عاش الإمام الهادي (ع) قياساً إلى العمر الطبيعي عمراً قصيراً، فقد كان عمره يوم وفاته إحدى وأربعين سنةً [قضاها] في نشاط دائم متحرّك في الثقافة الإسلاميّة، فقد كان يعلّم الناس، ويعلّم العلماء منهم، حتى ذُكِر أنَّ الذين رووا عنه علومه بلغوا ما يقارب المائة وخمسة وثمانين راوياً، والراوي عادة يمثِّل موقعاً ثقافياً متقدِّماً في ذلك الوقت...
وتحرّك (ع) في حياة النّاس، بحيث يراقب ويتصدّى لكلِّ الانحرافات التي تعرّض لها الواقع الإسلاميّ، لأنَّ مسؤوليّة الأنبياء والأولياء والعلماء في كلِّ زمان ومكان، هي أن يدرسوا كلَّ الخطوط التي تتحرّك في الثقافة الإسلاميّة أو في الواقع الإسلامي، ليصلحوا الخطأ، وليقوّموا الانحراف بالأساليب التي وضعها الله تعالى في كتابه، بالحكمة والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن.
وقد واجه الإمام الهادي (ع) كثيراً من المشاكل الفكريّة التي كانت قد فرضت نفسها على الذهنيّة الإسلامية لتنحرف بها عن الصَّواب...
وقد كان له (ع) نشاط واسعٌ في تأكيد المفاهيم الإسلامية، وتعليم النّاس الأحكام الشرعيّة، وتركيز قاعدة إيمانية ولائية شعبيّة ممتدّة في أكثر من بلد، فقد كان للإمام جهازٌ متحرّك متنوّع يغطي الكثير من أخبار الناس هنا وهناك، ويحمل تعاليمه إليهم بطريقة دقيقة جدّاً...
ونستطيع أن نأخذ فكرةً عن احترام الناس للإمام (ع) من خلال قصَّة يرويها محمد بن الحسن بن الأشتر العلويّ، قال: "كنت مع أبي بباب المتوكّل، وأنا صبيّ في جمعٍ من الناس، ما بين طالبيّ (هاشمي) إلى عباسيّ إلى جنديّ إلى غير ذلك، وكان إذا جاء أبو الحسن (ع) ترجّل الناس كلُّهم حتى يدخل. فقال بعضهم لبعض: لِمَ نترجّل لهذا الغلام، وما هو بأشرفنا ولا بأكبرنا ولا بأسنّنا ولا بأعلمنا؟ فقالوا: والله لا ترجّلنا له، فقال لهم أبو هاشم (الجعفريّ): والله لترجلنَّ له صَغاراً وذلّة إذا رأيتموه، فما هو إلَّا أن أقبل وبصروا به، فترجّل له الناس كلُّهم، فقال لهم أبو هاشم: أليس زعمتم أنَّكم لا تترجّلون له؟ فقالوا: والله ما ملكنا أنفسنا حتى ترجّلنا" .
إنَّ هذه الأمور والوقائع تدلُّ على أنَّ عظمة الإمام وهيبته وقداسته تجاوزت شيعته، وامتدّت حتى إلى المواقع التي قد تعاديه وتخاصمه وتظلمه، وهذا لا يتأتّى لأيِّ أحد، وإنَّما يحصل للذين انفتحوا على الله، فأدخل الله هيبتهم في نفوس النّاس حتى أعدائهم، وخدموا الناس بكلِّ ما عندهم من طاقة، حتى تعلّق الناس بهم من خلال ما قدّموه لهم، وأعطوا العلم حتى وصلوا إلى الدرجة التي يشعر فيها حتى العلماء بحاجتهم إليهم...
* من كتاب "في رحاب أهل البيت (ع)"، ج2.
عاش الإمام الهادي (ع) قياساً إلى العمر الطبيعي عمراً قصيراً، فقد كان عمره يوم وفاته إحدى وأربعين سنةً [قضاها] في نشاط دائم متحرّك في الثقافة الإسلاميّة، فقد كان يعلّم الناس، ويعلّم العلماء منهم، حتى ذُكِر أنَّ الذين رووا عنه علومه بلغوا ما يقارب المائة وخمسة وثمانين راوياً، والراوي عادة يمثِّل موقعاً ثقافياً متقدِّماً في ذلك الوقت...
وتحرّك (ع) في حياة النّاس، بحيث يراقب ويتصدّى لكلِّ الانحرافات التي تعرّض لها الواقع الإسلاميّ، لأنَّ مسؤوليّة الأنبياء والأولياء والعلماء في كلِّ زمان ومكان، هي أن يدرسوا كلَّ الخطوط التي تتحرّك في الثقافة الإسلاميّة أو في الواقع الإسلامي، ليصلحوا الخطأ، وليقوّموا الانحراف بالأساليب التي وضعها الله تعالى في كتابه، بالحكمة والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن.
وقد واجه الإمام الهادي (ع) كثيراً من المشاكل الفكريّة التي كانت قد فرضت نفسها على الذهنيّة الإسلامية لتنحرف بها عن الصَّواب...
وقد كان له (ع) نشاط واسعٌ في تأكيد المفاهيم الإسلامية، وتعليم النّاس الأحكام الشرعيّة، وتركيز قاعدة إيمانية ولائية شعبيّة ممتدّة في أكثر من بلد، فقد كان للإمام جهازٌ متحرّك متنوّع يغطي الكثير من أخبار الناس هنا وهناك، ويحمل تعاليمه إليهم بطريقة دقيقة جدّاً...
ونستطيع أن نأخذ فكرةً عن احترام الناس للإمام (ع) من خلال قصَّة يرويها محمد بن الحسن بن الأشتر العلويّ، قال: "كنت مع أبي بباب المتوكّل، وأنا صبيّ في جمعٍ من الناس، ما بين طالبيّ (هاشمي) إلى عباسيّ إلى جنديّ إلى غير ذلك، وكان إذا جاء أبو الحسن (ع) ترجّل الناس كلُّهم حتى يدخل. فقال بعضهم لبعض: لِمَ نترجّل لهذا الغلام، وما هو بأشرفنا ولا بأكبرنا ولا بأسنّنا ولا بأعلمنا؟ فقالوا: والله لا ترجّلنا له، فقال لهم أبو هاشم (الجعفريّ): والله لترجلنَّ له صَغاراً وذلّة إذا رأيتموه، فما هو إلَّا أن أقبل وبصروا به، فترجّل له الناس كلُّهم، فقال لهم أبو هاشم: أليس زعمتم أنَّكم لا تترجّلون له؟ فقالوا: والله ما ملكنا أنفسنا حتى ترجّلنا" .
إنَّ هذه الأمور والوقائع تدلُّ على أنَّ عظمة الإمام وهيبته وقداسته تجاوزت شيعته، وامتدّت حتى إلى المواقع التي قد تعاديه وتخاصمه وتظلمه، وهذا لا يتأتّى لأيِّ أحد، وإنَّما يحصل للذين انفتحوا على الله، فأدخل الله هيبتهم في نفوس النّاس حتى أعدائهم، وخدموا الناس بكلِّ ما عندهم من طاقة، حتى تعلّق الناس بهم من خلال ما قدّموه لهم، وأعطوا العلم حتى وصلوا إلى الدرجة التي يشعر فيها حتى العلماء بحاجتهم إليهم...
* من كتاب "في رحاب أهل البيت (ع)"، ج2.