علينا أن نفكر بأن الدنيا مزرعة الآخرة

علينا أن نفكر بأن الدنيا مزرعة الآخرة

لأن أساس الدين هو العدل
علينا أن نفكر بأن الدنيا مزرعة الآخرة


ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين ، ومما جاء في خطبته الأولى :

العدل أساس الدين

من العناوين الكبيرة التي أعطاها الإسلام من خلال القرآن الكريم والسنّة النبوية، دوراً كبيراً في كل حركة الوجود، عنوان العدل، فالله تعالى وصف نفسه بالعدل، فهو خالق الكون، وقد جعل لمخلوقاته حقاً عليه لا تملكه في ذاتها، ولكنه أعطاها ذلك الحق وجرى في سننه عليها، فالله تعالى هو العادل والعدل من صفاته الأساسية، وقد أكد الله في أكثر من آية أن كل ما يجري على الناس في الدنيا والآخرة فإنه لا يجري عليهم على أساس أن الله يظلمهم: {وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون}.

فالله تعالى هو الذي أعطى كل شيء من الوجود حقه، وأعطى الإنسان حقه، وأراد للإنسان أن يعيش العدل في كل وجوده، ليستقيم الوجود به، ولم يتحدث أيّ دين من الأديان، وأية حضارة من الحضارات، عن العدل كما تحدث القرآن، فالله حدّثنا أن أساس الدين هو العدل: {لقد أرسلنا رسلنا بالبيّنات ـ التي تثبت رسالتهم ـ وأنزلنا معهم الكتاب ـ التوراة والإنجيل والقرآن وصحف إبراهيم ـ والميزان ـ الذي يزن مقادير الأشياء وقيمها ـ ليقوم الناس بالقسط}، يعني كل الرسالات والرسل والكتب المقدّسة وكل ميزان القيمة، من أجل أن يقوم الإنسان بالعدل.

علامات الظلم وأنواعه

ونفهم من هذا الأساس، أن علاقة الدين بالعدل هي علاقة ذاتية وأساسية، أن تكون صاحب دين يعني أن تكون العادل بكل معنى العدل، وأن تكون الظالم يعني أن لا تكون صاحب دين، سواء صلّيت أو صمت، وقد وصف الإمام عليّ (ع) الظالم بصفات ثلاث: "للظالم ثلاث علامات: يظلم من فوقه بالمعصية ـ وفوق الفوق هو الله، هو الأعلى، فأنت تظلم ربك لا من موقع قوة، والقوة لله جميعاً، ولكن تظلم ربك بأن لا تعطيه حقه في توحيده في العقيدة والعبادة والطاعة، وهذا ما عبّر عنه لقمان في وصيته لولده: "يا بني، لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم"، فأنت عندما لا تؤدي لمن فوقك حقه فأنت ظالم، هذا بالنسبة إلى الله، وأيضاَ إذا لم تؤد للنبي(ص) حقه في القيام لما قرره من سنّة فأنت ظالم له، وهكذا عندما تظلم الإنسان الذي يملك مسؤولية بالنسبة إليك، قد تكون موظفاً ولصاحب العمل حق عليك في الدوام والعمل، فإذا حاولت أن تستغلّ غفلته أو بعض الإرباك الموجود في الإدارة أو المصنع، فحاولت أن تحرمه حقه، فتأتي بإجازات مرضية غير صحيحة أو تعتذر بأعذار تبرر لك الغياب وهي غير صحيحة، فأنت ظالم له ـ ومَنْ دونه بالغلبة ـ الإنسان الذي هو أضعف منك من ناحية القوة، إذا حاولت أن لا تعطيه حقه الإنساني والشرعي والتعاقدي، من جهة استخدام قوتك، فأنت ظالم ـ ويظاهر القوم الظلمة" الشخص الذي ينصر الظالمين ويدافع عنهم.

وقد تحدث عليّ (ع) في نهج البلاغة عن أنواع الظلم، يقول: "الظلم ثلاثة: ظلم لا يغفر، وظلم يغفر، وظلم مطلوب لا يُترك، أما الظلم الذي لا يُغفر فالشرك بالله ـ أن تظلم ربك في حقه في العبادة وفي الطاعة ـ وأما الظلم الذي يغفر فظلم العبد نفسه عند بعض الهنات ـ تظلم نفسك بأن تأتي بالمعاصي الصغيرة ـ وأما الظلم المطلوب الذي لا يُترك فظلم العباد بعضهم بعضا"، ثم يتابع الإمام (ع) وهو يحدثنا عن نتائج الظلم يوم القيامة، فيقول: "القصاص هناك شديد، ليس جرحاً بالمدى ـ ليس تقطيعاً بالسكاكين ـ وليس ضرباً بالسياط، ولكنه ما يُستصغر ذلك معه"، لأن المظلوم يطلب من الله أن يقتص له من ظالمه، وشعار يوم القيامة: "لا ظلم اليوم".

موازين العدل وقوامه

لذلك، أراد الله تعالى للإنسان أن يقيم العدل الفردي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي والأمني، أن تعطي كل ذي حق حقه حسب مساحة الحق ومساحة الواقع. وعلى ضوء هذا، فلا بد لنا عندما نعيش حياتنا أن ندرس حقوق الآخرين علينا كما ندرس حقوقنا على الآخرين، لنعطي كل ذي حق حقه كما نفكر أن يعطينا كل إنسان عليه الحق حقوقنا، أن لا نفكر كيف نأخذ حقوقنا من الآخرين فحسب، بل أن نفكر كيف يمكن أن نعطي الآخرين حقوقهم، لأن من العدل أن تتصرف مع الآخرين كما تريد لهم أن يتصرفوا معك، وقد قال شخص لرسول الله (ص): يا رسول الله، أحبّ أن أكون أعدل الناس.. فقال (ص): "أحبّ للناس ما تحب لنفسك تكن أعدل الناس".

وهناك نقطة، وهي أن مسألة العدل ليس فيها أي طبقية، وليس فيها أيّ دخل لنوعية العلاقات بينك وبين الإنسان الذي تريد أن تعدل معه، حتى أن العدل لا يفرّق فيه بين المؤمن والكافر، فيجب عليك أن تعدل مع الكافر حتى ضد المؤمن الظالم، ولا فرق فيه بين القريب والبعيد، فعليك أن تعدل مع البعيد ضد القريب إذا كان الحق له، ولا فرق بين الصديق والعدو فعليك أن تجري العدل مع عدوّك إذا كان الحق له، فليس هناك عاطفة في العدل، لا عاطفة مضادة كما في موقف الإنسان مع أعدائه، ولا عاطفة موافقة كما في عدل الإنسان مع أقربائه، وقد أكد القرآن الكريم هذه المسألة في أكثر من آية.

وفي كلمة للإمام عليّ (ع): "العدل أساسٌ به قوام العالم"، العالم إنما يقوم ويتركز ويستقيم من خلال العدل، وقد قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوّامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين، إن يكن غنياً أو فقيراً ـ لأن الغني قد يكون صاحب حق فتأخذ العاطفة بعض الناس على الفقير، أو العكس، وعلى الإنسان أن يقول كلمة الحق، لأن المجتمع لا بدّ أن يقوم على أساس أن لا يشهد أحد شهادة زور، وفي ذلك تحصين لموقع الفقير مستقبلاً ـ فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيراً}.

وفي الجانب الثاني، يقول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوّامين لله شهداء بالقسط ـ أن تقوم لله لا لحساب فلان ـ ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا ـ لا تمنعكم العداوة والخصومة بينكم وبين الآخرين من العدل ـ اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله ـ لا سيما عندما يوسوس لك الشيطان بأن هذا عدو وذاك صديق ـ إن الله خبير بما تعملون}، وما دام الله خبيراً فبأي شيء تجيب ربك إن لم تعدل؟

الدنيا مزرعة الآخرة

ومشكلتنا أننا دائماً نفكر باللحظة الحاضرة، نخاف أن يغضب فلان، أو يمكن أن أخسر صداقة فلان إذا شهدت بالحق، ولكن أن يغضب الله فإن هذه المسألة غير واردة في حساب الكثيرين، على أساس أنه "ليوم الله بيهوّن الله"، كما يقول البعض، وهناك آية قرآنية يخاطب الله تعالى فيها المسلمين والنصارى واليهود: {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب ـ لا تمشوا بالأحلام ـ من يعمل سوءاً يُجزَ به ولا يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً}..

وأول مكان يتعلّم فيه الإنسان العدل والظلم هو البيت الأبوي، فعندما يظلم الأب أولاده أو أمهم، يتعلّم الأولاد أول درس في الظلم، فيتحوّلون إلى ظالمين لأولادهم ولزوجاتهم، وفي بعض الحالات يظلم الأبناء آباءهم، لا سيما في حالات الشيخوخة، هذا ما يعلّم الولد على الظلم، وما إلى ذلك من حالات الظلم.. هناك كلمة للإمام عليّ (ع) يقول فيها: "الضعيف الذليل عندي قوي عزيز حتى آخذ له بحقه، والقوي العزيز عندي ضعيف ذليل حتى آخذ منه الحق"، فعلى الإنسان أن يراقب الله في البيت والمجتمع، وأن يتقي الله عندما ينظر إلى مواقع قوته وسيطرته وقدرته.

علينا أن نفكر أن الدنيا مزرعة للآخرة، وكما تزرع تحصد، بعض الناس يجمعون الحطب وعود الثقاب لكي يحرقوا أنفسهم يوم القيامة في النار، وبعض الناس يجمعون الورود لكي يزيّنوا بها جنتهم، الحطب نجمعه بسهولة، ففي أيام الخريف يكثر الحطب، أما زرع الورود فإنه يتعب، ولكن عندما يكبر الورد ترتاح لعطره ونتائجه وجماله، فهل نجمع الحطب أم نزرع الورد؟ قد نتعب بالعدل ولكن الحياة تكون أقوم وأفضل وأكثر استقامة، {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكّرون}.

الخطبة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم

عباد الله.. اتقوا الله واعدلوا فإنكم تعيبون على قوم لا يعدلون، اعدلوا لأن في العدل صلاح أمركم واستقامة حياتكم ونظم أموركم واجتماع شملكم، كونوا للظالم خصماً وللمظلوم عوناً، لا سيما إذا كان الظالم يملك من القوة ما يستطيع من خلالها أن يظلم العالم كله، إن على العالم المستضعف والمسلم أن يقف من أجل أن يجمع قواه ليتوازن الواقع، ليقف ضد الظالم ليضعفه أو يسقطه أو يحمي نفسه منه، ولا يجوز لأي إنسان أن يقف على الحياد إذا كان يملك أن يقوِّي موقف المظلوم ضد الظالم.

ونحن لا نزال نواجه ظلم الاستكبار العالمي الذي تقوده أمريكا من أجل أن تستعرض قوتها على كل المستضعفين في العالم، وعلينا أن لا نسترخي، بل أن نحدد مواقعنا في عملية صنع القوة، وقد أراد النبي (ص) أن يبرز الإيمان كله إلى الشرك كله، عندما يبرز الشرك كله إلى الإيمان كله، خصوصاً وأننا نعيش الكثير من الظلم العسكري والاقتصادي والأمني والسياسي، وعلينا أن نجمع قوتنا، فلا وقت للخلافات الحزبية والطائفية والمذهبية والإقليمية، لأن المستكبرين وحّدوا صفوفهم وحضّروا كل وسائلهم من أجل إسقاط حرية المستضعفين في سياستهم واقتصادهم وأمنهم، فتعالوا لنرى ماذا حدث في الأسبوع الماضي:

العدو يحاول تمييع المجزرة

المجزرة الوحشية التي ارتكبها الجيش الصهيوني في غزة في مداولات مجلس الأمن، وأمريكا وتهدد باستعمال الـ"فيتو" إذا قُدِّم مشروع إدانة لإسرائيل، وتعلن أنها تحضر جلسة المجلس على مضض، والأعضاء يبحثون عن قرار لا يحمل أية إدانة حفظاً لماء الوجه الأمريكي، لأن أمريكا هي الحاكمة لهذا المجلس، وهي القائدة للجنة الرباعية التي امتنع أعضاؤها عن تسمية المجزرة في غزة إرهاباً، في الوقت الذي كانوا يتطوّعون فيه للحكم على العمليات الاستشهادية للمجاهدين بأنها إرهاب يستحق الإدانة؟!

أما الجامعة العربية، فقد أصدرت بياناً لرفع العتب، من دون أن يكون هناك أيّ موقف يوحي بالقوة الفاعلة لدعم الموقف الفلسطيني، والعدوّ يحاول تمييع المجزرة في حديث عن الخطأ تارةً، وعن التحقيق أخرى، واستعداد لتقديم رشوة للفلسطينيين بتخفيف الحصار والإفراج عن بعض الأرصدة الفلسطينية، وعقد بعض اللقاءات ببعض مسؤولي السلطة..

فضيحة إنسانية دولية...

إننا في الوقت الذي نلاحظ فيه بعض الكلمات المتناثرة المعبِّرة عن الانتقاد لإسرائيل، لا نجد هناك أيّ شجب أو استنكار للمجزرة الوحشية في غزة، ما يمثّل فضيحة إنسانية دولية توحي بأن هذا العالم هو عالم الاستكبار العالمي الذي يدين المستضعفين المطالبين بالحرية والاستقلال، ويفرض الشروط التعجيزية عليهم، بينما يخفف حديثه عن جرائم المستكبرين، ولا سيما الأمريكيين في قصف المدنيين في أفغانستان، وعن جرائم الصهاينة في فلسطين!!

إننا نسأل: ما معنى حقوق الإنسان في الغرب؟ وما معنى تمثال الحرية في أمريكا؟ وما معنى العنفوان العربي لدى العرب، وما معنى العزة الإسلامية لدى المسلمين؟؟ إن الشعب الفلسطيني يصرخ مطالباً بحماية دولية، ولكن أمريكا تمنع ذلك وتمنح إسرائيل الضوء الأخضر لقتل الفلسطينيين ـ أطفالاً ونساءً وشيوخاً وشباباً ـ بالطائرات الأمريكية المتطوّرة.. ثم تقرر منح إسرائيل مائتي مليون دولار، وتتفهّم ـ حتى في هذه الظروف ـ حاجتها "للدفاع عن النفس ضد الإرهاب الفلسطيني"، كما يعبّر الرئيس الأمريكي في حديثه عن المجاهدين المطالبين بإزالة الاحتلال.

أخطر المراحل في تاريخ الأمة

إن الشعب الفلسطيني يقف ـ وحده ـ في مواجهة كل هذا العالم المستكبر، لولا بعض الأصوات الحييّة الخجولة، وهو يزداد في كل يوم صبراً وصموداً وتأكيداً على مواصلة الانتفاضة.. ولا تزال كل جماهيره من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب تتحدى الحصار ومنع التجوّل، وتقوم بالمظاهرات الاحتجاجية المنادية بالثأر، وتنطلق ـ من خلال أبطال الانتفاضة ـ للقيام بعمليات جهادية هنا وهناك..

وإننا بانتظار الجماهير العربية والإسلامية وقوى التحرر في العالم، للقيام بالانتفاضة السياسية والإعلامية، لأن التطورات الأمنية التي حدثت وتحدث في فلسطين تتجاوز في خطورتها ـ بفعل أساليب الإبادة ـ كل الظروف الماضية، فالمرحلة الحاضرة هي من أخطر المراحل في تاريخ الأمة، وعلينا أن نرتفع إلى مستوى المرحلة في حركة المسؤولية، لتأكيد القوة الفاعلة في ساحة التحدي.

القبح الأمريكي الوحشي

وفي هذه الأجواء، تعمل أمريكا على تحسين صورتها في العالمين العربي والإسلامي، بتخصيص مائة وخمسة وثلاثين مليون دولار من ميزانيتها المالية لعام 2003 لتعزيز البث الإذاعي والتلفزيوني باتجاه الدول الإسلامية، لمواجهة العداء ضد الأمريكيين.. إننا نقول للنواب الأمريكيين الذين أقرّوا هذا المبلغ: إن المليارات من الدولارات لا يمكن أن تمنح الوجه الأمريكي السياسي القبيح أية مساحيق تجميلية، ما دامت الإدارة الأمريكية تنتج القبح الوحشي ضد الشعوب المستضعفة..

إن الطريقة الوحيدة لتحسين صورة أمريكا لدى الشعوب هي الكف عن مصادرة قضاياها، وعن دعم الصهيونية والقوى الظالمة المستغِلة المتحرّكة ضد قضايا الحرية والاستقلال، ثم العمل على إخلاص أمريكا الدولة لحقوق الإنسان، ولا سيما الإنسان المستضعف في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية.

ذهنيّـة المصادرة

أما في لبنان، هذا الذي تهتز الأرض من حولـه عسكرياً وأمنياً، وتهتز أرضه اقتصادياً وسياسياً، ولكن يبدو أن كل ذلك لن يستطيع أن يغيّر شيئاً في العقلية السياسية، أو يبدّل شيئاً في الأداء السياسي!!

إن دولة لا تستطيع حلّ أزمة فرعية كيف تشمّر عن سواعدها استعداداً لحل المعضلة الاقتصادية الأساسية؟؟ إنها الذهنية التي صادرت البلد في الماضي، ويُراد لها أن تصادر ما تبقى له من دور في المستقبل.. إنها الذهنية التي وحَّلت أذهان اللبنانيين وكادت أن تصادر أحلامهم وآمالهم، فهل يكف النادي السياسي اللبناني ـ ولا سيما الرسمي ـ عن السير قدماً في خطاه المتعثرة، قبل أن يقتل الآمال ويزرع المزيد من الآلام؟!

إننا لا نمانع من الاختلافات في وجهات النظر من أجل السعي نحو إنقاذ البلد، ولكننا نرفض التجاذب في الأحاديث السياسية المتشنّجة من أجل حماية المصالح الخاصة، أو الامتيازات الشخصية من مالية أو سياسية..

أيها المسؤولون على مستوى جميع المواقع: إن الوطن يعاني من مرض عضال تزيده الأوضاع النفسية لتقضي على العناصر الحيّة في كيانه، فهل تعملون ـ مع الشعب كله ـ على إدخاله غرفة العناية الفائقة من أجل فرصة قريبة أو بعيدة للشفاء؟!

لأن أساس الدين هو العدل
علينا أن نفكر بأن الدنيا مزرعة الآخرة


ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين ، ومما جاء في خطبته الأولى :

العدل أساس الدين

من العناوين الكبيرة التي أعطاها الإسلام من خلال القرآن الكريم والسنّة النبوية، دوراً كبيراً في كل حركة الوجود، عنوان العدل، فالله تعالى وصف نفسه بالعدل، فهو خالق الكون، وقد جعل لمخلوقاته حقاً عليه لا تملكه في ذاتها، ولكنه أعطاها ذلك الحق وجرى في سننه عليها، فالله تعالى هو العادل والعدل من صفاته الأساسية، وقد أكد الله في أكثر من آية أن كل ما يجري على الناس في الدنيا والآخرة فإنه لا يجري عليهم على أساس أن الله يظلمهم: {وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون}.

فالله تعالى هو الذي أعطى كل شيء من الوجود حقه، وأعطى الإنسان حقه، وأراد للإنسان أن يعيش العدل في كل وجوده، ليستقيم الوجود به، ولم يتحدث أيّ دين من الأديان، وأية حضارة من الحضارات، عن العدل كما تحدث القرآن، فالله حدّثنا أن أساس الدين هو العدل: {لقد أرسلنا رسلنا بالبيّنات ـ التي تثبت رسالتهم ـ وأنزلنا معهم الكتاب ـ التوراة والإنجيل والقرآن وصحف إبراهيم ـ والميزان ـ الذي يزن مقادير الأشياء وقيمها ـ ليقوم الناس بالقسط}، يعني كل الرسالات والرسل والكتب المقدّسة وكل ميزان القيمة، من أجل أن يقوم الإنسان بالعدل.

علامات الظلم وأنواعه

ونفهم من هذا الأساس، أن علاقة الدين بالعدل هي علاقة ذاتية وأساسية، أن تكون صاحب دين يعني أن تكون العادل بكل معنى العدل، وأن تكون الظالم يعني أن لا تكون صاحب دين، سواء صلّيت أو صمت، وقد وصف الإمام عليّ (ع) الظالم بصفات ثلاث: "للظالم ثلاث علامات: يظلم من فوقه بالمعصية ـ وفوق الفوق هو الله، هو الأعلى، فأنت تظلم ربك لا من موقع قوة، والقوة لله جميعاً، ولكن تظلم ربك بأن لا تعطيه حقه في توحيده في العقيدة والعبادة والطاعة، وهذا ما عبّر عنه لقمان في وصيته لولده: "يا بني، لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم"، فأنت عندما لا تؤدي لمن فوقك حقه فأنت ظالم، هذا بالنسبة إلى الله، وأيضاَ إذا لم تؤد للنبي(ص) حقه في القيام لما قرره من سنّة فأنت ظالم له، وهكذا عندما تظلم الإنسان الذي يملك مسؤولية بالنسبة إليك، قد تكون موظفاً ولصاحب العمل حق عليك في الدوام والعمل، فإذا حاولت أن تستغلّ غفلته أو بعض الإرباك الموجود في الإدارة أو المصنع، فحاولت أن تحرمه حقه، فتأتي بإجازات مرضية غير صحيحة أو تعتذر بأعذار تبرر لك الغياب وهي غير صحيحة، فأنت ظالم له ـ ومَنْ دونه بالغلبة ـ الإنسان الذي هو أضعف منك من ناحية القوة، إذا حاولت أن لا تعطيه حقه الإنساني والشرعي والتعاقدي، من جهة استخدام قوتك، فأنت ظالم ـ ويظاهر القوم الظلمة" الشخص الذي ينصر الظالمين ويدافع عنهم.

وقد تحدث عليّ (ع) في نهج البلاغة عن أنواع الظلم، يقول: "الظلم ثلاثة: ظلم لا يغفر، وظلم يغفر، وظلم مطلوب لا يُترك، أما الظلم الذي لا يُغفر فالشرك بالله ـ أن تظلم ربك في حقه في العبادة وفي الطاعة ـ وأما الظلم الذي يغفر فظلم العبد نفسه عند بعض الهنات ـ تظلم نفسك بأن تأتي بالمعاصي الصغيرة ـ وأما الظلم المطلوب الذي لا يُترك فظلم العباد بعضهم بعضا"، ثم يتابع الإمام (ع) وهو يحدثنا عن نتائج الظلم يوم القيامة، فيقول: "القصاص هناك شديد، ليس جرحاً بالمدى ـ ليس تقطيعاً بالسكاكين ـ وليس ضرباً بالسياط، ولكنه ما يُستصغر ذلك معه"، لأن المظلوم يطلب من الله أن يقتص له من ظالمه، وشعار يوم القيامة: "لا ظلم اليوم".

موازين العدل وقوامه

لذلك، أراد الله تعالى للإنسان أن يقيم العدل الفردي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي والأمني، أن تعطي كل ذي حق حقه حسب مساحة الحق ومساحة الواقع. وعلى ضوء هذا، فلا بد لنا عندما نعيش حياتنا أن ندرس حقوق الآخرين علينا كما ندرس حقوقنا على الآخرين، لنعطي كل ذي حق حقه كما نفكر أن يعطينا كل إنسان عليه الحق حقوقنا، أن لا نفكر كيف نأخذ حقوقنا من الآخرين فحسب، بل أن نفكر كيف يمكن أن نعطي الآخرين حقوقهم، لأن من العدل أن تتصرف مع الآخرين كما تريد لهم أن يتصرفوا معك، وقد قال شخص لرسول الله (ص): يا رسول الله، أحبّ أن أكون أعدل الناس.. فقال (ص): "أحبّ للناس ما تحب لنفسك تكن أعدل الناس".

وهناك نقطة، وهي أن مسألة العدل ليس فيها أي طبقية، وليس فيها أيّ دخل لنوعية العلاقات بينك وبين الإنسان الذي تريد أن تعدل معه، حتى أن العدل لا يفرّق فيه بين المؤمن والكافر، فيجب عليك أن تعدل مع الكافر حتى ضد المؤمن الظالم، ولا فرق فيه بين القريب والبعيد، فعليك أن تعدل مع البعيد ضد القريب إذا كان الحق له، ولا فرق بين الصديق والعدو فعليك أن تجري العدل مع عدوّك إذا كان الحق له، فليس هناك عاطفة في العدل، لا عاطفة مضادة كما في موقف الإنسان مع أعدائه، ولا عاطفة موافقة كما في عدل الإنسان مع أقربائه، وقد أكد القرآن الكريم هذه المسألة في أكثر من آية.

وفي كلمة للإمام عليّ (ع): "العدل أساسٌ به قوام العالم"، العالم إنما يقوم ويتركز ويستقيم من خلال العدل، وقد قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوّامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين، إن يكن غنياً أو فقيراً ـ لأن الغني قد يكون صاحب حق فتأخذ العاطفة بعض الناس على الفقير، أو العكس، وعلى الإنسان أن يقول كلمة الحق، لأن المجتمع لا بدّ أن يقوم على أساس أن لا يشهد أحد شهادة زور، وفي ذلك تحصين لموقع الفقير مستقبلاً ـ فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيراً}.

وفي الجانب الثاني، يقول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوّامين لله شهداء بالقسط ـ أن تقوم لله لا لحساب فلان ـ ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا ـ لا تمنعكم العداوة والخصومة بينكم وبين الآخرين من العدل ـ اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله ـ لا سيما عندما يوسوس لك الشيطان بأن هذا عدو وذاك صديق ـ إن الله خبير بما تعملون}، وما دام الله خبيراً فبأي شيء تجيب ربك إن لم تعدل؟

الدنيا مزرعة الآخرة

ومشكلتنا أننا دائماً نفكر باللحظة الحاضرة، نخاف أن يغضب فلان، أو يمكن أن أخسر صداقة فلان إذا شهدت بالحق، ولكن أن يغضب الله فإن هذه المسألة غير واردة في حساب الكثيرين، على أساس أنه "ليوم الله بيهوّن الله"، كما يقول البعض، وهناك آية قرآنية يخاطب الله تعالى فيها المسلمين والنصارى واليهود: {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب ـ لا تمشوا بالأحلام ـ من يعمل سوءاً يُجزَ به ولا يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً}..

وأول مكان يتعلّم فيه الإنسان العدل والظلم هو البيت الأبوي، فعندما يظلم الأب أولاده أو أمهم، يتعلّم الأولاد أول درس في الظلم، فيتحوّلون إلى ظالمين لأولادهم ولزوجاتهم، وفي بعض الحالات يظلم الأبناء آباءهم، لا سيما في حالات الشيخوخة، هذا ما يعلّم الولد على الظلم، وما إلى ذلك من حالات الظلم.. هناك كلمة للإمام عليّ (ع) يقول فيها: "الضعيف الذليل عندي قوي عزيز حتى آخذ له بحقه، والقوي العزيز عندي ضعيف ذليل حتى آخذ منه الحق"، فعلى الإنسان أن يراقب الله في البيت والمجتمع، وأن يتقي الله عندما ينظر إلى مواقع قوته وسيطرته وقدرته.

علينا أن نفكر أن الدنيا مزرعة للآخرة، وكما تزرع تحصد، بعض الناس يجمعون الحطب وعود الثقاب لكي يحرقوا أنفسهم يوم القيامة في النار، وبعض الناس يجمعون الورود لكي يزيّنوا بها جنتهم، الحطب نجمعه بسهولة، ففي أيام الخريف يكثر الحطب، أما زرع الورود فإنه يتعب، ولكن عندما يكبر الورد ترتاح لعطره ونتائجه وجماله، فهل نجمع الحطب أم نزرع الورد؟ قد نتعب بالعدل ولكن الحياة تكون أقوم وأفضل وأكثر استقامة، {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكّرون}.

الخطبة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم

عباد الله.. اتقوا الله واعدلوا فإنكم تعيبون على قوم لا يعدلون، اعدلوا لأن في العدل صلاح أمركم واستقامة حياتكم ونظم أموركم واجتماع شملكم، كونوا للظالم خصماً وللمظلوم عوناً، لا سيما إذا كان الظالم يملك من القوة ما يستطيع من خلالها أن يظلم العالم كله، إن على العالم المستضعف والمسلم أن يقف من أجل أن يجمع قواه ليتوازن الواقع، ليقف ضد الظالم ليضعفه أو يسقطه أو يحمي نفسه منه، ولا يجوز لأي إنسان أن يقف على الحياد إذا كان يملك أن يقوِّي موقف المظلوم ضد الظالم.

ونحن لا نزال نواجه ظلم الاستكبار العالمي الذي تقوده أمريكا من أجل أن تستعرض قوتها على كل المستضعفين في العالم، وعلينا أن لا نسترخي، بل أن نحدد مواقعنا في عملية صنع القوة، وقد أراد النبي (ص) أن يبرز الإيمان كله إلى الشرك كله، عندما يبرز الشرك كله إلى الإيمان كله، خصوصاً وأننا نعيش الكثير من الظلم العسكري والاقتصادي والأمني والسياسي، وعلينا أن نجمع قوتنا، فلا وقت للخلافات الحزبية والطائفية والمذهبية والإقليمية، لأن المستكبرين وحّدوا صفوفهم وحضّروا كل وسائلهم من أجل إسقاط حرية المستضعفين في سياستهم واقتصادهم وأمنهم، فتعالوا لنرى ماذا حدث في الأسبوع الماضي:

العدو يحاول تمييع المجزرة

المجزرة الوحشية التي ارتكبها الجيش الصهيوني في غزة في مداولات مجلس الأمن، وأمريكا وتهدد باستعمال الـ"فيتو" إذا قُدِّم مشروع إدانة لإسرائيل، وتعلن أنها تحضر جلسة المجلس على مضض، والأعضاء يبحثون عن قرار لا يحمل أية إدانة حفظاً لماء الوجه الأمريكي، لأن أمريكا هي الحاكمة لهذا المجلس، وهي القائدة للجنة الرباعية التي امتنع أعضاؤها عن تسمية المجزرة في غزة إرهاباً، في الوقت الذي كانوا يتطوّعون فيه للحكم على العمليات الاستشهادية للمجاهدين بأنها إرهاب يستحق الإدانة؟!

أما الجامعة العربية، فقد أصدرت بياناً لرفع العتب، من دون أن يكون هناك أيّ موقف يوحي بالقوة الفاعلة لدعم الموقف الفلسطيني، والعدوّ يحاول تمييع المجزرة في حديث عن الخطأ تارةً، وعن التحقيق أخرى، واستعداد لتقديم رشوة للفلسطينيين بتخفيف الحصار والإفراج عن بعض الأرصدة الفلسطينية، وعقد بعض اللقاءات ببعض مسؤولي السلطة..

فضيحة إنسانية دولية...

إننا في الوقت الذي نلاحظ فيه بعض الكلمات المتناثرة المعبِّرة عن الانتقاد لإسرائيل، لا نجد هناك أيّ شجب أو استنكار للمجزرة الوحشية في غزة، ما يمثّل فضيحة إنسانية دولية توحي بأن هذا العالم هو عالم الاستكبار العالمي الذي يدين المستضعفين المطالبين بالحرية والاستقلال، ويفرض الشروط التعجيزية عليهم، بينما يخفف حديثه عن جرائم المستكبرين، ولا سيما الأمريكيين في قصف المدنيين في أفغانستان، وعن جرائم الصهاينة في فلسطين!!

إننا نسأل: ما معنى حقوق الإنسان في الغرب؟ وما معنى تمثال الحرية في أمريكا؟ وما معنى العنفوان العربي لدى العرب، وما معنى العزة الإسلامية لدى المسلمين؟؟ إن الشعب الفلسطيني يصرخ مطالباً بحماية دولية، ولكن أمريكا تمنع ذلك وتمنح إسرائيل الضوء الأخضر لقتل الفلسطينيين ـ أطفالاً ونساءً وشيوخاً وشباباً ـ بالطائرات الأمريكية المتطوّرة.. ثم تقرر منح إسرائيل مائتي مليون دولار، وتتفهّم ـ حتى في هذه الظروف ـ حاجتها "للدفاع عن النفس ضد الإرهاب الفلسطيني"، كما يعبّر الرئيس الأمريكي في حديثه عن المجاهدين المطالبين بإزالة الاحتلال.

أخطر المراحل في تاريخ الأمة

إن الشعب الفلسطيني يقف ـ وحده ـ في مواجهة كل هذا العالم المستكبر، لولا بعض الأصوات الحييّة الخجولة، وهو يزداد في كل يوم صبراً وصموداً وتأكيداً على مواصلة الانتفاضة.. ولا تزال كل جماهيره من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب تتحدى الحصار ومنع التجوّل، وتقوم بالمظاهرات الاحتجاجية المنادية بالثأر، وتنطلق ـ من خلال أبطال الانتفاضة ـ للقيام بعمليات جهادية هنا وهناك..

وإننا بانتظار الجماهير العربية والإسلامية وقوى التحرر في العالم، للقيام بالانتفاضة السياسية والإعلامية، لأن التطورات الأمنية التي حدثت وتحدث في فلسطين تتجاوز في خطورتها ـ بفعل أساليب الإبادة ـ كل الظروف الماضية، فالمرحلة الحاضرة هي من أخطر المراحل في تاريخ الأمة، وعلينا أن نرتفع إلى مستوى المرحلة في حركة المسؤولية، لتأكيد القوة الفاعلة في ساحة التحدي.

القبح الأمريكي الوحشي

وفي هذه الأجواء، تعمل أمريكا على تحسين صورتها في العالمين العربي والإسلامي، بتخصيص مائة وخمسة وثلاثين مليون دولار من ميزانيتها المالية لعام 2003 لتعزيز البث الإذاعي والتلفزيوني باتجاه الدول الإسلامية، لمواجهة العداء ضد الأمريكيين.. إننا نقول للنواب الأمريكيين الذين أقرّوا هذا المبلغ: إن المليارات من الدولارات لا يمكن أن تمنح الوجه الأمريكي السياسي القبيح أية مساحيق تجميلية، ما دامت الإدارة الأمريكية تنتج القبح الوحشي ضد الشعوب المستضعفة..

إن الطريقة الوحيدة لتحسين صورة أمريكا لدى الشعوب هي الكف عن مصادرة قضاياها، وعن دعم الصهيونية والقوى الظالمة المستغِلة المتحرّكة ضد قضايا الحرية والاستقلال، ثم العمل على إخلاص أمريكا الدولة لحقوق الإنسان، ولا سيما الإنسان المستضعف في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية.

ذهنيّـة المصادرة

أما في لبنان، هذا الذي تهتز الأرض من حولـه عسكرياً وأمنياً، وتهتز أرضه اقتصادياً وسياسياً، ولكن يبدو أن كل ذلك لن يستطيع أن يغيّر شيئاً في العقلية السياسية، أو يبدّل شيئاً في الأداء السياسي!!

إن دولة لا تستطيع حلّ أزمة فرعية كيف تشمّر عن سواعدها استعداداً لحل المعضلة الاقتصادية الأساسية؟؟ إنها الذهنية التي صادرت البلد في الماضي، ويُراد لها أن تصادر ما تبقى له من دور في المستقبل.. إنها الذهنية التي وحَّلت أذهان اللبنانيين وكادت أن تصادر أحلامهم وآمالهم، فهل يكف النادي السياسي اللبناني ـ ولا سيما الرسمي ـ عن السير قدماً في خطاه المتعثرة، قبل أن يقتل الآمال ويزرع المزيد من الآلام؟!

إننا لا نمانع من الاختلافات في وجهات النظر من أجل السعي نحو إنقاذ البلد، ولكننا نرفض التجاذب في الأحاديث السياسية المتشنّجة من أجل حماية المصالح الخاصة، أو الامتيازات الشخصية من مالية أو سياسية..

أيها المسؤولون على مستوى جميع المواقع: إن الوطن يعاني من مرض عضال تزيده الأوضاع النفسية لتقضي على العناصر الحيّة في كيانه، فهل تعملون ـ مع الشعب كله ـ على إدخاله غرفة العناية الفائقة من أجل فرصة قريبة أو بعيدة للشفاء؟!

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية