لنحصل على الفلاح في الدنيا والآخرة: علينا بتزكية النفس والإيمان بالله

لنحصل على الفلاح في الدنيا والآخرة: علينا بتزكية النفس والإيمان بالله

لنحصل على الفلاح في الدنيا والآخرة: علينا بتزكية النفس والإيمان بالله


ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين ، ومما جاء في خطبته الأولى :

عناصر الفلاح

ما هي عناصر الفلاح في الدنيا وفي الآخرة، في النظرة الإسلامية في الكتاب والسنّة؟ لأن كل إنسان منا يفكّر بالفلاح الذي هو النجاح، أن يأخذ الإنسان بأسباب النجاح التي تؤكد له سلامة المصير في الدنيا والآخرة. وكلمة الفلاح هي من بين الشعارات الإسلامية التي أكّدها الإسلام في الأذان والإقامة: "حيّ على الفلاح"، وإذا كان الفلاح مفسّراً بالصلاة، فإنها توحي الانفتاح على الله، بما تمثّله الصلاة من معراج الإنسان بروحه إلى الله، للحصول على الفلاح في الدنيا والآخرة.

تزكيـة النفس

وهذا ما ينبغي للإنسان أن يؤكده في كل نشاطاته الروحية والعملية، وقد أراد الله تعالى للإنسان أن يبدأ بنفسه ليؤكد فلاحها بأكثر من وسيلة ووسيلة، فنقرأ: {قد أفلح من تزكّى* وذكر اسم ربه فصلّى}، فعلى الإنسان أن يطهّر نفسه من كل القذارات التي تصيبها في روحيتها وأخلاقيتها وكل خطوطها الفكرية والأخلاقية والروحية، وعندما يتزكّى الإنسان ويحصل على النفس الزكية الطاهرة المنفتحة، فإنها تتجه إلى الله، فيذكر اسم ربه، ليكون ذكره لربه سبيلاً من سبل التقوى، لأن الإنسان إذا عاش حضور الله في حياته، فإنه يشعر برقابة الله عليه، فيدفعه خوفه من الله ومحبته له تعالى إلى الطاعة ويمنعه عن المعصية، ويتجه بعد ذلك إلى الصلاة التي هي معراج روح المؤمن إلى الله تعالى.

ونقرأ: {ونفس وما سوّاها* فألهمها فجورها وتقواها* قد أفلح من زكّاها* وقد خاب من دسّاها}. إن الله تعالى يريد أن يؤكد للإنسان أن عليه أن يدرس نفسه من خلال إبداع الله تعالى لهذه النفس في كل الأجهزة التي تنظم لها حياتها، وتخطط لها حركتها، هذه النفس العجائبية التي أعطاها الله تعالى القدرة على القيام بشؤون الحياة، هذه النفس التي سوّاها وجعلها قادرة على الحركة والإبداع، والتي ألهمها الله الخطين: خط الفجور وخط التقوى، ووضعها بينهما، وقال للإنسان الذي يوجّهها: زكِّ نفسك، طهّرها، أبدع فيها روح الخير، ركّز فيها خطوات الحق، اجعلها نفساً زكية لا فاجرة، أوضح لها الطريق حتى تسير على نور، لأنها هي التي تقودك إلى الخلاص، لأن النفس بقدر ما تكون نفساً زكية منفتحة على الله والخير كله، بقدر ما يكون مصيرك مصير الأزكياء في كل مجالات الحركة في الحياة، {وقد خاب من دسّاها}، من لا يطلقها في حركة الخير وفي خط الحق، وفي السير من أجل القيام بالمسؤولية في الحياة كلها.

الإيمان والخشوع

ونقرأ في ما عدّده الله تعالى من عناصر الفلاح: {قد أفلح المؤمنون ـ الذين آمنوا بالله ورسوله واليوم الآخر، لأن الله اعتبر عنصر الإيمان أساساً في مسألة الفلاح، وجعل عنصر الكفر أساساً في مسألة الخسارة ـ الذين هم في صلاتهم خاشعون ـ هؤلاء الذين عاشوا الإيمان في عقولهم محبة لله وخوفاً منه سبحانه وإحساساً بعظمته ومعرفة بنعمه، الذين يقفون عندما يؤدّون الصلاة في حالة خشوع من خلال هذه الروح التي تنفتح بهم على الله تعالى وتربطهم به ـ والذين هم عن اللغو معرضون ـ هؤلاء الذين يقبلون على كل ما ينفعهم من الفكر الصائب الحق، والذين ينفتحون على المنهج الطيب والخط المستقيم في الحياة، ويعرضون عن كل لغو لا منفعة فيه ولا فائدة، أو ما كان فيه تقوية للباطل وما إلى ذلك ـ والذين هم للزكاة فاعلون ـ لأنهم إذا آمنوا بالله ورسوله ورسالته، فإنهم يتحملون المسؤولية في أداء الزكاة التي قرنها الله تعالى بالصلاة، فإذا أدّوها كما يجب أخذوا ببعض عناصر الفلاح ـ والذين هم لفروجهم حافظون* إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ـ هؤلاء الذين يتحمّلون المسؤولية في الابتعاد عن كل ما حرّمه الله في الجانب الجنسي من شهوات الإنسان وغرائزه، فهم يحفظون بذلك أنفسهم ـ فمن ابتغى وراء ذلك ـ تعدّى حدود الله، سواء بطريقة الزنى أو اللواط أو السحاق وما إلى ذلك ـ فأولئك هم العادون ـ السائرون في خط المنحرفين والمعتدين على حدود الله تعالى ـ والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون ـ هؤلاء الذين يرعون الأمانة فيؤدونها إلى أهلها، لأن الله يأمرنا أن نؤدِّي الأمانات إلى أهلها، ويرعون عهودهم، لأن الله يريد للإنسان إذا عاهد عهداً أن يلتزمه ويفي به، لأن ذلك هو علامة الإيمان ـ والذين هم على صلواتهم يحافظون ـ لا يهملونها أو يؤخّرونها عن وقتها، ولا يهملون أجزاءها وشرائطها ـ أولئك هم الوارثون* الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون}، هذا هو الذي يؤكده الله تعالى في أسباب الفلاح.

توبـة المؤمن

ثم يحدّثنا الله تعالى عن التوبة التي يخاطب بها المؤمنين الذين قد يقعون في ما حرّمه أو ينحرفون عن الخط المستقيم، فالله تعالى يناديهم: أيها المنحرفون، تعالوا إليّ، لا تشعروا باليأس، أنا الرحمن الرحيم الغفار: {وتوبوا إلى الله جميعاًَ أيها المؤمنون ـ بمعنى أنه ليس هناك ذنب لا يقبل الله فيه التوبة، وأغلب المسلمين الذين دخلوا في الإسلام في بداية الدعوة سجدوا للأصنام، ما عدا شخص واحد هو أمير المؤمنين(ع)، وتابوا، فقبل الله توبتهم وإسلامهم، فينبغي للإنسان أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً، والتوبة لا تحتاج إلى الاعتراف عند "سيد" أو "شيخ"، افتح قلبك لربك وقل: يا ربّ، إني تائب، والله تعالى يتقبل توبتك ويجعلك في دائرة رحمته ـ لعلكم تفلحون}، فإن في التوبة السبيل إلى الفلاح.

الإيمان بالله واليوم الآخر

والله تعالى يريد للإنسان أن ينفتح على مواقع عظمته في كل ما خلقه: {فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون}، ويحدّث الله تعالى الذين يحضرون صلاة الجمعة: {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون* فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون}. ونجد أن الله تعالى يريد للإنسان في كل مواقع حياته أن يأخذ بعناصر الفلاح، ونقرأ عن رسول الله (ص): "قد أفلح من أخلص قلبه للإيمان، وجعل قلبه سليماً، وجعل لسانه صادقاً، ونفسه مطمئنة، وخليقته مستقيمة، وأذنه مستمعة، وعينه ناظرة". ويؤكد الله تعالى أن من المفلحين أيضاً الذين لا ينفتحون على الإنسان الذي يعادي الله ورسوله ولا يؤمن بهما، يقول تعالى: {لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حادّ الله ورسوله}، إلى أن يقول: {أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه... أولئك حزب الله ـ فحزب الله ليس مجرد التزام أو حزب كما يتحزّب الناس، بل أن تكون مع الله في كل أمورك، أن توالي من أحبّ الله وأن تعادي من عاداه الله ولا تأخذك في الله لومة لائم ـ ألا إن حزب الله هم المفلحون}..

أما الذين لا يفلحون فمن هم: {ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذّب بآياته إنه لا يفلح الظالمون}، {فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذّب بآياته إنه لا يفلح المجرمون} الذين يأخذون بأسباب الجريمة في العقيدة والعمل، {ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون}.

أيها الأحبة: لا بد لنا أن نتطلع إلى ما يقرّبنا إلى الله، وإلى من يأخذ بنا إلى أسباب الفلاح، لنحصل على الفلاح في الدنيا والفلاح في الآخرة، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.

الخطبة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم

عباد الله.. اتقوا الله وواجهوا الموقف بالمسؤولية الكبرى التي تتحرك في كل أوضاع المسلمين جميعاً في مواجهة المستكبرين جميعاً، لأن الواقع الذي نعيش فيه كمسلمين ومستضعفين في الأرض هو واقع يتحرك من أجل تدمير كل أوضاعنا، لأن المستكبرين لا يريدون أن تقوم للمسلمين قائمة على جميع المستويات العامة والخاصة، بل يعملون ليكونوا هم القوة الكبرى في العالم. لذلك، لا بد أن نستعد لهذا التحدي ونتحمّل مسؤولياتنا في ما أعطانا الله من قوة ونستزيد منها، وذلك بخلاف ما هو الواقع، حيث يتحرك المسلمون في أكثر من موقع على أساس العجز والفشل وما إلى ذلك، فماذا هناك:

الدول الإسلامية عجزٌ واقعي

في تركيا، كان لـ"منظمة المؤتمر الإسلامي" اجتماع لوزراء خارجية الدول الإسلامية الـ57، وصدر عنه قرار سخيّ بمساعدة العراق بفعالية في الفترة الانتقالية، وبدعوة الأمم المتحدة لنشر قوات لحفظ السلام في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مجدداً دعمه لقيام دولة فلسطينية، وبإنجاح المسارين اللبناني والسوري ودعمه للبنان في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وبإدانته التهديدات ضد سوريا والعقوبات الأمريكية المفروضة عليها..

إنه كلام جميل، ولكن السؤال: ما هي آلية التنفيذ في مفردات السياسات الذاتية لكل دولة من هذه الدول، وما هي عناصر الضغط السياسي والاقتصادي التي تملكها هذه الدول لتحويل هذا القرار إلى واقع؟ وما هي القوة التي تحرّكها في هذا الاتجاه؟ وهل تملك من أمرها شيئاً في مواجهة الضغوط الأمريكية التي تحاصر هذه الدول في أوضاعها الأمنية والاقتصادية والسياسية، لتفرض عليها أكثر من تجميد لقضاياها الحيوية المصيرية بقدر ما يتصل الأمر بالمصالح الأمريكية الاستراتيجية المتحالفة مع المصالح الإسرائيلية، بما يؤدي إلى إحساس الجميع بالعجز في تحويل القرار إلى واقع فعلي؟ ولا ندري لماذا لم تهدد هذه الدول بالعقوبات الاقتصادية لإسرائيل ولأمريكا، ردّاً على التهديدات العسكرية والاقتصادية والسياسية لهاتين الدولتين؟!

إننا نجد في هذه المنظمة التي منحت نفسها اسم الإسلام ـ من خلال صفة شعوبها ـ لافتة لا تعبّر عن واقعية تطلعات الشعوب الإسلامية، ولا تتحرك بجديّة في تحريك قراراتها، بل إنها تواجه الموقف بالطريقة التي تعبّر فيها ـ في خلفياتها ـ عن الخضوع للعجز الواقعي تحت تأثير الوحي الأمريكي الضاغط من وراء الستار..

الإدارة الأمريكية: سياسة بوجهين

أما الإدارة الأمريكية برئاسة جورج بوش، فلا نجد وصفاً لها أفضل من الإدانة التي وجهها دبلوماسيون وعسكريون أمريكيون سابقون للسياسة الخارجية المتغطرسة التي تعتمد على القوة العسكرية المفرطة واللاأخلاقية، ما أدى إلى عزلة دولية لم تشهدها الولايات المتحدة في تاريخها، واتهم البيان هذه الإدارة بأنها مدفوعة باعتبارات أيديولوجية بدلاً من التحليل العقلاني، وبتدبير غزو العراق من خلال التلاعب بمعلومات استخباراتية غير موثوقة حول أسلحة الدمار الشامل، وتعطيل الحل العادل للصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني..

إن هذه الإدانة من هؤلاء تدلنا على سياسة هذه الإدارة المتغطرسة التي شجّعت إسرائيل على تدمير البنية التحتية للفلسطينيين، واعتبرت المواجهة للاحتلال إرهاباً، وحوّلت الظلم الإسرائيلي للأرض والإنسان الفلسطيني أمراً واقعاً في تشريع للمستوطنات وللجدار الفاصل، مع اللعب على الألفاظ بطريقة نفاقية، تتحدث مع العالم بأسلوب ومع إسرائيل بأسلوب آخر تشجيعي، ما جعل الدولة الفلسطينية في خطة الطريق نكتة سياسية مضحكة، كما حوّلت اللجنة الرباعية الدولية إلى مجرد تجمّع عاجز عن أيّ حلّ، لأن الذين يسيطرون على الإدارة من اليهود والمحافظين الجدد يعملون لمصلحة إسرائيل أكثر مما يعملون لمصلحة أمريكا..

العراق: سيادة شكلية

ولذلك، فإننا أمام هذا الواقع المأساوي الذي تحوّل إلى كارثة في فلسطين، لا بدّ من أن تقف شعوبنا موقفاً سلبياً ضد السياسة الأمريكية التي هي سرّ المأساة في فلسطين والعراق والمنطقة كلها، لأن هذا الانحياز الأمريكي الصارخ لمصلحة إسرائيل جعل شعوب المنطقة لا تفرّق بين أمريكا وإسرائيل في كل قضاياها المصيرية، ولا سيما في قضية الحرية التي أسقطتها أمريكا من حساباتها السياسية في دعمها المطلق للاحتلال الإسرائيلي، وفي إبقائها على الاحتلال للعراق حتى بعد إعطاء العراقيين السيادة في 30 حزيران، لأن الاحتلال الحالي سوف يتحوّل إلى احتلال واقعي بفعل بقاء القوات العسكرية والأمنية الأمريكية في العراق الذي لا يملك أمر تحريكها أو رفضها بحجة حماية أمنه، بمعاهدة لا تستطيع أية حكومة عراقية رفض التوقيع عليها.. والسؤال: إذا لم تستطع أمريكا بقواتها ـ مع حلفائها ـ حماية أمن جنودها وأمن المدنيين العراقيين في هذه المرحلة، فكيف يمكنها أن تحافظ على الأمن في فترة السيادة الشكلية، في غياب جيش وأمن عراقيين فاعلين؟!

لقد تحوّل العراق إلى ساحة تختلط فيها كل الأوراق، وأصبح المجرمون من الداخل والخارج يعملون على قتل المدنيين بدون رحمة ومن دون معنى.. وما زلنا نسمع من المسؤولين العراقيين في الحكومة المعيّنة أمريكياً حديثاً عن مجازر تنتظر العراقيين وأن عليهم الصبر.. والسؤال: ما هي الوسائل للخروج من هذا النفق المظلم ما دام الأمريكيون يمنعون فتح أية ثغرة للنور فيه؟؟

إيران: الموقف الحازم

وما دام الحديث عن أمريكا، فلا بد لنا من الإشارة إلى الضغط الأمريكي الذي تخضع له الدول الأوروبية ـ عبر وكالة الطاقة الذرية ـ في المواجهة السياسية لإيران في تجاربها النووية للأغراض السلمية، بعد أن أعلنت من أعلى موقع رفضها لصنع الأسلحة الذرية وانسجامها مع المعاهدة التي وقّعت عليها مع هذه الوكالة..

إننا نقدّر الموقف القوي لإيران في هذه المواجهة التي تقودها أمريكا، وكأن الوكالة تقول: "رتّبوا أيها الإيرانيون أوضاعكم مع أمريكا وستُحل كل المشاكل".. ونحن نتصوّر أن الجمهورية الإسلامية تملك القوة والإرادة اللتين تمكّنانها من الصمود وعدم الخضوع أمام هذه الضغوط الأمريكية.

لبنان: أزمات متلاحقة

أما في لبنان الذي تُفتح فيه ملفات الأزمات في الجذور العميقة للمشاكل، فإن الحركة السياسية تتحوّل من معالجة الأصول للتحرك في الفروع.. ففي أزمة الكهرباء كان هناك حديث كثير حول خطوط الفساد والهدر والخلل الإداري والشخصيات المتعاقبة على إدارة الطاقة، ولكن الحلول الجذرية هربت من قانون المحاسبة، ليصرخ الجميع أن هناك مشكلة موسم الاصطياف الذي لا يتحمّل التعتيم، فقرروا المليارات الآن لتتبعها المليارات غداً، ولتؤجّل كل ميزانيات الدولة، ولتتحرّك الديون للمؤسسات التي لا تستطيع الوفاء بديونها، لتتبعها ديون الدولة التي تبحث عن الضرائب على الفقراء الذين سوف تشغلهم اللعبة السياسية عن الاستحقاق الرئاسي والانتخابي..

ويبقى الجوع الكافر يصرخ: كيف نعيش، وكيف نواجه الأزمات الحياتية.. وتبقى الدوّامة في أكثر من أزمة رئاسية وحكومية.. وتبقى الطائرات الإسرائيلية تتجوّل في لبنان بطريقة اعتيادية.. وتبقى المخدرات السياسية.. وتستمر الملهاة في أحضان المأساة.. وكل لبنان وأنتم بألف شرّ.

لنحصل على الفلاح في الدنيا والآخرة: علينا بتزكية النفس والإيمان بالله


ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين ، ومما جاء في خطبته الأولى :

عناصر الفلاح

ما هي عناصر الفلاح في الدنيا وفي الآخرة، في النظرة الإسلامية في الكتاب والسنّة؟ لأن كل إنسان منا يفكّر بالفلاح الذي هو النجاح، أن يأخذ الإنسان بأسباب النجاح التي تؤكد له سلامة المصير في الدنيا والآخرة. وكلمة الفلاح هي من بين الشعارات الإسلامية التي أكّدها الإسلام في الأذان والإقامة: "حيّ على الفلاح"، وإذا كان الفلاح مفسّراً بالصلاة، فإنها توحي الانفتاح على الله، بما تمثّله الصلاة من معراج الإنسان بروحه إلى الله، للحصول على الفلاح في الدنيا والآخرة.

تزكيـة النفس

وهذا ما ينبغي للإنسان أن يؤكده في كل نشاطاته الروحية والعملية، وقد أراد الله تعالى للإنسان أن يبدأ بنفسه ليؤكد فلاحها بأكثر من وسيلة ووسيلة، فنقرأ: {قد أفلح من تزكّى* وذكر اسم ربه فصلّى}، فعلى الإنسان أن يطهّر نفسه من كل القذارات التي تصيبها في روحيتها وأخلاقيتها وكل خطوطها الفكرية والأخلاقية والروحية، وعندما يتزكّى الإنسان ويحصل على النفس الزكية الطاهرة المنفتحة، فإنها تتجه إلى الله، فيذكر اسم ربه، ليكون ذكره لربه سبيلاً من سبل التقوى، لأن الإنسان إذا عاش حضور الله في حياته، فإنه يشعر برقابة الله عليه، فيدفعه خوفه من الله ومحبته له تعالى إلى الطاعة ويمنعه عن المعصية، ويتجه بعد ذلك إلى الصلاة التي هي معراج روح المؤمن إلى الله تعالى.

ونقرأ: {ونفس وما سوّاها* فألهمها فجورها وتقواها* قد أفلح من زكّاها* وقد خاب من دسّاها}. إن الله تعالى يريد أن يؤكد للإنسان أن عليه أن يدرس نفسه من خلال إبداع الله تعالى لهذه النفس في كل الأجهزة التي تنظم لها حياتها، وتخطط لها حركتها، هذه النفس العجائبية التي أعطاها الله تعالى القدرة على القيام بشؤون الحياة، هذه النفس التي سوّاها وجعلها قادرة على الحركة والإبداع، والتي ألهمها الله الخطين: خط الفجور وخط التقوى، ووضعها بينهما، وقال للإنسان الذي يوجّهها: زكِّ نفسك، طهّرها، أبدع فيها روح الخير، ركّز فيها خطوات الحق، اجعلها نفساً زكية لا فاجرة، أوضح لها الطريق حتى تسير على نور، لأنها هي التي تقودك إلى الخلاص، لأن النفس بقدر ما تكون نفساً زكية منفتحة على الله والخير كله، بقدر ما يكون مصيرك مصير الأزكياء في كل مجالات الحركة في الحياة، {وقد خاب من دسّاها}، من لا يطلقها في حركة الخير وفي خط الحق، وفي السير من أجل القيام بالمسؤولية في الحياة كلها.

الإيمان والخشوع

ونقرأ في ما عدّده الله تعالى من عناصر الفلاح: {قد أفلح المؤمنون ـ الذين آمنوا بالله ورسوله واليوم الآخر، لأن الله اعتبر عنصر الإيمان أساساً في مسألة الفلاح، وجعل عنصر الكفر أساساً في مسألة الخسارة ـ الذين هم في صلاتهم خاشعون ـ هؤلاء الذين عاشوا الإيمان في عقولهم محبة لله وخوفاً منه سبحانه وإحساساً بعظمته ومعرفة بنعمه، الذين يقفون عندما يؤدّون الصلاة في حالة خشوع من خلال هذه الروح التي تنفتح بهم على الله تعالى وتربطهم به ـ والذين هم عن اللغو معرضون ـ هؤلاء الذين يقبلون على كل ما ينفعهم من الفكر الصائب الحق، والذين ينفتحون على المنهج الطيب والخط المستقيم في الحياة، ويعرضون عن كل لغو لا منفعة فيه ولا فائدة، أو ما كان فيه تقوية للباطل وما إلى ذلك ـ والذين هم للزكاة فاعلون ـ لأنهم إذا آمنوا بالله ورسوله ورسالته، فإنهم يتحملون المسؤولية في أداء الزكاة التي قرنها الله تعالى بالصلاة، فإذا أدّوها كما يجب أخذوا ببعض عناصر الفلاح ـ والذين هم لفروجهم حافظون* إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ـ هؤلاء الذين يتحمّلون المسؤولية في الابتعاد عن كل ما حرّمه الله في الجانب الجنسي من شهوات الإنسان وغرائزه، فهم يحفظون بذلك أنفسهم ـ فمن ابتغى وراء ذلك ـ تعدّى حدود الله، سواء بطريقة الزنى أو اللواط أو السحاق وما إلى ذلك ـ فأولئك هم العادون ـ السائرون في خط المنحرفين والمعتدين على حدود الله تعالى ـ والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون ـ هؤلاء الذين يرعون الأمانة فيؤدونها إلى أهلها، لأن الله يأمرنا أن نؤدِّي الأمانات إلى أهلها، ويرعون عهودهم، لأن الله يريد للإنسان إذا عاهد عهداً أن يلتزمه ويفي به، لأن ذلك هو علامة الإيمان ـ والذين هم على صلواتهم يحافظون ـ لا يهملونها أو يؤخّرونها عن وقتها، ولا يهملون أجزاءها وشرائطها ـ أولئك هم الوارثون* الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون}، هذا هو الذي يؤكده الله تعالى في أسباب الفلاح.

توبـة المؤمن

ثم يحدّثنا الله تعالى عن التوبة التي يخاطب بها المؤمنين الذين قد يقعون في ما حرّمه أو ينحرفون عن الخط المستقيم، فالله تعالى يناديهم: أيها المنحرفون، تعالوا إليّ، لا تشعروا باليأس، أنا الرحمن الرحيم الغفار: {وتوبوا إلى الله جميعاًَ أيها المؤمنون ـ بمعنى أنه ليس هناك ذنب لا يقبل الله فيه التوبة، وأغلب المسلمين الذين دخلوا في الإسلام في بداية الدعوة سجدوا للأصنام، ما عدا شخص واحد هو أمير المؤمنين(ع)، وتابوا، فقبل الله توبتهم وإسلامهم، فينبغي للإنسان أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً، والتوبة لا تحتاج إلى الاعتراف عند "سيد" أو "شيخ"، افتح قلبك لربك وقل: يا ربّ، إني تائب، والله تعالى يتقبل توبتك ويجعلك في دائرة رحمته ـ لعلكم تفلحون}، فإن في التوبة السبيل إلى الفلاح.

الإيمان بالله واليوم الآخر

والله تعالى يريد للإنسان أن ينفتح على مواقع عظمته في كل ما خلقه: {فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون}، ويحدّث الله تعالى الذين يحضرون صلاة الجمعة: {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون* فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون}. ونجد أن الله تعالى يريد للإنسان في كل مواقع حياته أن يأخذ بعناصر الفلاح، ونقرأ عن رسول الله (ص): "قد أفلح من أخلص قلبه للإيمان، وجعل قلبه سليماً، وجعل لسانه صادقاً، ونفسه مطمئنة، وخليقته مستقيمة، وأذنه مستمعة، وعينه ناظرة". ويؤكد الله تعالى أن من المفلحين أيضاً الذين لا ينفتحون على الإنسان الذي يعادي الله ورسوله ولا يؤمن بهما، يقول تعالى: {لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حادّ الله ورسوله}، إلى أن يقول: {أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه... أولئك حزب الله ـ فحزب الله ليس مجرد التزام أو حزب كما يتحزّب الناس، بل أن تكون مع الله في كل أمورك، أن توالي من أحبّ الله وأن تعادي من عاداه الله ولا تأخذك في الله لومة لائم ـ ألا إن حزب الله هم المفلحون}..

أما الذين لا يفلحون فمن هم: {ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذّب بآياته إنه لا يفلح الظالمون}، {فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذّب بآياته إنه لا يفلح المجرمون} الذين يأخذون بأسباب الجريمة في العقيدة والعمل، {ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون}.

أيها الأحبة: لا بد لنا أن نتطلع إلى ما يقرّبنا إلى الله، وإلى من يأخذ بنا إلى أسباب الفلاح، لنحصل على الفلاح في الدنيا والفلاح في الآخرة، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.

الخطبة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم

عباد الله.. اتقوا الله وواجهوا الموقف بالمسؤولية الكبرى التي تتحرك في كل أوضاع المسلمين جميعاً في مواجهة المستكبرين جميعاً، لأن الواقع الذي نعيش فيه كمسلمين ومستضعفين في الأرض هو واقع يتحرك من أجل تدمير كل أوضاعنا، لأن المستكبرين لا يريدون أن تقوم للمسلمين قائمة على جميع المستويات العامة والخاصة، بل يعملون ليكونوا هم القوة الكبرى في العالم. لذلك، لا بد أن نستعد لهذا التحدي ونتحمّل مسؤولياتنا في ما أعطانا الله من قوة ونستزيد منها، وذلك بخلاف ما هو الواقع، حيث يتحرك المسلمون في أكثر من موقع على أساس العجز والفشل وما إلى ذلك، فماذا هناك:

الدول الإسلامية عجزٌ واقعي

في تركيا، كان لـ"منظمة المؤتمر الإسلامي" اجتماع لوزراء خارجية الدول الإسلامية الـ57، وصدر عنه قرار سخيّ بمساعدة العراق بفعالية في الفترة الانتقالية، وبدعوة الأمم المتحدة لنشر قوات لحفظ السلام في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مجدداً دعمه لقيام دولة فلسطينية، وبإنجاح المسارين اللبناني والسوري ودعمه للبنان في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وبإدانته التهديدات ضد سوريا والعقوبات الأمريكية المفروضة عليها..

إنه كلام جميل، ولكن السؤال: ما هي آلية التنفيذ في مفردات السياسات الذاتية لكل دولة من هذه الدول، وما هي عناصر الضغط السياسي والاقتصادي التي تملكها هذه الدول لتحويل هذا القرار إلى واقع؟ وما هي القوة التي تحرّكها في هذا الاتجاه؟ وهل تملك من أمرها شيئاً في مواجهة الضغوط الأمريكية التي تحاصر هذه الدول في أوضاعها الأمنية والاقتصادية والسياسية، لتفرض عليها أكثر من تجميد لقضاياها الحيوية المصيرية بقدر ما يتصل الأمر بالمصالح الأمريكية الاستراتيجية المتحالفة مع المصالح الإسرائيلية، بما يؤدي إلى إحساس الجميع بالعجز في تحويل القرار إلى واقع فعلي؟ ولا ندري لماذا لم تهدد هذه الدول بالعقوبات الاقتصادية لإسرائيل ولأمريكا، ردّاً على التهديدات العسكرية والاقتصادية والسياسية لهاتين الدولتين؟!

إننا نجد في هذه المنظمة التي منحت نفسها اسم الإسلام ـ من خلال صفة شعوبها ـ لافتة لا تعبّر عن واقعية تطلعات الشعوب الإسلامية، ولا تتحرك بجديّة في تحريك قراراتها، بل إنها تواجه الموقف بالطريقة التي تعبّر فيها ـ في خلفياتها ـ عن الخضوع للعجز الواقعي تحت تأثير الوحي الأمريكي الضاغط من وراء الستار..

الإدارة الأمريكية: سياسة بوجهين

أما الإدارة الأمريكية برئاسة جورج بوش، فلا نجد وصفاً لها أفضل من الإدانة التي وجهها دبلوماسيون وعسكريون أمريكيون سابقون للسياسة الخارجية المتغطرسة التي تعتمد على القوة العسكرية المفرطة واللاأخلاقية، ما أدى إلى عزلة دولية لم تشهدها الولايات المتحدة في تاريخها، واتهم البيان هذه الإدارة بأنها مدفوعة باعتبارات أيديولوجية بدلاً من التحليل العقلاني، وبتدبير غزو العراق من خلال التلاعب بمعلومات استخباراتية غير موثوقة حول أسلحة الدمار الشامل، وتعطيل الحل العادل للصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني..

إن هذه الإدانة من هؤلاء تدلنا على سياسة هذه الإدارة المتغطرسة التي شجّعت إسرائيل على تدمير البنية التحتية للفلسطينيين، واعتبرت المواجهة للاحتلال إرهاباً، وحوّلت الظلم الإسرائيلي للأرض والإنسان الفلسطيني أمراً واقعاً في تشريع للمستوطنات وللجدار الفاصل، مع اللعب على الألفاظ بطريقة نفاقية، تتحدث مع العالم بأسلوب ومع إسرائيل بأسلوب آخر تشجيعي، ما جعل الدولة الفلسطينية في خطة الطريق نكتة سياسية مضحكة، كما حوّلت اللجنة الرباعية الدولية إلى مجرد تجمّع عاجز عن أيّ حلّ، لأن الذين يسيطرون على الإدارة من اليهود والمحافظين الجدد يعملون لمصلحة إسرائيل أكثر مما يعملون لمصلحة أمريكا..

العراق: سيادة شكلية

ولذلك، فإننا أمام هذا الواقع المأساوي الذي تحوّل إلى كارثة في فلسطين، لا بدّ من أن تقف شعوبنا موقفاً سلبياً ضد السياسة الأمريكية التي هي سرّ المأساة في فلسطين والعراق والمنطقة كلها، لأن هذا الانحياز الأمريكي الصارخ لمصلحة إسرائيل جعل شعوب المنطقة لا تفرّق بين أمريكا وإسرائيل في كل قضاياها المصيرية، ولا سيما في قضية الحرية التي أسقطتها أمريكا من حساباتها السياسية في دعمها المطلق للاحتلال الإسرائيلي، وفي إبقائها على الاحتلال للعراق حتى بعد إعطاء العراقيين السيادة في 30 حزيران، لأن الاحتلال الحالي سوف يتحوّل إلى احتلال واقعي بفعل بقاء القوات العسكرية والأمنية الأمريكية في العراق الذي لا يملك أمر تحريكها أو رفضها بحجة حماية أمنه، بمعاهدة لا تستطيع أية حكومة عراقية رفض التوقيع عليها.. والسؤال: إذا لم تستطع أمريكا بقواتها ـ مع حلفائها ـ حماية أمن جنودها وأمن المدنيين العراقيين في هذه المرحلة، فكيف يمكنها أن تحافظ على الأمن في فترة السيادة الشكلية، في غياب جيش وأمن عراقيين فاعلين؟!

لقد تحوّل العراق إلى ساحة تختلط فيها كل الأوراق، وأصبح المجرمون من الداخل والخارج يعملون على قتل المدنيين بدون رحمة ومن دون معنى.. وما زلنا نسمع من المسؤولين العراقيين في الحكومة المعيّنة أمريكياً حديثاً عن مجازر تنتظر العراقيين وأن عليهم الصبر.. والسؤال: ما هي الوسائل للخروج من هذا النفق المظلم ما دام الأمريكيون يمنعون فتح أية ثغرة للنور فيه؟؟

إيران: الموقف الحازم

وما دام الحديث عن أمريكا، فلا بد لنا من الإشارة إلى الضغط الأمريكي الذي تخضع له الدول الأوروبية ـ عبر وكالة الطاقة الذرية ـ في المواجهة السياسية لإيران في تجاربها النووية للأغراض السلمية، بعد أن أعلنت من أعلى موقع رفضها لصنع الأسلحة الذرية وانسجامها مع المعاهدة التي وقّعت عليها مع هذه الوكالة..

إننا نقدّر الموقف القوي لإيران في هذه المواجهة التي تقودها أمريكا، وكأن الوكالة تقول: "رتّبوا أيها الإيرانيون أوضاعكم مع أمريكا وستُحل كل المشاكل".. ونحن نتصوّر أن الجمهورية الإسلامية تملك القوة والإرادة اللتين تمكّنانها من الصمود وعدم الخضوع أمام هذه الضغوط الأمريكية.

لبنان: أزمات متلاحقة

أما في لبنان الذي تُفتح فيه ملفات الأزمات في الجذور العميقة للمشاكل، فإن الحركة السياسية تتحوّل من معالجة الأصول للتحرك في الفروع.. ففي أزمة الكهرباء كان هناك حديث كثير حول خطوط الفساد والهدر والخلل الإداري والشخصيات المتعاقبة على إدارة الطاقة، ولكن الحلول الجذرية هربت من قانون المحاسبة، ليصرخ الجميع أن هناك مشكلة موسم الاصطياف الذي لا يتحمّل التعتيم، فقرروا المليارات الآن لتتبعها المليارات غداً، ولتؤجّل كل ميزانيات الدولة، ولتتحرّك الديون للمؤسسات التي لا تستطيع الوفاء بديونها، لتتبعها ديون الدولة التي تبحث عن الضرائب على الفقراء الذين سوف تشغلهم اللعبة السياسية عن الاستحقاق الرئاسي والانتخابي..

ويبقى الجوع الكافر يصرخ: كيف نعيش، وكيف نواجه الأزمات الحياتية.. وتبقى الدوّامة في أكثر من أزمة رئاسية وحكومية.. وتبقى الطائرات الإسرائيلية تتجوّل في لبنان بطريقة اعتيادية.. وتبقى المخدرات السياسية.. وتستمر الملهاة في أحضان المأساة.. وكل لبنان وأنتم بألف شرّ.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية