الشيخ حسين علي المصطفى- القطيف
{لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاً وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا}.
لم يدُر في خلدي يوماً أن أقف لأوبّن هذا المرجع المجاهد والمُعلِّم الكبير الذي جاء ليُعبّر عن وجوده -في عالمنا- من خلال إنسانيته، وحضارته، وعلمه، وعالميته.. إنه الفقيه والمرجع الذي اقتطف حكمة الأنبياء، وصفاء الأولياء؛ بما حمله من قلب طالما تعلَّق بالله وتخلَّص من ثقلة الأعراض. لقد تعودت الساحة الإسلامية أن تستنير، منذ عقود، من حركة اجتهاده المستنير وجهاده الكبير الذي سخره في سبيل إعلاء كلمة الله؛ ليتحمل أخطار الساحة وتحدياتها وكل سلبياتها.. وقد كانت لإسهاماته الفضل الكبير في تشكيل الخطاب الإسلامي الشيعي الحديث؛ فهو الذي نسج للوحدة رمزاً، وللتعايش قيمةً، وللحب مساحةً، وللحرية متنفساً. وصرف من أجل تثبيت هذه القيم الرسالية عمره الشريف كله. وما كان لها أن تأخذ هذا الحجم العالمي إلا من خلال ما يملكه من عناصر شخصيته الذاتية، ولا سيّما شجاعة الموقف ورحابة الأفق، فهو قطب عظيم، لـم ينبض مشرقنا الإسلامي بمثيل له منذ عهد طويل.
لقد انفتح (قده) مبكراً على عالمية الإسلام، ووحدة الأمة، والسعي لأجل قضاياها المصيرية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وكرس فكره لإعلاء مبادئ الإسلام العليا في خطابه، موضحاً أنّ الإسلام لا بدَّ أن يصوغ وعي الإنسان بذاته داخل مجتمعه الإنساني المتنوع، وفي علاقته بالوجود من حوله، وأنّ الإسلام يبني الإنسان العقلاني في مسؤوليته عن أفكاره وما يعتقده، فغرس فينا الحرية والعدالة والمحبة والكرامة.
إنّ خسارة العالم الإسلامي بل العالم الإنساني برحيله لا تعوض، وإنها لثلمة كبيرة انفتقت عن جرح عميق أرجو من الله تعالى أن يعوضها بمثله، فإليك يا مولاي -يا حجة الله- أعزيك في هذا المصاب الجلل، وأعزي الأمة الإسلامية بفقيد عالمها المجاهد الكبير سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله قدس الله سره.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.
|