ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين ، ومما جاء في خطبته الأولى :
بين رضى الله ورضى النفس
حديثنا في هذا اليوم حول قيمة رضى الله تعالى في معنى إيمان الإنسان ومصيره، حيث ينتصب أمام الإنسان في أيّ عمل يعمله رضى النفس ورضى الناس وهناك رضى الله، حيث نجد الكثير من الناس يتّبع في حياته رضى نفسه وهواها، فيما يرتضيه الإنسان من خلال غرائزه أو مصالحه الشخصية الضيّقة أو من خلال مشاعره العاطفية، فهو يتحرك على أساس أن يلبي لنفسه رغباتها، غير ناظر لرضى الله تعالى.
وهناك من الناس من يحدّق في الناس، فكل همه أن ينال رضاهم عنه من أجل أن يحقق أطماعه أو شهواته أو أحلامه عندهم، من دون أن يفكر برضى الله، وهذا ما يحصل لدى الكثيرين عندما تتصل شهواتهم أو أطماعهم بالآخرين، سواء كان الآخرون ممن يملكون موقعاً اقتصادياً فيطمعون بماله، أو ممن يملك موقعاً سياسياً فيطمعون بجاهه، وما إلى ذلك.
وهناك فئة ثالثة من الناس - وهي قليلة - وهي التي تعتبر أن رضى الله تعالى هو كل شيء، وأنها تقف ضد النفس إذا تعارض رضى الله مع رضى النفس، وتقف ضد الناس إذا تعارض رضى الناس مع رضى الله، لأن المسألة عندها هي أنها تؤمن بالله الخالق المنعم والمحيي والمميت وإليه يرجع الأمر كله، وهو رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، فالله تعالى هو الأول والآخر في وجود الإنسان، فلا قيمة للناس أمام الله، ولا قيمة لرضى النفس أمام رضى الله، بل إن النفس إذا أرضت ربها ضمنت سعادتها.
قيمة الرضى في القرآن
وقد حدّثنا الله تعالى في القرآن الكريم عن قيمة الرضى وأن رضى الله فيما يحسّ به الإنسان من السعادة أعظم من الجنة، فنقرأ في قوله تعالى: {وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر - فإن الرضوان الذي يمنحه الله للمؤمنين والمؤمنات أكبر من الجنات والمساكن الطيبة - وفي ذلك هو الفوز العظيم}، فالفوز العظيم هو أن تقف في الآخرة لترى نفسك في مواقع رضى الله تعالى.
ونقرأ في آية كريمة أخرى، تقارن بين الذين اتبعوا رضوان الله فأطاعوه فيما أمرهم به ونهاهم عنه، وبين الذين أسخطوا الله فعصوه في أوامره ونواهيه، يقول تعالى: {أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير}. ويحدّثنا الله تعالى فيقول: {قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها، وأزواج مطهّرة ورضوان من الله}، قد تحصل في الدنيا على الكثير من الأموال والعقارات ووسائل النقل وما إلى ذلك، ولكن كل ذلك سوف تودعه ويودعك عندما تنتهي حياتك، أما الخير هو أن تربح الجنة والأزواج المطهّرة ورضوان الله تعالى. ويقول الله تعالى أيضاً في مقام المقارنة: {أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين}..
موجبات رضوان الله
وقد وردت بعض الأحاديث عن رسول الله(ص) وأئمة أهل البيت(ع) تشرح موجبات رضوان الله، وكيفية حصول الإنسان على رضاه سبحانه، ففي الحديث عن عليّ(ع) أنه قال: "ثلاث يبلغن بالعبد رضوان الله: كثرة الاستغفار - أن يلتفت الإنسان إلى ذنوبه دائماً ويستغفر ربه منها، فلا يتعقّد الذنب في نفسه بل يبادر إلى التوبة منه وطلب المغفرة من الله تعالى - وخفض الجانب - فإذا تواضع الإنسان لله وللناس فإنه يكسب رضى الله بذلك - وكثرة الصدقة"، لأن الصدقة تطفئ غضب الرب.
وفي الحديث عن "لقمان" في وصيته لابنه: "يا بني، من يرد رضوان الله يُسخط نفسه كثيراً - بحيث يجاهد نفسه فيقف ضد رغباتها المحرّمة في معصية الله - ومن لا يُسخط نفسه لا يرضي ربه"، فقد ورد أن "النفس لأمّارة بالسوء"، فمن يعطي نفسه رغباتها فإنه لا يرضي الله لأن النفس غالباً ما تتحرك في مواقع سخط الله. وفي الحديث عن عليّ(ع): "من أسخط بدنه أرضى ربه - بحيث يجاهد بدنه عندما يتحرك في ثورة الغرائز بالطريق المحرّم - ومن لم يسخط بدنه - واستجاب لكل رغباته وإن كانت محرّمة - عصى ربه".
وفي الحديث عن الإمام علي بن الحسين زين العابدين(ع): "أرضاكم عند الله أسبغكم على عياله - فمن مواقع رضى الله التوسعة على العيال، وطبعاً ـ فمن قُدر عليه رزقه فلينفق مما أتاه الله"، فالذي يبخل على عياله هو إنسان لا يرضي ربه.. وقد ورد: "عيال الرجل أسراؤه فمن وُسّع عليه فليوسّع على أسرائه". وورد في الحديث عن عليّ(ع): "إن الله تبارك وتعالى أخفى رضاه في طاعته فلا تستصغرن شيئاً من طاعته فربما وافق رضاه"، فلا تقل هذه طاعة صغيرة فتهملها لأنه قد يكون فيها رضى الله..
وننتقل إلى ما ناجى به موسى(ع) ربه، فقد جاء في الحديث أن موسى(ع) قال: "يا ربّ، دلّني على عمل إذا أنا عملته نلت به رضاك. فأوحى الله إليه: يا ابن عمران، إن رضاي في كرهك - بمعنى فيما تكرهه نفسك - ولن تطيق ذلك. فخرّ موسى (ع) ساجداً باكياً فقال: "يا ربّ، خصصتني بالكلام ولم تكلّم بشراً قبلي، ولم تدلني على عمل أنال به رضاك. فأوحى الله تعالى إليه: إن رضاي في رضاك بقضائي"، عندما ترضى بقضاء الله عليك في اليسر والعسر، في الشدّة والرخاء، في المرض والصحة، في الأمن والخوف، ولا تجزع ولا تتبرم من ذلك، فإن رضاي في ذلك كله.
وفي الحديث أن موسى(ع) قال: "يا ربّ، أخبرني عن آية رضاك عن عبدك. فأوحى الله تعالى إليه: إذا رأيتني أهيئ عبدي لطاعتي - إذا رأيت عبدي وهو يتحرك في خط الطاعة، فلا يقدّم رجلاً ولا يؤخر أخرى حتى يعلم أن ذلك لله رضى - وأصرفه عن معصيتي، فذلك آية رضاي"، فالله تعالى إذا عرف من عبده أنه صادق في رغبته في الطاعة وابتعاده عن المعصية فإنه سوف يقوّيه في ذلك ويوفقه لذلك.
ويتحدث رسول الله(ص) عن آية رضى الله تعالى عن المجتمع فيقول: "علامة رضى الله عن خلقه رخص أسعارهم، وعدل سلطانهم، وعلامة غضب الله على خلقه جور سلطانهم وغلاء أسعارهم"، باعتبار أنهم يجتذبون ذلك بمعاصيهم وبما كسبت أيديهم.
رضى الناس في معصية الله إذلال
وننطلق إلى مسألة رضى الناس، ففي الحديث عن رسول الله(ص) أنه قال: "من طلب مرضاة الناس بما يسخط الله كان حامده من الناس ذاماً - فعندما تطلب رضى بعض الناس عنك وذلك بأن تتقرّب إليهم بمعصية الله، من خلال ظلم من يريدون لك أن تظلمه وبإثارة الفتنة التي يريدون منك أن تثيرها في المجتمع، فإن هؤلاء الناس يحتقرونك، بعكس بعض الناس الذين يحترمهم أعداؤهم لأنهم يحترمون مبادئهم، بينما العملاء الذين يتعاملون مع الأعداء فيظلمون أهلهم ويقتلونهم ويتجسسون عليهم فإنهم قد يحصلون على بعض ما يريدون من أعدائهم، ولكنهم يعيشون الاحتقار، وهذا ما لاحظناه في العملاء الذين تعاونوا مع اليهود - ومن آثر طاعة الله بغضب الناس كفاه الله عداوة كل عدو، وحسد كل حاسد، وبغْيَ كل بغيّ، وكان الله عزّ وجلّ له ناصراً وظهيرا".
أما الإنسان الذي يهمه رضى الله حتى لو لم يقبل الناس منه، فلا يسمح لهم بأن يسقطوه، لأن الله تعالى سوف يكفيه، وقد يبغي عليه الباغون ولكن الله تعالى ينصره عليهم في نهاية المطاف، وقد ورد في الحديث: "من اتقى الله يُتقى - لأن الله يزرع هيبته في نفوس الناس - ومن أطاع الله يُطاع - لأن احترامه يعيش في أعماق الناس عندما يرونه مخلصاً لربه ومبادئه - ومن أطاع الله لم يسأل سخط المخلوقين، ومن أسخط الخالق فقَمِنٌ به أن يحل به سخط المخلوقين".. وقد كتب أمير المؤمنين(ع) إلى عامله محمد بن أبي بكر: "إن استطعت أن لا تسخط ربك برضى أحداً من خلقه فافعل، فإن في الله عزّ وجلّ خلفاً من غيره - لو أن غير الله تركك فالله هو الخلف الذي سوف يرعاك - وليس في شيء سواه خلف منه"، فإذا تركك الله من ينصرك من دون الله؟!..
وفي الحديث عن عليّ(ع): "من أرضى سلطاناً بما يسخط الله خرج من دين الله"، والسلطان هو كل صاحب سلطة مالية أو اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية أو حزبية وما إلى ذلك.
رضى الناس غاية لا تدرك
وجاء في الحديث عن أئمة أهل البيت(ع) حول صعوبة رضى الناس "لأن رضى الناس غاية لا تدرك"، والحل هو أن نرضي ربّ الناس: "صانع وجهاً واحداً يكفك الوجوه"، لأن الله تعالى هو الذي يحوّل قلوب الناس إليك ويحببك إليهم.. فمن وصية أمير المؤمنين(ع) لابنه الحسن(ع): "فما طلابك لقوم إن كنت عالماً عابوك - فتشوا عن نقائصك وعيوبك - وإن كنت جاهلاً لم يرشدوك - يتركوك على جهلك - وإن طلبت العلم قالوا متكلّف متعمّق، وإن تركت طلب العلم قالوا عاجز غبي، وإن تحققت لعبادة ربك قالوا متصنّع مراء، وإن لزمت الصمت قالوا أنكد، وإن نطقت قالوا مهذار، وإن أنفقت قالوا مسرف، وإن اقتصدت قالوا بخيل، وإن احتجت إلى ما في أيديهم ذمّوك، وإن لم تعتد بهم كفّروك"..
إذاً ما هو الحل؟ الحل أن نعرف أن الله تعالى هو الأول والآخر، وهو الأساس، فعلينا أن نحدّق بالله تعالى في كل عمل نعمله، وفي كل موقف نقفه تأييداً أو رفضاً، فإن من الناس الذين سوف يظلهم الله بظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله رجل لم يقدّم رجلاً ولم يؤخّر أخرى حتى يعلم أن ذلك لله رضى، وعلى ذلك قول الشاعر:
فليتك تحلو والحيـاة مريـرة وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر وبينـي وبين العالمين خـراب
الخطبة الثانية بسم الله الرحمن الرحيم
عباد الله.. اتقوا الله في مواقع رضاه، وانفتحوا في كل حياتكم، في عباداتكم ومعاملاتكم وسياساتكم، وكل أوضاعكم الاجتماعية من عائلية وغير عائلية، على الله تعالى في ذلك كله وتطلعوا إليه في مواقع رضاه، لتكونوا القريبين منه، ولذلك علينا أن نتحرك في الخط المستقيم الذي أرادنا الله أن نهتدي إليه فلا نتحرك مع المغضوب عليهم ولا نتحرك مع الضالين، لأن ذلك يبعدنا عن الله تعالى. أن ننطلق في هذا الخط المستقيم من أجل أن نواجه كل قضايانا الخاصة والعامة، لنتخذ منها موقفاً يتلاءم وينسجم مع ما يحبه الله ويرضاه.
الصدر: انفتاح الشخصية
في ذكرى تغييب العلاّمة الكبير السيد موسى الصدر، نتذكّر هذا الرجل الكبير الذي كان صورة للشخصية الإسلامية المنفتحة على العصر، من دون أن يبتعد عن قيم الإسلام، وهو الذي كان يملك الصدر الرحب الذي لا يضيق بالخصومات التي تستهدفه، ولا بالاختلافات في وجهات النظر، لم يحمل حقداً على أحد، بل كانت المحبة أسلوبه في العلاقات الإنسانية، وكان يحمل مسؤولية المحرومين في قضاياهم الحيوية والمصيرية.. ولذلك، كان غيابه عن الساحة خسارة كبيرة، وقد ضاعت قضيته مع ما ضاع من قضايا المصلحين، في تعقيدات الواقع السياسي العربي، وغيبوبة الاهتمام اللبناني.
المؤتمرات الدينية: شعارات ضبابية
وفي جانب آخر، عُقد قبل أيام ـ في الأمم المتحدة ـ مؤتمر للزعماء الدينيين في العالم، تحت عنوان "الالتزام بالسلام العالمي"، والتأكيد على ضرورة احترام جميع الأديان، والمساواة بين الرجل والمرأة، وإدانة كل أشكال العنف التي ترتكب باسم الدين..
إن هذه العناوين قد تجتذب المنتمين إلى الأديان، ولكننا لم نجد أيّ موقف رافض للاستكبار العالمي الذي تقوده أمريكا، في سيطرتها على مقدّرات الشعوب، وتحريكها الحروب في أكثر من مكان في العالم، ولا سيما في أفريقيا، ودعمها للصهيونية العالمية التي صادرت فلسطين لحساب اليهود في العالم، ومنعت الفلسطينيين من العودة إلى ديارهم، ومن تقرير المصير على أساس العدالة الشاملة وحقوق الإنسان..
إننا نعتقد أن المؤتمرات الدينية لا بد أن تثير القيم الدينية المنفتحة على الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي، ولا تكتفي بالشعارات الضبابية التي لا تحرّك وعي الشعوب نحو الخلاص.
أمريكا مصدر القلق والارباك
وفي هذا الجو، لا تزال أمريكا تناور في إطلاق التصريحات الضبابية عن الأمن في لبنان، بتحذير رعاياها بأنه بلد "غير آمن" - على حدّ تعبير بيان وزارة الخارجية الأمريكية - والحديث عن الوضع السياسي في لبنان من خلال الدعوة إلى اتّباع "الإجراءات الدستورية في تشكيل الحكومة"، مما يثير الكثير من الإرباك والجدل على المستويين الخارجي والداخلي، ثم تراجعت عن ذلك بتفسيرات ساذجة تبتعد بها عن المأزق السياسي الذي وضعت نفسها فيه..
إن أمريكا لا تريد للبنان أن يمارس حريته في إدارة شؤونه، وأن يؤكد أمنه في أرضه، ولذلك فإنها تعمل على إيجاد حالة من القلق والارتباك في الظروف الصعبة المعقّدة التي يمر بها لبنان، ولا سيما في أجواء الاستحقاق الانتخابي الذي يسمح للكثيرين بالاصطياد في الماء العكر..
إننا نحذّر اللبنانيين من الإصغاء إلى التصريحات الأمريكية، بما يتصل بقضاياهم الداخلية، لأن أمريكا التي كانت وراء الحرب اللبنانية لا تضمر للبنان خيراً، بل تعمل على إثارة الشرّ فيه، ليبقى في حالة اهتزاز أمني وسياسي.
مؤتمر لجنة القدس: قرارات باهتة
وليس بعيداً من ذلك، كانت المنطقة تراقب التدخّل الأمريكي في مؤتمر "لجنة القدس"، من خلال الرسالة التي قُدّمت إليه بالابتعاد عن القرارات الحاسمة في مسألة القدس، بما يربك المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية، وذلك من خلال التأكيد على أنها "قضية تخص الفلسطينيين والإسرائيليين"، فهم الذين يقررون مصيرها، وليس للعرب وللمسلمين أيّ دور فيها؟!
وهكذا، خضع المؤتمرون للضغط الأمريكي، وأصدروا قرارات باهتة لا لون لها ولا طعم ولا رائحة، حتى أن الصحف الإسرائيلية رحّبت ترحيباً كبيراً بها لأنها تبعد إسرائيل عن المأزق .. وهكذا تبقى أمريكا مع إسرائيل لتحميها من أيّ موقف عربي أو إسلامي حازم، ولتدفع بعض العرب إلى القيام ببعض الخطوات الضاغطة من أجل تقديم التنازلات الفلسطينية لحساب إسرائيل، حسب ما تقتضيه الخطة الأمريكية الهادفة إلى تنفيذ قرار الكونغرس الأمريكي في اعتبار القدس الموحَّدة "عاصمة لإسرائيل"، ولن يكون للفلسطينيين منها إلا ما يشبه سلطة الحكم الذاتي.. إننا نخشى أن تكون المرحلة مرحلة تصفية القضية الفلسطينية، وتهويد القدس بغطاء عربي أو دولي، مع بعض مساحيق التجميل السياسية.
لبنان: المطلوب تنفيذ الوعود
وأخيراً، إن الشعب اللبناني بحاجة إلى تنفيذ الوعود في الإصلاح الإداري، ومحاربة الفساد، والتخطيط لمحاسبة الكبار الذين يشرفون على أكثر من موقع خدماتي لا يملك أحد فرض الحساب عليه، والعمل على وضع البرامج الواقعية للمناطق المحرومة في إيجاد المشاريع الزراعية والصناعية، وحماية اليد العاملة اللبنانية والمنتجات الوطنية، والأهم من ذلك هو التأكيد على المصالحة الشعبية الوطنية، بطريقة مدروسة بعيدة عن الحسابات الطائفية الضيّقة، واعتماد رؤية واضحة في المشاريع السياسية للسياسة الخارجية، على مستوى المرحلة القادمة الصعبة، حتى يعرف الناس ماذا يُخطط لهم، وما هي الحلول للمشاكل المعقّدة التي تنتظر المنطقة كلها في حركة العصر الأمريكي عليها..
أيها الناس: لا تدفنوا رؤوسكم في الرمال التي يحاول الكثيرون تحريكها في الساحة، ولا تحدّقوا في الكلمات التي تسمعونها، ولكن حدّقوا في الواقع الذي تشاهدونه، وخاطبوا الكثيرين بقول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لمَ تقولون ما لا تفعلون، كَبُر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون}.. إن البلد بحاجة إلى عدالة وحرية ومساواة، وإن الشعب بحاجة إلى الصدق والصادقين، والأمانة والأمناء، وليس بحاجة إلى الكذب والكذّابين، والخيانة والخائنين.. إنه بحاجة إلى الراحة والاستقرار، فلا تزيدوا من تعبه واهتزاز حياته. |