أبيات من الشعر ألقاها الشاعر الهاشم في الذكرى السنوية الثامنة لرحيل سماحة المرجع السيد محمد حسين فضل الله (ره) بتاريخ 4-7-2018 م
في الأرضِ مثواكَ أم في جبهةِ القمَرِ | يا من تخطَّى حدودَ الفِكْر والبَصَرِ
إنْ أودعوك الثّرى فالوهْجُ أقلقَهم | لأنَّ في الأرضِ تُخفَى خَزْنةُ الدُّرَرِ
خُلِقْتَ من رحِمِ الحُوزاتِ في نجفٍ | من مهبِطِ الوحْيِ من لأْلاءةِ الفِكَرِ
سليلَ دوحةِ فضلِ اللهِ تهْتَ بها | وفضلُ ربِّكَ وشَّى خيرةَ الأُسَرِ
أرومةٌ نبويُّ العَبْقِ محتِدُها | تأرّجَتْ بالكتابِ المُلهمِ العطِرِ
هُمُ الأئمّةُ أسرابُ السَّماءِ هدًى | كالغيْثِ للأرضِ أو كالنّور للنَّظَرِ
قالوا هَويْتَ كمثلِ الومْضِ منخطفاً | فزلزلَ الفقهُ مصعوقاً منَ الخَبَرِ
لفَّتْكَ غادرةُ الأرْياحِ في صَخَبٍ | هلْ تقصِفُ الرّيحُ إلَّا باسقَ الشَّجَرِ
حزنْتُ حتَّى تدمَّى الدَّمْعُ في قلمي | وبعْضُ بعضِكَ في شعري وفي صوَري
زففْتُها علويّاتي إليْكَ وقدْ | عطَّرْتَها بعبيرِ الحِبْرِ والعِبَرِ
بريشةٍ ورُضابُ التِّبرِ خاطرُها | لو لم ترصِّعْ جناحَ النِّسرِ لم يَطِرِ
وكنْتُ ألتمسُ الإيحاءَ منسكِباً | من كوكبِ الزُّهْرِ أو من روضةِ الزَّهَرِ
تنزّلَتْ من عُلاكَ الملهِماتُ كما | تنزّلَ الوحيُ إلهاماً على البشَرِ
عشقْتَها لغةَ الوحيِ اجتهدْتَ بها | واكبْتَها بشغافِ القلْبِ والخَفَرِ
رنّمْتَها الآي فالأوتارُ ما سكنَتْ | يوماً ولا إصبَعٌ زلَّتْ عنِ الوَتَرِ
جبهْتَ مَنْ حرَّفَ الإسلامَ منتحلاً | وصنْتَهُ الشَّرعَ من هولٍ ومن خَطَرِ
نشرْتَهُ عالميّاً أنت فانكفأوا | فيه إلى عالمِ الأوْثانِ والحجَرِ
وأنتَ في يثرِبٍ يومَ النَّفيرِ إذا | أفضى العليُّ بإفتاءٍ إلى عُمَرِ
كأنّما طيْفُ جبريلٍ إليكَ هفا | وفي العِمامةِ آياتٌ من السُّورِ
يا عفوَ ذكراكَ لا تحفْلْ إذا هجَعَتْ | بصائرٌ أو جنى صِغَرٌ على كِبَرِ
ألسْتَ أنت أليفاً للجروحِ فما | وَهنْتَ من ألمِ أو لنْتَ من ضَرَرِ
مشَيْتها كربلاءً والحرابُ على | جنبيْك منهمِرُ في ظلِّ منكسِرِ
فكنْتَ كالنَّخلةِ الشّمَّاءِ إن رُشِقَتْ | تقابلُ الرَّشقَ بالأشهى من الثَّمَرِ
هناكَ تشمخُ حُوزاتٌ هنا قُببٌ | تسمو وتسخرُ من ظُلمٍ وبغْيِ ثَري
وما المبرّاتُ إلّا صرخةٌ عصفَتْ | في وجهِ مستأثرٍ أو حكْرِ محتكِرِ
حملْتَها رايةً عزَّتْ بوارِثِها | عن كابرٍ وشَّحَ الرّايات بالظّفَرِ
وإنَّ مجدَ أميرِ المؤمنين بها | وكلَّ ما عظَّمَ التّاريخُ من سِيرَ
يا أيّها المرشدُ المهديّ كمْ كبحَتْ | يُمْناكَ من زلَلٍ في المسلكِ الوعِرِ
لكنَّ أمَّتكَ الصّمّاءَ هائمةٌ | ما بينَ منزلِقِ الأهواءِ والحُفَرِ
ترنّحَتْ والغواني في مضاجعِها | وفي أسرّتِها وخزٌ من الإبَرِ
حذَّرْتَ ما فطنوا ناديْتَ ما سمعوا | فالحسُّ في وهَنٍ والذِّهنُ في سَكَرِ
لم يفهموكَ لأنَّ الفرقَ بينَهمُ | وبينَ دنياكَ فرقُ البدْوِ والحضَرِ
لكنَّما الثَّورةُ الهوجاءُ يكلأُها | سيفان؛ سيفُ هدًى أو سيفُ منتحِرِ
أو أن تُدَكَّ على البستيلِ مملكةٌ | أو أن يلجَّ عرين الأُسْدِ بالزّأَرِ
أحببْتَ لبنانَ ما أحببْتَ غفلتَهُ | والأفْقُ مضطربٌ بالكالحِ العكِرِ
وأنت حين تلظَّى الشّرقُ صحْتَ بهِ | شعباً تلهَّى فلم يثأرْ ولم يثُرِ
أطلقْتَها أنت يا طيبَ الجهادِ لها | هبَّتْ مقاوِمةً كالسَّيلِ منهمِرِ
تعدو على الجمْرِ والأنواءُ عاصفةٌ | والنَّارُ إنْ تصطِدمْ بالرِّيحِ تستعِرِ
تفجَّرَ الدَّمُ والتَّحريرُ طابَ بهِ | والأرضُ تُروَى ولا تشتاقُ للمطَرِ
وتهزَجُ الخيلُ في أرضِ الجنوبِ لظًى | وفي حوافرِها أعناقُ مندحِرِ
وحينَ أتممْتَ عُمراً ما انطوى أجلٌ | إنْ غبْتَ ما غابَ يبقى خالدَ الأثرِ
وإنْ رقدْتَ فللإسلامِ حجّتُهُ | وعينُ مرجعِهِ الفقهيِّ في سهَرِ
تبصَّرَتْ في عليٍّ يا ربيبَ أبٍ | وسيّدٍ بسدادِ النَّهجِ مؤتزِرِ
وكانَ فكرُكَ ضخماً إذْ نفحْتَ بهِ | كلَّ العظائمِ يلوي غير منتظِرِ
فقلْتَ يا فكرُ يكفي ما بلغْتً نهًى | فجِّرْ نبوغَكَ في التَّاريخِ وانفجِرِ
في الأرضِ مثواكَ أم في جبهةِ القمَرِ | يا من تخطَّى حدودَ الفِكْر والبَصَرِ
إنْ أودعوك الثّرى فالوهْجُ أقلقَهم | لأنَّ في الأرضِ تُخفَى خَزْنةُ الدُّرَرِ
خُلِقْتَ من رحِمِ الحُوزاتِ في نجفٍ | من مهبِطِ الوحْيِ من لأْلاءةِ الفِكَرِ
سليلَ دوحةِ فضلِ اللهِ تهْتَ بها | وفضلُ ربِّكَ وشَّى خيرةَ الأُسَرِ
أرومةٌ نبويُّ العَبْقِ محتِدُها | تأرّجَتْ بالكتابِ المُلهمِ العطِرِ
هُمُ الأئمّةُ أسرابُ السَّماءِ هدًى | كالغيْثِ للأرضِ أو كالنّور للنَّظَرِ
قالوا هَويْتَ كمثلِ الومْضِ منخطفاً | فزلزلَ الفقهُ مصعوقاً منَ الخَبَرِ
لفَّتْكَ غادرةُ الأرْياحِ في صَخَبٍ | هلْ تقصِفُ الرّيحُ إلَّا باسقَ الشَّجَرِ
حزنْتُ حتَّى تدمَّى الدَّمْعُ في قلمي | وبعْضُ بعضِكَ في شعري وفي صوَري
زففْتُها علويّاتي إليْكَ وقدْ | عطَّرْتَها بعبيرِ الحِبْرِ والعِبَرِ
بريشةٍ ورُضابُ التِّبرِ خاطرُها | لو لم ترصِّعْ جناحَ النِّسرِ لم يَطِرِ
وكنْتُ ألتمسُ الإيحاءَ منسكِباً | من كوكبِ الزُّهْرِ أو من روضةِ الزَّهَرِ
تنزّلَتْ من عُلاكَ الملهِماتُ كما | تنزّلَ الوحيُ إلهاماً على البشَرِ
عشقْتَها لغةَ الوحيِ اجتهدْتَ بها | واكبْتَها بشغافِ القلْبِ والخَفَرِ
رنّمْتَها الآي فالأوتارُ ما سكنَتْ | يوماً ولا إصبَعٌ زلَّتْ عنِ الوَتَرِ
جبهْتَ مَنْ حرَّفَ الإسلامَ منتحلاً | وصنْتَهُ الشَّرعَ من هولٍ ومن خَطَرِ
نشرْتَهُ عالميّاً أنت فانكفأوا | فيه إلى عالمِ الأوْثانِ والحجَرِ
وأنتَ في يثرِبٍ يومَ النَّفيرِ إذا | أفضى العليُّ بإفتاءٍ إلى عُمَرِ
كأنّما طيْفُ جبريلٍ إليكَ هفا | وفي العِمامةِ آياتٌ من السُّورِ
يا عفوَ ذكراكَ لا تحفْلْ إذا هجَعَتْ | بصائرٌ أو جنى صِغَرٌ على كِبَرِ
ألسْتَ أنت أليفاً للجروحِ فما | وَهنْتَ من ألمِ أو لنْتَ من ضَرَرِ
مشَيْتها كربلاءً والحرابُ على | جنبيْك منهمِرُ في ظلِّ منكسِرِ
فكنْتَ كالنَّخلةِ الشّمَّاءِ إن رُشِقَتْ | تقابلُ الرَّشقَ بالأشهى من الثَّمَرِ
هناكَ تشمخُ حُوزاتٌ هنا قُببٌ | تسمو وتسخرُ من ظُلمٍ وبغْيِ ثَري
وما المبرّاتُ إلّا صرخةٌ عصفَتْ | في وجهِ مستأثرٍ أو حكْرِ محتكِرِ
حملْتَها رايةً عزَّتْ بوارِثِها | عن كابرٍ وشَّحَ الرّايات بالظّفَرِ
وإنَّ مجدَ أميرِ المؤمنين بها | وكلَّ ما عظَّمَ التّاريخُ من سِيرَ
يا أيّها المرشدُ المهديّ كمْ كبحَتْ | يُمْناكَ من زلَلٍ في المسلكِ الوعِرِ
لكنَّ أمَّتكَ الصّمّاءَ هائمةٌ | ما بينَ منزلِقِ الأهواءِ والحُفَرِ
ترنّحَتْ والغواني في مضاجعِها | وفي أسرّتِها وخزٌ من الإبَرِ
حذَّرْتَ ما فطنوا ناديْتَ ما سمعوا | فالحسُّ في وهَنٍ والذِّهنُ في سَكَرِ
لم يفهموكَ لأنَّ الفرقَ بينَهمُ | وبينَ دنياكَ فرقُ البدْوِ والحضَرِ
لكنَّما الثَّورةُ الهوجاءُ يكلأُها | سيفان؛ سيفُ هدًى أو سيفُ منتحِرِ
أو أن تُدَكَّ على البستيلِ مملكةٌ | أو أن يلجَّ عرين الأُسْدِ بالزّأَرِ
أحببْتَ لبنانَ ما أحببْتَ غفلتَهُ | والأفْقُ مضطربٌ بالكالحِ العكِرِ
وأنت حين تلظَّى الشّرقُ صحْتَ بهِ | شعباً تلهَّى فلم يثأرْ ولم يثُرِ
أطلقْتَها أنت يا طيبَ الجهادِ لها | هبَّتْ مقاوِمةً كالسَّيلِ منهمِرِ
تعدو على الجمْرِ والأنواءُ عاصفةٌ | والنَّارُ إنْ تصطِدمْ بالرِّيحِ تستعِرِ
تفجَّرَ الدَّمُ والتَّحريرُ طابَ بهِ | والأرضُ تُروَى ولا تشتاقُ للمطَرِ
وتهزَجُ الخيلُ في أرضِ الجنوبِ لظًى | وفي حوافرِها أعناقُ مندحِرِ
وحينَ أتممْتَ عُمراً ما انطوى أجلٌ | إنْ غبْتَ ما غابَ يبقى خالدَ الأثرِ
وإنْ رقدْتَ فللإسلامِ حجّتُهُ | وعينُ مرجعِهِ الفقهيِّ في سهَرِ
تبصَّرَتْ في عليٍّ يا ربيبَ أبٍ | وسيّدٍ بسدادِ النَّهجِ مؤتزِرِ
وكانَ فكرُكَ ضخماً إذْ نفحْتَ بهِ | كلَّ العظائمِ يلوي غير منتظِرِ
فقلْتَ يا فكرُ يكفي ما بلغْتً نهًى | فجِّرْ نبوغَكَ في التَّاريخِ وانفجِرِ