قال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورً}[الفرقان:
10].
إنّ الذي خلق الكون بأرضه وسمائه، قادر على أن يهب نبيّه الكريم الكثير من المال
والعقار، ولكنّ العظمة عند الله لا تقاس بالمال، وإنما تقاس بالتقوى وصالح الأعمال،
وجزاء المتّقين والصالحين نعيم قائم، وهناء دائم، أمّا الحياة الدّنيا، فهي أهون من
أن يجعلها الله ثواباً لأوليائه وأهل طاعته، وفي الحديث: "لو كانت الدنيا تزن عند
الله جناح بعوضة، ما سقى منها كافراً شربة ماء" .
{بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ}. أنكروا نبوّة محمّد (ص)، وتعلّلوا بأنه فقير ومسحور،
وهم كاذبون حتى عند أنفسهم، والدافع الأوّل هو الخوف على مصالحهم ومنافعهم، وقالوا:
لا حشر ولا نشر، كيلا ينكر عليهم منكر بأنهم يؤثرون الفاني على الباقي.
وكلّ من قاس الفضيلة بالمال، وآثره على مرضاة الله، فهو في حكم من كذّب بلقاء الله،
وإن آمن به نظريّاً {وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا * إِذَا
رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرً}[الفرقان:
11،12]. قيل: إن الرؤية والتغيظ والزّفير هي صفات لخزنة النّار الموكلين بها، وعليه،
يكون في الكلام حذف مثل {وسْئَلِ الْقَرْيَةَ}.
وقيل: إن الله يخلق في النار غداً حياة وعقلاً.. وقال ثالث: بل هي صفات لأهل النار،
ونسبت إلى النار مبالغة. وفي رأينا أنها كناية عن أليم العذاب وشدّة الهول .
{وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ
ثُبُورًا * لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا
كَثِيرً}[الفرقان: 13، 14]. إن نار الله لا تضيق بشيء، كما صرّحت بذلك الآية 29 من
ق: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ}.
والمراد من الضيق أن أهل النار يضيقون بها ويستكرهون على الدّخول فيها، فقد سئل
رسول الله (ص) عن هذه الآية: فقال: «والذي نفسي بيده، إنهم يستكرهون في النّار كما
يستكره الوتد في الحائط»، أي يدخل فيه بالضّرب والضّغط. وتقدم مثل هذه الآية في
سورة إبراهيم الآية 51، فقرة «جهنم والأسلحة الجهنمية».
{قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ
لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا * لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى
رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولً}[الفرقان: 15، 16].
تدلّ كلمة «على» في الآية على أنّ الله سبحانه قد كتب على نفسه الوفاء بالوعد كما
كتب عليها الرّحمة .
ومسؤولاً، أي أن المطيع له الحقّ في أن يسأل الله الوفاء بوعده.. وفي تفسير الرازي:
إن قيل: كيف يقال: العذاب خير أم جنّة الخلد؟ وهل يجوز أن يقول العاقل: السّكّر
أحلى أم العلقم؟ قلنا: هذا يحسن في معرض التّقريع، كما إذا أعطى السيّد عبده مالاً،
فتمرّد واستكبر، فضربه ضرباً موجعاً، وهو يقول له على سبيل التّوبيخ: هذا أطيب أم
ذاك؟
*من كتاب "تفسير الكاشف"، ج5.
قال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورً}[الفرقان:
10].
إنّ الذي خلق الكون بأرضه وسمائه، قادر على أن يهب نبيّه الكريم الكثير من المال
والعقار، ولكنّ العظمة عند الله لا تقاس بالمال، وإنما تقاس بالتقوى وصالح الأعمال،
وجزاء المتّقين والصالحين نعيم قائم، وهناء دائم، أمّا الحياة الدّنيا، فهي أهون من
أن يجعلها الله ثواباً لأوليائه وأهل طاعته، وفي الحديث: "لو كانت الدنيا تزن عند
الله جناح بعوضة، ما سقى منها كافراً شربة ماء" .
{بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ}. أنكروا نبوّة محمّد (ص)، وتعلّلوا بأنه فقير ومسحور،
وهم كاذبون حتى عند أنفسهم، والدافع الأوّل هو الخوف على مصالحهم ومنافعهم، وقالوا:
لا حشر ولا نشر، كيلا ينكر عليهم منكر بأنهم يؤثرون الفاني على الباقي.
وكلّ من قاس الفضيلة بالمال، وآثره على مرضاة الله، فهو في حكم من كذّب بلقاء الله،
وإن آمن به نظريّاً {وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا * إِذَا
رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرً}[الفرقان:
11،12]. قيل: إن الرؤية والتغيظ والزّفير هي صفات لخزنة النّار الموكلين بها، وعليه،
يكون في الكلام حذف مثل {وسْئَلِ الْقَرْيَةَ}.
وقيل: إن الله يخلق في النار غداً حياة وعقلاً.. وقال ثالث: بل هي صفات لأهل النار،
ونسبت إلى النار مبالغة. وفي رأينا أنها كناية عن أليم العذاب وشدّة الهول .
{وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ
ثُبُورًا * لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا
كَثِيرً}[الفرقان: 13، 14]. إن نار الله لا تضيق بشيء، كما صرّحت بذلك الآية 29 من
ق: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ}.
والمراد من الضيق أن أهل النار يضيقون بها ويستكرهون على الدّخول فيها، فقد سئل
رسول الله (ص) عن هذه الآية: فقال: «والذي نفسي بيده، إنهم يستكرهون في النّار كما
يستكره الوتد في الحائط»، أي يدخل فيه بالضّرب والضّغط. وتقدم مثل هذه الآية في
سورة إبراهيم الآية 51، فقرة «جهنم والأسلحة الجهنمية».
{قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ
لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا * لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى
رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولً}[الفرقان: 15، 16].
تدلّ كلمة «على» في الآية على أنّ الله سبحانه قد كتب على نفسه الوفاء بالوعد كما
كتب عليها الرّحمة .
ومسؤولاً، أي أن المطيع له الحقّ في أن يسأل الله الوفاء بوعده.. وفي تفسير الرازي:
إن قيل: كيف يقال: العذاب خير أم جنّة الخلد؟ وهل يجوز أن يقول العاقل: السّكّر
أحلى أم العلقم؟ قلنا: هذا يحسن في معرض التّقريع، كما إذا أعطى السيّد عبده مالاً،
فتمرّد واستكبر، فضربه ضرباً موجعاً، وهو يقول له على سبيل التّوبيخ: هذا أطيب أم
ذاك؟
*من كتاب "تفسير الكاشف"، ج5.