ألقى سماحة آية الله العظمى، السيد محمد حسين فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته:
فعل الخير عنوان صحيفة المؤمن
بداية شهر رمضان للعام 1430هـ / 2009م
في بداية كلامي، أودّ أن أعطيكم فكرةً حول بداية شهر رمضان المبارك. فبحسب رأينا، فإنّ مسألة الهلال مربوطة بالنّظام الكونيّ وليست بالرؤية، بل هي وسيلة للمعرفة، كما ذكر ذلك أستاذنا السيّد الخوئي؛ وعليه، فإنّ رؤية الهلال ليلة الجمعة القادمة غير ممكنة في المنطقة الإسلاميّة، ولذلك، فإنّ الذين يعتمدون على الرؤية في المنطقة الإسلامية، يكون أوّل شهر رمضان عندهم السّبت. أمّا بالنّسبة إلينا، فمن خلال البحث الفلكيّ في مختلف أنحاء العالم ـ واستناداً إلى رأي أستاذنا السيّد الخوئي في مسألة وحدة الأفق ـ رأينا أنّه من الممكن رؤية هلال شهر رمضان مساء الخميس، ليلة الجمعة القادمة في أمريكا الجنوبيّة، وتحديداً في البرازيل، وتشيلي، والأرجنتين، وبوليفيا، وبعض المناطق الأخرى في أمريكا الجنوبيّة. والهلال يولد يوم الخميس، فإذا أمكنتْ رؤيته في بلدٍ نلتقي معه بجزءٍ من اللّيل، فإنّ الهلال يثبت عندنا. وعلى هذا الأساس، فإنّ رأينا الفقهيّ وفقاً للحسابات الفلكيّة التي هي أدقّ من الرّؤية ـ والّذي قد يخالفنا فيه الكثيرون من العلماء من السنّة والشّيعة ـ أنّ أوّل شهر رمضان هو يوم الجمعة القادم الواقع فيه 21 آب2009م .
هذا ما أحببت أن أبيّنه لكم، وأريد أن أؤكّد أنّ هذا اجتهادنا الفقهيّ، ونحن نعتقد أنّ الحسابات الفلكيّة أدقّ من الرّؤية، وأنّ الفلكيّين هم أصحاب الخبرة في مسألة الهلال وليس علماء الفقه، ونعتقد أيضاً أنّ هذا هو الّذي يوحّد مسألة الشّهور والأعياد للمسلمين، أمّا إذا لم نعتمد الحسابات الفلكية، فسيبقى هذا الاختلاف قائماً بين السنّة والشّيعة، وبين الشّيعة أنفسهم والسنّة أنفسهم.
ما أريد أن أقوله لكلّ إخواني وأخواتي: هذا اختلافٌ في الاجتهاد، وهو كالاختلاف في بعض المسائل الفقهيّة الأخرى، ولا يجب أن يكون هذا الموضوع أساساً للخلاف والتّشرذم، وأوصيكم جميعاً بأن يعمل كلّ شخص بتكليفه الشرعيّ الذي يقتنع به، وأن لا يحاول أن يتعصّب بخلافه مع الآخرين، لأنّنا جميعاً نريد طاعة الله، ونريد أن نكون معذورين أمام الله.
الدّعوة إلى فعل الخير
يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[آل عمران:104]. هذه هي العناصر الثّلاثة التي يأمرنا الله بها:
العنصر الأوّل: الدّعوة إلى الخير في حركة الإنسان كلّها في الحياة، وهو أن يكون الإنسان خيراً لنفسه فلا يجلب الشرّ لها، وأن يكون خيراً لعياله فلا يجلب الشرّ لهم، وأن يكون خيراً للنّاس الذين يتعامل معهم ويتعارف إليهم، فلا يكون شراً على المجتمع، بل يكون خيراً للمجتمع، وذلك في المحافظة على النّظام السلميّ العام للمجتمع، والوحدة للمجتمع حتى مع تنوّع الآراء، لأنّ العصبيّة مع اختلاف الآراء شرّ كلّها، بينما الوحدة في التنوّع خير كلّها. وليكن الحوار هو الأسلوب الذي نتّبعه في خلافاتنا، سواء كانت خلافات عائليةً، أو ثقافيةً، أو سياسيةً، أو اقتصاديةً، أو اجتماعيةً، أو أمنيةً؛ أن نلتقي على ما اتّفقنا عليه، ونتحاور في ما اختلفنا فيه. وقد أمرنا الله تعالى بالحوار مع أهل الكتاب ومع النّاس جميعاً، لأنّ الحوار هو الوسيلة الإنسانية الثّقافية الحضاريّة التي ربما توصل النّاس إلى الوحدة أو التقارب في ما يختلفون فيه.
العنصر الثاني: الأمر بالمعروف. والمعروف هو كلّ ما يحبّه الله ويرضاه.
العنصر الثّالث: النّهي عن المنكر. والمنكر هو كلّ أمر يُغضب الله ويسخطه ويؤدّي إلى سقوط المجتمع والفوضى فيه. وإنّ الذين يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر هم الذين يحصلون على الفلاح في الدّنيا والآخرة.
يقول تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ ـ يخافون من غضب الله وسخطه وعذابه ـ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ ـ الّذين آمنوا بالله وبتوحيده في الطّاعة والعبادة والعقيدة ـ وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ـ لأنهم لا يعرفون مصيرهم عندما يقفون للحساب بين يدي الله؛ هل يتقبّلهم الله برضوانه ورحمته، لأنهم أطاعوه واستقاموا على الخطّ المستقيم، أم لا يتقبّلهم، لأنهم عصوْهُ وانحرفوا عن الخطّ المستقيم ـ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ}[المؤمون:61].
فعل الخير في أحاديث المعصومين(ع)
ويقول رسول الله(ص) وهو يتحدّث عن الخير: "اطلبوا الخيرَ دهرَكم ـ ليكنْ كلّ عمركم حركةً من أجل طلب الخير، لتلتزموه وتنشروه ـ واهربوا من النّار جهدَكم ـ ادرسوا أعمالكم في ما حرّمه الله عليكم، وحاولوا أن تهربوا من كلّ معصيةٍ وخطيئة، لأنّ المعصية تؤدّي بكم إلى النّار، وغضب الجبّار ـ فإنّ الجنة لا ينام طالبُها ـ إنّكم لا تنامون إذا كان لديكم أمل بربح ماليّ، أو أيّ ربح اجتماعيّ، لكي تحصّلوا الفرصة بهذا الربح المالي أو الوظيفي، وعليك أن لا تنام إذا كنت طالباً للجنّة، بل عليك أن تكون مستيقظاً، لتأتي بكلّ عملٍ يوصلك إلى الجنّة ـ وإنّ النّار لا ينام هاربها"، لأنّك إذا غفلت عن النّار ولم تهرب منها، فسينالك عقابها.
وعن رسول الله(ص): "من أُعطي أربع خصال في الدّنيا، فقد أُعطي خير الدّنيا والآخرة، وفاز بحظّه منهما: ورعٌ يعصمه عن محارم الله ـ أن يتورّع عن معصية الله ـ وحُسْنُ خلقٍ يعيش به في النّاس ـ أنْ يكون صاحبَ خلقٍ حسنٍ في علاقته بالنّاس الأقربين أو الأبعدين ـ وحِلمٌ يدفع به جهل الجاهل ـ والحلم هو سعة الصّدر ـ وزوجة صالحة تعينه على أمر الدّنيا والآخرة". فإذا أردت أن تختار زوجةً، فلا تفكر فقط في المال أو الجمال وحده، بل أن تكون صالحةً، لتعاونك، ولتجعل حياتهك حياة خير وصلاح، فتنجح وتحصل على النّتائج الطيّبة في الدنيا والآخرة.
ويقول الإمام عليّ(ع): "ليس الخير أن يكثر مالُك ووِلْدُك ـ فكثرة الملايين وكثرة الأولاد لا يزيد في مصيرك ومستقبلك أو في شخصيّتك، لأنّ المال ليس أنت ـ ولكنّ الخير أن يكثر علمُك ـ أن تكون ثقافتك وعلمك في المستوى الذي يجعلك واعياً عالماً تستطيع أن تفكّر بعمق وتفيد الناس بعلمك ـ وأن يعظم حلمك، وأن تباهي الناس بعبادة ربّك ـ بحيث تكون عبادتك لله عبادةً في أفضل حالاتها ـ فإن أحسنت حمدت الله، وإن أسأت استغفرت الله".
وورد عن الإمام عليّ(ع)، عن بعض النّاس الذين يملكون موقعاً سياسياً أو اجتماعياً، ويعتقدون أنّ ذلك هو الخير كلّ الخير: "ما خيرٌ بخيرٍ بعده النّار ـ فإذا كانت النار هي عاقبتك، فما يفيدك هذا الموقع أو ذاك ـ وما شرٌّ بشرٍّ بعده الجنّة"، حتى لو كنت تعيش في الدّنيا بعض الضّيق، وبعض الشرور، فليس بعد الحصول على الجنّة شرّ.
وورد عن رسول الله(ص): "من فُتح له باب خير ـ أيّ نوعٍ من أنواع الخير، من رعاية المساكين والأيتام، والجهاد في سبيل أمّتك، والعمل على إحياء الحقّ وإماتة الباطل ـ فلينتهزه، فإنّه لا يدري متى يُغلق عنه". وعن رسول الله(ص): "إنّ الله يحبّ من الخير ما يعجل". وعن الإمام الباقر(ع): "من همَّ بشيءٍ من الخير فليعجّله، فإنّ كلّ شيءٍ فيه تأخير، فإنّ للشّيطان فيه نظرة"، لأنّ الشّيطان يحاول أن يوسوس إليه ليبعده عن الخير.
إنّ الله هو الخير كلّه، والله تعالى يريد لحياتنا أن تكون حياة الخير ، ولمجتمعنا أن يكون مجتمع الخير، ليكون الخير زادنا في الآخرة، حتى يرضى الله عنّا ويدخلنا الجنّة، وليستقبلنا مالكُ الجنّة رضوان ويقول: {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنين}[الحجر:46].
نسأل الله تعالى أن يوفّقنا للخير كلّه، وأن يبعدنا عن الشرّ كلّه.
بسم الله الرّحمن الرحيم
الخطبة الثّانية
فلسطين: السياسة الاستيطانيّة المستمرة
في فلسطين المحتلة، يواصل الزّحف الاستيطانيّ الوحشيّ هجومه على القدس والضفّة الغربية، ويعلن رئيس وزراء العدوّ أنّه لن يُخلي أيّة مستوطنات جديدة، ولن يعود إلى "ارتكاب خطأ" الانسحاب من مستوطنات غزّة ـ كما زعم ـ متسلّحاً باستطلاعات الرأي التي أفادت تأييدَ أكثر من 60 في المائة من اليهود لسياسته الاستيطانية، وخصوصاً في السيطرة على القدس، في ظلّ عمليّات تهجير جديدة للعائلات الفلسطينيّة منها، الأمر الذي يؤكّد مجدّداً أنّ العدوّ يتصرّف وفق برنامجه الداخليّ الذي لا يحسب فيه أيّ حساب لأيّ عملية تسوية، في وقت يواصل غاراته على أطراف غزّة، ويتلقّى المزيد من برقيّات التأييد العربيّة الآتية من تحت الطّاولة أو من فوقها.
المقاومة فعل وليست شعاراً
إنّنا نقول للفلسطينيّين الذين يُراد لهم أن يستغرقوا في مؤتمراتٍ داخليّة هنا وهناك بعيداً عن حسابات مشروع المقاومة، إنّ مسيرة استعادة الحقوق لا يمكن أن تبدأ بإعلان الخضوع لشروط العدوّ، أو الأخذ بتفاصيل النّصائح والتّعليمات الدّوليّة والعربيّة؛ لأنّ الجميع بات يسعى للتخلّص من عبء هذه القضيّة التي لن يُكتب لها الاستمراريّة إلا باعتماد المقاومة، لا مجرّد التّلويح بها كخيار، وبسلوك خطّ المواجهة الصريحة بعيداً عن استجداء المواقع الرسميّة التي حسمت خيارها بإعلان الانكسار المستمرّ أمام العدوّ، وبالانطلاق في ما تقتضيه حركة الوحدة الوطنيّة والإسلاميّة من أجل تحصين السّاحة الداخليّة أمام التّحدّيات المقبلة.
العراق وكابوس "الحرّيّة"
أمّا العراق الذي عاش أهله أحلام الحرية والاستقلال مع بداية خروج المحتلّ من مدنه وعاصمته، فقد عاش كابوساً دامياً في عمليّات التّفجير الوحشيّة والإجراميّة، التي قتلت وجرحت المئات في بغداد والموصل وغيرهما من المدن والمواقع، والّتي استخدم فيها القتلة أبشع عمليّات التفجير التي قُتل فيها العمّال والأسر الفقيرة المنكوبة التي قضت بين بيوت الطّين التي لا تحميهم من حرّ الصّيف.
لقد كشفت هذه العمليّات الوحشيّة مجدّداً عن الوجه الحقيقيّ لأولئك القتلة الذين لا يمثّلون النقيض للاحتلال، ولا يتشرّفون بالانتماء إلى المقاومة، ولا يمتّون بصلةٍ إلى مسألة التحرير، بل إلى خطوط الحقد والكراهية والجهل، والإسلام من أفعالهم براء.
إنّنا نريد لعلماء المسلمين، من السنّة والشّيعة، أن يرفعوا الصوت عالياً في وجه هؤلاء؛ وذلك هو أبسط ما يتوجّب على العلماء أن يفعلوه أمام هذا المنكر الصّريح؛ لأنّ سكوتهم على ذلك، يوحي إلى هؤلاء التكفيريّين الحاقدين، أنّ هناك غطاءً شرعيّاً لكلّ ما يقومون به من سفك الدماء البريئة والاعتداء على المدنيّين الآمنين.
لبنان: التيقّظ للتّهديد الإسرائيليّ
وفي جانب آخر، يطلق العدوّ الإسرائيليّ تهديداته للبنان، وهو يحاول الإيحاء بأنّ ثمة عنصراً جديداً من عناصر الرّدع فرضه التوازن الذي انطلق في الحرب الأخيرة على لبنان، والذي نعيش ذكرى انتصاره في هذه الأيام، وهو عنصر استهداف المدنيين والمواقع المدنية كافّةً، سواء كانت جمعياتٍ خيريةً أو مساجد أو مستشفيات، وهو الأسلوب الذي استخدمه العدوّ في حربه الوحشيّة على غزّة.
إنّنا نعرف هواجس العدوّ الذي يعيش حالةً من الخوف يعمل على تصديرها من خلال وابلٍ من التّهديدات، حتّى لم يبقَ مسؤول إسرائيليّ إلا وتحدّث متوعّداً ومهدّداً. ولكنّنا ـ في المقابل ـ نريد للّبنانيين أن يكونوا على جاهزيّة، وخصوصاً الجيش والمقاومة، للردّ على أيّة حماقة يعتقد العدوّ أنّه يمكن من خلالها أن يُعيد الهيبة وقوّة الردع إلى كيانه الذي تعرّض لكثير من الاهتزاز في الحرب الأخيرة على لبنان، كما نريد لكلّ الجهات السياسية اللّبنانية أن تردّ على مسؤولي العدوّ، لتؤكّد الوحدة في مواجهته مهما اختلفت التوجّهات في القضايا السياسيّة الداخليّة، ولتضع أمامه حاجزاً يمنعه من الدخول على خطّ الأوضاع اللبنانية الداخلية التي لطالما عمل على استغلالها للعبث بالوضع اللبناني الداخلي، بالمواقف السياسية، والحركة الاستخبارية، وحتى بالعدوان المباشر.
التقاعس في حلّ الأزمة المعيشية في لبنان
ونحن نسأل المسؤولين في الدّولة: مَن المسؤول عن كلّ هذا الدمار الذي يعيشه البلد في أزمة الكهرباء الملتهبة في حرّ الصيف، وفي هذه الأرقام المتصاعدة لأعداد الفقراء في لبنان، حيث يشير برنامج الأمم المتّحدة الإنمائي إلى أنّ أكثر من 28 في المائة من اللّبنانيين باتوا فقراء، ومَن المسؤول عن الغلاء الفاحش الذي بدأت أرقامه تتصاعد على أبواب شهر رمضان المبارك، ومن يتحمّل المسؤوليّة حول أزمة المحروقات التي أشعرت اللّبنانيين جميعاً بأنّ شيئاً لم يتغيّر فعليّاً منذ أن تهاوت أسعار النّفط إلى أدنى مستوياتها؟!
إنّنا نسألهم جميعاً: هل يمكن تقديم الحلول للبطون الخاوية والجيوب الفارغة بجرعات التفاؤل أو التشاؤم التي ترافق تشكيل الحكومة؟
إنّنا نستمع إلى كلمات وتحليلات وتأويلات حول ترميم هذا البيت، وترتيب البنيان الحزبيّ أو المذهبيّ أو السياسيّ هنا وهناك، ولا نستمع إلى كلمات حاسمة في ضرورة ترتيب البيت اللّبناني كلّه، وإعداده إعداداً متكاملاً لمواجهة العدوّ والمتربّصين به شراً، من لصوص الأوطان، وتجّار السياسة ممّن أدمنوا لعبة القتل بالرّصاص وبالحرب النفسية والاقتصادية والاجتماعية التي فعلت فعلها في البلد، ولا تزال فصولها تتوالى على حساب لقمة الفقراء وجهد المستضعفين وعطاء المحرومين.
ألقى سماحة آية الله العظمى، السيد محمد حسين فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته:
فعل الخير عنوان صحيفة المؤمن
بداية شهر رمضان للعام 1430هـ / 2009م
في بداية كلامي، أودّ أن أعطيكم فكرةً حول بداية شهر رمضان المبارك. فبحسب رأينا، فإنّ مسألة الهلال مربوطة بالنّظام الكونيّ وليست بالرؤية، بل هي وسيلة للمعرفة، كما ذكر ذلك أستاذنا السيّد الخوئي؛ وعليه، فإنّ رؤية الهلال ليلة الجمعة القادمة غير ممكنة في المنطقة الإسلاميّة، ولذلك، فإنّ الذين يعتمدون على الرؤية في المنطقة الإسلامية، يكون أوّل شهر رمضان عندهم السّبت. أمّا بالنّسبة إلينا، فمن خلال البحث الفلكيّ في مختلف أنحاء العالم ـ واستناداً إلى رأي أستاذنا السيّد الخوئي في مسألة وحدة الأفق ـ رأينا أنّه من الممكن رؤية هلال شهر رمضان مساء الخميس، ليلة الجمعة القادمة في أمريكا الجنوبيّة، وتحديداً في البرازيل، وتشيلي، والأرجنتين، وبوليفيا، وبعض المناطق الأخرى في أمريكا الجنوبيّة. والهلال يولد يوم الخميس، فإذا أمكنتْ رؤيته في بلدٍ نلتقي معه بجزءٍ من اللّيل، فإنّ الهلال يثبت عندنا. وعلى هذا الأساس، فإنّ رأينا الفقهيّ وفقاً للحسابات الفلكيّة التي هي أدقّ من الرّؤية ـ والّذي قد يخالفنا فيه الكثيرون من العلماء من السنّة والشّيعة ـ أنّ أوّل شهر رمضان هو يوم الجمعة القادم الواقع فيه 21 آب2009م .
هذا ما أحببت أن أبيّنه لكم، وأريد أن أؤكّد أنّ هذا اجتهادنا الفقهيّ، ونحن نعتقد أنّ الحسابات الفلكيّة أدقّ من الرّؤية، وأنّ الفلكيّين هم أصحاب الخبرة في مسألة الهلال وليس علماء الفقه، ونعتقد أيضاً أنّ هذا هو الّذي يوحّد مسألة الشّهور والأعياد للمسلمين، أمّا إذا لم نعتمد الحسابات الفلكية، فسيبقى هذا الاختلاف قائماً بين السنّة والشّيعة، وبين الشّيعة أنفسهم والسنّة أنفسهم.
ما أريد أن أقوله لكلّ إخواني وأخواتي: هذا اختلافٌ في الاجتهاد، وهو كالاختلاف في بعض المسائل الفقهيّة الأخرى، ولا يجب أن يكون هذا الموضوع أساساً للخلاف والتّشرذم، وأوصيكم جميعاً بأن يعمل كلّ شخص بتكليفه الشرعيّ الذي يقتنع به، وأن لا يحاول أن يتعصّب بخلافه مع الآخرين، لأنّنا جميعاً نريد طاعة الله، ونريد أن نكون معذورين أمام الله.
الدّعوة إلى فعل الخير
يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[آل عمران:104]. هذه هي العناصر الثّلاثة التي يأمرنا الله بها:
العنصر الأوّل: الدّعوة إلى الخير في حركة الإنسان كلّها في الحياة، وهو أن يكون الإنسان خيراً لنفسه فلا يجلب الشرّ لها، وأن يكون خيراً لعياله فلا يجلب الشرّ لهم، وأن يكون خيراً للنّاس الذين يتعامل معهم ويتعارف إليهم، فلا يكون شراً على المجتمع، بل يكون خيراً للمجتمع، وذلك في المحافظة على النّظام السلميّ العام للمجتمع، والوحدة للمجتمع حتى مع تنوّع الآراء، لأنّ العصبيّة مع اختلاف الآراء شرّ كلّها، بينما الوحدة في التنوّع خير كلّها. وليكن الحوار هو الأسلوب الذي نتّبعه في خلافاتنا، سواء كانت خلافات عائليةً، أو ثقافيةً، أو سياسيةً، أو اقتصاديةً، أو اجتماعيةً، أو أمنيةً؛ أن نلتقي على ما اتّفقنا عليه، ونتحاور في ما اختلفنا فيه. وقد أمرنا الله تعالى بالحوار مع أهل الكتاب ومع النّاس جميعاً، لأنّ الحوار هو الوسيلة الإنسانية الثّقافية الحضاريّة التي ربما توصل النّاس إلى الوحدة أو التقارب في ما يختلفون فيه.
العنصر الثاني: الأمر بالمعروف. والمعروف هو كلّ ما يحبّه الله ويرضاه.
العنصر الثّالث: النّهي عن المنكر. والمنكر هو كلّ أمر يُغضب الله ويسخطه ويؤدّي إلى سقوط المجتمع والفوضى فيه. وإنّ الذين يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر هم الذين يحصلون على الفلاح في الدّنيا والآخرة.
يقول تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ ـ يخافون من غضب الله وسخطه وعذابه ـ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ ـ الّذين آمنوا بالله وبتوحيده في الطّاعة والعبادة والعقيدة ـ وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ـ لأنهم لا يعرفون مصيرهم عندما يقفون للحساب بين يدي الله؛ هل يتقبّلهم الله برضوانه ورحمته، لأنهم أطاعوه واستقاموا على الخطّ المستقيم، أم لا يتقبّلهم، لأنهم عصوْهُ وانحرفوا عن الخطّ المستقيم ـ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ}[المؤمون:61].
فعل الخير في أحاديث المعصومين(ع)
ويقول رسول الله(ص) وهو يتحدّث عن الخير: "اطلبوا الخيرَ دهرَكم ـ ليكنْ كلّ عمركم حركةً من أجل طلب الخير، لتلتزموه وتنشروه ـ واهربوا من النّار جهدَكم ـ ادرسوا أعمالكم في ما حرّمه الله عليكم، وحاولوا أن تهربوا من كلّ معصيةٍ وخطيئة، لأنّ المعصية تؤدّي بكم إلى النّار، وغضب الجبّار ـ فإنّ الجنة لا ينام طالبُها ـ إنّكم لا تنامون إذا كان لديكم أمل بربح ماليّ، أو أيّ ربح اجتماعيّ، لكي تحصّلوا الفرصة بهذا الربح المالي أو الوظيفي، وعليك أن لا تنام إذا كنت طالباً للجنّة، بل عليك أن تكون مستيقظاً، لتأتي بكلّ عملٍ يوصلك إلى الجنّة ـ وإنّ النّار لا ينام هاربها"، لأنّك إذا غفلت عن النّار ولم تهرب منها، فسينالك عقابها.
وعن رسول الله(ص): "من أُعطي أربع خصال في الدّنيا، فقد أُعطي خير الدّنيا والآخرة، وفاز بحظّه منهما: ورعٌ يعصمه عن محارم الله ـ أن يتورّع عن معصية الله ـ وحُسْنُ خلقٍ يعيش به في النّاس ـ أنْ يكون صاحبَ خلقٍ حسنٍ في علاقته بالنّاس الأقربين أو الأبعدين ـ وحِلمٌ يدفع به جهل الجاهل ـ والحلم هو سعة الصّدر ـ وزوجة صالحة تعينه على أمر الدّنيا والآخرة". فإذا أردت أن تختار زوجةً، فلا تفكر فقط في المال أو الجمال وحده، بل أن تكون صالحةً، لتعاونك، ولتجعل حياتهك حياة خير وصلاح، فتنجح وتحصل على النّتائج الطيّبة في الدنيا والآخرة.
ويقول الإمام عليّ(ع): "ليس الخير أن يكثر مالُك ووِلْدُك ـ فكثرة الملايين وكثرة الأولاد لا يزيد في مصيرك ومستقبلك أو في شخصيّتك، لأنّ المال ليس أنت ـ ولكنّ الخير أن يكثر علمُك ـ أن تكون ثقافتك وعلمك في المستوى الذي يجعلك واعياً عالماً تستطيع أن تفكّر بعمق وتفيد الناس بعلمك ـ وأن يعظم حلمك، وأن تباهي الناس بعبادة ربّك ـ بحيث تكون عبادتك لله عبادةً في أفضل حالاتها ـ فإن أحسنت حمدت الله، وإن أسأت استغفرت الله".
وورد عن الإمام عليّ(ع)، عن بعض النّاس الذين يملكون موقعاً سياسياً أو اجتماعياً، ويعتقدون أنّ ذلك هو الخير كلّ الخير: "ما خيرٌ بخيرٍ بعده النّار ـ فإذا كانت النار هي عاقبتك، فما يفيدك هذا الموقع أو ذاك ـ وما شرٌّ بشرٍّ بعده الجنّة"، حتى لو كنت تعيش في الدّنيا بعض الضّيق، وبعض الشرور، فليس بعد الحصول على الجنّة شرّ.
وورد عن رسول الله(ص): "من فُتح له باب خير ـ أيّ نوعٍ من أنواع الخير، من رعاية المساكين والأيتام، والجهاد في سبيل أمّتك، والعمل على إحياء الحقّ وإماتة الباطل ـ فلينتهزه، فإنّه لا يدري متى يُغلق عنه". وعن رسول الله(ص): "إنّ الله يحبّ من الخير ما يعجل". وعن الإمام الباقر(ع): "من همَّ بشيءٍ من الخير فليعجّله، فإنّ كلّ شيءٍ فيه تأخير، فإنّ للشّيطان فيه نظرة"، لأنّ الشّيطان يحاول أن يوسوس إليه ليبعده عن الخير.
إنّ الله هو الخير كلّه، والله تعالى يريد لحياتنا أن تكون حياة الخير ، ولمجتمعنا أن يكون مجتمع الخير، ليكون الخير زادنا في الآخرة، حتى يرضى الله عنّا ويدخلنا الجنّة، وليستقبلنا مالكُ الجنّة رضوان ويقول: {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنين}[الحجر:46].
نسأل الله تعالى أن يوفّقنا للخير كلّه، وأن يبعدنا عن الشرّ كلّه.
بسم الله الرّحمن الرحيم
الخطبة الثّانية
فلسطين: السياسة الاستيطانيّة المستمرة
في فلسطين المحتلة، يواصل الزّحف الاستيطانيّ الوحشيّ هجومه على القدس والضفّة الغربية، ويعلن رئيس وزراء العدوّ أنّه لن يُخلي أيّة مستوطنات جديدة، ولن يعود إلى "ارتكاب خطأ" الانسحاب من مستوطنات غزّة ـ كما زعم ـ متسلّحاً باستطلاعات الرأي التي أفادت تأييدَ أكثر من 60 في المائة من اليهود لسياسته الاستيطانية، وخصوصاً في السيطرة على القدس، في ظلّ عمليّات تهجير جديدة للعائلات الفلسطينيّة منها، الأمر الذي يؤكّد مجدّداً أنّ العدوّ يتصرّف وفق برنامجه الداخليّ الذي لا يحسب فيه أيّ حساب لأيّ عملية تسوية، في وقت يواصل غاراته على أطراف غزّة، ويتلقّى المزيد من برقيّات التأييد العربيّة الآتية من تحت الطّاولة أو من فوقها.
المقاومة فعل وليست شعاراً
إنّنا نقول للفلسطينيّين الذين يُراد لهم أن يستغرقوا في مؤتمراتٍ داخليّة هنا وهناك بعيداً عن حسابات مشروع المقاومة، إنّ مسيرة استعادة الحقوق لا يمكن أن تبدأ بإعلان الخضوع لشروط العدوّ، أو الأخذ بتفاصيل النّصائح والتّعليمات الدّوليّة والعربيّة؛ لأنّ الجميع بات يسعى للتخلّص من عبء هذه القضيّة التي لن يُكتب لها الاستمراريّة إلا باعتماد المقاومة، لا مجرّد التّلويح بها كخيار، وبسلوك خطّ المواجهة الصريحة بعيداً عن استجداء المواقع الرسميّة التي حسمت خيارها بإعلان الانكسار المستمرّ أمام العدوّ، وبالانطلاق في ما تقتضيه حركة الوحدة الوطنيّة والإسلاميّة من أجل تحصين السّاحة الداخليّة أمام التّحدّيات المقبلة.
العراق وكابوس "الحرّيّة"
أمّا العراق الذي عاش أهله أحلام الحرية والاستقلال مع بداية خروج المحتلّ من مدنه وعاصمته، فقد عاش كابوساً دامياً في عمليّات التّفجير الوحشيّة والإجراميّة، التي قتلت وجرحت المئات في بغداد والموصل وغيرهما من المدن والمواقع، والّتي استخدم فيها القتلة أبشع عمليّات التفجير التي قُتل فيها العمّال والأسر الفقيرة المنكوبة التي قضت بين بيوت الطّين التي لا تحميهم من حرّ الصّيف.
لقد كشفت هذه العمليّات الوحشيّة مجدّداً عن الوجه الحقيقيّ لأولئك القتلة الذين لا يمثّلون النقيض للاحتلال، ولا يتشرّفون بالانتماء إلى المقاومة، ولا يمتّون بصلةٍ إلى مسألة التحرير، بل إلى خطوط الحقد والكراهية والجهل، والإسلام من أفعالهم براء.
إنّنا نريد لعلماء المسلمين، من السنّة والشّيعة، أن يرفعوا الصوت عالياً في وجه هؤلاء؛ وذلك هو أبسط ما يتوجّب على العلماء أن يفعلوه أمام هذا المنكر الصّريح؛ لأنّ سكوتهم على ذلك، يوحي إلى هؤلاء التكفيريّين الحاقدين، أنّ هناك غطاءً شرعيّاً لكلّ ما يقومون به من سفك الدماء البريئة والاعتداء على المدنيّين الآمنين.
لبنان: التيقّظ للتّهديد الإسرائيليّ
وفي جانب آخر، يطلق العدوّ الإسرائيليّ تهديداته للبنان، وهو يحاول الإيحاء بأنّ ثمة عنصراً جديداً من عناصر الرّدع فرضه التوازن الذي انطلق في الحرب الأخيرة على لبنان، والذي نعيش ذكرى انتصاره في هذه الأيام، وهو عنصر استهداف المدنيين والمواقع المدنية كافّةً، سواء كانت جمعياتٍ خيريةً أو مساجد أو مستشفيات، وهو الأسلوب الذي استخدمه العدوّ في حربه الوحشيّة على غزّة.
إنّنا نعرف هواجس العدوّ الذي يعيش حالةً من الخوف يعمل على تصديرها من خلال وابلٍ من التّهديدات، حتّى لم يبقَ مسؤول إسرائيليّ إلا وتحدّث متوعّداً ومهدّداً. ولكنّنا ـ في المقابل ـ نريد للّبنانيين أن يكونوا على جاهزيّة، وخصوصاً الجيش والمقاومة، للردّ على أيّة حماقة يعتقد العدوّ أنّه يمكن من خلالها أن يُعيد الهيبة وقوّة الردع إلى كيانه الذي تعرّض لكثير من الاهتزاز في الحرب الأخيرة على لبنان، كما نريد لكلّ الجهات السياسية اللّبنانية أن تردّ على مسؤولي العدوّ، لتؤكّد الوحدة في مواجهته مهما اختلفت التوجّهات في القضايا السياسيّة الداخليّة، ولتضع أمامه حاجزاً يمنعه من الدخول على خطّ الأوضاع اللبنانية الداخلية التي لطالما عمل على استغلالها للعبث بالوضع اللبناني الداخلي، بالمواقف السياسية، والحركة الاستخبارية، وحتى بالعدوان المباشر.
التقاعس في حلّ الأزمة المعيشية في لبنان
ونحن نسأل المسؤولين في الدّولة: مَن المسؤول عن كلّ هذا الدمار الذي يعيشه البلد في أزمة الكهرباء الملتهبة في حرّ الصيف، وفي هذه الأرقام المتصاعدة لأعداد الفقراء في لبنان، حيث يشير برنامج الأمم المتّحدة الإنمائي إلى أنّ أكثر من 28 في المائة من اللّبنانيين باتوا فقراء، ومَن المسؤول عن الغلاء الفاحش الذي بدأت أرقامه تتصاعد على أبواب شهر رمضان المبارك، ومن يتحمّل المسؤوليّة حول أزمة المحروقات التي أشعرت اللّبنانيين جميعاً بأنّ شيئاً لم يتغيّر فعليّاً منذ أن تهاوت أسعار النّفط إلى أدنى مستوياتها؟!
إنّنا نسألهم جميعاً: هل يمكن تقديم الحلول للبطون الخاوية والجيوب الفارغة بجرعات التفاؤل أو التشاؤم التي ترافق تشكيل الحكومة؟
إنّنا نستمع إلى كلمات وتحليلات وتأويلات حول ترميم هذا البيت، وترتيب البنيان الحزبيّ أو المذهبيّ أو السياسيّ هنا وهناك، ولا نستمع إلى كلمات حاسمة في ضرورة ترتيب البيت اللّبناني كلّه، وإعداده إعداداً متكاملاً لمواجهة العدوّ والمتربّصين به شراً، من لصوص الأوطان، وتجّار السياسة ممّن أدمنوا لعبة القتل بالرّصاص وبالحرب النفسية والاقتصادية والاجتماعية التي فعلت فعلها في البلد، ولا تزال فصولها تتوالى على حساب لقمة الفقراء وجهد المستضعفين وعطاء المحرومين.