اللّيلة الثّالِثَة والعشرون. هي أفضل من اللّيلتين السابقتين، ويُستفاد من أحاديث كثيرة، أنها هي ليلة القدر، وهي ليلة الجهني، وسمِّيت بذلك، لأنَّ هذا الرّجل دخل المدينة، وطلب من رسول الله (ص) أن يدلّه على ليلة يحييها، ويطلب فيها القدر، فدلَّهُ على ليلة الثّالث والعشرين من شهر رمضان، وفيها يُقدَّر كلُّ أمرٍ حكيم.
ولهذه اللّيلة عدّة أعمال خاصّة، سوى الأعمال العامّة التي تشارك فيها اللّيلتين الماضيتين:
الأوّل: قراءة سورتَي العنكبوت والرّوم، وقد قال الصّادق (ع): "من قرأ هاتين السورتين في هذه اللّيلة، كان من أهل الجنّة".
الثاني: قراءة سورتي حم والدّخان.
الثّالث: قراءة سورة القدر ألف مرّة.
الرّابع: الغسل.
الخامس: يقول: "اللّهُمَّ امْدُد لي في عمري، وأوسِعْ لي في رزْقي، وأصِحَّ لي جسْمي، وبلِّغني أمَلي، وإنْ كُنْتُ منَ الأشقياء، فامحني من الأشقياء، واكتُبني من السّعداء، فإنَّكَ قلتَ في كتابِكَ المنزَل على نبيِّكَ المرسَلِ صلَواتُكَ عليه وآله: {يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ}".
السادس: يقول: "اللّهُمَّ اجْعَل فيما تقْضي وفيما تقدِّر من الأمْرِ المحتومِ، وفيما تفْرُقُ من الأمر الحكيم في ليلة القدر، من القضاء الّذي لا يُرَدُّ ولا يُبدَّل، أن تكتُبَني من حجَّاج بيتِك الحرام في عامي هذا، المبْرورِ حجُّهُم، المشكورِ سعيُهم، المغفورِ ذنوبُهُم، المُكفَّرِ عنهُم سيِّئاتهُم، واجْعَل فيما تقْضي وتقدِّرُ، أن تُطيل عمري، وتُوسِّعَ لي في رزْقي".
السابع: يدعو بهذا الدّعاء المرويّ في الإقبال:
"يا باطِنًا في ظُهُورِهِ، ويا ظاهِراً في بطونِه، ويا باطِناً ليس يَخْفى، ويا ظاهِراً ليس يُرى، يا موصوفاً لا يبْلُغُ بكيْنونتِهِ موصوفٌ ولا حدٌّ محدودٌ، ويا غائِباً غيرَ مفقودٍ، ويا شاهداً غير مشهودٍ، يُطْلَبُ فيُصابُ، ولم يخْلُ منه السّماواتُ والأرض وما بينهُما طرْفَةَ عينٍ، لا يُدرَكُ بكَيْفٍ، ولا يُؤيَّنُ بأيْنٍ ولا بِحَيْثٍ، أنتَ نورُ النورِ وربُّ الأرباب، أحَطْتَ بجميع الأمور، سبحانَ مَن ليسَ كمِثْلِهِ شيءٌ وهو السّميعُ البصير، سبحانَ مَن هوَ هكذا ولا هكذا غيرُهُ". ثم تدعو بما تشاء.
الثامن: قراءة ما أوردناه من أدعية، مثل دعاء الجوشن، ودعاء مكارم الأخلاق، ودعاء التّوبة ودعاء أبي حمزة الثّمالي.
التاسع: وقد ورد صلاة مائة ركعة في هذه اللّيلة، في كلّ ركعتين تتشهَّد وتُسلِّم كصلاة الصّبح، ويجوز الاقتصار فيها على فاتحة الكتاب، ويجوز أن تصلّيَ من جلوس. ويقول الفقهاء إنّ الصّلاة من جلوس لها نصف أجر الصّلاة من القيام، فإذا أراد تمام الأجر ضاعف العمل.
دعاء اللّيلة الثالثة والعشرين:
"يا ربَّ ليلة القدْرِ وجاعِلَها خيراً من ألفِ شهرٍ، وربَّ اللّيل والنهار والجبالِ والبحار والظُّلَم والأنوار والأرض والسّماء، يا بارئُ يا مصوِّرُ يا حنّانُ يا منّانُ، يا الله يا رحمَنُ، يا الله يا قيُّومُ، يا الله يا بديعُ، يا الله يا الله يا الله، لك الأسماء الحُسنى، والأمثالُ العليا، والكبرياءُ، والآلاءُ، أسألُكَ أن تصلِّيَ على محمّدٍ وآلِ محمّدٍ، وأن تجعلَ اسْمي في هذه اللّيلة في السّعداء، وروحي مع الشّهداء، وإحساني في علِّيّين، وإساءَتي مغفورة، وأن تهَبَ لي يقيناً تُباشِرُ به قلْبي، وإيماناً يُذهِبُ الشّكّ عنّي، وتُرضيَني بما قسَمْتَ لي، وآتِنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرةِ حسنةً، وقِنا عذاب النّار الحريق، وارْزُقني فيها ذكرَكَ وشُكركَ والرَّغبةَ إليك، والإنابةَ والتَّوبَةَ والتَّوفيق لما وفَّقْتَ له محمّداً وآل محمّدٍ عليهِم السّلام.
اللّهُمَّ كُنْ لوليِّكَ الحُجَّةِ بن الحَسَن، صلوَاتُكَ عليهِ وعلى آبائِه، في هذه السّاعة وفي كلّ ساعة، وليّاً وحافظاً، وقائداً وناصراً، ودليلاً وعيناً، حتى تُسكِنَهُ أرضَكَ طوعاً، وتمتِّعهُ فيها طويلاً".