قال رسول الله (ص) وهو يحدِّثنا عن الإمام المهدي (عج) [عندما يخرج في آخر الزّمان]: "يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت ظلماً وجوراً"1.
فما معنى ذلك؟ معناه أنَّ الحديث يريدنا أن نتطلَّع إلى أنَّ الظّلم شيءٌ مرفوض، وهو يمثّل مشكلةً للحياة، وأنَّ العدل هو الَّذي يحلّ المشكلة، ويمكن أن يحقِّق النموّ والاستقرار والحماية للإنسان وللحياة. يريدنا أن نحدِّق دائماً في هذه المسألة:
إذا كانت مسألة المهدي (عج) هي أن يتحرّك (ع) ليقمع الظلم، ويبقى العدل هو الأساس في الحياة، لينتشر هذا العدل في العالم بإذن الله، وليمحو الظّلم بإرادة الله وبجهاده (عج) وجهاد المجاهدين معه، فكيف يمكن لنا أن نحدِّد موقفنا نحن من ذلك؟ فإذا كنَّا ننتظره، فإننا ننتظره من أجل أن يحقّق لنا العدل، وإذا كنا نحبُّ العدل ونريده، فينبغي أن يتحوّل هذا الحبُّ للعدل إلى واقعٍ في حياتنا.
إذا كنت تحبُّ شيئاً وتريد أن تحقِّقه، فمن الطّبيعيّ أن تعمل على أن تحقِّقه في حياتك وحياة النَّاس ومَا لَكَ وما عليك، عادلاً مع ربِّك في ما لك وفي ما عليك، عادلاً مع أسرتك وزوجتك في ما لها وفي ما عليها، عادلاً مع أولادك وجيرانك وإخوانك ومَنْ تتعامل معهم؛ ألَّا تظلمهم في كلمة ولا في ضربة، ولا تظلمهم في مال تأخذه منهم، أو حقٍّ يستحقّونه عليك، هذا معنى أن تكون عادلاً.
وإذا كنت غير ذلك، فعلى أيِّ أساسٍ تنتظر المهدي (ع)؟ إذا كنت رمزاً للظلم في شخصيَّتك، فأنت ممن يقمعهم الإمام (عج)، لأنَّه يقمع الظلم كلَّه، فإذا كانت حياتك تعبّر عن الظّلم، فكيف يمكن لك أن تنتظره؟ وهكذا يجب عليك أن تكون مع العادلين لا مع الظَّالمين، لأنَّك إذا كنت مع الظَّالمين؛ تؤيّدهم، تصفِّق لهم، تنفِّذ خططهم، تقاتل معهم، تعمل أعمالهم، إذا كنت كذلك، كانوا هم جماعتك وحزبك، فإذا كان هؤلاء جماعتك، فكيف تنتظر ظهور المهدي (عج)، وهو يريد مواجهة جماعتك ومواجهتك، باعتبار التقائك معهم؟!
لهذا، فانتظار المهدي (عج) يعني أن تتَّخذ لنفسك موقفاً يجعلك في الدائرة التي تتحرّك فيها معه، وفي الطَّريق الذي تجاهد فيه معه.
أنت تريد أن تكون معه، وتقول: اللّهمّ اجعلني من أنصاره وأعوانه والمستشهدين بين يديه.. فأعوانه أعوان الإسلام والعدل، وأنصاره أنصار العدل والإسلام، والمستشهدون بين يديه هم الذين يستشهدون على أساس رسالة الله ودين الله، وعلى أساس ما أراده الله من حماية أوليائه والمستضعفين من عباده، فإذا كنت عوناً للكافرين، ونصيراً للظَّالمين، ومقاتلاً مع المنحرفين، فكيف يمكن أن تكون من أنصاره وأعوانه والمستشهدين بين يديه؟! فلنفكّر في المسألة جيّداً، لأنَّ تفكيرنا إذا ارتكز على السَّطح ولم يكن في العمق، فقد نُفَاجَأ بأننا من أعدائه ولسنا من أنصاره.
وعلى ضوء هذا نقول: إنَّ مسألة العدل في الإسلام هي مسألة العدل لكلِّ الناس، وهذا ما نستوحيه من قول الله تبارك وتعالى: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}[المائدة: 8]، أي لا تمنعكم العداوات، سواء كانت دينيّة أو اجتماعيّة أو سياسيّة، أن تعدلوا مع الَّذين تعادونهم وتخاصمونهم، فالعداوة شيء والعدالة شيءٌ آخر، فقد يكون الإنسان من أكفر الكافرين، ولكن إذا كان لديه حقٌّ عندك، فعليك أن تحمي حقَّه وأن تعطيه حقَّه.
*من كتاب "في رحاب أهل البيت (ع)"، ج2.
[1]بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج 74، ص 51.
قال رسول الله (ص) وهو يحدِّثنا عن الإمام المهدي (عج) [عندما يخرج في آخر الزّمان]: "يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت ظلماً وجوراً"1.
فما معنى ذلك؟ معناه أنَّ الحديث يريدنا أن نتطلَّع إلى أنَّ الظّلم شيءٌ مرفوض، وهو يمثّل مشكلةً للحياة، وأنَّ العدل هو الَّذي يحلّ المشكلة، ويمكن أن يحقِّق النموّ والاستقرار والحماية للإنسان وللحياة. يريدنا أن نحدِّق دائماً في هذه المسألة:
إذا كانت مسألة المهدي (عج) هي أن يتحرّك (ع) ليقمع الظلم، ويبقى العدل هو الأساس في الحياة، لينتشر هذا العدل في العالم بإذن الله، وليمحو الظّلم بإرادة الله وبجهاده (عج) وجهاد المجاهدين معه، فكيف يمكن لنا أن نحدِّد موقفنا نحن من ذلك؟ فإذا كنَّا ننتظره، فإننا ننتظره من أجل أن يحقّق لنا العدل، وإذا كنا نحبُّ العدل ونريده، فينبغي أن يتحوّل هذا الحبُّ للعدل إلى واقعٍ في حياتنا.
إذا كنت تحبُّ شيئاً وتريد أن تحقِّقه، فمن الطّبيعيّ أن تعمل على أن تحقِّقه في حياتك وحياة النَّاس ومَا لَكَ وما عليك، عادلاً مع ربِّك في ما لك وفي ما عليك، عادلاً مع أسرتك وزوجتك في ما لها وفي ما عليها، عادلاً مع أولادك وجيرانك وإخوانك ومَنْ تتعامل معهم؛ ألَّا تظلمهم في كلمة ولا في ضربة، ولا تظلمهم في مال تأخذه منهم، أو حقٍّ يستحقّونه عليك، هذا معنى أن تكون عادلاً.
وإذا كنت غير ذلك، فعلى أيِّ أساسٍ تنتظر المهدي (ع)؟ إذا كنت رمزاً للظلم في شخصيَّتك، فأنت ممن يقمعهم الإمام (عج)، لأنَّه يقمع الظلم كلَّه، فإذا كانت حياتك تعبّر عن الظّلم، فكيف يمكن لك أن تنتظره؟ وهكذا يجب عليك أن تكون مع العادلين لا مع الظَّالمين، لأنَّك إذا كنت مع الظَّالمين؛ تؤيّدهم، تصفِّق لهم، تنفِّذ خططهم، تقاتل معهم، تعمل أعمالهم، إذا كنت كذلك، كانوا هم جماعتك وحزبك، فإذا كان هؤلاء جماعتك، فكيف تنتظر ظهور المهدي (عج)، وهو يريد مواجهة جماعتك ومواجهتك، باعتبار التقائك معهم؟!
لهذا، فانتظار المهدي (عج) يعني أن تتَّخذ لنفسك موقفاً يجعلك في الدائرة التي تتحرّك فيها معه، وفي الطَّريق الذي تجاهد فيه معه.
أنت تريد أن تكون معه، وتقول: اللّهمّ اجعلني من أنصاره وأعوانه والمستشهدين بين يديه.. فأعوانه أعوان الإسلام والعدل، وأنصاره أنصار العدل والإسلام، والمستشهدون بين يديه هم الذين يستشهدون على أساس رسالة الله ودين الله، وعلى أساس ما أراده الله من حماية أوليائه والمستضعفين من عباده، فإذا كنت عوناً للكافرين، ونصيراً للظَّالمين، ومقاتلاً مع المنحرفين، فكيف يمكن أن تكون من أنصاره وأعوانه والمستشهدين بين يديه؟! فلنفكّر في المسألة جيّداً، لأنَّ تفكيرنا إذا ارتكز على السَّطح ولم يكن في العمق، فقد نُفَاجَأ بأننا من أعدائه ولسنا من أنصاره.
وعلى ضوء هذا نقول: إنَّ مسألة العدل في الإسلام هي مسألة العدل لكلِّ الناس، وهذا ما نستوحيه من قول الله تبارك وتعالى: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}[المائدة: 8]، أي لا تمنعكم العداوات، سواء كانت دينيّة أو اجتماعيّة أو سياسيّة، أن تعدلوا مع الَّذين تعادونهم وتخاصمونهم، فالعداوة شيء والعدالة شيءٌ آخر، فقد يكون الإنسان من أكفر الكافرين، ولكن إذا كان لديه حقٌّ عندك، فعليك أن تحمي حقَّه وأن تعطيه حقَّه.
*من كتاب "في رحاب أهل البيت (ع)"، ج2.
[1]بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج 74، ص 51.