الضمان
01/06/2023

العقد والشروط

العقد والشروط


وفيه مسائل:


ـ يتحقّق الضمان بالعقد المشتمل على الإيجاب والقبول، وهو ينعقد ـ كغيره من العقود ـ بكل لفظ يدل على صدور الإيجاب من الضامن والقبول من الدائن، وأكمله ما كان صريحاً فيه كلفظ (ضمنت) و(التزمت) و(تعهَّدت)؛ كما يقع بالفعل المفهم لذلك.


ـ لا بد في صحة العقد من القصد والاختيار وتوفر الأهلية في المتعاقدين بالعقل والرشد والبلوغ، فلا يصح عقد الصبي إلا بإذن الولي؛ أما عدم الحجر بالفلس فليس شرطاً من جهة الضامن، فيصح ضمان المفلِّس، لكن لا يدخل الدائن (المضمون له) في الغرماء، كما أنه ليس شرطاً في المضمون له إلا إذا كان تحول دينه من ذمة المدين إلى ذمة الضامن منافياً لحق الغرماء في أمواله التي من جملتها هذا الدين المضمون، وذلك كما لو كان الدين حالاًّ فقبل ضمانه مؤجلاً، بنحو فوّت على الغرماء فرصة أخذ الدين المضمون وتقاسمه.


ـ لا يشترط رضا المضمون عنه، كما لا يشترط فيه شيء من شروط الأهلية الآنفة الذكر، فيجوز الضمان عمن لم يأذن، وعن الصغير والمجنون ولو لم يأذن وليهما، وعن الميت أيضاً.


ـ يشترط في صحة الضمان، الفعلية، فلا ينعقد مع التعليق بمثل قوله: «أنا ضامن دين فلان إن أذن أبي»، أو: «... إذا لم يؤد ما عليه»، فلا ينتقل الدين إلى ذمة الضامن، كما أنه لا تفرغ منه ذمة المضمون عنه، نعم إذا علقه على عدم أدائه كـان ذلك كفالـة وضمـان أداء، ولزمـه ـ بموجـب تعهـده ـ أداء الدين عند عدم وفاء المدين، وهو أمر آخر غير الضمان بمعناه المصطلح.


ـ لا يشترط العلم بقدرة الضامن على الوفاء، فإذا رضي المضمون له بضمانه صح حتى مع علمه بعجزه عن الوفاء له، ولم يكن له فسخ العقد بعد ذلك؛ كذلك فإنه لو كان قـادراً حين العقـد فطـرأ العجـز عليـه، لـم يكن للمضمون لـه فسخ العقـد ـ أيضاً ـ، بل لو ابتنى رضاه على قدرته، وكان جاهلاً بعدم قدرته حين رضي بضمانه، لم يثبت له حق الفسخ.


ـ يشترط تعيين الدين المضمون إذا كان متعدداً، فلا يصح أن يقول ـ مثلاً ـ: «ضمنت عن زيد أحد ديونه التي عليه»، بل لا بد من تعيينه في فرد خاص منها، وكذا يشترط تعيين المضمون عنه ـ ولو إجمالاً ـ والمضمون له، فلا يصح ضمان دين واحد من ثلاثة مدينين مثلاً، ولا ضمان دين واحد من ثلاثة دائنين.


نعم لا يشترط علم الضامن بجنس الدين ولا مقداره، بل ولا علمه بشخص المضمون عنه، إذا كان الجنس والمقدار والشخص معلوماً في الواقع، فلو قال: «ضمنت الدين الذي على سعيد لأحمد»، ولم يكن يعلم أنه دينار أو درهم، أو أنه دينار أو ديناران، صح الضمان؛ وكذا يصح لو قال: «ضمنت دين واحد من هؤلاء العشرة» إذا كان فيهم مدين واحد فقط، أي: مدين متعين في الواقع وإن لم يعرفه بشخصه؛ أما المضمون له فلا بد من تعينه في الواقع وتعينه عند الضامن بشخصه، وذلك من جهة أنه طرف في العقد، فلا بد من حضوره بشخصه أو بمن يقوم مقامه.


ـ يجوز ترامي الضمان، وذلك بأن يضمن الضامنَ شخصٌ آخر، ثم يضمن الضامنَ الثانيَ ضامنٌ ثالثٌ، وهكذا مهما تعددوا، فتشتغل ـ بذلك ـ ذمة الأخير بالدين وتبرأ منه ذمة من عداه، وسيأتي مزيد بيان لذلك في المبحث الثاني. (أنظر المسألة: 266).


ـ يجوز أن يكون الضامن للدين أكثر من واحد على نحو الاشتراك، فيتحمل كل واحد منهم من الدين مقدار حصته وتنشغل به ذمته، أما ضمان أكثر من شخصٍ لديْن شخصٍ واحدٍ على نحو الاستقلال، بحيث يكون كل واحد منهما ـ مثلاً ـ ضامناً لتمام الدين، فهو غير صحيح. وسيأتي التعرض لهذه المسألة في المبحث الثاني. (أنظر المسألة: 267).


ـ يجوز في الضمان اشتراط أن يرهن الضامن شيئاً للمضمون له وثيقة له على دينه الذي اشتغلت به ذمة الضامن، سواءً في ذلك ما لو كان الرهن بعقد بعد عقد الضمان، أو كـان شرطـاً ـ صريحـاً أو ضمنيـاً ـ فـي عقد الضمان، فإن وفى به كان خيراً، وإن لم يف به لم يثبت له خيار تخلف الشرط إلا إذا كان الضمان والإشتراط بإذن المضمون عنه، كما سيأتي. (أنظر المسألة: 261).


ومن جهة أخرى، لو فرض وجود رهن على المدين فإنه ينفك عنه عند براءة ذمته من الدين بالضمان، إلا أن يشترط الضامن أو المضمون له بقاء الرهن فلا ينفك.


ـ لا يتحقّق الضمان إلا إذا تعهد الضامن بدفعه من خالص ماله، فلا يقع ضماناً لو كان قد تعهد بالوفاء عن المدين الفقير من الحق الشرعي من الخمس والزكاة أوْ ردّ المظالم، سواءً كانت ذمة الضامن مشغولة به فعلاً أم لا؛ كما أنه لا يلزم الضامن بمقتضى تعهده هذا بشيء، لا للمضمون له ولا للمضمون عنه، إلا إلزاماً أخلاقياً من حيث هو وعد ينبغي الوفاء به.


نعم، إذا كان الدين الثابت في الذمة خمساً أو زكاة أو نحوهما جاز ضمان ما عليه للحاكم الشرعي أو وكيله، فيصير ملزماً به وتبرأ منه ذمة المضمون عنه.


ـ رغم أن المدّعى به ـ حين التداعي ـ لا يكون ثابتاً على المدّعى عليه إلا بعد الحكم بثبوته عليه، فإنه يصح لثالث ضمان ذلك المال المدّعى به قبل ثبوته إذا رضي المدّعي، ويكون معنى الضمان وأثره انتقال الدين المدّعى به إلى ذمة الضامن على تقدير ثبوته، وحينئذ تسقط الدعوى عن المضمون عنه ويصير الضامن هو المدّعى عليه، فإذا أقام المدّعي البيّنة على الدين، أو كان المضمون عنه قد أقر قبل الضمان بالدين، لزم الأداء على الضامن، أما إذا أقر المضمون عنه بالدين بعد الضمان فلا يثبت الدين بإقـراره ـ حينئذ ـ، لأنه إقرار في حق الغير.


ـ الضمان من العقود اللازمة، فلا يجوز الرجوع فيه من أحدهما، بل إنه لا ينحل بالتقايل منهما، كما أنه لا يجري فيه شيء من الخيارات كما سيأتي، وذلك لأن مقتضى انفساخ العقد بالتقايل أو الخيار هو انشغال ذمة المدين بالدين بعد ما كانت قد فرغت منه بالضمان، وهو ما لا يتم إلا في صورة كون الضمان بإذن المضمون عنه ورضاه بالإقالة، فينفسخ عقد الضمان ـ حينئذ ـ ويرجع الدين على المدين، فتنشغل به ذمته مرة ثانية، وكذا الأمر في الفسخ بالخيار كما سيأتي.


ـ لا يجري الخيار في عقد الضمان، فلا يثبت فيه شرط الخيار، ولا خيار تخلف الشرط، بما في ذلك ما لو كان قد اشترط يسارَ الضامن فبان إعساره، ولا خيار تخلف الوصف، ولا غير ذلك من الخيارات؛ نعم إذا كان الضمان برضا المضمون عنه جرى فيه شرط الخيار، بل وكذا يجري فيه خيارا تخلف الشرط وتخلف الوصف إذا كان الإشتراط أو التوصيف بإذن المضمون عنه، وحينئذ يجوز لصاحب الحق أن يفسخ العقد، فيرجـع الدائن ـ بعد الفسخ ـ على المدين الذي انشغلت ذمته بالدين مرة ثانية.



وفيه مسائل:


ـ يتحقّق الضمان بالعقد المشتمل على الإيجاب والقبول، وهو ينعقد ـ كغيره من العقود ـ بكل لفظ يدل على صدور الإيجاب من الضامن والقبول من الدائن، وأكمله ما كان صريحاً فيه كلفظ (ضمنت) و(التزمت) و(تعهَّدت)؛ كما يقع بالفعل المفهم لذلك.


ـ لا بد في صحة العقد من القصد والاختيار وتوفر الأهلية في المتعاقدين بالعقل والرشد والبلوغ، فلا يصح عقد الصبي إلا بإذن الولي؛ أما عدم الحجر بالفلس فليس شرطاً من جهة الضامن، فيصح ضمان المفلِّس، لكن لا يدخل الدائن (المضمون له) في الغرماء، كما أنه ليس شرطاً في المضمون له إلا إذا كان تحول دينه من ذمة المدين إلى ذمة الضامن منافياً لحق الغرماء في أمواله التي من جملتها هذا الدين المضمون، وذلك كما لو كان الدين حالاًّ فقبل ضمانه مؤجلاً، بنحو فوّت على الغرماء فرصة أخذ الدين المضمون وتقاسمه.


ـ لا يشترط رضا المضمون عنه، كما لا يشترط فيه شيء من شروط الأهلية الآنفة الذكر، فيجوز الضمان عمن لم يأذن، وعن الصغير والمجنون ولو لم يأذن وليهما، وعن الميت أيضاً.


ـ يشترط في صحة الضمان، الفعلية، فلا ينعقد مع التعليق بمثل قوله: «أنا ضامن دين فلان إن أذن أبي»، أو: «... إذا لم يؤد ما عليه»، فلا ينتقل الدين إلى ذمة الضامن، كما أنه لا تفرغ منه ذمة المضمون عنه، نعم إذا علقه على عدم أدائه كـان ذلك كفالـة وضمـان أداء، ولزمـه ـ بموجـب تعهـده ـ أداء الدين عند عدم وفاء المدين، وهو أمر آخر غير الضمان بمعناه المصطلح.


ـ لا يشترط العلم بقدرة الضامن على الوفاء، فإذا رضي المضمون له بضمانه صح حتى مع علمه بعجزه عن الوفاء له، ولم يكن له فسخ العقد بعد ذلك؛ كذلك فإنه لو كان قـادراً حين العقـد فطـرأ العجـز عليـه، لـم يكن للمضمون لـه فسخ العقـد ـ أيضاً ـ، بل لو ابتنى رضاه على قدرته، وكان جاهلاً بعدم قدرته حين رضي بضمانه، لم يثبت له حق الفسخ.


ـ يشترط تعيين الدين المضمون إذا كان متعدداً، فلا يصح أن يقول ـ مثلاً ـ: «ضمنت عن زيد أحد ديونه التي عليه»، بل لا بد من تعيينه في فرد خاص منها، وكذا يشترط تعيين المضمون عنه ـ ولو إجمالاً ـ والمضمون له، فلا يصح ضمان دين واحد من ثلاثة مدينين مثلاً، ولا ضمان دين واحد من ثلاثة دائنين.


نعم لا يشترط علم الضامن بجنس الدين ولا مقداره، بل ولا علمه بشخص المضمون عنه، إذا كان الجنس والمقدار والشخص معلوماً في الواقع، فلو قال: «ضمنت الدين الذي على سعيد لأحمد»، ولم يكن يعلم أنه دينار أو درهم، أو أنه دينار أو ديناران، صح الضمان؛ وكذا يصح لو قال: «ضمنت دين واحد من هؤلاء العشرة» إذا كان فيهم مدين واحد فقط، أي: مدين متعين في الواقع وإن لم يعرفه بشخصه؛ أما المضمون له فلا بد من تعينه في الواقع وتعينه عند الضامن بشخصه، وذلك من جهة أنه طرف في العقد، فلا بد من حضوره بشخصه أو بمن يقوم مقامه.


ـ يجوز ترامي الضمان، وذلك بأن يضمن الضامنَ شخصٌ آخر، ثم يضمن الضامنَ الثانيَ ضامنٌ ثالثٌ، وهكذا مهما تعددوا، فتشتغل ـ بذلك ـ ذمة الأخير بالدين وتبرأ منه ذمة من عداه، وسيأتي مزيد بيان لذلك في المبحث الثاني. (أنظر المسألة: 266).


ـ يجوز أن يكون الضامن للدين أكثر من واحد على نحو الاشتراك، فيتحمل كل واحد منهم من الدين مقدار حصته وتنشغل به ذمته، أما ضمان أكثر من شخصٍ لديْن شخصٍ واحدٍ على نحو الاستقلال، بحيث يكون كل واحد منهما ـ مثلاً ـ ضامناً لتمام الدين، فهو غير صحيح. وسيأتي التعرض لهذه المسألة في المبحث الثاني. (أنظر المسألة: 267).


ـ يجوز في الضمان اشتراط أن يرهن الضامن شيئاً للمضمون له وثيقة له على دينه الذي اشتغلت به ذمة الضامن، سواءً في ذلك ما لو كان الرهن بعقد بعد عقد الضمان، أو كـان شرطـاً ـ صريحـاً أو ضمنيـاً ـ فـي عقد الضمان، فإن وفى به كان خيراً، وإن لم يف به لم يثبت له خيار تخلف الشرط إلا إذا كان الضمان والإشتراط بإذن المضمون عنه، كما سيأتي. (أنظر المسألة: 261).


ومن جهة أخرى، لو فرض وجود رهن على المدين فإنه ينفك عنه عند براءة ذمته من الدين بالضمان، إلا أن يشترط الضامن أو المضمون له بقاء الرهن فلا ينفك.


ـ لا يتحقّق الضمان إلا إذا تعهد الضامن بدفعه من خالص ماله، فلا يقع ضماناً لو كان قد تعهد بالوفاء عن المدين الفقير من الحق الشرعي من الخمس والزكاة أوْ ردّ المظالم، سواءً كانت ذمة الضامن مشغولة به فعلاً أم لا؛ كما أنه لا يلزم الضامن بمقتضى تعهده هذا بشيء، لا للمضمون له ولا للمضمون عنه، إلا إلزاماً أخلاقياً من حيث هو وعد ينبغي الوفاء به.


نعم، إذا كان الدين الثابت في الذمة خمساً أو زكاة أو نحوهما جاز ضمان ما عليه للحاكم الشرعي أو وكيله، فيصير ملزماً به وتبرأ منه ذمة المضمون عنه.


ـ رغم أن المدّعى به ـ حين التداعي ـ لا يكون ثابتاً على المدّعى عليه إلا بعد الحكم بثبوته عليه، فإنه يصح لثالث ضمان ذلك المال المدّعى به قبل ثبوته إذا رضي المدّعي، ويكون معنى الضمان وأثره انتقال الدين المدّعى به إلى ذمة الضامن على تقدير ثبوته، وحينئذ تسقط الدعوى عن المضمون عنه ويصير الضامن هو المدّعى عليه، فإذا أقام المدّعي البيّنة على الدين، أو كان المضمون عنه قد أقر قبل الضمان بالدين، لزم الأداء على الضامن، أما إذا أقر المضمون عنه بالدين بعد الضمان فلا يثبت الدين بإقـراره ـ حينئذ ـ، لأنه إقرار في حق الغير.


ـ الضمان من العقود اللازمة، فلا يجوز الرجوع فيه من أحدهما، بل إنه لا ينحل بالتقايل منهما، كما أنه لا يجري فيه شيء من الخيارات كما سيأتي، وذلك لأن مقتضى انفساخ العقد بالتقايل أو الخيار هو انشغال ذمة المدين بالدين بعد ما كانت قد فرغت منه بالضمان، وهو ما لا يتم إلا في صورة كون الضمان بإذن المضمون عنه ورضاه بالإقالة، فينفسخ عقد الضمان ـ حينئذ ـ ويرجع الدين على المدين، فتنشغل به ذمته مرة ثانية، وكذا الأمر في الفسخ بالخيار كما سيأتي.


ـ لا يجري الخيار في عقد الضمان، فلا يثبت فيه شرط الخيار، ولا خيار تخلف الشرط، بما في ذلك ما لو كان قد اشترط يسارَ الضامن فبان إعساره، ولا خيار تخلف الوصف، ولا غير ذلك من الخيارات؛ نعم إذا كان الضمان برضا المضمون عنه جرى فيه شرط الخيار، بل وكذا يجري فيه خيارا تخلف الشرط وتخلف الوصف إذا كان الإشتراط أو التوصيف بإذن المضمون عنه، وحينئذ يجوز لصاحب الحق أن يفسخ العقد، فيرجـع الدائن ـ بعد الفسخ ـ على المدين الذي انشغلت ذمته بالدين مرة ثانية.


اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية