لما كان الهدف من جعل الولاية على فاقد الأهلية هو رعايته وتدبير أموره في نفسه وفي ماله، ولما كانت تصرفات الولي حادثة في حالة استثنائية تستدعي مراعاة الحذر والاحتياط، وهي فقدان المالك لأهلية التصرف، فإن الشريعة المطهّرة قد وضعت حدوداً لتصرفات الولي تختلف عما لو كان المتصرف هو المالك نفسه، وذلك على النحو التالي:
أولاً : إن الأظهر هو كون الوليّ مُنـزَلاً منزلة المالك في كيفية تصرفه بأمواله وبنفسه، وفي مدى طموحه الذي يرجو تحقيقه، فكما لا يكتفي المالك بتجميد أمواله وأوضاعه الحياتية، ولا يقتصر على دفع المفاسد التي تؤدي إلى خسران المال ونحوه، بل يسعى إلى جلب المنافع وتحقيق الأرباح والمكاسب، فيتاجر في ماله، رغبةً في الربح، ويتزوج لتحقيق غاية راجحة، ويقوم بمختلف التصرفات على قاعدة تحقيق المصلحة، فإن للولي ذلك كما لو كان هو المالك، ومثال ذلك ما لو كان لهذا القاصر مبلغٌ من المال، ودار الأمر بين أن يتاجر به مع رجاء الربح وبين أن يدخره من دون أن يخسر منه شيئاً بالادخار، فإن الأجدر بالولي أن يتاجر بمال ذلك القاصر لتحقيق الربح الذي هو مصلحة له، دون أن يمنعه منه احتمال الخسران الوارد دائماً في التجارة، ما دام الأسلوب الذي تدار به الأمور متعارفاً وجارياً على طبق الأصول التجارية؛ ومثاله ـ أيضاً ـ ما لو أراد الولي تزويج الصبي، فإنه يجب عليه مراعاة المصلحة العائدة على القاصر، بل وينبغي بذل الجهد في اختيار الأصلح، تماماً كما لو كان القاصر ولده؛ وهكذا الأمر في سائر الشؤون؛ أما إذا خلا العمل من المصلحة، كأن لم يكن في التجارة ربحٌ ولا مصلحة أخرى، ولا في زواج الصبي فائدة، لم يجز الإقدام عليه حتى لو خلا من المفسدة ولم يترتب عليه ضرر.
ثانياً : وعلى ضوء المبدأ الآنف الذكر، فإنه لا يصح من الولي أن يهب ولا أن يتصدق بشيءٍ من أموال القاصر حتى لو كان فيهما مصلحة للقاصر بوجه من الوجوه؛ نعم لا يشمل ذلك دفع الخمس والزكاة والضمان وغيرها من الأمور التي ورد استحباب أو وجوب بذلها من مال القاصر عند توفر شروطها، وأما مثل إقراض ماله للغير أو إعارته له مع الاطمئنان بوفاء القرض ورد العارية، فإن كان فيه مصلحة دنيوية للصبي مثلاً جاز فعله، وإن لم يكن فيه مصلحة لم يجز حتى لو كان المقترض أو المستعير أحد أقربائه.
ثالثاً : إنّ الولاية على شؤون فاقد الأهلية غير المالية، وهي ما يصطلح عليها بـ(الولاية على النفس)، تختلف باختلاف أسباب فقد الأهلية وباختلاف تلك الشؤون الحياتية:
فالسفيه لا ولاية لأحد عليه في ما عدا الزواج من أموره الشخصية، كالطلاق والوصية بغير المال ونحوهما، فيصحُّ منه طلاق زوجته حتى لو ترتب عليه بذل المهر لها، وكذا يصح أن يوصي بأن يدفن في مكان معين وأن يجهز في غسله وكفنه بطريقة معينة حتى لو ترتب عليه بذل مال، وهكذا سائر أموره من سكنه وتصرفاته الأخرى؛ أما الزواج، فإن عليه ـ على الأحوط وجوباً ـ أن يستأذن أباه أو جده لأبيه إذا كان سفيهاً في جميع أموره، وأما إذا كان سفيهاً في خصوص الزواج فإن عليه ـ على الأحوط وجوباً ـ أن يستأذن الحاكم الشرعي.
وأما المجنون والصبي فإن للأب والجد للأب ولايةً عليهما في كل ما له علاقة بأمورهما الأساسية، كالتربية والتعليم والسكن وطريقة الإنفاق ومقداره وكيفية استثمار أموالهما، ونحو ذلك مما يرجع إلى سلوكهما العام المؤثر في بناء الشخصية وتركيز الكيان الاجتماعي حاضراً ومستقبلاً؛ ونفس هذه الصلاحيات تثبت ـ أيضاً ـ للوصي عن أحدهما عند إطلاق الولاية، كما تثبت بنفس النحو للحاكم الشرعي، ولعدول المؤمنين عند فقد الحاكم الشرعي.
وأما تزويجهما فإن للأب وأبيه الولاية في ذلك، سواء مع اضطرارهما إلى الزواج أو عدمه، وأما الوصي فإنه لا ولاية له على ذلك إلا إذا نص الموصي عليه، وأما الحاكم الشرعي فهو ولي الصبي والمجنون في التزويج مع الضرورة لا بدونها، وكذلك عدول المؤمنين في حال فقد الحاكم الشرعي.
وأما الطلاق فإن للولي، كائناً من كان، أن يطلِّق زوجة المجنون مع وجود مصلحة له في الطلاق، ولا ولاية له على طلاق الصبي، مع المصلحة وبدونها، نعم للولي أن يهب عن الصبي زوجته المتمتَّع بها مدتها مع المصلحة له أو لها أو بدونها.
لما كان الهدف من جعل الولاية على فاقد الأهلية هو رعايته وتدبير أموره في نفسه وفي ماله، ولما كانت تصرفات الولي حادثة في حالة استثنائية تستدعي مراعاة الحذر والاحتياط، وهي فقدان المالك لأهلية التصرف، فإن الشريعة المطهّرة قد وضعت حدوداً لتصرفات الولي تختلف عما لو كان المتصرف هو المالك نفسه، وذلك على النحو التالي:
أولاً : إن الأظهر هو كون الوليّ مُنـزَلاً منزلة المالك في كيفية تصرفه بأمواله وبنفسه، وفي مدى طموحه الذي يرجو تحقيقه، فكما لا يكتفي المالك بتجميد أمواله وأوضاعه الحياتية، ولا يقتصر على دفع المفاسد التي تؤدي إلى خسران المال ونحوه، بل يسعى إلى جلب المنافع وتحقيق الأرباح والمكاسب، فيتاجر في ماله، رغبةً في الربح، ويتزوج لتحقيق غاية راجحة، ويقوم بمختلف التصرفات على قاعدة تحقيق المصلحة، فإن للولي ذلك كما لو كان هو المالك، ومثال ذلك ما لو كان لهذا القاصر مبلغٌ من المال، ودار الأمر بين أن يتاجر به مع رجاء الربح وبين أن يدخره من دون أن يخسر منه شيئاً بالادخار، فإن الأجدر بالولي أن يتاجر بمال ذلك القاصر لتحقيق الربح الذي هو مصلحة له، دون أن يمنعه منه احتمال الخسران الوارد دائماً في التجارة، ما دام الأسلوب الذي تدار به الأمور متعارفاً وجارياً على طبق الأصول التجارية؛ ومثاله ـ أيضاً ـ ما لو أراد الولي تزويج الصبي، فإنه يجب عليه مراعاة المصلحة العائدة على القاصر، بل وينبغي بذل الجهد في اختيار الأصلح، تماماً كما لو كان القاصر ولده؛ وهكذا الأمر في سائر الشؤون؛ أما إذا خلا العمل من المصلحة، كأن لم يكن في التجارة ربحٌ ولا مصلحة أخرى، ولا في زواج الصبي فائدة، لم يجز الإقدام عليه حتى لو خلا من المفسدة ولم يترتب عليه ضرر.
ثانياً : وعلى ضوء المبدأ الآنف الذكر، فإنه لا يصح من الولي أن يهب ولا أن يتصدق بشيءٍ من أموال القاصر حتى لو كان فيهما مصلحة للقاصر بوجه من الوجوه؛ نعم لا يشمل ذلك دفع الخمس والزكاة والضمان وغيرها من الأمور التي ورد استحباب أو وجوب بذلها من مال القاصر عند توفر شروطها، وأما مثل إقراض ماله للغير أو إعارته له مع الاطمئنان بوفاء القرض ورد العارية، فإن كان فيه مصلحة دنيوية للصبي مثلاً جاز فعله، وإن لم يكن فيه مصلحة لم يجز حتى لو كان المقترض أو المستعير أحد أقربائه.
ثالثاً : إنّ الولاية على شؤون فاقد الأهلية غير المالية، وهي ما يصطلح عليها بـ(الولاية على النفس)، تختلف باختلاف أسباب فقد الأهلية وباختلاف تلك الشؤون الحياتية:
فالسفيه لا ولاية لأحد عليه في ما عدا الزواج من أموره الشخصية، كالطلاق والوصية بغير المال ونحوهما، فيصحُّ منه طلاق زوجته حتى لو ترتب عليه بذل المهر لها، وكذا يصح أن يوصي بأن يدفن في مكان معين وأن يجهز في غسله وكفنه بطريقة معينة حتى لو ترتب عليه بذل مال، وهكذا سائر أموره من سكنه وتصرفاته الأخرى؛ أما الزواج، فإن عليه ـ على الأحوط وجوباً ـ أن يستأذن أباه أو جده لأبيه إذا كان سفيهاً في جميع أموره، وأما إذا كان سفيهاً في خصوص الزواج فإن عليه ـ على الأحوط وجوباً ـ أن يستأذن الحاكم الشرعي.
وأما المجنون والصبي فإن للأب والجد للأب ولايةً عليهما في كل ما له علاقة بأمورهما الأساسية، كالتربية والتعليم والسكن وطريقة الإنفاق ومقداره وكيفية استثمار أموالهما، ونحو ذلك مما يرجع إلى سلوكهما العام المؤثر في بناء الشخصية وتركيز الكيان الاجتماعي حاضراً ومستقبلاً؛ ونفس هذه الصلاحيات تثبت ـ أيضاً ـ للوصي عن أحدهما عند إطلاق الولاية، كما تثبت بنفس النحو للحاكم الشرعي، ولعدول المؤمنين عند فقد الحاكم الشرعي.
وأما تزويجهما فإن للأب وأبيه الولاية في ذلك، سواء مع اضطرارهما إلى الزواج أو عدمه، وأما الوصي فإنه لا ولاية له على ذلك إلا إذا نص الموصي عليه، وأما الحاكم الشرعي فهو ولي الصبي والمجنون في التزويج مع الضرورة لا بدونها، وكذلك عدول المؤمنين في حال فقد الحاكم الشرعي.
وأما الطلاق فإن للولي، كائناً من كان، أن يطلِّق زوجة المجنون مع وجود مصلحة له في الطلاق، ولا ولاية له على طلاق الصبي، مع المصلحة وبدونها، نعم للولي أن يهب عن الصبي زوجته المتمتَّع بها مدتها مع المصلحة له أو لها أو بدونها.