لأن علامة محبة الله اتّباع الرسول(ص): لنلتزم الإسلام عقيدةً وعاطفةً وحركةً

لأن علامة محبة الله اتّباع الرسول(ص): لنلتزم الإسلام عقيدةً وعاطفةً وحركةً

لأن علامة محبة الله اتّباع الرسول(ص): لنلتزم الإسلام عقيدةً وعاطفةً وحركةً

 

ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين ، ومما جاء في خطبته الأولى :

الإيمان: التزام بأوامر الله والرسول(ص):

يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً}(الأحزاب/36). يؤكِّد الله تعالى في هذه الآية الكريمة، أنّ إيمان المؤمنين والمؤمنات يفرض عليهم أن يلتزموا بما أمر الله سبحانه به، وبما أمر رسول الله (ص) به، لأن معنى الإيمان هو ذلك، فنحن عندما نقول: "أشهد أن لا إله إلا الله"، فإن هذه الشهادة توحي للإنسان بأن الله تعالى وحده هو الإله الذي لا بد أن يؤمن به، وأن يعبده وحده، وأن يطيعه وحده، ومعنى ذلك هو أن الله تعالى إذا أمره بأمر، فإن أمر الله يتقدّم على أمره، فليس للإنسان حرية أمام ما أمر الله به وما نهى عنه.

وهكذا عندما نقول: "أشهد أن محمداً رسول الله"، فإن هذا يمثل التزاماً منّا بالرسالة التي نؤمن بها، من خلال إيماننا برسولية الرسول، وأن ما جاء به هو الحق الذي أوحى به الله، الذي على الإنسان أن يأخذ به، كما ورد في قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}(الحشر/7)، فلذلك ليس لك أمر أو موقف أمام أمر الله ورسوله وموقفهما؛ هذا هو خط الهدى والاستقامة، أما إذا عصيت أمر الله ورسوله، فأنت تتحرك في خطِّ الضلال: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً}(الأحزاب/36).

علامة محبة الله إتباع الرسول(ص):

ونقرأ في قوله تعالى في خطابه للرسول (ص) من خلال خطِّ الرسالة: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً}(النساء/65). تؤكد هذه الآية أنّ الإيمان لا يتعمّق إلاّ إذا كان الرسول (ص) في رسالته هو الحكم والمرجع، في كلِّ ما يختلف فيه الناس في أمورهم الفردية والاجتماعية العامة، فإذا اختلفوا في شيء قال بعضهم لبعض: تعالوا ندرس ماذا قال الرسول، لتكون كلمته هي كلمة الفصل بيننا، لأن الرسول (ص) هو الذي أرسله الله تعالى ليبلّغنا رسالة الله في ما يرضاه وفي ما لا يرضاه، وإذا حكم الرسول بحكم، سواء كانت المسألة مسألة قضائية أو ثقافية أو اجتماعية، فإن علينا أن نخضع لما قاله الرسول وننحني أمامه، ونسلّم له حتى لو كان ذلك لا يرضي مزاجنا أو مصالحنا، لأن الإسلام هو التسليم؛ أن تسلّم لله ولرسوله ما يقضي به عليك في كلِّ شأنٍ من شؤونك، أن تربي فكرك وعاطفتك وإحساسك وشعورك على أساس أن يكونوا خاضعين لما يقضي به الله والرسول، {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}(النساء/80)، وقد ورد في قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}(آل عمران/31)، فعلامة محبة الله إنما هي اتباع الرسول.

وهو ما ينبغي لنا أن نربي أنفسنا عليه؛ في البيت والسوق، وفي المواقع العامة والخاصة، أن تكون المسألة هي ماذا يريد الله ورسوله، وعلى ضوء هذا، فإنَّ على الإنسان عندما يريد التعامل مع أولاده، أن لا ينطلق من مزاجه الشخصي، بل أن ينطلق في ما هو أمر الله ونهيه في تربيته لأولاده، وهكذا عندما يعيش في بيته الزوجي، فإن علاقته بزوجه لا بد أن تكون علاقة عدل واستقامة وإيمان؛ أن لا تكون المسألة مسألة مزاج قد لا يلتقي مع مزاج زوجه، أو حالة نفسية تفرض نفسها على الرجل والمرأة في ما يأخذان به أو لا يأخذان به، فالله تعالى وضع حدوداً للعلاقة الزوجية:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}(البقرة/228)، فالعلاقة الزوجية لا بد أن تحكمها الخطوط الإسلامية، بحيث إذا أراد الزوج أن يتصرف مع زوجته، فعليه أن يفكر ما هو حكم الله في ذلك، وكذلك الزوجة، وعلى الذين يريدون أن يصلحوا بين الزوجين أو يحكموا بينهما، أن يراعوا ما هو حكم الله في ذلك.

وهكذا في الأمور الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، فالمسلم هو الذي لا يقدّم رجلاً ولا يؤخّر أخرى، حتى يعلم أن لله في ذلك رضى. ليست المسألة عندما أريد أن أؤيد شخصاً أو أرفضه هي ماذا يقول الناس، بل الأساس هو ماذا يريد الله، لأن الله تعالى هو الذي يراقبك ويحاسبك على مواقفك من تأييد أو رفض، وعلى الإنسان أن يعرف حقيقة، وهي أن الله تعالى سوف يحاسبه على كلِّ عمل من أعماله، وكل كلمة من كلماته، وعليه أن يحضّر لكلِّ سؤال جواباً.

سمات المنافقين:

ويحدثنا الله تعالى عن بعض النماذج في المجتمع، كيف يتصرفون في مواجهة قضاياهم أمام حكم الله ورسوله، يقول تعالى: {وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ـ يعلنون أنهم يؤمنون بالله والرسول، وأنهما يطيعان الله ورسوله في ما أمرا به ونهيا عنه ـ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ ـ يعرضون وينحرفون ويهملون ما قالوه من اعتراف والتزام ـ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ـ لأن الإيمان يفرض أن يلتزم الإنسان بما يعلنه ويقوله التزاماً عملياً ـ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ ـ يرفضون التحاكم إلى الشريعة الإسلامية، ويلجأون إلى الشريعة الوضعية ـ وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ ـ يسألون أولاً لمن الحق، فإذا عرفوا أن الحق لهم يتمسكون بحكم الشريعة، وأما إذا عرفوا أن الحق ليس معهم فإنهم يُعرضون ـ أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ـ هل هم من المنافقين الذين يختزنون مرض النفاق في عقولهم وقلوبهم ـ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ـ الذين يظلمون أنفسهم ويظلمون الناس بغير حق ـ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(النور/47-51).

هذا هو المنهج الإسلامي لكلِّ من يلتزم الإسلام عقيدةً وعاطفةً وحركةً في الحياة. إن معنى أن تكون مسلماً هو أن تقول كما قال إبراهيم (ع) الذي سمّاكم المسلمين: {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}(البقرة/131) {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)(الأنعام/162-163). أن نعيش الإسلام عقلاً وعاطفةً وحركةً في حياتنا الفردية والاجتماعية، حتى نفد على الله بهذا الإسلام الذي يشمل كلَّ حياتنا، ليرضى الله عنا ويدخلنا جنّته، {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}(المطففين/26).

الخطبة الثانية

بسم الله الرَّحمن الرحيم

عباد الله... اتقوا الله وواجهوا الموقف من موقع واحد، لأن الاستكبار العالمي قد برز لمجابهة كل المسلمين في سياستهم واقتصادهم وأمنهم، لذلك علينا أن نجمّد كل خلافاتنا الجزئية على جميع المستويات، لأن المستكبرين يستغلون خلافاتنا المذهبية أو القبلية أو الإقليمية أو القومية وما إلى ذلك، من أجل أن يمزّقوا وحدتنا، ويستولوا على كل مواقع اقتصادنا، حتى نبقى فقراء إليهم، ليفرضوا علينا كل ما يريدونه من شروطهم وأوضاعهم. إن الواقع الإسلامي الآن هو واقع لا يوحي بالقوة والتقدّم، لأنه واقع يتناهبه المستكبرون من كل جانب، ويجب أن نمتلك وعي هذا الواقع، حتى نعرف كيف نتحرك، وكيف نواجه الموقف من موقع الخطة والبرنامج الذي يمكن لنا أن نصل من خلاله إلى شاطئ الأمان.

مساعي إسرائيلية لإحكام السيطرة على فلسطين:

في فلسطين، تتسارع الأحداث الخطيرة ضد الشعب الفلسطيني، فهناك المساعي التي يتاجر بها شارون في الانسحاب من مستوطنات غزَّة، ليقدّم إلى الرأي العام العالمي، ولا سيما الغربي، صورة إسرائيل كـ"دولة ديمقراطية حضارية"، من خلال هذا الانسحاب الذي قد يمنح الفلسطينيين بعض الحرية في تقرير مصيرهم، ولكن ليطوّق قطاع غزة بغلاف خارجي، وسيطرة على مجاله الجوي، ونشاط عسكري في مجاله البحري، في عملية حصار يحوّل غزة إلى سجن كبير، ليمتد ذلك إلى السيطرة على الضفة الغربية، من خلال تعزيز التكتلات الاستيطانية الكبرى وتوسعتها من جهة، واستكمال بناء الجدار العنصري الفاصل من أجل تهويد القدس من جهة أخرى، باعتباره حركة سياسية كما أُعلن أخيراً، لا أمنية كما قيل سابقاً.

هذا إضافةً إلى الممارسات الإسرائيلية في المزيد من الاغتيالات والاعتقالات، والإجراءات الوحشية التعسفية في الضغط على الفلسطينيين أمام الحواجز اليهودية، ما يعطّل حركتهم في التنقل، في الوقت الذي لم تحرّك أمريكا ولا أوروبا ساكناً ضد هذه الأعمال اليهودية، ولم تضغط اللّجنة الرباعية لتطبيق ما يُسمّى خريطة الطريق التي وعدت بها، لأنَّ المجتمع الدولي لا يزال يعامل إسرائيل بالمزيد من الرعاية والحماية السياسية بما لا يعامل به الشعب الفلسطيني، كما أن أمريكا بالذات لا تزال تغدق على الدولة العبرية المساعدات المالية من أجل تقوية قدرتها العسكرية والاقتصادية، في الوقت الذي لا تقدّم للشعب الفلسطيني ولا للسلطة الفلسطينية أية مساعدات مهمة.

وعي فلسطيني للمرحلة المقبلة:

وفي الوقت نفسه، لا يزال السجال في الداخل الفلسطيني الذي قد يترك أكثر من حالة سلبية على صعيد القضية، ما قد يُضعف المقاومة ويربك السلطة، ولا سيما مع تأكيد الجانب الأمني بعيداً عن الجانب السياسي، وخصوصاً مع التوظيف الأمريكي لبعض الدول العربية للتدخّل في الشأن الفلسطيني، ما يفرض على الشعب الفلسطيني أن يكون واعياً للمرحلة التي تشغلهم بنـزاعاتهم، بينما يشتغل اليهود بتغيير الخارطة على الأرض.

ولا بدّ للعرب والمسلمين أن يؤكّدوا إيمانهم بالقضية التي ترتبط كل أوضاعهم المستقبلية بسلامتها، والوصول بها إلى شاطئ السلامة، ولا سيّما أن إسرائيل استطاعت أن تحصل على بَرَكة البابا الجديد الذي أعلن مودته الكبيرة حيال إسرائيل، من دون أيّ اعتراض على احتلالها وممارساتها الوحشية ضد الشعب الفلسطيني، الأمر الذي يتساءل معه المؤمنون: هل تلتقي إسرائيل بالقيم الروحية للسيد المسيح الذي طرد اللصوص من ساحة الهيكل، وهل يبقى لصوص الأوطان في ساحة القدس؟!

المؤتمر الإسلامي: رفض تكفير المسلمين:

وفي جانب آخر، فإننا نرحب بقرار المؤتمر الإسلامي المنعقد في الأردن في تأكيده رفض تكفير المسلمين بعضهم لبعض، واعتبار الحوار الموضوعي العلمي الذي تُردّ فيه الخلافات إلى الله والرسول، هو السبيل القويم للوصول إلى النتائج الحاسمة التي تؤكد الأخوّة الإسلامية.

وفي هذا المناخ، لا بد أن يرفع المسلمون الصوت عالياً ضد الذين يقتلون المدنيين من المسلمين باسم الإسلام على أساس تكفيري، ولا بد من التفرقة بين مقاومة الاحتلال وقتل المسلمين في مساجدهم وأسواقهم ومزاراتهم، تحت تأثير ذهنيّات متخلّفة لا تملك أيّ فهم أصيل للإسلام، وهذا ما يحدث في العراق الذي يُراد خلق فتنة في أرضه بين المسلمين، من خلال حركة الفعل وردّ الفعل، ما نحذّر العراقيين المسلمين منه، لأنه لن يستفيد من ذلك إلا الاحتلال الذي تسمح لـه الحرب الأهلية بالبقاء طويلاً باسم الدفاع عن الشعب العراقي.

وتبقى أمريكا تلاحق سوريا وإيران بالاتهامات الباطلة في أكثر من موقع، لأنهما لم تخضعا للشروط الأمريكية في تأكيد الاحتلال في العراق وأفغانستان وفلسطين، ولأن إيران لا تقدّم أية تنازلات حول مشروعها النووي السلمي.

أما مؤتمر الدول الثماني المنعقد في اسكتلندة، فإن أمريكا لا توافق فيه على مساعدة الدول الإفريقية وإلغاء ديونها، إلا بالخضوع للشروط الأمريكية السياسية، في الوقت الذي تعيش الشعوب الإفريقية وغيرها الجوع والمرض والحرمان والفوضى الأمنية التي تخلقها صراعات الدول الكبرى على سرقة ثرواتها.

لبنان: هل الحرية والسيادة بنـزع سلاح المقاومة؟:

أما لبنان، فإننا نلاحظ في فيدرالية الطوائف التي أنتجتها الانتخابات، أن تأليف الحكومة يخضع للمحاصصة بين الطوائف، فكل طائفة تطالب بوزارات تتناسب مع حجمها، تماماً كما لو كانت الوزارة حالة طائفية تتحرك في مصالح هذه الطائفة أو تلك، أو هذه الزعامة أو تلك. أما حجم الوطن، وطبيعة البرنامج الإصلاحي أو التغييري في حلِّ مشكلة الفقراء والمحرومين، أو قضية الاحتلال للأرض، أو حركة التنمية للمناطق المحرومة، أو تحرير البلاد من الوصاية الأجنبية الدولية، فهو أمر ليس موضع الاهتمام للكثيرين في النادي السياسي، بل الهم الكبير لبعض الجماعة المؤيدة للقرار 1559 هو نزع سلاح المقاومة، لأن إسرائيل ـ في نظرهم ـ لا تمثل خطراً على لبنان، بل القضية ـ عندهم ـ هي أن لا يكون لبنان خطراً على العدوان الإسرائيلي.

والسؤال: هل هذا هو لبنان الحرية والسيادة والاستقلال الذي يُراد لـه أن ينزع سلاح المقاومة لا سلاح إسرائيل؟!

لأن علامة محبة الله اتّباع الرسول(ص): لنلتزم الإسلام عقيدةً وعاطفةً وحركةً

 

ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين ، ومما جاء في خطبته الأولى :

الإيمان: التزام بأوامر الله والرسول(ص):

يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً}(الأحزاب/36). يؤكِّد الله تعالى في هذه الآية الكريمة، أنّ إيمان المؤمنين والمؤمنات يفرض عليهم أن يلتزموا بما أمر الله سبحانه به، وبما أمر رسول الله (ص) به، لأن معنى الإيمان هو ذلك، فنحن عندما نقول: "أشهد أن لا إله إلا الله"، فإن هذه الشهادة توحي للإنسان بأن الله تعالى وحده هو الإله الذي لا بد أن يؤمن به، وأن يعبده وحده، وأن يطيعه وحده، ومعنى ذلك هو أن الله تعالى إذا أمره بأمر، فإن أمر الله يتقدّم على أمره، فليس للإنسان حرية أمام ما أمر الله به وما نهى عنه.

وهكذا عندما نقول: "أشهد أن محمداً رسول الله"، فإن هذا يمثل التزاماً منّا بالرسالة التي نؤمن بها، من خلال إيماننا برسولية الرسول، وأن ما جاء به هو الحق الذي أوحى به الله، الذي على الإنسان أن يأخذ به، كما ورد في قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}(الحشر/7)، فلذلك ليس لك أمر أو موقف أمام أمر الله ورسوله وموقفهما؛ هذا هو خط الهدى والاستقامة، أما إذا عصيت أمر الله ورسوله، فأنت تتحرك في خطِّ الضلال: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً}(الأحزاب/36).

علامة محبة الله إتباع الرسول(ص):

ونقرأ في قوله تعالى في خطابه للرسول (ص) من خلال خطِّ الرسالة: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً}(النساء/65). تؤكد هذه الآية أنّ الإيمان لا يتعمّق إلاّ إذا كان الرسول (ص) في رسالته هو الحكم والمرجع، في كلِّ ما يختلف فيه الناس في أمورهم الفردية والاجتماعية العامة، فإذا اختلفوا في شيء قال بعضهم لبعض: تعالوا ندرس ماذا قال الرسول، لتكون كلمته هي كلمة الفصل بيننا، لأن الرسول (ص) هو الذي أرسله الله تعالى ليبلّغنا رسالة الله في ما يرضاه وفي ما لا يرضاه، وإذا حكم الرسول بحكم، سواء كانت المسألة مسألة قضائية أو ثقافية أو اجتماعية، فإن علينا أن نخضع لما قاله الرسول وننحني أمامه، ونسلّم له حتى لو كان ذلك لا يرضي مزاجنا أو مصالحنا، لأن الإسلام هو التسليم؛ أن تسلّم لله ولرسوله ما يقضي به عليك في كلِّ شأنٍ من شؤونك، أن تربي فكرك وعاطفتك وإحساسك وشعورك على أساس أن يكونوا خاضعين لما يقضي به الله والرسول، {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}(النساء/80)، وقد ورد في قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}(آل عمران/31)، فعلامة محبة الله إنما هي اتباع الرسول.

وهو ما ينبغي لنا أن نربي أنفسنا عليه؛ في البيت والسوق، وفي المواقع العامة والخاصة، أن تكون المسألة هي ماذا يريد الله ورسوله، وعلى ضوء هذا، فإنَّ على الإنسان عندما يريد التعامل مع أولاده، أن لا ينطلق من مزاجه الشخصي، بل أن ينطلق في ما هو أمر الله ونهيه في تربيته لأولاده، وهكذا عندما يعيش في بيته الزوجي، فإن علاقته بزوجه لا بد أن تكون علاقة عدل واستقامة وإيمان؛ أن لا تكون المسألة مسألة مزاج قد لا يلتقي مع مزاج زوجه، أو حالة نفسية تفرض نفسها على الرجل والمرأة في ما يأخذان به أو لا يأخذان به، فالله تعالى وضع حدوداً للعلاقة الزوجية:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}(البقرة/228)، فالعلاقة الزوجية لا بد أن تحكمها الخطوط الإسلامية، بحيث إذا أراد الزوج أن يتصرف مع زوجته، فعليه أن يفكر ما هو حكم الله في ذلك، وكذلك الزوجة، وعلى الذين يريدون أن يصلحوا بين الزوجين أو يحكموا بينهما، أن يراعوا ما هو حكم الله في ذلك.

وهكذا في الأمور الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، فالمسلم هو الذي لا يقدّم رجلاً ولا يؤخّر أخرى، حتى يعلم أن لله في ذلك رضى. ليست المسألة عندما أريد أن أؤيد شخصاً أو أرفضه هي ماذا يقول الناس، بل الأساس هو ماذا يريد الله، لأن الله تعالى هو الذي يراقبك ويحاسبك على مواقفك من تأييد أو رفض، وعلى الإنسان أن يعرف حقيقة، وهي أن الله تعالى سوف يحاسبه على كلِّ عمل من أعماله، وكل كلمة من كلماته، وعليه أن يحضّر لكلِّ سؤال جواباً.

سمات المنافقين:

ويحدثنا الله تعالى عن بعض النماذج في المجتمع، كيف يتصرفون في مواجهة قضاياهم أمام حكم الله ورسوله، يقول تعالى: {وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ـ يعلنون أنهم يؤمنون بالله والرسول، وأنهما يطيعان الله ورسوله في ما أمرا به ونهيا عنه ـ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ ـ يعرضون وينحرفون ويهملون ما قالوه من اعتراف والتزام ـ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ـ لأن الإيمان يفرض أن يلتزم الإنسان بما يعلنه ويقوله التزاماً عملياً ـ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ ـ يرفضون التحاكم إلى الشريعة الإسلامية، ويلجأون إلى الشريعة الوضعية ـ وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ ـ يسألون أولاً لمن الحق، فإذا عرفوا أن الحق لهم يتمسكون بحكم الشريعة، وأما إذا عرفوا أن الحق ليس معهم فإنهم يُعرضون ـ أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ـ هل هم من المنافقين الذين يختزنون مرض النفاق في عقولهم وقلوبهم ـ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ـ الذين يظلمون أنفسهم ويظلمون الناس بغير حق ـ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(النور/47-51).

هذا هو المنهج الإسلامي لكلِّ من يلتزم الإسلام عقيدةً وعاطفةً وحركةً في الحياة. إن معنى أن تكون مسلماً هو أن تقول كما قال إبراهيم (ع) الذي سمّاكم المسلمين: {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}(البقرة/131) {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)(الأنعام/162-163). أن نعيش الإسلام عقلاً وعاطفةً وحركةً في حياتنا الفردية والاجتماعية، حتى نفد على الله بهذا الإسلام الذي يشمل كلَّ حياتنا، ليرضى الله عنا ويدخلنا جنّته، {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}(المطففين/26).

الخطبة الثانية

بسم الله الرَّحمن الرحيم

عباد الله... اتقوا الله وواجهوا الموقف من موقع واحد، لأن الاستكبار العالمي قد برز لمجابهة كل المسلمين في سياستهم واقتصادهم وأمنهم، لذلك علينا أن نجمّد كل خلافاتنا الجزئية على جميع المستويات، لأن المستكبرين يستغلون خلافاتنا المذهبية أو القبلية أو الإقليمية أو القومية وما إلى ذلك، من أجل أن يمزّقوا وحدتنا، ويستولوا على كل مواقع اقتصادنا، حتى نبقى فقراء إليهم، ليفرضوا علينا كل ما يريدونه من شروطهم وأوضاعهم. إن الواقع الإسلامي الآن هو واقع لا يوحي بالقوة والتقدّم، لأنه واقع يتناهبه المستكبرون من كل جانب، ويجب أن نمتلك وعي هذا الواقع، حتى نعرف كيف نتحرك، وكيف نواجه الموقف من موقع الخطة والبرنامج الذي يمكن لنا أن نصل من خلاله إلى شاطئ الأمان.

مساعي إسرائيلية لإحكام السيطرة على فلسطين:

في فلسطين، تتسارع الأحداث الخطيرة ضد الشعب الفلسطيني، فهناك المساعي التي يتاجر بها شارون في الانسحاب من مستوطنات غزَّة، ليقدّم إلى الرأي العام العالمي، ولا سيما الغربي، صورة إسرائيل كـ"دولة ديمقراطية حضارية"، من خلال هذا الانسحاب الذي قد يمنح الفلسطينيين بعض الحرية في تقرير مصيرهم، ولكن ليطوّق قطاع غزة بغلاف خارجي، وسيطرة على مجاله الجوي، ونشاط عسكري في مجاله البحري، في عملية حصار يحوّل غزة إلى سجن كبير، ليمتد ذلك إلى السيطرة على الضفة الغربية، من خلال تعزيز التكتلات الاستيطانية الكبرى وتوسعتها من جهة، واستكمال بناء الجدار العنصري الفاصل من أجل تهويد القدس من جهة أخرى، باعتباره حركة سياسية كما أُعلن أخيراً، لا أمنية كما قيل سابقاً.

هذا إضافةً إلى الممارسات الإسرائيلية في المزيد من الاغتيالات والاعتقالات، والإجراءات الوحشية التعسفية في الضغط على الفلسطينيين أمام الحواجز اليهودية، ما يعطّل حركتهم في التنقل، في الوقت الذي لم تحرّك أمريكا ولا أوروبا ساكناً ضد هذه الأعمال اليهودية، ولم تضغط اللّجنة الرباعية لتطبيق ما يُسمّى خريطة الطريق التي وعدت بها، لأنَّ المجتمع الدولي لا يزال يعامل إسرائيل بالمزيد من الرعاية والحماية السياسية بما لا يعامل به الشعب الفلسطيني، كما أن أمريكا بالذات لا تزال تغدق على الدولة العبرية المساعدات المالية من أجل تقوية قدرتها العسكرية والاقتصادية، في الوقت الذي لا تقدّم للشعب الفلسطيني ولا للسلطة الفلسطينية أية مساعدات مهمة.

وعي فلسطيني للمرحلة المقبلة:

وفي الوقت نفسه، لا يزال السجال في الداخل الفلسطيني الذي قد يترك أكثر من حالة سلبية على صعيد القضية، ما قد يُضعف المقاومة ويربك السلطة، ولا سيما مع تأكيد الجانب الأمني بعيداً عن الجانب السياسي، وخصوصاً مع التوظيف الأمريكي لبعض الدول العربية للتدخّل في الشأن الفلسطيني، ما يفرض على الشعب الفلسطيني أن يكون واعياً للمرحلة التي تشغلهم بنـزاعاتهم، بينما يشتغل اليهود بتغيير الخارطة على الأرض.

ولا بدّ للعرب والمسلمين أن يؤكّدوا إيمانهم بالقضية التي ترتبط كل أوضاعهم المستقبلية بسلامتها، والوصول بها إلى شاطئ السلامة، ولا سيّما أن إسرائيل استطاعت أن تحصل على بَرَكة البابا الجديد الذي أعلن مودته الكبيرة حيال إسرائيل، من دون أيّ اعتراض على احتلالها وممارساتها الوحشية ضد الشعب الفلسطيني، الأمر الذي يتساءل معه المؤمنون: هل تلتقي إسرائيل بالقيم الروحية للسيد المسيح الذي طرد اللصوص من ساحة الهيكل، وهل يبقى لصوص الأوطان في ساحة القدس؟!

المؤتمر الإسلامي: رفض تكفير المسلمين:

وفي جانب آخر، فإننا نرحب بقرار المؤتمر الإسلامي المنعقد في الأردن في تأكيده رفض تكفير المسلمين بعضهم لبعض، واعتبار الحوار الموضوعي العلمي الذي تُردّ فيه الخلافات إلى الله والرسول، هو السبيل القويم للوصول إلى النتائج الحاسمة التي تؤكد الأخوّة الإسلامية.

وفي هذا المناخ، لا بد أن يرفع المسلمون الصوت عالياً ضد الذين يقتلون المدنيين من المسلمين باسم الإسلام على أساس تكفيري، ولا بد من التفرقة بين مقاومة الاحتلال وقتل المسلمين في مساجدهم وأسواقهم ومزاراتهم، تحت تأثير ذهنيّات متخلّفة لا تملك أيّ فهم أصيل للإسلام، وهذا ما يحدث في العراق الذي يُراد خلق فتنة في أرضه بين المسلمين، من خلال حركة الفعل وردّ الفعل، ما نحذّر العراقيين المسلمين منه، لأنه لن يستفيد من ذلك إلا الاحتلال الذي تسمح لـه الحرب الأهلية بالبقاء طويلاً باسم الدفاع عن الشعب العراقي.

وتبقى أمريكا تلاحق سوريا وإيران بالاتهامات الباطلة في أكثر من موقع، لأنهما لم تخضعا للشروط الأمريكية في تأكيد الاحتلال في العراق وأفغانستان وفلسطين، ولأن إيران لا تقدّم أية تنازلات حول مشروعها النووي السلمي.

أما مؤتمر الدول الثماني المنعقد في اسكتلندة، فإن أمريكا لا توافق فيه على مساعدة الدول الإفريقية وإلغاء ديونها، إلا بالخضوع للشروط الأمريكية السياسية، في الوقت الذي تعيش الشعوب الإفريقية وغيرها الجوع والمرض والحرمان والفوضى الأمنية التي تخلقها صراعات الدول الكبرى على سرقة ثرواتها.

لبنان: هل الحرية والسيادة بنـزع سلاح المقاومة؟:

أما لبنان، فإننا نلاحظ في فيدرالية الطوائف التي أنتجتها الانتخابات، أن تأليف الحكومة يخضع للمحاصصة بين الطوائف، فكل طائفة تطالب بوزارات تتناسب مع حجمها، تماماً كما لو كانت الوزارة حالة طائفية تتحرك في مصالح هذه الطائفة أو تلك، أو هذه الزعامة أو تلك. أما حجم الوطن، وطبيعة البرنامج الإصلاحي أو التغييري في حلِّ مشكلة الفقراء والمحرومين، أو قضية الاحتلال للأرض، أو حركة التنمية للمناطق المحرومة، أو تحرير البلاد من الوصاية الأجنبية الدولية، فهو أمر ليس موضع الاهتمام للكثيرين في النادي السياسي، بل الهم الكبير لبعض الجماعة المؤيدة للقرار 1559 هو نزع سلاح المقاومة، لأن إسرائيل ـ في نظرهم ـ لا تمثل خطراً على لبنان، بل القضية ـ عندهم ـ هي أن لا يكون لبنان خطراً على العدوان الإسرائيلي.

والسؤال: هل هذا هو لبنان الحرية والسيادة والاستقلال الذي يُراد لـه أن ينزع سلاح المقاومة لا سلاح إسرائيل؟!

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية