مشكلة لبنان في حرية من دون ضوابط ونظام طائفي غير إنساني فضل الله استقبل سفيرة بريطانيا وشدّد على موقف أوروبي حاسم حيال جرائم إسرائيل |
استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، سفيرة بريطانيا في لبنان، فرانسيس غاي، حيث جرى عرضٌ للأوضاع العامة في لبنان والمنطقة.
وأكدت السفيرة غاي، بأن الفرصة لا تزال قائمة لانتخاب رئيس توافقي وحلحلة الأمور الأخرى، مشددةً على أن يتطلع اللبنانيون إلى مستقبلهم ومستقبل بلدهم بدلاً من الانشداد إلى الآخرين.
من جهته شدّد سماحة السيد فضل الله على أن المشكلة اللبنانية ليست داخلية بالمعنى الحاسم، على الرغم من عناوين الخلاف الداخلية الكثيرة، لأن من يعمل على قطع الطريق على الحل هي الضغوط الخارجية التي تزداد تصاعداً كلما ازدادت محاولات الحلحلة، وعلينا أن نرصد في هذا المجال التدخلات الأمريكية المتواصلة في الشؤون اللبنانية الداخلية وهم يتركون إيحاءات كثيرة في مواقفهم المباشرة وفي دعواتهم إلى فريق معين من السياسيين اللبنانيين والتواصل معهم من دون أن يعملوا على توجيه دعوات أو التواصل مع أفرقاء آخرين، وهو الأمر الذي يمثل إيحاءً إضافياً بدعم فريق ضد فريق وتعميق الهوة بين اللبنانيين.
وأكد سماحته أننا لسنا مع من يريد للبنان أن يكون مغلقاً على العالم، بل نريده ساحة مفتوحة على الحوار الثقافي والحضاري، ولكننا لا نريده ساحة مفتوحة على الصراعات والتجاذبات القادمة من هنا وهناك، ونحن مع الصداقات الحقيقية في علاقات الدول، ولكننا نرفض الإملاءات التي تقود إلى المصادمات، ومن هنا نعتقد أن لبنان ليس في حاجة إلى المزيد من حركة المدمرات قرب مياهه الإقليمية، بل إلى حركة مصالحات داخلية، ولن يحدث ذلك إلا من خلال رفع الأيدي الخارجية عنه.
أضاف: لعلّ لعنة لبنان تكمن في هذه الحرية التي يعيشها والتي تجعل اللبناني، وحتى القادم إلى لبنان، يتنفس حريةً وانفتاحاً، ولكن المشكلة تكمن في أن هذه الحرية انطلقت من دون ضوابط، بحيث أفسحت في المجال للخارج باقتحام الداخل اللبناني من خلال نقاط الضعف التي أوجدها النظام الطائفي، كما أتاحت الفرص للكثيرين ممن هم في الداخل للانفتاح على الخارج، بعيداً عما هي الحسابات الوطنية الحاسمة... ونحن لسنا ضد هذه الحرية التي لا بد من أن نقاتل للحفاظ عليها، ولكننا مع حمايتها وترشيدها، ولكن من الصعوبة في مكان أن يحدث ذلك في ظل ما شرّعه النظام الطائفي... ومن هنا فإن المسألة تستدعي عملاً على خطين: إيجاد ضوابط لحركة هذه الحرية، والتأسيس لبلد المواطنة ودولة الإنسان بعيداً عن خطوط النظام الطائفي وأزماته.
واستغرب سماحته حديث البعض عن تدخل إيراني أو عربي أو ما إلى ذلك، في المسألة العراقية وغيرها، وينسى أن الإدارة الأمريكية تدخلت في هذا البلد إلى حدّ الاستباحة من خلال الاحتلال وغيرها، كما تدخلت في المنطقة كلها التي تنظر إليها كمزرعة خلفية لها تحرص على أن تقطف خيراتها النفطية وغير النفطية، وليس لأحد أن يسأل لماذا ترسل كل هذه الجيوش وهذه الأساطيل إلى المنطقة.
وتطرّق البحث في المسألة الفلسطينية، حيث أكد سماحته حقّ الفلسطينيين في الدفاع عن أنفسهم وفي سعيهم لتحرير أرضهم، مشدداً على أن الاحتلال يمثل أعلى وأخطر أنواع العنف وأبرز حالات الجريمة لأنه يمثل جريمة متواصلة ووحشية مستمرة وعقاباً دائماً.
وشدد سماحته على أن ينطلق موقف أوروبي حاسم ضد الجرائم الإسرائيلية، وأن يتم الانتصار للموقف الإنساني، لا أن تؤخذ المسألة بالمعايير المصلحية، أو أن تكون المواقف الأوروبية بمثابة الصدى للضغوط الأمريكية.
وفي مسألة الملف النووي الإيراني السلمي أكد سماحته أن حرمة إنتاج السلاح النووي التي أكدتها أعلى قيادة في إيران هي مسألة حاسمة، وبالتالي، فعلى المجتمع الدولي الخروج من دائرة التهويل التي تمارسها إسرائيل لابتزاز الأوروبيين بخاصة، مشيراً إلى أن الحديث عن أن إيران هي خطر على العالم يمثل دعابة سياسية سخيفة إلى جانب كونه يمثل مكراً متعمداً.
|