محاضرات
16/07/2024

مسؤوليَّة الإصلاحِ في الأمَّة

مسؤوليَّة الإصلاحِ في الأمَّة

يقول الحسين (ع) وهو يصوِّر الواقع آنذاك: "ألا وإنَّ هؤلاءِ قد لزموا طاعةَ الشَّيطانِ، وتركوا طاعةَ الرَّحمنِ، وأظهرُوا الفَسَادَ، وعطَّلُوا الحُدودَ - عطَّلوا حدود الله في مواجهة المجرمين، فعاقبوا الضَّعيف، وتركوا الشَّريف، كما قال رسول الله (ص): "إنَّما أَهْلَكَ الّذينَ مِنْ قبلِكم، أنَّهُم كانُوا إذا سَرَقَ فيهم الشَّريفُ تركُوهُ – هؤلاء الَّذين يكونون في المقامات الكبيرة، الَّذين لا يجرؤ أحد على محاكمتهم، كما في لبنان؛ هذا رمز الطَّائفة، وذاك أبو الطَّائفة، وهذا الإنسان يمثِّل كذا وكذا - وإذا سَرَقَ فيهم الضَّعيفُ أقاموا عليْهِ الحَدَّ - أي أنَّ القانون لا يطبَّق إلَّا على الضّعفاء، فهناك من يسرق الملايين، وليس هناك من يحاسبهم بكلمة، والَّذي يسرق مائة ليرة حتَّى يطعم أولاده خبزاً، تطبَّق كلّ القوانين بحقِّه، وتنعقد كلّ المحاكمات لأجله، يقولون لا بدَّ من تطبيق القانون عليه، والقانون فوق الجميع!
ثمَّ يبيِّن النَّبيّ (ص) البرنامج الإسلاميَّ في هذا المجال - وأيمَ اللهِ، لوْ أنَّ فاطمةَ بنْتَ محمَّدٍ سرقَتْ – و"لو" هي حرف امتناع لامتناع، يعني أنَّه لا يحصل، ولكن لنفترض أنَّه حصل، من باب أنَّ فرضَ المحالِ ليس محالاً.. ففاطمة (ع) هي بضعة رسول الله (ص)، وهي سيِّدة نساء العالمين، فهي لا تسرق، ولكنَّ النَّبيَّ (ص) يريد أن يوصل الفكرة بأكثر المواقع قرباً منه – لقطعْتُ يدَها".
- واستأثرُوا بالفَيْءِ – وهو مال الأمَّة والميزانية العامَّة لها - وأحلُّوا حرامَ اللهِ - غيَّروا القانون - وحرَّمُوا حلالَهُ".
وفي صورةٍ أخرى، يعبِّر الإمام الحسين (ع) عن الواقع الموجود، يقول (ع): "اتَّخذوا مالَ اللهِ دُوَلاً – ومال الله هو مال النَّاس والأموال العامَّة، فقد جعلوه دولاً، يتداولونه فيما بينهم، ويعطيه كلّ واحد للآخر - وعبادَهُ خولاً"، أي عبيداً، وهذا الَّذي تمثَّل في السنة الثَّانية لحكم يزيد، فقد حكم يزيد ثلاث سنوات؛ في السنة الأولى منها، قتل الإمام الحسين (ع) والصّفوة الطيّبة من أهل بيته وأصحابه، وفي السنة الثَّانية، عندما تمرَّدت عليه المدينة، استباحها ثلاثة أيَّام، ليُقتَل من يُقتَل، ولتُنتَهك الأعراض، حتَّى قيل إنَّ أكثر من ألف امرأة ولدن من دون آباء، وفي السنة الثَّالثة، ضرب الكعبة بالمنجنيق. فهل يمكن أن يكون هذا قائداً للأمَّة الإسلاميَّة؟ هذا تاريخ، ونحن لا نريد أن نستغرق اليوم بيزيد، فيزيد لقي جزاءه عند الله، ولكن كم يزيد عندنا، ليس فقط هنا، بل في العالم كلّه؟! وهناك كثير من النَّاس، كما كانوا مع يزيد في السَّابق، هم اليوم مع يزيد؛ يزيد الأمريكي، يزيد الأوروبي، يزيد العربي، إلى آخر هذه العناوين.
حتَّى إنَّه قيل إنَّ يزيد في السنة الثَّانية، أراد البيعة من أهل المدينة على أن يكونوا عبيداً له. والحسين (ع) عاش هذا الجوّ والواقع، وأراد أن يغيِّره، بأن يدخل الفكر الإصلاحيَّ الإنسانيَّ الَّذي يتحرَّك من خلال المنهج الإسلاميّ في حلال الله وحرامه، وفي الأمانة على أموال النَّاس وأعراضهم ودمائهم، أراد أن يعطي النَّاس الوعيَ كمقدِّمة لأن يتحوَّل هذا الوعيُ إلى واقعٍ حتّى يحصل الإصلاح.
* من محاضرة عاشورائيَّة لسماحته، بتاريخ: 19/03/2002م.
يقول الحسين (ع) وهو يصوِّر الواقع آنذاك: "ألا وإنَّ هؤلاءِ قد لزموا طاعةَ الشَّيطانِ، وتركوا طاعةَ الرَّحمنِ، وأظهرُوا الفَسَادَ، وعطَّلُوا الحُدودَ - عطَّلوا حدود الله في مواجهة المجرمين، فعاقبوا الضَّعيف، وتركوا الشَّريف، كما قال رسول الله (ص): "إنَّما أَهْلَكَ الّذينَ مِنْ قبلِكم، أنَّهُم كانُوا إذا سَرَقَ فيهم الشَّريفُ تركُوهُ – هؤلاء الَّذين يكونون في المقامات الكبيرة، الَّذين لا يجرؤ أحد على محاكمتهم، كما في لبنان؛ هذا رمز الطَّائفة، وذاك أبو الطَّائفة، وهذا الإنسان يمثِّل كذا وكذا - وإذا سَرَقَ فيهم الضَّعيفُ أقاموا عليْهِ الحَدَّ - أي أنَّ القانون لا يطبَّق إلَّا على الضّعفاء، فهناك من يسرق الملايين، وليس هناك من يحاسبهم بكلمة، والَّذي يسرق مائة ليرة حتَّى يطعم أولاده خبزاً، تطبَّق كلّ القوانين بحقِّه، وتنعقد كلّ المحاكمات لأجله، يقولون لا بدَّ من تطبيق القانون عليه، والقانون فوق الجميع!
ثمَّ يبيِّن النَّبيّ (ص) البرنامج الإسلاميَّ في هذا المجال - وأيمَ اللهِ، لوْ أنَّ فاطمةَ بنْتَ محمَّدٍ سرقَتْ – و"لو" هي حرف امتناع لامتناع، يعني أنَّه لا يحصل، ولكن لنفترض أنَّه حصل، من باب أنَّ فرضَ المحالِ ليس محالاً.. ففاطمة (ع) هي بضعة رسول الله (ص)، وهي سيِّدة نساء العالمين، فهي لا تسرق، ولكنَّ النَّبيَّ (ص) يريد أن يوصل الفكرة بأكثر المواقع قرباً منه – لقطعْتُ يدَها".
- واستأثرُوا بالفَيْءِ – وهو مال الأمَّة والميزانية العامَّة لها - وأحلُّوا حرامَ اللهِ - غيَّروا القانون - وحرَّمُوا حلالَهُ".
وفي صورةٍ أخرى، يعبِّر الإمام الحسين (ع) عن الواقع الموجود، يقول (ع): "اتَّخذوا مالَ اللهِ دُوَلاً – ومال الله هو مال النَّاس والأموال العامَّة، فقد جعلوه دولاً، يتداولونه فيما بينهم، ويعطيه كلّ واحد للآخر - وعبادَهُ خولاً"، أي عبيداً، وهذا الَّذي تمثَّل في السنة الثَّانية لحكم يزيد، فقد حكم يزيد ثلاث سنوات؛ في السنة الأولى منها، قتل الإمام الحسين (ع) والصّفوة الطيّبة من أهل بيته وأصحابه، وفي السنة الثَّانية، عندما تمرَّدت عليه المدينة، استباحها ثلاثة أيَّام، ليُقتَل من يُقتَل، ولتُنتَهك الأعراض، حتَّى قيل إنَّ أكثر من ألف امرأة ولدن من دون آباء، وفي السنة الثَّالثة، ضرب الكعبة بالمنجنيق. فهل يمكن أن يكون هذا قائداً للأمَّة الإسلاميَّة؟ هذا تاريخ، ونحن لا نريد أن نستغرق اليوم بيزيد، فيزيد لقي جزاءه عند الله، ولكن كم يزيد عندنا، ليس فقط هنا، بل في العالم كلّه؟! وهناك كثير من النَّاس، كما كانوا مع يزيد في السَّابق، هم اليوم مع يزيد؛ يزيد الأمريكي، يزيد الأوروبي، يزيد العربي، إلى آخر هذه العناوين.
حتَّى إنَّه قيل إنَّ يزيد في السنة الثَّانية، أراد البيعة من أهل المدينة على أن يكونوا عبيداً له. والحسين (ع) عاش هذا الجوّ والواقع، وأراد أن يغيِّره، بأن يدخل الفكر الإصلاحيَّ الإنسانيَّ الَّذي يتحرَّك من خلال المنهج الإسلاميّ في حلال الله وحرامه، وفي الأمانة على أموال النَّاس وأعراضهم ودمائهم، أراد أن يعطي النَّاس الوعيَ كمقدِّمة لأن يتحوَّل هذا الوعيُ إلى واقعٍ حتّى يحصل الإصلاح.
* من محاضرة عاشورائيَّة لسماحته، بتاريخ: 19/03/2002م.
اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية