بسم الله الرحمن الرحيم
خطبتا صلاة الجمعة لسماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء فيهما:
الإتيان بالعمل الصالح
السبيل إلى رضوان الله وجنته
النفس رهينة العمل:
يقول الله تعالى في سورة المدثِّر: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلَّا أَصْحَابَ اليَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ المُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ المُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ المِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا اليَقِينُ * فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ * فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ * فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ * بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَة ً* كَلَّا بَلْ لَا يَخَافُونَ الآَخِرَةَ}(المدَّثّر/38-53).
يحدّثنا الله تعالى في هذه الآيات الكريمة عن حقيقة إيمانية ترتبط بعلاقة الإنسان بربه؛ فالله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وجعل مصيره مرهوناً بعمله، فإذا كان عمله عمل خير وطاعة وبرّ وتقوى واستقامة والتزام بالخط المستقيم، فإنّه بعمله هذا يفكّ رهنه ويحرّر رقبته، ما يجعله حرّاً بين يدي ربه، بحيث يلقى من الله تعالى الرضوان والرحمة والمغفرة، وينتهي به الأمر إلى أن يكون حرّاً مع الأحرار الذين يُدخلهم الله جنّته. أمّا إذا كان عمله عمل شرّ ومعصية وانحراف عن الخط المستقيم، فإنّ نفسه تظل مرهونةً ومقيّدةً وخاضعةً لنتائج عمله الّتي قد تؤدِّي به إلى غضب الله وسخطه، فيكون مع أهل النار.
{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} بمعنى أنَّ الإنسان يساوي عمله، وهذا ما أكّده القرآن الكريم في أكثر من آية، قال تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالمُؤْمِنُونَ}(التوبة/105)، فكلّ ما تعملونه وما تقومون به مراقب من الله ومن رسوله ومن المؤمنين. وقال تعالى أيضاً: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}(الزَّلزلة/7-8)، فالإنسان يرى نتائج عمله؛ خيراً إن كان عمله خيراً، وشرّاً إن كان عمله شراً.
وهناك أساس إيماني تترتَّب عليه نتائج العمل، وهو أنّه ليس بين الله وبين أحد قرابة، فالنَّاس كلّهم مخلوقون لربهم، لأنّ الله لم يلد ولم يولد، ولذلك رأينا النبي(ص)، وهو المعصوم والحبيب إلى الله، يقول: {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}(الأنعام/15)، وقال تعالى: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِاليَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الوَتِينَ}(الحاقَّة:44-46)، وفي خطاب الله الموجّه إلى النّاس، نقرأ: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ}(النساء:123).
وعلى ضوء هذا، فإنّ الله تعالى يؤكّد أن مصير الإنسان مرهون بعمله، وينقل لنا حواراً بين أصحاب اليمين، وهم المسلمون المتقون المؤمنون، وأهل النار، لأن الظاهر أنّ أهل الجنة يشرفون على أهل النار. يقول تعالى:{إِلَّا أَصْحَابَ اليَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ المُجْرِمِينَ ـ الذين أجرموا في حق الله بالشرك والكفر، وفي حق النّاس بالظلم والاستكبار ـ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَـ لماذا أنتم في النار، وقد كنتم في الدنيا جيراننا وأقرباءنا؟! ـ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ المُصَلِّينَـ لأنّ من لا يصلِّي لا خير فيه، ولا دين له ـ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ المِسْكِينَ ـ لقد رزقنا الله أموالاًكثيرة، ولكنّنا لم نكن ننفق مما أنعم الله به علينا للمستحقّينـوَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الخَائِضِينَ ـ كنّا نمشي مع الماشي، ونقف مع المستكبرين والكافرين والمنحرفين، في مواقفهم الّتي لم تكن تنطلق من الحق والخير للآخرين ـ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ ـ كنّا إذا سمعنا الموعظة حول الآخرة والحساب والعقاب، نهزأ بذلك به ونكذّبه ـ حَتَّى أَتَانَا اليَقِينُ ـ حتى جاء الموت ـفَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ـ لو جاؤوا بكلِّ الدنيا من أجل أن تشفع لهم، فلن ينفعهم ذلك، لأنّهم أعرضوا عن طاعة الله ـ فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ * فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ * بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَة ً* كَلَّا بَلْ لَا يَخَافُونَ الآَخِرَةَ}.
تحرير النفس بالعمل الصالح:
وفي المقابل، يحدّثنا الله تعالى عن المؤمنين الذين أدخلهم جنته، لأنّهم حرَّروا أنفسهم التي كانت مرهونةً بعملهم، قال تعالى: {وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ ـ الذين ربّوا أبناءهم على الإيمان الّذي كانوا عليه ـأَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ـ وهذا يقتضي أن يجهد الإنسان لتكون ذرّيته ذرّيةً صالحةً مؤمنة ـوَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ـ ولأنّهم كسبوا الإيمان وحرّروا أنفسهم بالعمل الصالح، أدخلهم الله جنته ـوَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ * يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ * وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ * وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ ـ يسألون عن هذا الرضوان ـقَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَـ كنّا نخاف أن نقع في الخطأ، أو أن نعصي الله ـفَمَنَّ اللهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ البَرُّ الرَّحِيمُ}(الطُّور/21-28).
فإذا كنّا نعرف أنّ الإنسان مرهون بعمله، وأنّ عمله هو الّذي يدخله الجنّة أو النّار، وهو الّذي يقرّبه إلى الله أو يبعده عنه، فعلينا أن نلتزم بكلِّ أوامر الله ونواهيه، لأنّ الله تعالى يريد لنا أن نحصل على رضاه في كلِّ أمورنا وأوضاعنا؛ في عباداتنا ومعاملاتنا، وفي حربنا وسلمنا، وفي كلّ أوضاعنا الإسلامية.
قوة الوحدة والأخوّة الإسلامية:
ونحن نقرأ قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}(آل عمران/103)، وحبل الله هو القرآن، وهو الإسلام بكلِّ عقائده ومفاهيمه. فالله سبحانه يريد أن يكون اعتصامنا بحبله هو الأساس في وحدتنا الإسلامية، لنكون جميعاً في الخطِّ الإسلامي الأصيل القويّ، الذي يعيش فيه المسلم الأخوّة مع المسلم الآخر، فإذا حصل أيّ نزاع بين المسلمين، في أيّ شأن من شؤونهم الدينية والاجتماعية والسياسية، فإنّ على المجتمع الإسلامي أن يعمل على الإصلاح بينهم.
وهذا ما أكّده النبي(ص)، عندما وقف خطيباً في المسلمين في حجة الوداع وقال:«إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا يوم تلقونه»، «لا ألفينّكم ترجعون بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض». هذه هي الخطة التي أراد الله ورسوله لنا أن نسير عليها ونعمل لها، وأن نقف ضدّ أعداء الله لنعدّ لهم ما استطعنا من قوّة.
لذلك، فإنّ مسألة الوحدة الإسلامية، حتى لو اختلف المسلمون في أمور كثيرة، تبقى مسؤولية الجميع، وأمانة الله ورسوله في المسلمين، حتى إنّ أمير المؤمنين(ع)، وهو صاحب الحق الأصيل، قال:«لأسلمنَّ ما سلمت أمور المسلمين ولم يكن فيها جور إلا عليَّ خاصة»،فصبر(ع) صبراً جميلاً، لأنّه أراد أن يحفظ وحدة المسلمين، وكان(ع) يوجّه الذين أبعدوه عن حقه وينصحهم، فعاش(ع) كل عمره، جهاداً وعلماً وثقافةً وإخلاصاً لله ولرسوله، في سبيل الحفاظ على الإسلام.
وهذا ما يجب أن نعيشه في العالم كلّه، لنكون {خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}(آل عمران-110)، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وهذا هو الخطُّ الذي لا بدّ من أن نتواصى فيه بالحق والصبر والمرحمة فيما بيننا.
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
عباد الله... اتقوا الله، وواجهوا الموقف بالصبر والحكمة، وبالسير على الخط المستقيم الذي يريد الله لكل المؤمنين أن يسيروا عليه، حتى يصلوا إلى مواقع رضاه والقرب منه في أمورهم العامة والخاصة. فماذا هناك؟
أمريكا: سياسة إدارة الفتن:
نلتقي في هذه الأيام بحلقة جديدة من السلسلة الأمريكية لإدارة المحافظين الجدد، والتي بدأت تراهن على إشعال العالم العربي والإسلامي بنيران الفتن المتنقّلة، بعدما عجزت عن تمرير مشروعها، بدءاً من العراق وأفغانستان، وصولاً إلى الحرب الإسرائيلية على لبنان، والتي تتوالى فصولها السياسية والأمنية بعد توقف عملياتها العسكرية.
ففي فلسطين المحتلة، لا يزال الرهان الأمريكي ـ الإسرائيلي قائماً على إحداث اختراق في الساحة الفلسطينية، من خلال السعي إلى إثارة الفتنة الداخلية، إلى جانب التحلّل المتدرّج للرئيس الأمريكي من وعوده بالدولة الفلسطينية، وتحلّل رئيس وزراء العدو من تبعة أيّة مفاوضات مع الفلسطينيين، بحجّة أن عنوان القدس أو الاستيطان أو غيرهما يؤدي إلى خروج المجموعة الدينية من حكومته، وبالتالي سقوط هذه الحكومة. وهكذا يُصار إلى رهن قضايانا لحساب وحدة اليهود في فلسطين، مع وعود أمريكية تأتي مع كل رئيس أمريكي وتذهب معه.
وفي ظل ذلك، تأتي وزيرة الخارجية الأمريكية إلى فلسطين المحتلَّة لتمهّد لزيارة رئيسها الآتي للاحتفال بذكرى قيام الكيان الغاصب، والساعي إلى تحويله إلى دولة يهودية خالصة، مع إثارة لعناوين تتصل بالحواجز والعوائق في الضفة الغربية، ومنعٍ لعناوين أخرى تتصل بالمستوطنات والجدار الفاصل من أن تُطرح في ساحة التداول.
ويحدّثونك ـ بعد ذلك ـ عن خريطة الطريق، وعن حلول مزعومة في بضعة أشهر قادمة، في الوقت الذي تستمر معاناة الفلسطينيين على المعابر، ومأساتهم في المجازر الإسرائيلية المتواصلة، وأزماتهم في ظل الحصار التجويعي للقطاع، في الوقت الذي يتدفق الغاز العربي مباشرةً إلى قلب كيان العدو، في معادلة عربية لا يعلم تأويلها حتى الراسخون علماً في حركة الأنظمة المتداعية.
وليس بعيداً من ذلك، نلتقي بحركة الاحتلال الأمريكي العدوانية في العراق، في استهداف المدنيين، وخصوصاً في مدينة الصدر، من خلال استغلاله للوضع القائم، وصولاً إلى أفغانستان والعدوان المباشر على الصومال، واستهداف الفئات الشعبية والطليعة الإسلامية المعارضة للسياسة الأمريكية تحت عنوان الحرب على الإرهاب، مع استمرار العمل على مصادرة الثروات الإسلامية والعربية الطبيعيّة، وإسقاط المواقع السياسية والأمنيّة في العالمين العربي والإسلامي؛ الأمر الذي لا بدّ لشعوبنا من أن تواجهه وتلاحق تحدّياته، من خلال وحدتها الداخليّة، وصناعتها الدائمة للقوّة إزاء القضايا المصيريّة التي تُثار في العالم، والمنطقة على وجه الخصوص.
إنّ الخطّة التي يُتحدّث عنها باسم المجتمع الدولي الذي تقوده الولايات المتّحدة الأمريكية في مجلس الأمن، تعمل من أجل إعلان الحرب على المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق، وعلى كلّ حركات المقاومة ودول الممانعة؛ لأنّ امتداد حركة العنفوان الذي تمثّله، سوف يصنع المزيد من الإرباك للسائرين في فلك المشروع الأمريكي؛ ولذلك نشهد حركةً متزايدةً لبعض دول ما يُسمّى بـ "الاعتدال العربي"، بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية، لتطويق وتطويع مواقع العزّة في الأمّة، أو السير قدماً في مشاريع التفتيت السياسي والمذهبي والطائفي.
لبنان: حكومة ارتجال المواقف:
أمّا في لبنان، فقد كنّا بغنىً عن كلّ هذا الواقع الصعب الذي انطلقت إثارته من خلال ارتجاليّة في القرارات الحكومية الخارجة على أبسط مقوّمات الوفاق الداخلي والتوازن الطائفي، ولا سيّما تجاه القضايا الحسّاسة المرتبطة بالمقاومة، في ظلّ استمرار التهديد الإسرائيلي للبنان بالعدوان، ولرموز المقاومة بالتصفية والاغتيال، ممّا يبرّر للكثيرين تفسير هذا النوع من القرارات وكأنّه يتّجه بالبلد إلى مزيد من الانكشاف الأمني الذي يستفيد منه العدوّ لتصفية حساباته التي لم تنتهِ منذ حرب تمّوز، وخصوصاً في الوقت الذي يُعاني هذا العدوّ من الارتباك السياسي الداخلي الذي قد يدفعه إلى الهروب إلى الأمام، والاستفادة من أيّ ثغرة أمنيّة تحدث بفعل التعقيدات الداخليّة اللبنانيّة. وإنّنا نذكّر الجميع، أنّه لم يصدر إلى الآن قرار بوقف إطلاق النار من مجلس الأمن، في الوقت الذي لا يزال العدوّ الصهيوني يعمل على صناعة مجتمع الحرب، ويصرّح بأنّه بصدد القيام باعتداءات على لبنان ومقاومته حيث تسنح له الفرصة.
ولقد كنّا ـ ولا نزال ـ نقول: إنّ لبنان معنيّ بحماية كلّ أوراق القوّة الداخليّة أمام هذا العدوّ ذي الطبيعة العدوانيّة، وإنّ مسألة المقاومة لا يُمكن أن يتمّ التعاطي معها على طريقة التعقيدات اللبنانيّة الداخليّة، بل لا بدّ من أن ترتكز إلى حالةٍ جدّية من الهمّ الوطني والحوار الداخلي، في سبيل تطوير استراتيجية دفاعيّة تحمي لبنان وشعبه، حاضراً ومستقبلاً، من أيّ عدوانٍ أو عبث.
إنّنا نؤكّد أن المشكلة الحاليّة في لبنان هي مشكلة سياسية وليست مذهبيّة أو طائفيّة، وعلى الجميع ـ ولا سيّما القيادات الدينية الإسلامية والمسيحية ـ الحذر من الوقوع في فخّ الخطاب الطائفي المثير للفتنة والمحرّك للغرائز، في ظلّ غيابٍ للعقلانيّة والهدوء في دراسة مصلحة البلد؛ وأن يتمّ التنبّه إلى حركة المشاريع الكُبرى التي تعمل الإدارة الأمريكية من خلالها على تدمير الإسلام كلّه والعروبة كلّها، والإطاحة بكلّ أوراق القوّة في عالمنا العربي والإسلامي، دون تمييز بين حركة هنا أو هناك، أو بين مذهبٍ هنا أو هناك.
أيّها المسؤولون: الله اللهَ في السعي إلى إدارة الحوار الداخليّ بما يحفظ للبلد توازنه ومستقبله وقوّته... الله الله في حماية السلم الأهلي... الله الله في الوحدة الإسلاميّة والوطنيّة... الله الله في حفظ المقاومة وحمايتها.. اللهمّ هل بلّغت؟ اللهم اشهد. |