ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك، بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين، ومما جاء في خطبته الأولى:
الأذية تجلب البهتان والإثم
يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً}. من بين الصفات التي يريد الله تعالى للإنسان المسلم أن يتّصف بها في حياته الاجتماعية مع الناس، سواء كان في داخل بيته أو في داخل المجتمع، هو أن يكون الإنسان المسالم الذي لا يأتي منه للناس إلا الخير، ولا يصدر منه الشر، بحيث ينظر إلى الناس على أنهم إخوته أو أنهم يتفقون معه في الإنسانية، كما جاء في حديث الإمام عليّ (ع): "إن الناس صنفان: إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق". إن الله تعالى لا يريد للإنسان عندما يتكلم أن يكون كلامه مؤذياً للذين يوجّه إليهم الكلام، بل لا بد أن يكون مريحاً لهم، لأن هذا هو سرّ سلامة المجتمع، لأن إيذاء الإنسان للإنسان يخلق في نفسه الحقد والعداوة، ويشعره بالمهانة والاحتقار، وبذلك يعيش المجتمع الكثير من الارتباكات والتعقيدات والمشاكل. إن الله تعالى يريد للإنسان أن يرش المحبة للناس من قلبه كما يرش العطر، ولا يرش العداوة والبغضاء، وكلكم تعرفون أن الذين يؤذون الناس، ولا سيما المؤمنين والمؤمنات، فإنهم يغرسون الكثير من العداوة والبغضاء في النفوس. فالله تعالى يقول: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا ـ أيّ بغير حق، لأن لك الحق في أن ترد الإساءة بمثلها من باب الدفاع عن النفس، ولكن إذا كان هذا الإنسان لا يعتدي عليك ولا يسيء إليك، ولكنك من خلال تسويل الشيطان تعيش الإحساس بضرورة أن تفرض نفسك على الناس، لأنك تعيش انتفاخ الشخصية، أو لأنك تريد أن تثبت رجولتك وبطولتك في إيذاء الناس ليسقطوا أمامك، فإذا فعلت ذلك، فإنك سوف تواجه عذاب الله ـ فقد احتملوا بهتاناً ـ والبهتان هو أن تفعل مع إنسان ما لا حق لك فيه، وما ليس له أساس ـ وإثماً مبيناً}، معصية تستتبع العقاب عند الله تعالى.
رقابة الإنسان على نفسه
وعلى ضوء ذلك، لا بد للإنسان أن يكون رقيباً على نفسه عندما يعيش حياته الاجتماعية في الأمور الصغيرة والكبيرة، عندما يعيش الأب أو الأم أو الأولاد في بيوتهم، فلا يجوز للوالدين أن يؤذيا أولادهما في ما لا حقّ لهما فيه، لأن الكثيرين من الآباء يفرضون أنفسهم على أولادهم ليثبتوا عنفوان الأبوة، وكذلك الأمهات، ما يوجب إيذاء الأولاد، ولذلك ليس للأب أو للأم الحرية في أن يضغطا على أولادهما أو على مستقبلهم في ما لا مصلحة لهم فيه، لأن الولد هو أمانة الله عند والديه، وهم أخوة لكما في الدين، ولا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى، حتى أن النبي(ص) في ما ينقل عن سيرته، جاءه شخص ومعه ولدان فقبّل أحدهما، فأمره النبي (ص) أن يقبّل الآخر. وما يجري في مجتمعاتنا من تمييز بين الذكور والإناث في المعاملة والعطية هو أمر غير أخلاقي.. كذلك الإنسان عندما يعيش في المنزل الزوجي، فلا يجوز للزوج أن يؤذي زوجته، ولا بد أن يفهم أن عقد الزواج لا يجعل الزوجة مستعبَدة للزوج، صحيح أن المهور غالية في هذه الأيام، ولكن للمرأة كل الحرية في الحقوق الزوجية، كما أن الزوج حرّ في كل أموره إلا في الحقوق الزوجية، وهو عقد يجعل لك حقاً بمقدار مضمونه، ولا يجعل الزوجة مملوكاً للزوج، والعكس الصحيح، فالزوجة إنسان والزوج إنسان، فلا يجوز للزوج أن يشتم زوجته ويضربها ويشتمها، لأنه لا فرق من الناحية الشرعية في هذه المسألة بين زوجتك وزوجة ابن الجيران، والزوجة أيضاً لا يجوز لها أن تؤذي زوجها من خلال منعها حقه الشرعي أو أن تعتدي عليه أو تشوّه صورته بين الناس.
المؤذي مصيره النار
بعض الناس قد يصلّي صلاة الليل ولكن النار في انتظاره، لأنه يعيش الأذية للناس، وحتى لأقرب الناس إليه، وقد ورد عن النبي (ص): "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله"، وقد ورد في الحديث عنه (ص): "أذل الناس من أهان الناس"، وعنه (ص): "من آذى مؤمناً فقد آذاني"، لأن المؤمن عزيز عند رسول الله. وعن الإمام علي (ع): "لا يحلّ لمسلم أن يروّع مسلماً". وعن الإمام جعفر الصادق (ع): "قال الله عزّ وجلّ: ليأذن بحرب مني من آذى عبدي المؤمن"، ومن منا يتحمّل أن يحاربه الله؟ وعن رسول الله (ص): "من نظر إلى مؤمن نظرة يخيفه بها ـ كأن ينظر إلى زوجته وأولاده في غير حالة تأديب نظرة مخيفة لكي يفرض نفسه عليهم ـ أخافه الله تعالى يوم لا ظلّ إلا ظله"، والخوف في يوم القيامة صعب. وعن النبي (ص): "قال الله تبارك وتعالى: من أهان لي وليّاً فقد أرصد لمحاربتي"، وعن النبي (ص): "من أحزن مؤمناً ـ من خلال إهانته وأذيته ـ ثم أعطاه الدنيا لم يكن ذلك كفارته، ولم يؤجر عليه".
كفّ الأذى صدقة
وهناك صدقة يدلُّنا عليها رسول الله (ص) يستطيع أن يتصدّق بها الإنسان على نفسه، فيقول: "كفّ أذاك عن الناس فإنه صدقة تصدّق بها على نفسك"، وأيّ صدقة على نفسك أعظم من هذه الصدقة؟ وعن الإمام زين العابدين (ع): "كفّ الأذى من كمال العقل ـ الإنسان الذي كمل عقله هو الذي يكفّ أذاه عن الناس، لأن ذلك يجعله في موقع محبة الناس ومحبة الله، والعقل يقودك إلى أن تقوم بالعمل الذي تجلب فيه محبة الله والناس لك ـ وفيه راحة للبدن عاجلاً وآجلاً"، وعن الإمام عليّ (ع): "المؤمن نفسه منه في تعب والناس منه في راحة"، المؤمن هو الذي إذا عاش مع الناس كان الناس في راحة منه وبدنه في تعب، لأنه يمنعه عما يشتهيه من إيذاء الناس ويوجهه إلى ما يرفع شأنه عند الله تعالى.
درجة عظيمة لمن تحملوا العذاب
وهناك نقطة أخرى، وهي تحمّل الأذى من الناس، لا سيما الأشخاص الذين يقومون بإصلاح المجتمع وإبعاده عن الخرافة والفساد، أو أولئك الذين يدعون الناس إلى الله ويقودونهم إلى طاعته، والذين يواجهون الظلمة والطغاة والمستكبرين، فهؤلاء يتحمّلون الأذى، لأنهم يمشون ضد التيار الذي يوجّه ضرباته إليهم، فالله عزّ وجلّ يعظّم شأن الذين يتحمّلون الأذى من أجل دينهم وربهم وصلاح مجتمعهم، فيقول تعالى: {ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أؤذي في الله ـ أؤذي من خلال إيمانه ـ جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنّا كنا معكم أوليس الله بأعلم بما في صدور العالمين}. ثم يتحدث عن الذين كانوا في الدرجة العليا في صدر الإسلام وهم المهاجرون، فيقول تعالى: {فالذين هاجروا وأُخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقُتلوا لأكفّرن عنهم سيئاتهم}، الذين أُخرجوا من ديارهم بغير حق، والذين سجنوا وأوذوا في سبيل الله، فإن الله يكفّر عنهم سيئاتهم. ويوجّه الله النداء إلى رسوله (ص) الذي قال: "ما أوذي أحدُ مثل ما أوذيت"، فيقول تعالى: {ولقد كُذّبت رسل من قبلك فصبروا على ما كُذّبوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدّل لكلمات الله ولقد جاءك من نبأ المرسلين}. إن مجتمعنا الإسلامي مجتمع يعيش التعب في كل أوضاعه؛ تعب اقتصادي وسياسي، يعيش الناس الكثير من مشاكله في كل أوضاعهم، وهناك متاعب خاصة في كل بيت من خلال أن بعضنا يعيش حالة "عقربية"، فإذا أردنا أن نتقرّب إلى الله عزّ وجلّ، فعلينا أن نعطي الناس الراحة بدل التعب، والسرور بدل الحزن، والخدمة بدل الأذى. إن الدنيا لا تغني عن الآخرة، وعلى كل إنسان تدعوه نفسه أن يفرض قوته على الضعفاء، أن ينظر إلى قوة الله فوقه:
وما من يد إلا يد الله فوقها وما ظالم إلا سيبلى بأظلم
الخطبة الثانية بسم الله الرحمن الرحيم
عباد الله.. اتقوا الله وانفتحوا على الناس من حولكم كما ينفتح الإنسان على نفسه وأخيه، فقد قال رسول الله(ص): "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر"، وقال الله تعالى: {إنما المؤمنون أخوة}، فعلينا أن نحسن إلى إخواننا كما نحسن إلى أنفسنا، فلا يصدر منا تجاههم إلا الخير، والله يحب من يفعل الخير، وهو سبحانه لا يضيّع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى. لذلك، علينا أن نجاهد أنفسنا ونوجهها في سبيل أن نقدّم حسابنا لله لنعرف كيف نجادل عن أنفسنا {يوم لا ينفع مال ولا بنون* إلا من أتى الله بقلب سليم}. وعلينا أن نعرف أن الاستكبار العالمي يحرك كل قوته في سبيل إيذاء المؤمنين والمؤمنات والإجهاز على سياستهم واقتصادهم وأمنهم، فعلينا أن نرد العدوان بمثله، ولا نترك له الفرصة لتنفيذ خطته، لأننا عندما ندرس خطط الاستكبار العالمي، ولا سيما الأمريكي والصهيوني، نجد أنهم يخططون لكي نحارب بعضنا بعضاً، ونستعين بالظالم على إخواننا وأهلنا، ونحن نعرف أن الظالم لا يمكن أن يخدم إلا مصلحته، فتعالوا نتعرّف على ما يخطط له الظالمون:
أمريكا همها الأمن اليهودي
يبقى الملف الفلسطيني في الخطة الأمريكية في الدائرة الأمنية، من خلال اللقاءات مع المسؤولين الفلسطينيين، ولم يقترب إلى الدائرة السياسية التي هي أساس المشكلة في الصراع، وهي مسألة الاحتلال وحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، لأن اهتمامات الإدارة الأمريكية لا علاقة لها بمستقبل الحرية لهذا الشعب، بل كل ما لديها من الخطة في فلسطين والمنطقة هو حماية أمن الشعب اليهودي، ما يجعل حركتها في المنطقة كلها ـ في الواقع العربي والإسلامي ـ خاضعة للحرب ضد ما تسمّيه الإرهاب أو أسلحة الدمار الشامل، لعلاقة ذلك بإسرائيل..
محاصرة أمريكية لمعارضي السياسة الإسرائيلية
إن أمريكا تحدد موقفها من إيران، في حصارها الاقتصادي والسياسي والأمني، بالموقف الإيراني من قضية ما يسمّى بالسلام في الشرق الأوسط، باعتبار أن إيران تدعم المقاومة اللبنانية والفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، كما تضغط على سوريا لأنها تمثّل حالة العنفوان العربي ضد العنجهية الصهيونية، بالإضافة إلى دعمها لحركتي الانتفاضة والمقاومة.. حتى أنها ـ أيّ أمريكا ـ بدأت تلعب أكثر من لعبة إعلامية وسياسية ضد بعض الدول التي تتميّز بتحالفها معها كمصر والسعودية، من أجل إضعاف موقعهما المعارض للطريقة الإسرائيلية التي تدير بها احتلالها للأراضي الفلسطينية، في الجريمة المتحرّكة بالوحشية تجاه الشعب الفلسطيني، بالتنسيق مع الوحشية الأمريكية السياسية التي تمنح إسرائيل الضوء الأخضر للقيام بتدمير البنية التحتية للفلسطينيين، وتدمير كل شيء فلسطيني، ابتداءً من الإنسان إلى المزارع والمساكن، وذلك بالأسلحة الأمريكية المتقدّمة.. التهويل ضد العراق لطمس الجرائم الإسرائيلية حتى أن ما تقوم به أمريكا من التهويل حول الحرب ضد العراق، قد يدخل في الحرب الإعلامية التي تطل على ضغوط سياسية من أجل إشغال العالم عن متابعة الجرائم الإسرائيلية في إسقاط كل حقوق الإنسان في التعامل مع إنسان فلسطين.. من دون أن تكون جادّة في مسألة تخفيف آلام الشعب العراقي وإنقاذه من كل المعاناة الداخلية والخارجية المحيطة به، التي تتحمّل أمريكا المسؤولية الكبرى في أكثر من جانب في ذلك، لا سيما في تدخّلها في إسقاط الانتفاضة العراقية.. إن الخطة الأمريكية تنطلق من إيجاد نظام موالٍ لها، من أجل أن تتحكّم بالقرار العسكري والنفطي كوسيلة للإمساك بالشرق الأوسط كله. إننا ندرك حجم الكارثة الإنسانية التي يعانيها الشعب العراقي، تماماً كما هي مأساة الشعب الفلسطيني، ما يجعله يفكر بالخلاص وربما يطرح البعض التحرر من الكابوس بأية طريقة، ولكننا نعتقد أن أمريكا لا تفكّر في المنطقة إلا بمصلحة إسرائيل، على أساس التحالف الاستراتيجي بينهما، لتكون كل دول المنطقة على هامش أمن إسرائيل.. وإذا أردنا أن نعرف قيمة الوعود الأمريكية في حلّ المشكلة هنا وهناك، فعلينا أن نتطلّع إلى الوعود الاقتصادية والأمنية والتلويح بإعادة بناء أفغانستان، التي لم يتحقق منها شيء، بل اكتفت بالإمساك بالسلطة المركزية لتحقيق مخططاتها السياسية والأمنية في تلك المنطقة، وعلى الجميع أن يتذكّروا المعادلة الظريفة التي تقول: إن عداوة أمريكا لأي شعب متعبة، ولكن صداقتها قاتلة.
سعي أمريكي للإجهاز على فلسطين الدولة
إن المشكلة الآن عند السلطة الفلسطينية لدى أمريكا هي إصلاح الأمن، ليكون جهازها الأمني فرعاً من الأمن الأمريكي والإسرائيلي، لتكون فلسطين الدولة على هامش الأمن الإسرائيلي في السياسة والاقتصاد والإعلام وحتى في الثقافة، بعد تأجيج نار الفتنة بين الفلسطينيين وتدمير الانتفاضة، لتدخل السلطة ـ أيّاً كانت قيادتها ـ في المفاوضات من دون قوة تملك فيها الحصول على أيّ حق من حقوقها الوطنية.. وهذا هو ما تمثّله اللقاءات الأمريكية ـ الفلسطينية في واشنطن، واللقاءات الفلسطينية ـ الصهيونية في القدس، تحت شعار "الأمن الإسرائيلي أولاً"، ولا أمن للفلسطينيين ولا دولة ولا حرية إلا من خلاله، وقد عبّر وزير خارجية أمريكا الأسبق "كيسنجر" عن الخطة الأمريكية قائلاً: "إن الطريق إلى القدس تمر ببغداد من أجل قيام نظام عالمي جديد"، تحت عنوان محاربة انتشار أسلحة الدمار الشامل.. ومن المعلوم أنه لا يدعو إلى تدمير أسلحة الدمار الشامل في إسرائيل، لأن المطلوب أمريكياً أن تبقى إسرائيل القوة النووية الوحيدة في المنطقة. إن المرحلة هي مرحلة الهجمة على الأمة كلها، تحت أكثر من عنوان أمني إقليمي، في استغلال لأكثر من حالة محلية هنا وهناك، وعلى الأمة كلها ـ في الدائرة العربية والإسلامية ـ أن تعي الخطة المرسومة لإعادة السيطرة الاستكبارية الجديدة، لكن بوسائل أخرى، باسم التحرير والديمقراطية والحضارة، ولكن من دون مضمون حقيقي في تطلّعات الشعوب المستضعفة المستقبلية. تمتين الوحدة الداخلية أما في لبنان، فإننا نريد للبنانيين أن يتماسكوا في هذه المرحلة، وأن يعملوا على تمتين وحدتهم الداخلية أكثر من أيّ مرحلة سابقة، لأن الأخطار التي تهدد كيانهم السياسي هي أكبر من تلك التي كانت في مراحل سابقة، على الرغم من زوال الاحتلال الإسرائيلي. ولذلك، فإننا نحذّر من أن هناك بوقاً دولياً قد يتحرك من خلال همس يهمس به سفير هذه الدولة الكبرى أو تلك، يُراد من خلاله إيهام البعض برهانات جديدة حول تغييرات ما قد تحصل لحساب هذه الفئة أو تلك، وليس ذلك إلا من قبيل ذرّ الرماد في العيون، وإشغال اللبنانيين عن الأخطار السياسية والاقتصادية التي تطل عليهم من خلال أكثر من مشروع وخطة عبر المنطقة.. إننا نعرف ـ جميعاً ـ أن الرهان على المحاور الدولية المعادية لأمتنا وقضايانا سيكون رهاناً خاسراً في المستقبل، كما كان كذلك في الماضي، وأن الأحلام الوهمية التي يرشها هذا المحور أو ذاك يُراد لها أن تُحدث بلبلة داخلية تطوّق أيّ مسعى لحلحلة الأمور السياسية والاقتصادية، لأنه يُراد للبنان أن يظل يسير في خط الاهتزاز السياسي والاقتصادي وفي علاقاته مع محيطه العربي والإسلامي، ريثما تفرغ أمريكا من إتمام الحلقات المتبقية لمشروعها الأكبر في المنطقة. لذلك، حذارِ حذار من الرهان على حسابات وهمية جديدة خاطئة، لأن الذي يدفع الثمن هو الشعب اللبناني كله، وقد دفع اللبنانيون، مسيحيون ومسلمون، الثمن سابقاً من خلال همس لهذا السفير الأمريكي أو ذاك السفير الأوروبي، فهل نلدغ من الجحر في المراحل اللاحقة كما لدغنا منه في المراحل السابقة؟! |