اضطهد الإمام عليّ بن محمّد الهادي (ع) من خلفاء زمانه، وواجه الكثير من الضّغوط، حتى إنَّ المتوكّل العباسي استقدمه من المدينة إلى بغداد في ظروف سيِّئة جداً، ولكنَّ الإمام الهادي (ع) كان أكبر من التحدّي، وواجه المتوكّل بأكثر من أسلوب يتحدَّى به طغيانه وسلطانه.
وكان الإمام (ع)، إلى جانب ذلك، معنيّاً بملاحقة كلّ الانحرافات الفكريَّة الّتي كانت تعيش في الواقع الشيعي بالذَّات، والواقع الإسلاميّ بشكل عام، فكان يرصد كلّ الانحرافات، سواء تلك الَّتي كان البعض ينطلق بها من تحميل اللّفظ القرآني ما لا يتحمَّل، أو في مسألة الغلوّ في الأئمَّة (ع)، أو في تأكيد القاعدة الإسلاميَّة في اعتبار العقل أساساً في الثقافة والحجَّة، وقد قدَّم الإمام الهادي (ع) الكثير الكثير في المجال الثقافي الإسلامي والتربية الإسلاميَّة، وكان محلّ تقدير المجتمع آنذاك، بالرّغم من أنَّ المجتمع كان يدين بالولاء للخلافة العباسيَّة...
ومن كلمات الإمام الهادي (ع)، وهو يبيِّن لنا الفرق بين الإيمان والإسلام، يقول (ع): "الإيمان ما وقر في القلوب وصدَّقته الأعمال - أن تكون مؤمناً، يعني أن يعيش الإيمان في عقلك عقيدةً تعتقدها وتلتزمها في وجدانك، ولكن أن يصدِّقها عملك، بحيث يتحوَّل الإيمان إلى خطٍّ عمليّ - والإسلام ما جرى على اللِّسان - من التلفّظ بالشَّهادتين - وحلَّت به المناكحة"1، أي التّزاوج.
وعن الحسن بن مسعود قال: "دخلت على أبي الحسن عليّ بن محمّد الهادي، وقد نُكبت إصبعي - جُرحت - وتلقَّاني راكب وصدم كتفي، ودخلت في زحمة، فخرقوا عليَّ بعض ثيابي، فقلت: كفاني الله شرَّك من يوم فما أشأمك! فقال (ع) لي: يا حسن، هذا وأنت تغشانا، ترمي بذنبك مَن لا ذنب له؟ فأثاب إليَّ عقلي، وتبيَّنت خطائي، فقلت: يا مولاي، أستغفر الله، فقال لي: يا حسن، ما ذنب الأيَّام حتى صرتم تتشاءمون بها إذا جوزيتم بأعمالكم فيها؟ قال الحسن: أنا أستغفر الله أبداً، وهي توبتي يابن رسول الله، فقال: والله ما ينفعكم، ولكنَّ الله يعاقبكم بذمِّها على ما لا ذمَّ عليها فيه، أما علمت يا حسن، أنَّ الله هو المثيب والمعاقب والمجازي بالأعمال عاجلاً وآجلاً؟! قلت: بلى يا مولاي، قال: لا تعُد، ولا تجعل للأيّام صنعاً في حكم الله"2.
هذه بعض كلمات الإمام الهادي (ع)، وعلينا أن نستهدي بها، ونسير في خطِّ أهل البيت (ع)، لأنَّ خطَّهم هو خطُّ الطّهر والصّفاء والحقّ كلّه، {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}[الأحزاب: 33].
* من خطبة جمعة لسماحته، بتاريخ: 3 رجب 1422هـ / الموافق: ٢١/٩/٢٠٠١.
[1]ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج1، ص 190.
[2]تحف العقول، ابن شعبة الحراني، ص 483.
اضطهد الإمام عليّ بن محمّد الهادي (ع) من خلفاء زمانه، وواجه الكثير من الضّغوط، حتى إنَّ المتوكّل العباسي استقدمه من المدينة إلى بغداد في ظروف سيِّئة جداً، ولكنَّ الإمام الهادي (ع) كان أكبر من التحدّي، وواجه المتوكّل بأكثر من أسلوب يتحدَّى به طغيانه وسلطانه.
وكان الإمام (ع)، إلى جانب ذلك، معنيّاً بملاحقة كلّ الانحرافات الفكريَّة الّتي كانت تعيش في الواقع الشيعي بالذَّات، والواقع الإسلاميّ بشكل عام، فكان يرصد كلّ الانحرافات، سواء تلك الَّتي كان البعض ينطلق بها من تحميل اللّفظ القرآني ما لا يتحمَّل، أو في مسألة الغلوّ في الأئمَّة (ع)، أو في تأكيد القاعدة الإسلاميَّة في اعتبار العقل أساساً في الثقافة والحجَّة، وقد قدَّم الإمام الهادي (ع) الكثير الكثير في المجال الثقافي الإسلامي والتربية الإسلاميَّة، وكان محلّ تقدير المجتمع آنذاك، بالرّغم من أنَّ المجتمع كان يدين بالولاء للخلافة العباسيَّة...
ومن كلمات الإمام الهادي (ع)، وهو يبيِّن لنا الفرق بين الإيمان والإسلام، يقول (ع): "الإيمان ما وقر في القلوب وصدَّقته الأعمال - أن تكون مؤمناً، يعني أن يعيش الإيمان في عقلك عقيدةً تعتقدها وتلتزمها في وجدانك، ولكن أن يصدِّقها عملك، بحيث يتحوَّل الإيمان إلى خطٍّ عمليّ - والإسلام ما جرى على اللِّسان - من التلفّظ بالشَّهادتين - وحلَّت به المناكحة"1، أي التّزاوج.
وعن الحسن بن مسعود قال: "دخلت على أبي الحسن عليّ بن محمّد الهادي، وقد نُكبت إصبعي - جُرحت - وتلقَّاني راكب وصدم كتفي، ودخلت في زحمة، فخرقوا عليَّ بعض ثيابي، فقلت: كفاني الله شرَّك من يوم فما أشأمك! فقال (ع) لي: يا حسن، هذا وأنت تغشانا، ترمي بذنبك مَن لا ذنب له؟ فأثاب إليَّ عقلي، وتبيَّنت خطائي، فقلت: يا مولاي، أستغفر الله، فقال لي: يا حسن، ما ذنب الأيَّام حتى صرتم تتشاءمون بها إذا جوزيتم بأعمالكم فيها؟ قال الحسن: أنا أستغفر الله أبداً، وهي توبتي يابن رسول الله، فقال: والله ما ينفعكم، ولكنَّ الله يعاقبكم بذمِّها على ما لا ذمَّ عليها فيه، أما علمت يا حسن، أنَّ الله هو المثيب والمعاقب والمجازي بالأعمال عاجلاً وآجلاً؟! قلت: بلى يا مولاي، قال: لا تعُد، ولا تجعل للأيّام صنعاً في حكم الله"2.
هذه بعض كلمات الإمام الهادي (ع)، وعلينا أن نستهدي بها، ونسير في خطِّ أهل البيت (ع)، لأنَّ خطَّهم هو خطُّ الطّهر والصّفاء والحقّ كلّه، {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}[الأحزاب: 33].
* من خطبة جمعة لسماحته، بتاريخ: 3 رجب 1422هـ / الموافق: ٢١/٩/٢٠٠١.
[1]ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج1، ص 190.
[2]تحف العقول، ابن شعبة الحراني، ص 483.