ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين ، ومما جاء في خطبته الأولى :
يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}(الروم/41). يتحدث الله سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة عن ظاهرة في الحياة الإنسانية هي ظاهرة الفساد، ويؤكِّد سبحانه أن هذه الظاهرة التي يكسبها الناس في سلوكياتهم، سوف تترك تأثيرها على الذين يكسبونها، بحيث يذوقون مراراتها، ويعيشون آلامها، ويسقطون تحت تأثيراتها.
الفساد المالي:
وعندما يتحدث الله تعالى عن الفساد، فإنَّ مظاهره لا تتحدَّد في نموذج واحد، فهناك الفساد المالي، المتمثل في الذين يملكون المال من طرق محلّلة أو محرّمة، والّذين تكون ثرواتهم مضخمة، فيحاولون من خلال ذلك أن يفسدوا حياة الناس، فقد يستعملون ما يملكون من ثروة للضغط على الفقراء ليستغلّوا حاجتهم إليهم، وهذا ما نلاحظه من أصحاب الثروات الذين يخطّطون للإفساد السياسي في الناس، لتكون لهم المواقع السياسية المتقدّمة، وهذا ما نلاحظه في أكثر مواقع العالم، حتى في الدول المتقدّمة، حيث نجد أن أصحاب الشركات الاحتكارية، كشركات البترول والسلاح وغيرها، يستغلون الإمكانات المالية لديهم، فيوظفون بعض الأشخاص ليكونوا رؤساء، كما في أمريكا أو أوروبا، لينفّذوا مخطِّطات هذه الشركات، فنحن نعرف أن شركات السلاح تعمل على أن يكون لها المواقع المتقدّمة في الدولة، حتّى تتحرّك هذه المواقع لإثارة الحروب في العالم، من أجل أن تزدهر تجارة السلاح. ونلاحظ ذلك، في أنَّ العديد من الشخصيّات التي تسيطر على أمريكا، تملك مواقع إداريّة وغيرها في شركات البترول والسّلاح، وهكذا تتحرّك لتفسد حياة العالم، باعتبار أنّ أمريكا أولاً، والدول السبع الأغنى في العالم، تعمل لاستغلال الواقع السياسي والاقتصادي والأمني في العالم كلّه، وهي التي تخطط من خلال ما تملكه من إمكانات مالية للعبث بكل مواقع العالم الثالث.
وهكذا نلاحظ مسألة الفساد المالي حتى في البلاد العربية، عندما مرّت علينا الانتخابات اللّبنانية، والكثيرون يتحدَّثون عن المال الانتخابي والسياسي، باعتبار أنَّ الكثير من الناس يعيشون تحت خط الفقر، ما يؤدي إلى أن يبيع كثير من الناس أصواتهم ليحصلوا على حفنة من الدولارات، لينجح من لا يملك كفاءة المسؤولية، وما إلى ذلك، في كثير من القضايا التي يستغل فيها أصحاب الأموال أموالهم، كما نلاحظه في المرابين الذين يستغلّون حاجة الفقراء إليهم، ليضخّموا ثرواتهم على حساب الفقراء الذين يسقطون تحت تأثير ديونهم.
وقد تحدَّث الله تعالى في القرآن الكريم عن شخصية مالية استغلَّت ثراءها في البغي على الناس، وهي شخصية قارون، وكم عندنا من "القوارين"، قال تعالى: {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ ـ لا تبطر، لا تفرح فرح الطاغي والمعتزّ بالإثم ـ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ* وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ـ حاول أن تسخّر هذه الثروات في ما يرضي الله تعالى، لكي تحصل على النعيم في الدار الآخرة ـ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ـ أحسن إلى الناس، لأن الله هو الذي أحسن إليك، فسهّل لك سبيل الحصول على هذه الثروة ـ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ* قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي}(القصص/76-78)، {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ}(القصص/81)، هذا نوع من أنواع الفساد المالي، وقد كان قارون من أعمدة فرعون.
الفساد السياسيّ والاقتصاديّ:
وهناك الفساد السياسي، كما في نموذج فرعون الذي علا في الأرض، وكان يمثل الفساد الاستكباري والغطرسة، حتى قال، كما جاء في القرآن الكريم: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى}(النّازعات/24)، وواجه النبي موسى(ع). وكذلك هناك نوعٌ من الفساد الأخلاقي، كالذين يؤسِّسون المواقع التي تفسد حياة النّاس، من مؤسّسات الخلاعة والفجور والسكر والقمار والمخدرات وما إلى ذلك. وهناك الفساد الاقتصادي، وهؤلاء الذين يحاولون دائماً أن يفسدوا الحياة الاقتصادية بطريقة الغشِّ والهدر وبيع الأمور المحرّمة وما إلى ذلك، وهذا مما قد تقوم به الدول، وهو ما نعيشه في لبنان، الذي انطلق فيه الكثيرون ممن يسيطرون على البلد بالهدر والفساد والسرقات، ما جعل البلد يرزح تحت ديون هائلة يعجز عن تسديدها، لأنها بلغت ما يزيد عن الأربعين مليار دولار، ولكن الناس ما يزالون في كثير من الحالات يؤيّدونهم ويدعمونهم ويهتفون باسمهم، ولذلك كنا نقول إن المشكلة ليست مشكلة هؤلاء السياسيين أو أولئك، بل هي مشكلة النَّاخب الذي استعبده هؤلاء حتّى أدمنهم.
الفساد هلاك للأمة:
ونقرأ في ما جاء عن رسول الله(ص) من حديثه حول مظاهر الفساد، والذي يؤدي إلى هلاك الأمة، قوله(ص): «كيف يقدّس الله قوماً لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم»، هذه الأمة التي يُظلم فيها الضعيف ويُقهر من قبل الأقوياء وليس في الأمة من ينصره ويخلّصه. ويقول(ص) في ما روي عنه: «إنما أهلك من كان قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق الشَّريفُ تركوه ـ وهو الشَّخص الذي يمثِّل موقعاً اجتماعياً أو سياسياً أو اقتصادياً كبيراً في الأمة، وهو ما نلاحظه في النظام الطائفي في لبنان، فكم من زعيم طائفة سرق العباد والبلاد ولا من يستطيع أن يحاكمه، ولا أن يحاكم أي شخصية سياسية أو دينية أو اجتماعية عندما تنحرف. فهل يستطيع أحد أن يقول إن فلاناً انحرف ويجب أن يُحاكم، ولا سيّما أن هذه الشخصيات غير معصومة؟! ـ وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد. فأيم الله، لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها»، وفاطمة(ع) هي فوق ذلك، وهي المعصومة الطاهرة المطهّرة. وورد عن الإمام عليّ(ع) لبعض عمّاله: «والله؛ لو أن الحسن والحسين فعلا مثل ما فعلت لما كان لهما عندي هوادة»، وقد ورد عنه(ع): «إنما أهلك من كان قبلكم، أنهم منعوا الناس الحقّ فاشتروه، وأخذوهم بالباطل فاقتدوه».
إنَّ الله تعالى يريد من الناس أن يقفوا أمام الفساد ليستنكروه ويغيّروه، وقد ورد في الحديث عن النبي(ص): "«إن المعصية إذا عمل بها العبد سراً لم تضرّ إلا عاملها، وإذا عمل بها علانية ولم يعيَّر عليه أضرّت العامة»، لأن الناس عندما يرون المنكر علانية ولا يستنكره أحد، فإنه سوف ينتشر بينهم، وقد ورد: «إن الله لا يعذّب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكروه، فإذا فعلوا ذلك عذّب الله العامة والخاصة».
إن الله تعالى يريد منا ـ كما جاء في رسالات الأنبياء ـ أن نعمل في سبيل تأكيد الإصلاح بين الناس: {وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ}(الأعراف/142)، والله تعالى يريد منا أن نواجه الفساد في الأرض، أياً كان الفساد، حتى يعيش الناس حياةً يتحرك فيها المصلحون في نشر الصلاح والإصلاح.
الخطبة الثانية
بسم الله الرَّحمن الرحيم
عباد الله... اتقوا الله، وواجهوا الذين يريدون أن ينشروا الفساد بكل أشكاله، سواء كان فساداً سياسياً أو اجتماعياً أو اقتصادياً، والّذين يخرّبون الإنسان في إنسانيته ليحصلوا على امتيازاتهم في العالم، وهذا ما يقوم به المستكبرون عندما يغلّبون أمَّة على أمّة، وموقعاً على موقع. ولا يزال العالم يعيش مشاكل هؤلاء المستكبرين التي يفرضونها على المستضعفين في كل مكان، ولا سيما في فلسطين والعراق والمنطقة كلها، فماذا هناك:
طرح إسرائيلي تعجيزي للحلّ التفاوضي:
لا تزال القضيَّة الفلسطينية في قلب المعادلة السياسية في المنطقة، على الرغم من سعي التّحالف الأمريكي ـ الإسرائيلي إلى تمييعها لتضييع خطوطها في التفاصيل السياسية والأمنيّة، ولا يمكن رصد زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية إلا في إطار تجميد حالة التوتّر العامة في الأمة، وصولاً إلى تخدير الوضع السياسي بالتصريحات الضبابية، وذلك بالتّركيز على الانسحاب الصهيوني من غزة بتداعياته الأمنية والسياسية، والإيحاء بأنه يمثّل الفتح الكبير للحلّ، من دون تأكيد الانسحاب من الضفة الغربية والقدس الشرقية، أو تدمير الجدار العنصري، أو تفكيك المستوطنات الكبرى والصغرى هناك، لأنها متروكة للمفاوضات النهائية التي لا أفق لها في مدى الزمن، لأن إسرائيل لا توافق على إعطاء موعد محدَّد، لارتباط ذلك بما تسمّيه تفكيك المنظمات الجهادية التي تعتبرها ـ وأمريكا ـ إرهابية، الأمر الّذي يعني أن المسألة أمنية وليست سياسية، ما يمثّل الطرح التعجيزي للحلّ التفاوضي، لأن المطلب الصهيوني يؤدي إلى حرب أهلية فلسطينية ـ فلسطينية، وهذا ما يحقق لإسرائيل النصر من دون حرب.
جولة رايس: تصوير العدو ساعياً للسلام:
لقد جاءت الوزيرة رايس إلى فلسطين لتخاطب الفلسطينيين بالمطالب الأمريكية ـ الصهيونية، من دون أن تخاطب إسرائيل بالمطالب الفلسطينية، في الوقت الذي تابعت فيه الدولة العبرية الإعلان عن بناء مستوطنات جديدة أو توسيع مستوطنات قديمة، وهو ما قابلته الوزيرة الأمريكية بتصريح خجول، كما انطلقت الخطة المقترحة من وزير المالية الصهيوني وبعض نواب الليكود لضم مستوطنات الضفة الغربية الكبرى إلى ما يسمّونه "السيادة الإسرائيلية"، مع استمرار الاغتيالات والاعتقالات لناشطي الانتفاضة ـ ولا سيّما الجهاد ـ من دون إدانة أمريكية لذلك، بل الاكتفاء بإدانة الرد الدفاعي الفلسطيني على الانتهاكات الإسرائيلية، لأن المسألة لدى الناطق الأمريكي أن لا يُقتل مستوطن إسرائيلي، وليست أن لا يُقتل عشرات الفلسطينيين بالسلاح اليهودي الأمريكي.
إنها السياسة الأمريكية التي قامت على الالتزام بالأمن الإسرائيلي بالمطلق، وإسقاط الأمن الفلسطيني بالمطلق، كما أنها تحاول من خلال وزيرة خارجيتها، القيام بمسرحية إعلامية لتصوير العدو بأنه يتحرك من أجل السلام، والإيحاء بأن الفلسطينيين، ولا سيّما الفصائل، يعطّلون فرص السلام، مع أن الجميع يعرفون أن شارون ليس مستعداً لتقديم أية فرصة لتحريك المسألة نحو الحل، وهذا ما لاحظه الرأي العام العالمي في فشل الاجتماع بينه وبين رئيس السلطة الفلسطينية الذي لم يحصل منه على أيّ شيء سوى خيبة الأمل.
أمريكا تناقض شعاراتها في الإصلاح:
أما زيارة "رايس" إلى المنطقة، فقد كانت من أجل التبشير بالإصلاح الأمريكي في الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات السياسية والفكرية والإعلامية، ويعرف الجميع أن أمريكا ليست الدولة التي تلتزم بهذه العناوين من أجل الشعوب، بل من أجل مصالحها التي تتنوّع مواقعها في تحريك الفوضى في هذا البلد أو ذاك، وتحذير القادة العرب من نتائج الابتعاد عن خططها الاستراتيجية، وتركيزها على تهديد سوريا لأنها لم تخضع للمطالب الأمريكية في ضبط حدودها مع العراق، في الوقت الذي لم تستجب أمريكا للمطالب السورية في الحصول على التكنولوجيا التي تسمح لها بمراقبة الحدود المترامية الأطراف، إضافةً إلى حديثها اليومي عن تنفيذ القرار 1559 الذي نفّذت سوريا منه، ما يتعلّق بها من الانسحاب من لبنان من دون أن يكون لها أيّ دور في الأمور الأخرى.
أما إيران، فقد هاجمت "رايس" النظام الإيراني، في الوقت الذي تخوض الجمهورية الإسلامية تجربة رائدة في الاستفتاء الشعبي المباشر في انتخابات الرئاسة، كما أنها لا تزال تتحدَّث عن المشروع النووي السلمي بزعم أنه يمثّل خطراً على العالم ـ ولا سيما على إسرائيل ـ لأن أمريكا لا تريد لإيران امتلاك الخبرة النووية.
إن أمريكا تتخبط في سياستها في العراق وفي أفغانستان، وتحاول تغطية ذلك باستعراضاتها الإعلامية والسياسية على صعيد المنطقة، وعلى شعوبنا أن تكون واعية لحركة السياسة الأمريكية في التخطيط لمصالحها الاستكبارية على حساب مصالحنا الحيوية وقضايانا المصيرية، لنتفادى الأخطار الكبرى على مستقبلنا السياسي والأمني والاقتصادي.
العراق: الحلّ بانسحاب المحتلّ:
أما العراق، فلا يزال يغرق في بحر من الدماء البريئة الناتجة عن العمليات الوحشية التي يقوم بها الإرهابيون التكفيريون، إضافةً إلى القتل العشوائي الذي يقوم به الجيش الأمريكي ضد المدنيين. وإذا كان المؤتمر الدولي في بروكسل يتنادى لدعم العراق من أجل إعماره وبناء اقتصاده، فإننا نلاحظ أن الدول المانحة ليست صادقة في وعودها، وهذا ما رأيناه في الأرقام التي نشرت في تقرير المؤتمر مما لا يحل أية مشكلة، ولا سيّما البنية التحتية التي دمّرها الاحتلال، والتي تحتاج إلى الكثير مما لم تتحرك دول المؤتمر لإيجاد حلول له، إضافةً إلى الفوضى الأمنية والتمزّقات الداخلية على جميع المستويات، الأمر الذي لن يصل إلى الحل إلا بانسحاب المحتل من أراضيه.
لبنان في دائرة الاستباحة:
أمَّا لبنان، فإننا كنّا نحذّر من أن يكون موقعاً للفوضى الأمريكية المتحركة مع الخطة الإسرائيلية، وقد بدأ يدخل في متاهة هذه الفوضى من النافذة الأمنية بعدما دخلها من النافذة السياسية، ولذلك فلا بدَّ من التحذير من اللغة الطائفية التي استُخدمت إلى أبعد الحدود في الانتخابات التي سمَّمت الجوّ السياسي اللبناني، وقد يُراد لها أن تسمِّم أجواء عربية وإسلامية محيطة، ومن هذه الحماية للفدرالية الواقعية المكرّسة دستوراً وواقعاً، ونحن نخشى من أن يمهّد ذلك السبيل لإدخال لبنان في متاهات الوضع السياسي والأمني المتفجِّر في المنطقة. ثم إن الحديث عن أن أمريكا وأوروبا تبحثان عن عقد مؤتمر دولي حول لبنان قد يمهّد لتكريس الوصاية الجديدة.
لقد أصبح لبنان مستباحاً من دائرتين: الأولى في هذا المسلسل الدامي من الاغتيالات للشخصيات السياسية والإعلامية في ظل حديث متواصل عن فراغ أمني داخلي يعيشه البلد، والثانية في هذه الحرية لحركة المخابرات الدولية، ما يبعث على التساؤل: هل نخلص من نظام أمني ضاغط لحساب أنظمة أمنية أخرى باسم التحقيق في الجرائم المتتالية؟!
إنَّ لبنان بحاجة إلى جلسات حوارية صريحة وواضحة تضم الجميع، لتدارس كل الثغرات في الخطاب وفي الحركة، من أجل الاتفاق على برنامج موحَّد ينفتح على حل المشاكل الاقتصادية وأسبابها وامتداداتها وتفاعلاتها على مستقبل البلد، وإيجاد خطة للخروج من كهوف النظام الطائفي إلى الأفق الرحب للمواطنة الإنسانية، ليتوحَّد اللبنانيون على أساس "أنسنة" السياسة والأمن والاقتصاد والثقافة والاجتماع، وتأكيد الحرية التي يملك فيها البلد تقرير مصيره بنفسه، بعيداً عن كل ارتهان للخارج الإقليمي والدولي، وعن كل عبث محلي للاعبين السياسيين الذين يبحثون عن ذاتياتهم في حركتهم في الوطن، ولا يبحثون عن الوطن في مصيره على صعيد صناعة المستقبل، في كل جهودهم العامة والخاصة. |