بيان انتقد فيه عزل نائب محافظ منطقة (سانت) الفرنسية بسبب انتقاده الممارسات الإسرائيلية بحق الفلسطيني

بيان انتقد فيه عزل نائب محافظ منطقة (سانت) الفرنسية بسبب انتقاده الممارسات الإسرائيلية بحق الفلسطيني

فرنسا تنكّرت لمبادىء ثورتها وباتت في موقع الاتهام، ولا يمكن أن تدّعي الحيادية

 فضل الله: الدوائر الغربية تتنكّر لقيمها وتريد لقيمنا أن تقيّدنا


أصدر سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، بياناً انتقد فيه إقدام الإدارة الفرنسية على عزل نائب محافظ منطقة سانت الفرنسية بسبب انتقاده الممارسات الإسرائيلية بحقّ الفلسطينيين، جاء فيه:

إن إقدام أكثر من إدارة أوروبية وخصوصاً في ألمانيا وفرنسا على عزل مسؤولين رسميين على خلفية موقفهم من الممارسات الإسرائيلية بحقّ الفلسطينيين ومن قضايا تتصل بحقوق الإنسان والنظام العالمي، يمثل إدانة جديدة لهذه الإدارات التي تتصرف بمنطق عنصري ضد العرب والمسلمين طوراً وبمنطق الخضوع للإرادة الإسرائيلية تارة أخرى.

ولقد كان من اللافت فعلاً إقدام وزيرة الداخلية الفرنسية على عزل نائب محافظ منطقة سانت في جنوب غرب فرنسا لمجرد نشره مقالاً على أحد المواقع على الإنترنت ينتقد فيه إسرائيل بوصفها "الدولة الوحيدة التي يقتل فيها قناصة فتيات صغيرات لدى خروجهنّ من المدارس".. وهي المسألة التي لا تستطيع إسرائيل نفسها أن تنكرها، وهي التي تقتل الأطفال والنساء والشيوخ في فلسطين يومياً تقريباً، ولا تتورع عن قتل كل من تسوّل له نفسه الدفاع عن الفلسطينيين بالكلمة أو بالموقف، حيث أقدمت سابقاً على سحق ناشطة سلام أمريكية الجنسية تحت عجلات الجرافة لمجرد أنها وقفت لترفض الإرهاب الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.

إن السلطات الفرنسية التي تستقبل إسرائيل كضيف شرف مميّز في معرض الكتاب الفرنسي، والتي يتحدث رئيسها عن إسرائيل بأنها تمثل "معجزة القرن العشرين"، لا تستطيع البروز بصورة حيادية حيال ما يجري في المنطقة، لأنها باتت بمثابة الشريك الفعلي فيما يحدث للفلسطينيين من مجازر وجرائم على أيدي الإسرائيليين من خلال موافقتها ـ غير المباشرة ـ على ذلك، ومن خلال معاقبة كل من تسوّل له نفسه انتقاد إسرائيل... وعلى كل حال فإنّ ما تعرّض له نائب المحافظ لمنطقة سانت "برونو غيغ" ليس بالشيء الجديد في فرنسا التي سبق لها أن حاكمت روجيه غارودي على مناقشته العلمية الهادئة لمسألة "المحرقة"، كما عاقبت الأب بيار... وصولاً إلى الهجوم الذي تعرّض له الكاتب الفرنسي "باسكال يونيغاس" قبل سنوات بسبب نشره مقالاً في صحيفة "لوموند" تساءل فيه: "هل من المسموح انتقاد إسرائيل في فرنسا؟".

إن هذه الوقائع تضع فرنسا ـ الإدارة في موضع الاتهام، كما تؤكد خضوعها لإسرائيل والصهيونية العالمية، وتشير إلى وجود قوانين غير مكتوبة في الدولة الفرنسية مفادها أن القداسة هي لليهود وإسرائيل، وأن الاستباحة مقبولة إذا انطلقت ضد الأديان أو الرموز الأخرى ـ بصرف النظر عن القوانين المكتوبة في هذا السياق ـ وهو أمرٌ لا تُحسد فرنسا عليه، بل يضعها أمام المساءلة العلمية والتاريخية، خصوصاً وأنها لا تسأل عن التشويهات والاستباحات التي تطاول الأنبياء والرسل، كالنبي محمد(ص) والسيد المسيح(ع)، ولكنها تُمعن في ملاحقة المسلمين وغيرهم تحت عنوان معاداة الساميّة ـ مع كوننا ساميّون ـ ولكن العنصرية السياسية تأبى إلا أن تطل برأسها في مسألة التعاطي مع المسلمين، خصوصاً على الرغم من أن مجلس حقوق الإنسان تبنّى قراراً حاسماً حول "مكافحة كل قدح بالديانات"، ولكن فرنسا ساركوزي تلتزم بوصايا الصهيونية العالمية أكثر مما تلتزم بشرعة حقوق الإنسان، وبما تفرضه عليها قوانين الأمم المتحدة، وهي دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن التابع لها.

إن ذلك يؤكد من جهة سيطرة اليهود على مواقع أساسية في السياسة الأوروبية، وعلى مواقع القرار في كثير من هذه الدول، كما يؤكد من جهة ثانية بأن هذه الدول الأوروبية لا تزال تعيش عقدة النازي، فتزداد خضوعاً لليهود وإسرائيل ولا تعيش عقدة الشعوب الأخرى التي استعمرتها وكانت السبب في تأخير نهضتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما كانت السبب في تهجيرها وتعريضها للإبادة، كما حصل مع الشعب الفلسطيني الذي ساهمت السياسة الأوروبية في مأساته وفي تعرّضه لأبشع المحارق على أيدي النازيين الجدد الذين يرى فيهم الرئيس الفرنسي معجزة، وهم معجزة شيطانية بحقّ من خلال ما ارتكبوه من جرائم ـ في فلسطين ولبنان وغيرهما ـ يندى لها جبين الإنسانية.

وإننا أمام هذه المعطيات نؤكد على شعوبنا ألا تقع ضحية الشعارات المخادعة في مسألة الحرية والديمقراطية، وحقوق الإنسان، فليست هذه الشعارات إلا لافتةً يرفعها القوي ليصفع بلداننا بها، وقد رأينا كيف أن فرنسا/ الثورة الفرنسية هي أول من يتنكر لمبادىء هذه الثورة ومفاهيمها، الأمر الذي يشير إلى أننا نشهد هبوطاً حضارياً قاسياً في معظم الدوائر الغربية، بحيث تسقط القيم والأخلاق ويسقط القانون الدولي على مذبح المنفعة السياسية والاقتصادية، ويسقط شعار حرية التعبير سقوطاً مريعاً كلما اقتربت المسألة من إسرائيل واليهود.

إننا عندما نؤكد على ذلك، لا نشير إلى الغرب كله ولا إلى فرنسا كلها، لأننا نثمّن وبحقّ هذه الأصوات الحرة الجريئة التي تصدر من فرنسا وغيرها، ومنها صوت نائب المحافظة لمنطقة سانت. ونريد للعرب والمسلمين أن يحتضنوا هذه الأصوات ويكرّموها ويقدّروها، وأن يعملوا ـ في الوقت نفسه ـ على التحوّل إلى قوة تمنع الآخر من ابتزازهم أو الإساءة لهم، ولن يكون ذلك إلا من خلال وحدتهم كجاليات، ووحدتهم على مستوى أوطانهم. وعلينا أن نعرف مسألة مهمة حيال كل هذا الإعلام الذي يعمل على تشويه صورتنا، تتمثل في أن نعرف كيف نتصرف مع هذا العالم الذي يسعى لتقييدنا بقيمنا، في الوقت الذي يتحلل هو من كل قيمه ويتنكّر لمبادئه وأخلاقياته ومفاهيمه في حرية التعبير أو الديمقراطية وحقوق الإنسان وغيرها.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 22-3-1429 هـ  الموافق: 30/03/2008 م

فرنسا تنكّرت لمبادىء ثورتها وباتت في موقع الاتهام، ولا يمكن أن تدّعي الحيادية

 فضل الله: الدوائر الغربية تتنكّر لقيمها وتريد لقيمنا أن تقيّدنا


أصدر سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، بياناً انتقد فيه إقدام الإدارة الفرنسية على عزل نائب محافظ منطقة سانت الفرنسية بسبب انتقاده الممارسات الإسرائيلية بحقّ الفلسطينيين، جاء فيه:

إن إقدام أكثر من إدارة أوروبية وخصوصاً في ألمانيا وفرنسا على عزل مسؤولين رسميين على خلفية موقفهم من الممارسات الإسرائيلية بحقّ الفلسطينيين ومن قضايا تتصل بحقوق الإنسان والنظام العالمي، يمثل إدانة جديدة لهذه الإدارات التي تتصرف بمنطق عنصري ضد العرب والمسلمين طوراً وبمنطق الخضوع للإرادة الإسرائيلية تارة أخرى.

ولقد كان من اللافت فعلاً إقدام وزيرة الداخلية الفرنسية على عزل نائب محافظ منطقة سانت في جنوب غرب فرنسا لمجرد نشره مقالاً على أحد المواقع على الإنترنت ينتقد فيه إسرائيل بوصفها "الدولة الوحيدة التي يقتل فيها قناصة فتيات صغيرات لدى خروجهنّ من المدارس".. وهي المسألة التي لا تستطيع إسرائيل نفسها أن تنكرها، وهي التي تقتل الأطفال والنساء والشيوخ في فلسطين يومياً تقريباً، ولا تتورع عن قتل كل من تسوّل له نفسه الدفاع عن الفلسطينيين بالكلمة أو بالموقف، حيث أقدمت سابقاً على سحق ناشطة سلام أمريكية الجنسية تحت عجلات الجرافة لمجرد أنها وقفت لترفض الإرهاب الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.

إن السلطات الفرنسية التي تستقبل إسرائيل كضيف شرف مميّز في معرض الكتاب الفرنسي، والتي يتحدث رئيسها عن إسرائيل بأنها تمثل "معجزة القرن العشرين"، لا تستطيع البروز بصورة حيادية حيال ما يجري في المنطقة، لأنها باتت بمثابة الشريك الفعلي فيما يحدث للفلسطينيين من مجازر وجرائم على أيدي الإسرائيليين من خلال موافقتها ـ غير المباشرة ـ على ذلك، ومن خلال معاقبة كل من تسوّل له نفسه انتقاد إسرائيل... وعلى كل حال فإنّ ما تعرّض له نائب المحافظ لمنطقة سانت "برونو غيغ" ليس بالشيء الجديد في فرنسا التي سبق لها أن حاكمت روجيه غارودي على مناقشته العلمية الهادئة لمسألة "المحرقة"، كما عاقبت الأب بيار... وصولاً إلى الهجوم الذي تعرّض له الكاتب الفرنسي "باسكال يونيغاس" قبل سنوات بسبب نشره مقالاً في صحيفة "لوموند" تساءل فيه: "هل من المسموح انتقاد إسرائيل في فرنسا؟".

إن هذه الوقائع تضع فرنسا ـ الإدارة في موضع الاتهام، كما تؤكد خضوعها لإسرائيل والصهيونية العالمية، وتشير إلى وجود قوانين غير مكتوبة في الدولة الفرنسية مفادها أن القداسة هي لليهود وإسرائيل، وأن الاستباحة مقبولة إذا انطلقت ضد الأديان أو الرموز الأخرى ـ بصرف النظر عن القوانين المكتوبة في هذا السياق ـ وهو أمرٌ لا تُحسد فرنسا عليه، بل يضعها أمام المساءلة العلمية والتاريخية، خصوصاً وأنها لا تسأل عن التشويهات والاستباحات التي تطاول الأنبياء والرسل، كالنبي محمد(ص) والسيد المسيح(ع)، ولكنها تُمعن في ملاحقة المسلمين وغيرهم تحت عنوان معاداة الساميّة ـ مع كوننا ساميّون ـ ولكن العنصرية السياسية تأبى إلا أن تطل برأسها في مسألة التعاطي مع المسلمين، خصوصاً على الرغم من أن مجلس حقوق الإنسان تبنّى قراراً حاسماً حول "مكافحة كل قدح بالديانات"، ولكن فرنسا ساركوزي تلتزم بوصايا الصهيونية العالمية أكثر مما تلتزم بشرعة حقوق الإنسان، وبما تفرضه عليها قوانين الأمم المتحدة، وهي دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن التابع لها.

إن ذلك يؤكد من جهة سيطرة اليهود على مواقع أساسية في السياسة الأوروبية، وعلى مواقع القرار في كثير من هذه الدول، كما يؤكد من جهة ثانية بأن هذه الدول الأوروبية لا تزال تعيش عقدة النازي، فتزداد خضوعاً لليهود وإسرائيل ولا تعيش عقدة الشعوب الأخرى التي استعمرتها وكانت السبب في تأخير نهضتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما كانت السبب في تهجيرها وتعريضها للإبادة، كما حصل مع الشعب الفلسطيني الذي ساهمت السياسة الأوروبية في مأساته وفي تعرّضه لأبشع المحارق على أيدي النازيين الجدد الذين يرى فيهم الرئيس الفرنسي معجزة، وهم معجزة شيطانية بحقّ من خلال ما ارتكبوه من جرائم ـ في فلسطين ولبنان وغيرهما ـ يندى لها جبين الإنسانية.

وإننا أمام هذه المعطيات نؤكد على شعوبنا ألا تقع ضحية الشعارات المخادعة في مسألة الحرية والديمقراطية، وحقوق الإنسان، فليست هذه الشعارات إلا لافتةً يرفعها القوي ليصفع بلداننا بها، وقد رأينا كيف أن فرنسا/ الثورة الفرنسية هي أول من يتنكر لمبادىء هذه الثورة ومفاهيمها، الأمر الذي يشير إلى أننا نشهد هبوطاً حضارياً قاسياً في معظم الدوائر الغربية، بحيث تسقط القيم والأخلاق ويسقط القانون الدولي على مذبح المنفعة السياسية والاقتصادية، ويسقط شعار حرية التعبير سقوطاً مريعاً كلما اقتربت المسألة من إسرائيل واليهود.

إننا عندما نؤكد على ذلك، لا نشير إلى الغرب كله ولا إلى فرنسا كلها، لأننا نثمّن وبحقّ هذه الأصوات الحرة الجريئة التي تصدر من فرنسا وغيرها، ومنها صوت نائب المحافظة لمنطقة سانت. ونريد للعرب والمسلمين أن يحتضنوا هذه الأصوات ويكرّموها ويقدّروها، وأن يعملوا ـ في الوقت نفسه ـ على التحوّل إلى قوة تمنع الآخر من ابتزازهم أو الإساءة لهم، ولن يكون ذلك إلا من خلال وحدتهم كجاليات، ووحدتهم على مستوى أوطانهم. وعلينا أن نعرف مسألة مهمة حيال كل هذا الإعلام الذي يعمل على تشويه صورتنا، تتمثل في أن نعرف كيف نتصرف مع هذا العالم الذي يسعى لتقييدنا بقيمنا، في الوقت الذي يتحلل هو من كل قيمه ويتنكّر لمبادئه وأخلاقياته ومفاهيمه في حرية التعبير أو الديمقراطية وحقوق الإنسان وغيرها.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 22-3-1429 هـ  الموافق: 30/03/2008 م
اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية