت تسيرين في هذا الخط، فأنت من المغفور لهم ذنوبهم، فلا بدَّ من أن تشكري الله على الهداية والتوبة، وأن تثقي به، فإن الله الذي هداك لن يتركك للضياع ثانية، وسوف يبقى ماسكاً يدك حتى لا تضلي.

وفي هذا الإطار، أقدّم لك بعض النَّصائح والإرشادات:  

1ـ أداء الصّلوات اليوميَّة في أوقاتها.

2ـ المواظبة على قراءة الأدعية اليومية أو تعقيبات الخاصة لكل صلاة إذا أمكن.

3ـ المواظبة على قراءة القرآن الكريم، ولو صفحة كاملة في كل يوم، أو على الأقل قراءة خمسين آية.

أما كونك في بيئة غير ملتزمة، فهذا قد يعطي لعملك الأجر والثواب المضاعفين، ويجب أن تعلمي أنك في حالة جهاد، فالمؤمن الذي يحافظ على إيمانه وعلاقته مع الله تعالى في بيئة غير مؤمنة، من دون أن يؤثر ذلك في إيمانه، هو مجاهد بحق، لأنَّ جهاد النفس هو الجهاد الأكبر، كما سماه رسول الله(ص)، كما أن أجره أعظم عند الله تعالى من المؤمن الذي يعيش في بيئة ملتزمة، لا يؤثر في إيمانه والتزامه شيء.

وأخيراً، قد تشعرين في وقتٍ من الأوقات بأنَّ جذوة الإيمان تخفّ أو تضعف عندك، فلا يجب أن يدفعك ذلك إلى اليأس أو الإحباط، فهذا أمر طبيعي، لأنَّ نفس الإنسان متقلّبة، والقلب له حالات كما قال الإمام علي(ع): "إِنَّ لِلْقُلُوبِ إِقْبَالاً وَإِدباراً؛ فَإِذَا أَقْبَلَتْ فَاحْمِلُوهَاعَلَىالنَّوَافِلِ، وَإِذَا أَدبَرَتْ فَاقْتَصِرُوا بِهَا عَلَى الْفَرَائِض". فلا تضغطي على نفسك، وفي اللحظة التي تشعرين فيها بالملل أو السأم من العبادة، اقتصري على أداء الواجبات. وقد ورد عن الإمام علي(ع): "أعبد الناس من أتى بالواجبات"، ويقول أيضاً: "عمل مداوم عليه خير من كثير مملول".

حفظك الله أختي المؤمنة والمهتدية، وأبعد عنك كلّ شر، وسدَّد خطاك إلى ما فيه الخير والصلاح لك، ولجميع المؤمنين المجاهدين لأنفسهم ولأعدائهم.

***
 مرسلة الاستشارة: فاطمة.
 المجيب عن الاستشارة: الشّيخ يوسف سبيتي، عالم دين وباحث، عضو المكتب الشّرعي في مؤسّسة العلامة المرجع السيّد محمَّد حسين فضل الله(رض).
 التاريخ: 2 نيسان 2013م.
نوع الاستشارة: دينية.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية