لنستقبل شهر الله بالاستعداد الروحي والعباديّ...

لنستقبل شهر الله بالاستعداد الروحي والعباديّ...

أول شهر رمضان الخميس
لنستقبل شهر الله بالاستعداد الروحي والعباديّ...


ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته:

في ضيافة الله:

هذا اليوم هو آخرُ جمعة من شهر شعبان، لأن أوَّل أيّام شهر رمضان، حسب الثبوت الشرعي عندنا، هو يوم الخميس القادم، الثالث عشر من أيلول ـ سبتمبر. ونحن عندما نستقبل شهر رمضان، فإنَّنا نستذكر الخطبة التي رويت عن رسول الله(ص) في آخر أسبوع من شهر شعبان، والّتي يوجِّه فيها المسلمين إلى الاستعداد الروحي والعقلي والعملي، والاستعداد العبادي والقرآني للدخول في شهر رمضان دخولاً واعياً منفتحاً على الله، ومنفتحاً على التوبة من كلِّ الذنوب، ومنفتحاً أيضاً على عمل الخير.

جاء في الخطبة:

«أيُّها الناس، إنّه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة، شهرٌ هو عند الله أفضل الشهور ـ فليس هناك شهر أفضل منه ـ وأيامه أفضل الأيام ـ فليس هناك يوم أفضل من أيامه ـ ولياليه أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعات ـ فهذا الشهر بكلِّ مفرداته الزمنية هو أفضل الأزمنة في السنة كلها ـ هو شهرٌ دعيتم فيه إلى ضيافة الله»، وضيافة الله هي رحمته ومغفرته ورضوانه وجنته. ونحن نقرأ في آخر دعاء السحر الصغير: «وقد جعلت لكلِّ ضيف قرى، وأنا ضيفك، فاجعل قراي اللّيلة ـ ليس الأكل والشرب، بل ـ الجنة؛ يا وهاب الجنة، يا وهاب المغفرة، لا حول ولا قوة إلا بك».

ونستوحي من قوله(ص): «وقد دعيتم فيه إلى ضيافة الله»، أنَّ الله سيمنحنا الجنة جزاءً لأعمالنا الصالحة في هذا الشهر المبارك.

«وجعلتم فيه من أهل كرامة الله ـ فالله يجعلنا من الكرماء عنده في هذا الشهر ـ أنفاسكم فيه تسبيح ـ فكلُّ نفس تتنفَّسه في هذا الشهر يعتبره الله تسبيحاً له ـ ونومكم فيه عبادة ـ فحتّى نومكم الّذي تنامونه في هذا الشّهر هو عند الله بمثابة عبادة له ـ وعملكم فيه مقبول ـ فهناك أعمال قد لا تُقبل في غير شهر رمضان، ولكن في هذا الشّهر الكريم، أعمالكم مقبولة عند الله ـ ودعاؤكم فيه مستجاب. فسلوا الله ربكم ـ في هذا الجو الروحي، حيث أنتم في ضيافة الله ومن أهل كرامته، واستغلّوا الفرصة ـ بنيّات صادقة، وقلوب طاهرة، أن يوفِّقكم لصيامه وتلاوة كتابه ـ لأنَّ شهر رمضان هو الموسم الذي يحرِّك الله فيه المغفرة في كلِّ مواقعه وأوقاته ـ فإنّ الشقيَّ من حرم غفران الله في هذا الشّهر العظيم»، لأنه سيكون كالّذي يخسر حصاد الموسم، فشهر رمضان هو موسم الرَّحمة وموسم المغفرة، والشقيّ من حرم غفران الله فيه، لأنه لم يعمل العمل الذي يرضي الله.

ثم تتحدث هذه الخطبة عن جوع الإنسان وعطشه، فالإنسان في شهر رمضان يجب عليه أن يحسّ بالجوع، فلا يتخم نفسه بالأكل، بل يأكل بشكل طبيعي، بحيث يحسُّ في بعض اللحظات بالجوع والعطش، فإذا أحسَّ بهما، فإنّ عليه أن يتذكَّر الجوع والعطش في موقفه يوم القيامة الذي يُعَدُّ يومه كألف سنة كما يقول القرآن، إلى أن يأذن الله له، إن كان صالحاً، بدخول الجنة، حيث يأكل من طعامها ويشرب من شرابها. «واذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه ـ بحيث يدفعكم ذلك لأن تقوموا بالأعمال الصالحة، لأنَّ الإنسان الذي يرضى الله عنه، سوف لن يجوع ولن يعطش يوم القيامة ـ وتصدَّقوا على فقرائكم ومساكينكم ـ على من لا يجد الطعام والشراب، ولا يعيش الحياة الكريمة، لأن الصدقة تدفع البلاء وترضي الله، فقد ورد في الحديث أنّ الصَّدقة تقع في يد الله قبل أن تقع في يد الفقير، فيتقبَّلها الله سبحانه وتعالى كما لو كنت تتصدّق عليه، مع أنه ليس بحاجة إلى صدقتك ـ ووقّروا كباركم ـ لأنّهم تقدّموكم في الإسلام، ولأن تجربتهم أعمق من تجربتكم ـ وارحموا صغاركم ـ ارحموا ذهنياتهم وما يعيشون فيه من قلّة التجربة ـ وصلوا أرحامكم ـ فإنَّ صلة الرحم تطيل العمر وترضي الله سبحانه وتعالى ـ واحفظوا ألسنتكم ـ من كلّ ما يسيء إلى الآخرين ـ وغضّوا عمَّا لا يحلُّ النظر إليه أبصاركم ـ لا تنظروا إلى ما حرَّم الله عليكم النظر إليه ـ وعمَّا لا يحلّ الاستماع إليه أسماعكم ـ لا تستمعوا إلى ما حرَّم الله عليكم الاستماع إليه ـ وتحنَّنوا على أيتام الناس ـ لأنكم مسؤولون عنهم، وقد ورد في وصية الإمام علي(ع) في آخر حياته: «الله الله في الأيتام، فلا تغبّوا أفواههم، ولا يضيعوا بحضرتكم» ـ يتحنَّن على أيتامكم ـ فسوف يأتيكم الأجل، وتتركون أيتاماً من بعدكم، فإذا كنتم ممن يتحنَّنون على أيتام الناس، فسوف يجعل الله من يتحنَّن على أيتامكم ـ وتوبوا إلى الله من ذنوبكم ـ استحضروها جميعاً، واجلسوا بين يدي الله وتوبوا إليه منها، لأنه سبحانه وتعالى يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويحبُّ التوَّابين ـ وارفعوا إليه أيديكم بالدعاء في أوقات صلواتكم ـ لأنها أقرب الأجواء إلى الله، لذا ارفع يديك بالدعاء إلى الله في كلِّ ما تريد أن يقضيه لك من حاجات، وفي أن يخفف عنك مشاكلك وآلامك ـ فإنها أفضل الساعات، ينظر الله فيها بالرحمة إلى عباده، يجيبهم إذا ناجوه، ويلبيهم إذا نادوه، ويستجيب لهم إذا دعوه.

حسن الخلق جوازٌ على الصّراط:

أيُّها الناس، من حسَّن منكم في هذا الشَّهر خلقه ـ بأن تحسِّن خلقك في بيتك، مع زوجتك وأولادك، أو تحسِّن خلقك مع الناس الذين تتعامل معهم وتصاحبهم ومع كلِّ أفراد المجتمع ـ كان له جوازٌ على الصِّراط يوم تزلّ فيه الأقدام ـ لأنَّ الله يثبّت له قدمه يوم القيامة جزاءً على حسن خلقه ـ ومن خفَّف في هذا الشّهر عمَّا ملكت يمينه ـ عن من هو تحت سلطته، سواء كان عاملاً أو موظفاً أو زوجةً أو ولداً ـ خفَّف الله عليه حسابه، ومن كفَّ فيه شره كفّ الله عنه غضبه يوم يلقاه، ومن أكرم فيه يتيماً، أكرمه الله يوم يلقاه، ومن وصل فيه رحمه، وصله الله برحمته يوم يلقاه، ومن قطع فيه رحمه، قطع الله عنه رحمته يوم يلقاه، ومن تطوَّع فيه بصلاة ـ من الصلوات المستحبة ـ كتب الله له براءة من النار ـ ومن أدَّى فيه فرضاً، كان له ثواب من أدَّى سبعين فريضةً فيما سواه من الشهور، ومن أكثر فيه من الصلاة عليَّ، ثقّل الله ميزانه يوم تخفُّ الموازين، ومن تلا فيه آيةً من القرآن، كان له مثل أجر من ختم القرآن في غيره.

ثم يقول(ص): أيّها النّاس، إن أبواب الجنان في هذا الشّهر مفتّحة، فسلوا ربكم أن لا يغلقها عنكم، وأبواب النار مغلقة فسلوا ربكم أن لا يفتحها عليكم، والشياطين مغلولة فسلوا ربّكم أن لا يسلّطها عليكم...».

هذا هو جوُّ شهر رمضان الذي لا بدَّ للإنسان من أن يستعدَّ فيه روحياً وعبادياً وعملياً، وأن يكون متحضّراً للقيام بأعمال الخير في كلِّ مجالات الحياة. نسأل الله أن يوفِّقنا للدّخول فيه دخول طاعة ومغفرة، إنه أرحم الراحمين.

 

الخطبة الثانية

بسم الله الرَّحمن الرحيم

عباد الله... اتّقوا الله، وواجهوا الموقف بما يقرّبكم إليه سبحانه وتعالى، وبما يرفع منـزلتكم عنده، وبما يغفر لكم من ذنوبكم ويرحمكم برحمته. فماذا هناك؟

إسرائيل: نذير مجازر مقبلة:

في المشهد الإسرائيلي، يتحدّث العدو عن شن عدوان عسكري واسعٍ على غزة، وتصفية قادة فصائل المقاومة الفلسطينية، وفرض عقوبات على القطاع بحجّة وقف إطلاق الصواريخ على كيانه، فقد هدَّد رئيس وزراء العدو بفرض عقوباتٍ على غزة، وبشنّ الجيش الإسرائيلي عملية عدوانية واسعة على القطاع، كما يتحدَّث العدوّ عن شكوى سيقدّمها ضد جهة لم يحدّدها أمام مجلس الأمن الدولي احتجاجاً على إطلاق الصواريخ، وهو ما ينذر بمجازر مقبلة ضد الشعب الفلسطيني.

إنَّ الجميع يعلم أنَّ المقاومة الفلسطينية تقوم بعملية ردِّ فعل على الاحتلال الصهيوني، وعلى المجازر التي يقوم بها ضدَّ المدنيين والمجاهدين، من خلال قصف طائراته ودباباته الأمريكية الصنع، وهو يريد للفلسطينيين أن يتقبّلوا كل عدوانه الأمني والسياسي بكلِّ طيبة خاطر، لأنَّ المطلوب هو استسلام الشعب الفلسطيني من دون قيد أو شرط، على أساس فرض إسرائيل لشروطها القاسية التي تمنع هذا الشعب من المطالبة بحقِّ العودة، والقبول بإذلال الناس المستضعفين على الحواجز في الضفّة الغربية وفي منعطفات الجدار، ومصادرة الأراضي المحتلة، هذا فضلاً عن السيطرة على مصادر المياه والكهرباء، الأمر الذي يجعل هذا الشعب ـ حتى في قطاع غزة ـ في سجن دائم، كما هو الحال في الضفة الغربية الواقعة ـ رسمياً لا واقعياً ـ تحت حكم السلطة الفلسطينية التي يجتمع رئيسها برئيس وزراء العدو من دون جدوى، حيث لم تؤدِّ تلك اللقاءات إلى أيِّ تغيير في الممارسات الهمجية الإسرائيلية... ويتحرَّك مندوبو ما يسمَّى المجتمع الدولي من أجل التحضير للمؤتمر الدولي المقترح من الرئيس الأمريكي بوش الذي يستخدم الاتحاد الأوروبي لتهيئة المناخ لخدعة السلام المنشود الذي لا تؤمن به إسرائيل إلاّ بشروطها التعجيزية التي تحقق لها استراتيجية السيطرة على أكثر فلسطين، من دون ضغط أمريكي أو أوروبي أو عربي.

فلسطين: عزل حماس سياسياً:

إنَّ المطلوب دولياً وأميركياً، هو تقديم الشعب الفلسطيني التنازلات من أرضه ومن حريته، فيما يصر هذا المجتمع الدولي ـ كما يسمّونه ـ على بقاء حركة حماس خارج نطاق المسألة السياسية، بإعطاء الفرصة لرئيس السلطة بابتداع قرارات تعزلها عن الواقع الفلسطيني، وتهديده بمنع المساعدات والتأييدات إذا أعاد العلاقة مع فصائل المقاومة، ولا سيما حركة حماس.

إنَّنا نحذر الشّعب الفلسطيني الذي فُرض عليه الاحتلال، كما مُنع من الوحدة في خطة انفصالية داخلية، من أن يثق بهذا المؤتمر الذي تلهث الأنظمة العربية ـ الواقعة تحت تأثير إسرائيل وأمريكا ـ نحوه، فهو لن يحقِّق لهم أهدافهم الكبرى في الحرية والاستقلال وإرجاع أرضهم إليهم، وتأسيس دولتهم المستقلة القابلة للحياة... وليعلموا أنَّ شرط إيقاف المقاومة الذي فُرض على بعض فصائلها من قبل حكومة السلطة، لن يوقف الاجتياحات الإسرائيلية والاغتيالات للناشطين من المقاومة، ولن ينهي التعسّف على الحواجز، ولذلك فإنّ المستقبل بحاجة إلى موقف قويّ موحّد منفتح على الممانعة والمقاومة، فذلك هو السبيل الوحيد لإرباك مخطِّطات العدوّ وإسقاط استراتيجيته الاحتلالية.

أمريكا: إرباك داخلي وفشل خارجي:

وفي المشهد الأمريكي، لا يزال الرئيس بوش يعاني من الضغوط السياسية، سواء من خلال الرأي العام، أو من خلال الأغلبية الديمقراطية المعارضة له في الكونغرس التي تطالبه بالانسحاب من العراق انطلاقاً من الخسائر البشرية في جنوده من القتلى والجرحى، فيما يستكمل شريكه البريطاني في الاحتلال للعراق انسحابه من مدينة البصرة الجنوبية، لفشل جنوده في حماية أنفسهم وحفظ النظام وتركيز الأمن للناس هناك. وهذا ما دفع بالرئيس الأمريكي إلى زيارة العراق معلناً إمكانية خفض قواته هناك، في حركة تكتيكية للتخلّص من مأزقه أمام المعارضة، في محاولة للحديث عن أن سحب قواته من العراق سيكون من موقع قوة وليس من موقع خوف أو إخفاق، محذِّراً من أنَّ أيَّ تجاوز سيزيد من احتمال تعرض الولايات المتحدة للهجوم داخل أراضيها. ونحن نعرف أن إدارته فشلت في احتلالها للعراق، كما فشلت في احتلالها لأفغانستان، ما جعل سياستها في المنطقة تعاني حال تخبط وإرباك، ولذلك فإنها تهرب إلى الأمام لتتحدث عن احتمال هجومها على إيران وقصف مواقعها النووية، والعمل على إيجاد مناخ عسكري في منطقة الخليج، مما يدخل في نطاق الحرب النفسية فيما تمارسه الولايات المتحدة من عرض لعضلاتها العسكرية ونشر أكثر من حاملة طائرات في الخليج، لأن الحرب الفعلية قد تؤدِّي إلى إحراق مواقعها في المنطقة، وتدمير الثروات الكبرى هناك، وهو أمرٌ لا يتحمَّله حلفاؤها من دول الخليج التي تحاول إيران إيجاد علاقات أمنية وسياسية طبيعية معهم.

إنَّنا ندعو الشعوب العربية والإسلامية إلى الصمود أمام هذه الحرب التي تسعى أمريكا من خلالها إلى تمتين إمبراطوريتها الكونية وقيادتها الدولية للعالم، وإلى العمل على فرض استراتيجيتها الاستكبارية في إثارة الحروب المدمّرة، وتحريك حال الخوف في نفوس الشعوب المستضعفة التي تملك الكثير من مواقع القوة التي لا بدَّ من أن تتحرك بها في خطِّ المواجهة التي قد تطرحها أمريكا تحت عنوان الحرب ضد الإرهاب، في الوقت الذي يعرف الجميع أنّها حرب ضد معارضي السياسة الأمريكية في العالم الإسلامي، وربما نكون بحاجة إلى المزيد من الصبر على الآلام الشديدة والعقوبات المفروضة علينا، كنتيجة لحركة أميركا الاحتلالية وحربها الاقتصادية وحصارها السياسي، لأنّ الحرب طويلة في مدى الزمن في قضايا الحرية للشعوب أمام الاستكبار الذي يصادر الحرية والأمن والاقتصاد.

لبنان: إسقاط المبادرات لحسابات سياسية:

أما في لبنان، الذي استطاع جيشه إنهاء الحرب المجنونة المتحرّكة في خط الإرهاب، فإن المسألة السياسية لا تزال تلقي بظلالها الثقيلة على الناس الذين تحاصرهم الخلفيات المعقّدة في الواقع اللبناني والتدخلات الإقليمية والدولية في خصوصيات الأوضاع الحيوية والمصيرية، والخطابات اليومية التي يتحرّك بها الإعلام الذي يدخل المواطنين في متاهات الخطوط الطائفية والحزبية والشخصية، إضافةً إلى العناصر السياسية المرتبطة بأزمة المنطقة وبمشاريع الدول الكبرى التي تعتبر لبنان ساحةً مفتوحةً لأكثر من لعبة دولية في نطاق لعبة الأمم، وموقعاً من مواقع تحريك الأرصدة المالية الضخمة التي تُشترى بها الضمائر، وتُباع فيها المواقف، وتثار فيها الفتن، ويلعب فيها الإعلام... وتبقى حال التعقيد السياسي لدى من لا يريد للأزمة أن تنتهي إلاّ لحسابات طموحاته وخططه، وهكذا تنطلق اللعبة السياسية من هنا وهناك، لإسقاط أية مبادرة عربية أو دولية أو محلية، لأن البعض يخشى من تحجيم دوره إذا ما تمّ التوصل إلى أيِّ حل واقعي للبنان، لأن المطلوب من هؤلاء أن يبقى الوطن في حال اهتزاز سياسي أو اقتصادي أو تخوّف أمني، ولا مشكلة لدى بعض الذين استطاعوا في كل تاريخهم الرسمي والسياسي أن يضخّموا ثرواتهم من المال العام والكسب الحرام، ولا مشكلة في أن يبقى الناس جياعاً محرومين ما دام الزعيم الطائفي ينعم بمدّخراته وثرواته الكبيرة.

أول شهر رمضان الخميس
لنستقبل شهر الله بالاستعداد الروحي والعباديّ...


ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته:

في ضيافة الله:

هذا اليوم هو آخرُ جمعة من شهر شعبان، لأن أوَّل أيّام شهر رمضان، حسب الثبوت الشرعي عندنا، هو يوم الخميس القادم، الثالث عشر من أيلول ـ سبتمبر. ونحن عندما نستقبل شهر رمضان، فإنَّنا نستذكر الخطبة التي رويت عن رسول الله(ص) في آخر أسبوع من شهر شعبان، والّتي يوجِّه فيها المسلمين إلى الاستعداد الروحي والعقلي والعملي، والاستعداد العبادي والقرآني للدخول في شهر رمضان دخولاً واعياً منفتحاً على الله، ومنفتحاً على التوبة من كلِّ الذنوب، ومنفتحاً أيضاً على عمل الخير.

جاء في الخطبة:

«أيُّها الناس، إنّه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة، شهرٌ هو عند الله أفضل الشهور ـ فليس هناك شهر أفضل منه ـ وأيامه أفضل الأيام ـ فليس هناك يوم أفضل من أيامه ـ ولياليه أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعات ـ فهذا الشهر بكلِّ مفرداته الزمنية هو أفضل الأزمنة في السنة كلها ـ هو شهرٌ دعيتم فيه إلى ضيافة الله»، وضيافة الله هي رحمته ومغفرته ورضوانه وجنته. ونحن نقرأ في آخر دعاء السحر الصغير: «وقد جعلت لكلِّ ضيف قرى، وأنا ضيفك، فاجعل قراي اللّيلة ـ ليس الأكل والشرب، بل ـ الجنة؛ يا وهاب الجنة، يا وهاب المغفرة، لا حول ولا قوة إلا بك».

ونستوحي من قوله(ص): «وقد دعيتم فيه إلى ضيافة الله»، أنَّ الله سيمنحنا الجنة جزاءً لأعمالنا الصالحة في هذا الشهر المبارك.

«وجعلتم فيه من أهل كرامة الله ـ فالله يجعلنا من الكرماء عنده في هذا الشهر ـ أنفاسكم فيه تسبيح ـ فكلُّ نفس تتنفَّسه في هذا الشهر يعتبره الله تسبيحاً له ـ ونومكم فيه عبادة ـ فحتّى نومكم الّذي تنامونه في هذا الشّهر هو عند الله بمثابة عبادة له ـ وعملكم فيه مقبول ـ فهناك أعمال قد لا تُقبل في غير شهر رمضان، ولكن في هذا الشّهر الكريم، أعمالكم مقبولة عند الله ـ ودعاؤكم فيه مستجاب. فسلوا الله ربكم ـ في هذا الجو الروحي، حيث أنتم في ضيافة الله ومن أهل كرامته، واستغلّوا الفرصة ـ بنيّات صادقة، وقلوب طاهرة، أن يوفِّقكم لصيامه وتلاوة كتابه ـ لأنَّ شهر رمضان هو الموسم الذي يحرِّك الله فيه المغفرة في كلِّ مواقعه وأوقاته ـ فإنّ الشقيَّ من حرم غفران الله في هذا الشّهر العظيم»، لأنه سيكون كالّذي يخسر حصاد الموسم، فشهر رمضان هو موسم الرَّحمة وموسم المغفرة، والشقيّ من حرم غفران الله فيه، لأنه لم يعمل العمل الذي يرضي الله.

ثم تتحدث هذه الخطبة عن جوع الإنسان وعطشه، فالإنسان في شهر رمضان يجب عليه أن يحسّ بالجوع، فلا يتخم نفسه بالأكل، بل يأكل بشكل طبيعي، بحيث يحسُّ في بعض اللحظات بالجوع والعطش، فإذا أحسَّ بهما، فإنّ عليه أن يتذكَّر الجوع والعطش في موقفه يوم القيامة الذي يُعَدُّ يومه كألف سنة كما يقول القرآن، إلى أن يأذن الله له، إن كان صالحاً، بدخول الجنة، حيث يأكل من طعامها ويشرب من شرابها. «واذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه ـ بحيث يدفعكم ذلك لأن تقوموا بالأعمال الصالحة، لأنَّ الإنسان الذي يرضى الله عنه، سوف لن يجوع ولن يعطش يوم القيامة ـ وتصدَّقوا على فقرائكم ومساكينكم ـ على من لا يجد الطعام والشراب، ولا يعيش الحياة الكريمة، لأن الصدقة تدفع البلاء وترضي الله، فقد ورد في الحديث أنّ الصَّدقة تقع في يد الله قبل أن تقع في يد الفقير، فيتقبَّلها الله سبحانه وتعالى كما لو كنت تتصدّق عليه، مع أنه ليس بحاجة إلى صدقتك ـ ووقّروا كباركم ـ لأنّهم تقدّموكم في الإسلام، ولأن تجربتهم أعمق من تجربتكم ـ وارحموا صغاركم ـ ارحموا ذهنياتهم وما يعيشون فيه من قلّة التجربة ـ وصلوا أرحامكم ـ فإنَّ صلة الرحم تطيل العمر وترضي الله سبحانه وتعالى ـ واحفظوا ألسنتكم ـ من كلّ ما يسيء إلى الآخرين ـ وغضّوا عمَّا لا يحلُّ النظر إليه أبصاركم ـ لا تنظروا إلى ما حرَّم الله عليكم النظر إليه ـ وعمَّا لا يحلّ الاستماع إليه أسماعكم ـ لا تستمعوا إلى ما حرَّم الله عليكم الاستماع إليه ـ وتحنَّنوا على أيتام الناس ـ لأنكم مسؤولون عنهم، وقد ورد في وصية الإمام علي(ع) في آخر حياته: «الله الله في الأيتام، فلا تغبّوا أفواههم، ولا يضيعوا بحضرتكم» ـ يتحنَّن على أيتامكم ـ فسوف يأتيكم الأجل، وتتركون أيتاماً من بعدكم، فإذا كنتم ممن يتحنَّنون على أيتام الناس، فسوف يجعل الله من يتحنَّن على أيتامكم ـ وتوبوا إلى الله من ذنوبكم ـ استحضروها جميعاً، واجلسوا بين يدي الله وتوبوا إليه منها، لأنه سبحانه وتعالى يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويحبُّ التوَّابين ـ وارفعوا إليه أيديكم بالدعاء في أوقات صلواتكم ـ لأنها أقرب الأجواء إلى الله، لذا ارفع يديك بالدعاء إلى الله في كلِّ ما تريد أن يقضيه لك من حاجات، وفي أن يخفف عنك مشاكلك وآلامك ـ فإنها أفضل الساعات، ينظر الله فيها بالرحمة إلى عباده، يجيبهم إذا ناجوه، ويلبيهم إذا نادوه، ويستجيب لهم إذا دعوه.

حسن الخلق جوازٌ على الصّراط:

أيُّها الناس، من حسَّن منكم في هذا الشَّهر خلقه ـ بأن تحسِّن خلقك في بيتك، مع زوجتك وأولادك، أو تحسِّن خلقك مع الناس الذين تتعامل معهم وتصاحبهم ومع كلِّ أفراد المجتمع ـ كان له جوازٌ على الصِّراط يوم تزلّ فيه الأقدام ـ لأنَّ الله يثبّت له قدمه يوم القيامة جزاءً على حسن خلقه ـ ومن خفَّف في هذا الشّهر عمَّا ملكت يمينه ـ عن من هو تحت سلطته، سواء كان عاملاً أو موظفاً أو زوجةً أو ولداً ـ خفَّف الله عليه حسابه، ومن كفَّ فيه شره كفّ الله عنه غضبه يوم يلقاه، ومن أكرم فيه يتيماً، أكرمه الله يوم يلقاه، ومن وصل فيه رحمه، وصله الله برحمته يوم يلقاه، ومن قطع فيه رحمه، قطع الله عنه رحمته يوم يلقاه، ومن تطوَّع فيه بصلاة ـ من الصلوات المستحبة ـ كتب الله له براءة من النار ـ ومن أدَّى فيه فرضاً، كان له ثواب من أدَّى سبعين فريضةً فيما سواه من الشهور، ومن أكثر فيه من الصلاة عليَّ، ثقّل الله ميزانه يوم تخفُّ الموازين، ومن تلا فيه آيةً من القرآن، كان له مثل أجر من ختم القرآن في غيره.

ثم يقول(ص): أيّها النّاس، إن أبواب الجنان في هذا الشّهر مفتّحة، فسلوا ربكم أن لا يغلقها عنكم، وأبواب النار مغلقة فسلوا ربكم أن لا يفتحها عليكم، والشياطين مغلولة فسلوا ربّكم أن لا يسلّطها عليكم...».

هذا هو جوُّ شهر رمضان الذي لا بدَّ للإنسان من أن يستعدَّ فيه روحياً وعبادياً وعملياً، وأن يكون متحضّراً للقيام بأعمال الخير في كلِّ مجالات الحياة. نسأل الله أن يوفِّقنا للدّخول فيه دخول طاعة ومغفرة، إنه أرحم الراحمين.

 

الخطبة الثانية

بسم الله الرَّحمن الرحيم

عباد الله... اتّقوا الله، وواجهوا الموقف بما يقرّبكم إليه سبحانه وتعالى، وبما يرفع منـزلتكم عنده، وبما يغفر لكم من ذنوبكم ويرحمكم برحمته. فماذا هناك؟

إسرائيل: نذير مجازر مقبلة:

في المشهد الإسرائيلي، يتحدّث العدو عن شن عدوان عسكري واسعٍ على غزة، وتصفية قادة فصائل المقاومة الفلسطينية، وفرض عقوبات على القطاع بحجّة وقف إطلاق الصواريخ على كيانه، فقد هدَّد رئيس وزراء العدو بفرض عقوباتٍ على غزة، وبشنّ الجيش الإسرائيلي عملية عدوانية واسعة على القطاع، كما يتحدَّث العدوّ عن شكوى سيقدّمها ضد جهة لم يحدّدها أمام مجلس الأمن الدولي احتجاجاً على إطلاق الصواريخ، وهو ما ينذر بمجازر مقبلة ضد الشعب الفلسطيني.

إنَّ الجميع يعلم أنَّ المقاومة الفلسطينية تقوم بعملية ردِّ فعل على الاحتلال الصهيوني، وعلى المجازر التي يقوم بها ضدَّ المدنيين والمجاهدين، من خلال قصف طائراته ودباباته الأمريكية الصنع، وهو يريد للفلسطينيين أن يتقبّلوا كل عدوانه الأمني والسياسي بكلِّ طيبة خاطر، لأنَّ المطلوب هو استسلام الشعب الفلسطيني من دون قيد أو شرط، على أساس فرض إسرائيل لشروطها القاسية التي تمنع هذا الشعب من المطالبة بحقِّ العودة، والقبول بإذلال الناس المستضعفين على الحواجز في الضفّة الغربية وفي منعطفات الجدار، ومصادرة الأراضي المحتلة، هذا فضلاً عن السيطرة على مصادر المياه والكهرباء، الأمر الذي يجعل هذا الشعب ـ حتى في قطاع غزة ـ في سجن دائم، كما هو الحال في الضفة الغربية الواقعة ـ رسمياً لا واقعياً ـ تحت حكم السلطة الفلسطينية التي يجتمع رئيسها برئيس وزراء العدو من دون جدوى، حيث لم تؤدِّ تلك اللقاءات إلى أيِّ تغيير في الممارسات الهمجية الإسرائيلية... ويتحرَّك مندوبو ما يسمَّى المجتمع الدولي من أجل التحضير للمؤتمر الدولي المقترح من الرئيس الأمريكي بوش الذي يستخدم الاتحاد الأوروبي لتهيئة المناخ لخدعة السلام المنشود الذي لا تؤمن به إسرائيل إلاّ بشروطها التعجيزية التي تحقق لها استراتيجية السيطرة على أكثر فلسطين، من دون ضغط أمريكي أو أوروبي أو عربي.

فلسطين: عزل حماس سياسياً:

إنَّ المطلوب دولياً وأميركياً، هو تقديم الشعب الفلسطيني التنازلات من أرضه ومن حريته، فيما يصر هذا المجتمع الدولي ـ كما يسمّونه ـ على بقاء حركة حماس خارج نطاق المسألة السياسية، بإعطاء الفرصة لرئيس السلطة بابتداع قرارات تعزلها عن الواقع الفلسطيني، وتهديده بمنع المساعدات والتأييدات إذا أعاد العلاقة مع فصائل المقاومة، ولا سيما حركة حماس.

إنَّنا نحذر الشّعب الفلسطيني الذي فُرض عليه الاحتلال، كما مُنع من الوحدة في خطة انفصالية داخلية، من أن يثق بهذا المؤتمر الذي تلهث الأنظمة العربية ـ الواقعة تحت تأثير إسرائيل وأمريكا ـ نحوه، فهو لن يحقِّق لهم أهدافهم الكبرى في الحرية والاستقلال وإرجاع أرضهم إليهم، وتأسيس دولتهم المستقلة القابلة للحياة... وليعلموا أنَّ شرط إيقاف المقاومة الذي فُرض على بعض فصائلها من قبل حكومة السلطة، لن يوقف الاجتياحات الإسرائيلية والاغتيالات للناشطين من المقاومة، ولن ينهي التعسّف على الحواجز، ولذلك فإنّ المستقبل بحاجة إلى موقف قويّ موحّد منفتح على الممانعة والمقاومة، فذلك هو السبيل الوحيد لإرباك مخطِّطات العدوّ وإسقاط استراتيجيته الاحتلالية.

أمريكا: إرباك داخلي وفشل خارجي:

وفي المشهد الأمريكي، لا يزال الرئيس بوش يعاني من الضغوط السياسية، سواء من خلال الرأي العام، أو من خلال الأغلبية الديمقراطية المعارضة له في الكونغرس التي تطالبه بالانسحاب من العراق انطلاقاً من الخسائر البشرية في جنوده من القتلى والجرحى، فيما يستكمل شريكه البريطاني في الاحتلال للعراق انسحابه من مدينة البصرة الجنوبية، لفشل جنوده في حماية أنفسهم وحفظ النظام وتركيز الأمن للناس هناك. وهذا ما دفع بالرئيس الأمريكي إلى زيارة العراق معلناً إمكانية خفض قواته هناك، في حركة تكتيكية للتخلّص من مأزقه أمام المعارضة، في محاولة للحديث عن أن سحب قواته من العراق سيكون من موقع قوة وليس من موقع خوف أو إخفاق، محذِّراً من أنَّ أيَّ تجاوز سيزيد من احتمال تعرض الولايات المتحدة للهجوم داخل أراضيها. ونحن نعرف أن إدارته فشلت في احتلالها للعراق، كما فشلت في احتلالها لأفغانستان، ما جعل سياستها في المنطقة تعاني حال تخبط وإرباك، ولذلك فإنها تهرب إلى الأمام لتتحدث عن احتمال هجومها على إيران وقصف مواقعها النووية، والعمل على إيجاد مناخ عسكري في منطقة الخليج، مما يدخل في نطاق الحرب النفسية فيما تمارسه الولايات المتحدة من عرض لعضلاتها العسكرية ونشر أكثر من حاملة طائرات في الخليج، لأن الحرب الفعلية قد تؤدِّي إلى إحراق مواقعها في المنطقة، وتدمير الثروات الكبرى هناك، وهو أمرٌ لا يتحمَّله حلفاؤها من دول الخليج التي تحاول إيران إيجاد علاقات أمنية وسياسية طبيعية معهم.

إنَّنا ندعو الشعوب العربية والإسلامية إلى الصمود أمام هذه الحرب التي تسعى أمريكا من خلالها إلى تمتين إمبراطوريتها الكونية وقيادتها الدولية للعالم، وإلى العمل على فرض استراتيجيتها الاستكبارية في إثارة الحروب المدمّرة، وتحريك حال الخوف في نفوس الشعوب المستضعفة التي تملك الكثير من مواقع القوة التي لا بدَّ من أن تتحرك بها في خطِّ المواجهة التي قد تطرحها أمريكا تحت عنوان الحرب ضد الإرهاب، في الوقت الذي يعرف الجميع أنّها حرب ضد معارضي السياسة الأمريكية في العالم الإسلامي، وربما نكون بحاجة إلى المزيد من الصبر على الآلام الشديدة والعقوبات المفروضة علينا، كنتيجة لحركة أميركا الاحتلالية وحربها الاقتصادية وحصارها السياسي، لأنّ الحرب طويلة في مدى الزمن في قضايا الحرية للشعوب أمام الاستكبار الذي يصادر الحرية والأمن والاقتصاد.

لبنان: إسقاط المبادرات لحسابات سياسية:

أما في لبنان، الذي استطاع جيشه إنهاء الحرب المجنونة المتحرّكة في خط الإرهاب، فإن المسألة السياسية لا تزال تلقي بظلالها الثقيلة على الناس الذين تحاصرهم الخلفيات المعقّدة في الواقع اللبناني والتدخلات الإقليمية والدولية في خصوصيات الأوضاع الحيوية والمصيرية، والخطابات اليومية التي يتحرّك بها الإعلام الذي يدخل المواطنين في متاهات الخطوط الطائفية والحزبية والشخصية، إضافةً إلى العناصر السياسية المرتبطة بأزمة المنطقة وبمشاريع الدول الكبرى التي تعتبر لبنان ساحةً مفتوحةً لأكثر من لعبة دولية في نطاق لعبة الأمم، وموقعاً من مواقع تحريك الأرصدة المالية الضخمة التي تُشترى بها الضمائر، وتُباع فيها المواقف، وتثار فيها الفتن، ويلعب فيها الإعلام... وتبقى حال التعقيد السياسي لدى من لا يريد للأزمة أن تنتهي إلاّ لحسابات طموحاته وخططه، وهكذا تنطلق اللعبة السياسية من هنا وهناك، لإسقاط أية مبادرة عربية أو دولية أو محلية، لأن البعض يخشى من تحجيم دوره إذا ما تمّ التوصل إلى أيِّ حل واقعي للبنان، لأن المطلوب من هؤلاء أن يبقى الوطن في حال اهتزاز سياسي أو اقتصادي أو تخوّف أمني، ولا مشكلة لدى بعض الذين استطاعوا في كل تاريخهم الرسمي والسياسي أن يضخّموا ثرواتهم من المال العام والكسب الحرام، ولا مشكلة في أن يبقى الناس جياعاً محرومين ما دام الزعيم الطائفي ينعم بمدّخراته وثرواته الكبيرة.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية