زكاة النقدين

زكاة النقدين

والمراد بالنقدين الدينار الذهبي والدرهم الفضي اللذان كانا متداولين لعهد طويل في المجتمعات الإسلامية، غير أنَّ الزكاة لا تختص بما حمل اسم الدينار والدرهم، بل تشمل كلّ نقد دخل الذهب والفضة في سكه بنسبة كبيرة، نعم يشكل الحكم بوجوب الزكاة فيما لو كان الخليط أكثر من الذهب أو الفضة، بنحو لم يصدق على هذا النقد أنه نقد ذهبي أو فضي، وبلغت نسبة الذهب أو الفضة في المجموع مقدار النصاب.  هذا وإنه لما كان النقد المتداول في عصر المعصوم هو الدينار والدرهم الشرعيين المعروفين بوزنهما المحدّد، فإنه قد صار وزنهما الذي كانا عليه هو المقياس في بلوغ النصاب في غيرهما من النقود الذهبية والفضية التي شاع تداولها في العصور المتأخرة، مثل الليرة والتومان وغيرهما، والتي هي مشمولة لوجوب الزكاة عند توفر الشروط فيها، وهي أمور:


الأول: أن تكون مسكوكة من أجل استخدامها كنقد، بحيث يخرج المعدن عن كونه سبيكة أو حلياً أو قِطعاً غيرَ مصنَّعة، سواء كانت السكة التي عليها هي سكة الإسلام أو الكفر، وسواء كان النقش الذي عليها هو من نوع الحروف أو غيرها، مثل الرسوم والرموز ونحوها، وسواء بقيت الكتابة عليها أو مسحت بكثرة التداول ونحوه، بل لا يبعد وجوب زكاة النقد المسكوك ممسوحاً بالأصل، بدون كتابة ولا رسوم، ما دام يُتعامل به.


ولا بُدَّ مع سكها من كونها في مورد التعامل الفعلي بها وتداولها كنقد في حركة التعامل التجاري وغيره من المعاملات، فإذا كان النقد متداولاً ثُمَّ هجر، فتارة يهجر تماماً، مثلما هو الحال في الدنانير والدراهم القديمة التي أصبحت من الأمور الأثرية، ففي هذه الحالة لا تجب فيها الزكاة على الأظهر، وأمّا إذا هجرت بنحو قل تداولها بين عامة النّاس، ولم تعد عملة نقدية وطنية مستخدمة في المعاملات، لكنها لم تزل متداولة في نطاق الصيارفة ومرغوبة عند قسم من النّاس في بعض معاملاتهم، مثلما هو شأن  الليرة  الذهبية بأصنافها المتعدّدة، فإنها تبقى مشمولة للزكاة.


ولا فرق في وجوب الزكاة في نقود الذهب والفضة بين الجيّدة والرديئة، والجودة والرداءة في الذهب أو الفضة مصطلح يرجع إلى نسبة الخليط الذي يضاف إليهما، فإن كان كثيراً كان الذهب أو الفضة رديئاً وكلّما كان الخليط أقل كان الذهب أو الفضة أجود.


م ـ 1056: المعروف لدى الفقهاء عدم وجوب الزكاة في العملة الورقية والمعدنية المتداولة في هذا الزمان، لأنَّ موضوع الوجوب ـ عندهم ـ هو النقد الذهبي أو الفضي بما للذهب والفضة من خصوصية دخيلة في الحكم.  ولكن هناك رأياً آخر يرى وجوب الزكاة فيها، لأنَّ الدرهم والدينار كانا ملحوظين من حيث هما عملة متداولة بين النّاس بما لهما من الاعتبار المالي الذي كان مشروطاً بكونه ذهباً أو فضة، ولم يكن غيرهما متداولاً بين النّاس بعد اختصاص الاعتبار النقدي بهما.  وعلى ضوء هذا، فإنَّ من الممكن شمول الحكم لكلّ ما كان عملة متداولة لدى النّاس، بحيث يقابل بها الدراهم الفضية أو الدنانير الذهبية مما هو موجود الآن كعملة في مقابل عملة، لا كعملة في مقابل بضاعة، مع ملاحظة أنَّ الأحاديث التي تصف الزكاة بأنها تكفي حاجة النّاس لا تتناسب مع عدم وجوب الزكاة في العملة الورقية التي هي الشكل المتداول للعملة في العالم، بحيث لا تمثّل ـ الآن ـ العملة الذهبية أو الفضية شيئاً في مقابلها، حتى أصبحت مالية الدراهم والدنانير المتداولة خاضعةً ـ في قيمتها ـ لبعض العملات الورقية كالدولار مثلاً.

وهذا الرأي قريب لأجواء الأحاديث العامة في الزكاة ولروح التشريع، مما يجعل الاحتياط في الالتزام به والسير في الجانب العملي على أساسه وإخراج الزكاة من العملة الورقية أقرب إلى الاحتياط اللزومي.


الثاني: بلوغ النصاب:

وهو في الذهب: ما بلغ وزنُه زِنةَ عشرين ديناراً من الذهب، ويمكن قياسه على ليرة الذهب العثمانية الرشادية، إذ يساوي الدينار الواحد نصف ليرة ذهبية تقريباً، وفيه زكاةٌ نصف دينار، أي ما نسبته واحد من كلّ أربعين، أو ربع العشر كما يعبّر عنه في الفقه.


فلا تجب الزكاة في ما نقص عن العشرين، ولا في ما زاد عليها حتى يبلغ الأربع، ففي الأربع الزائدة ـ حينئذ ـ ربع العشر، وهكذا في كلّ أربعة أربعة بعد العشرين.


أمّا نصاب الفضة فهو: ما بلغ وزنه زِنةَ ماءتي درهم من الفضة، وزنة الدرهم الواحد بالغرام ـ كما ذكر بعض أهل الخبرة ـ غرامان ونصف.  وفيها خمسة دراهم زكاة، أي ربع العشر أيضاً.


وليس في ما نقص عن الماءتين زكاة، أمّا الزائد فليس فيه زكاة حتى يبلغ الأربعين ففيه درهم واحد زكاة، وهكذا كلّ أربعين تزيد بعد ذلك، بالغاً ما بلغ المال.


وبالإجمال فإنَّ المقدار الواجب دفعه زكاة في نُصُب الذهب والفضة على السواء هو مقدار ربع العشر، (1/40) أو اثنان ونصف من كلّ ماءة.


الثالث: مرور الحول:

والمراد به بقاء نفس النقود بأعيانها على ملك مالكها مدّة حول، والحول ينتهي ببداية الشهر الثاني عشر، حيث تصبح الزكاة واجبة حينئذ، غير أنَّ بداية الحول الجديد لا تحسب إلاَّ بعد انتهاء الشهر الثاني عشر وبداية الشهر التالي له، كما ذكرنا في حَولِ الأنعام.


م ـ 1057: المعوَّل عليه في النصاب هو عنوان الدينار والدرهم من حيث وزنه، لا مقدار الذهب أو الفضة الصافيين الموجودين فيه.


م ـ 1058: النقد الذهبي يعتبر جنساً مستقلاً فيلحظ في بلوغ النصاب مستقلاً، وكذلك النقد الفضي، نعم إذا وجد من الذهب أصناف، كالليرة العثمانية والإنكليزية، جُمعا معاً في نصاب واحد، ولو اختلف وزن الواحدة عن الأخرى، وكذا الدراهم.


م ـ 1059: تجب الزكاة على النقدين في كلّ سنة ما دامت بمقدار النصاب، ولم تتغير أعيانها، فإذا استبدلها بغيرها أو نقصت عن النصاب لم تجب فيها الزكاة لتلك السنة، وهكذا.

والمراد بالنقدين الدينار الذهبي والدرهم الفضي اللذان كانا متداولين لعهد طويل في المجتمعات الإسلامية، غير أنَّ الزكاة لا تختص بما حمل اسم الدينار والدرهم، بل تشمل كلّ نقد دخل الذهب والفضة في سكه بنسبة كبيرة، نعم يشكل الحكم بوجوب الزكاة فيما لو كان الخليط أكثر من الذهب أو الفضة، بنحو لم يصدق على هذا النقد أنه نقد ذهبي أو فضي، وبلغت نسبة الذهب أو الفضة في المجموع مقدار النصاب.  هذا وإنه لما كان النقد المتداول في عصر المعصوم هو الدينار والدرهم الشرعيين المعروفين بوزنهما المحدّد، فإنه قد صار وزنهما الذي كانا عليه هو المقياس في بلوغ النصاب في غيرهما من النقود الذهبية والفضية التي شاع تداولها في العصور المتأخرة، مثل الليرة والتومان وغيرهما، والتي هي مشمولة لوجوب الزكاة عند توفر الشروط فيها، وهي أمور:


الأول: أن تكون مسكوكة من أجل استخدامها كنقد، بحيث يخرج المعدن عن كونه سبيكة أو حلياً أو قِطعاً غيرَ مصنَّعة، سواء كانت السكة التي عليها هي سكة الإسلام أو الكفر، وسواء كان النقش الذي عليها هو من نوع الحروف أو غيرها، مثل الرسوم والرموز ونحوها، وسواء بقيت الكتابة عليها أو مسحت بكثرة التداول ونحوه، بل لا يبعد وجوب زكاة النقد المسكوك ممسوحاً بالأصل، بدون كتابة ولا رسوم، ما دام يُتعامل به.


ولا بُدَّ مع سكها من كونها في مورد التعامل الفعلي بها وتداولها كنقد في حركة التعامل التجاري وغيره من المعاملات، فإذا كان النقد متداولاً ثُمَّ هجر، فتارة يهجر تماماً، مثلما هو الحال في الدنانير والدراهم القديمة التي أصبحت من الأمور الأثرية، ففي هذه الحالة لا تجب فيها الزكاة على الأظهر، وأمّا إذا هجرت بنحو قل تداولها بين عامة النّاس، ولم تعد عملة نقدية وطنية مستخدمة في المعاملات، لكنها لم تزل متداولة في نطاق الصيارفة ومرغوبة عند قسم من النّاس في بعض معاملاتهم، مثلما هو شأن  الليرة  الذهبية بأصنافها المتعدّدة، فإنها تبقى مشمولة للزكاة.


ولا فرق في وجوب الزكاة في نقود الذهب والفضة بين الجيّدة والرديئة، والجودة والرداءة في الذهب أو الفضة مصطلح يرجع إلى نسبة الخليط الذي يضاف إليهما، فإن كان كثيراً كان الذهب أو الفضة رديئاً وكلّما كان الخليط أقل كان الذهب أو الفضة أجود.


م ـ 1056: المعروف لدى الفقهاء عدم وجوب الزكاة في العملة الورقية والمعدنية المتداولة في هذا الزمان، لأنَّ موضوع الوجوب ـ عندهم ـ هو النقد الذهبي أو الفضي بما للذهب والفضة من خصوصية دخيلة في الحكم.  ولكن هناك رأياً آخر يرى وجوب الزكاة فيها، لأنَّ الدرهم والدينار كانا ملحوظين من حيث هما عملة متداولة بين النّاس بما لهما من الاعتبار المالي الذي كان مشروطاً بكونه ذهباً أو فضة، ولم يكن غيرهما متداولاً بين النّاس بعد اختصاص الاعتبار النقدي بهما.  وعلى ضوء هذا، فإنَّ من الممكن شمول الحكم لكلّ ما كان عملة متداولة لدى النّاس، بحيث يقابل بها الدراهم الفضية أو الدنانير الذهبية مما هو موجود الآن كعملة في مقابل عملة، لا كعملة في مقابل بضاعة، مع ملاحظة أنَّ الأحاديث التي تصف الزكاة بأنها تكفي حاجة النّاس لا تتناسب مع عدم وجوب الزكاة في العملة الورقية التي هي الشكل المتداول للعملة في العالم، بحيث لا تمثّل ـ الآن ـ العملة الذهبية أو الفضية شيئاً في مقابلها، حتى أصبحت مالية الدراهم والدنانير المتداولة خاضعةً ـ في قيمتها ـ لبعض العملات الورقية كالدولار مثلاً.

وهذا الرأي قريب لأجواء الأحاديث العامة في الزكاة ولروح التشريع، مما يجعل الاحتياط في الالتزام به والسير في الجانب العملي على أساسه وإخراج الزكاة من العملة الورقية أقرب إلى الاحتياط اللزومي.


الثاني: بلوغ النصاب:

وهو في الذهب: ما بلغ وزنُه زِنةَ عشرين ديناراً من الذهب، ويمكن قياسه على ليرة الذهب العثمانية الرشادية، إذ يساوي الدينار الواحد نصف ليرة ذهبية تقريباً، وفيه زكاةٌ نصف دينار، أي ما نسبته واحد من كلّ أربعين، أو ربع العشر كما يعبّر عنه في الفقه.


فلا تجب الزكاة في ما نقص عن العشرين، ولا في ما زاد عليها حتى يبلغ الأربع، ففي الأربع الزائدة ـ حينئذ ـ ربع العشر، وهكذا في كلّ أربعة أربعة بعد العشرين.


أمّا نصاب الفضة فهو: ما بلغ وزنه زِنةَ ماءتي درهم من الفضة، وزنة الدرهم الواحد بالغرام ـ كما ذكر بعض أهل الخبرة ـ غرامان ونصف.  وفيها خمسة دراهم زكاة، أي ربع العشر أيضاً.


وليس في ما نقص عن الماءتين زكاة، أمّا الزائد فليس فيه زكاة حتى يبلغ الأربعين ففيه درهم واحد زكاة، وهكذا كلّ أربعين تزيد بعد ذلك، بالغاً ما بلغ المال.


وبالإجمال فإنَّ المقدار الواجب دفعه زكاة في نُصُب الذهب والفضة على السواء هو مقدار ربع العشر، (1/40) أو اثنان ونصف من كلّ ماءة.


الثالث: مرور الحول:

والمراد به بقاء نفس النقود بأعيانها على ملك مالكها مدّة حول، والحول ينتهي ببداية الشهر الثاني عشر، حيث تصبح الزكاة واجبة حينئذ، غير أنَّ بداية الحول الجديد لا تحسب إلاَّ بعد انتهاء الشهر الثاني عشر وبداية الشهر التالي له، كما ذكرنا في حَولِ الأنعام.


م ـ 1057: المعوَّل عليه في النصاب هو عنوان الدينار والدرهم من حيث وزنه، لا مقدار الذهب أو الفضة الصافيين الموجودين فيه.


م ـ 1058: النقد الذهبي يعتبر جنساً مستقلاً فيلحظ في بلوغ النصاب مستقلاً، وكذلك النقد الفضي، نعم إذا وجد من الذهب أصناف، كالليرة العثمانية والإنكليزية، جُمعا معاً في نصاب واحد، ولو اختلف وزن الواحدة عن الأخرى، وكذا الدراهم.


م ـ 1059: تجب الزكاة على النقدين في كلّ سنة ما دامت بمقدار النصاب، ولم تتغير أعيانها، فإذا استبدلها بغيرها أو نقصت عن النصاب لم تجب فيها الزكاة لتلك السنة، وهكذا.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية