الحوالات المصرفية

الحوالات المصرفية
قوم المؤسسات المالية ـ حكومية كانت أو أهليـة ـ بدور كبير وفاعل في خدمة عملائها، وأهم هذه الخدمات تحويل ما يحتاجونه من أموال من مكان إلى مكان بوسائل وطرق متعددة تضمن سرعة التبادل التجاري والأمان في انتقال أموالهم، وهو أمر نبيّن أحكامه على النحو التالي:

ـ يختلف تحويل المال عبر المصارف على صورتين:

الصورة الأولى: إحالة المصرف عملاءه
وذلك بأن يصدر المصرف (صكاً) لعميله على أحد فروعه في الداخل أو الخارج ليأخذ منه مبلغاً معيناً، فيكون المصرف محيلاً، والعميل محالاً، والفرع محالاً عليه، وحكمها يختلف على نحوين:

الأول: أن يكون للعميل الراغب في التحويل رصيد في المصرف، وحيث إن الإيداع في المصارف ـ في الحقيقة ـ إقراض لها من المودع مضمونٌ عليها، فإن إصدار الصك بأخذ العميل مبلغاً معيناً هو وفاءٌ من المصرف المدين لعميله الدائن، وحيث أن المدين غير ملزم بالوفاء إلا في بلد الإيداع فإن قبول المصرف بوفاء دينه في مكان آخر ـ من خلال تحويله على فرعه فيه ـ هو تنازل عن حقه في الامتناع عن الوفاء فيه، فيجوز له أخذ عمولة مقابل ذلك التحويل المتضمن لذلك التنازل.

الثاني: أن لا يكون للعميل الطالب للتحويل رصيد في المصرف، فيكون إصدار صك التحويل مبتنياً على ما يلي:

أ ـ قد أقرض المصرفُ الأُم عميلَه ذلك المبلغَ المطلوب.

ب ـ أحاله ـ بعد الإقراض ـ على فرعـه في مكان آخـر ـ بيـروت مثـلاً ـ ليدفعه الفرع إليه.

ج ـ حيث إن المصرف الأم يريد أخذ عمولة على هذا التحويل، وحيث لا يجوز له ذلك لأنه (نفع) زائد على القرض، فإن للمصرف تصحيحَ أخذ هذه العمولة بأن يوكِّل المقترضَ بأخذ المال من الفرع بعنوان القرض، وحيث إن في توكيل العميل تسهيلاً لمهمته، فإن للبنك أن يطلب عمولة منه على هذا التوكيل لا على نفس الإقراض، وذلك رغم كون توكيل المقترض غير ضروري بعد كون الفرع وكيلاً عن المصرف الأم وقادراً على القيام بنفسه بإقراض المحال؛ نعم، يمكن أن يكون ذلك التوكيل ضرورياً في صورة ما لو فرض كون المحال عليه مصرفاً آخر قد أَودعَ فيه المصرفُ المقرض أمواله، لا فرعاً له، فإن تصحيح أخذ العمولة يتوقّف ـ أيضاً ـ على توكيل المصرف المصدر للصك للمصرف الدافع بإقراض المحال المبلغ المطلوب من أموال المصرف الأول المودعة عنده، فتكون العمولة مأخوذة على التوكيل لا على الإقـراض. وذلك مـن دون فرق ـ في الفرضين ـ بين ما لو كان الإقراض والتحويل بعملتين من جنس واحد أو من جنسين مختلفين، لكنه حيث يكون التحويل بعملة أخرى من غير جنس العملة المقترضة فإنه يمكن تصحيح أخذ العمولة ـ إضافـة لما سبق ـ بأنها مقابل تنازل المصرف عن حقه في الاستيفاء بالعملة المقترضة وقبول وفاء المقترض لدينه بالعملة المغايرة لها جنساً، وذلك كأن يقرضه ألف دينار كويتي في الكويت على أن يقبض في بيروت ما يساوي قيمتها بالدولار الأمريكي، وهو حوالي ثلاثة آلاف دولار، وعلى أن يوفيها للمصرف المقرض بالدولار، فإنه يجوز للمصرف أخذ عوض عن قبوله استيفاء الدينار بالدولار.

الصورة الثانية: إحالة الدائن على المصرف

وهي: أن يحيل المدين دائنه على المصرف بصك ـ ونحوه ـ يطلب فيه قيام المصرف بتحويل مبلغ من المال لغريمه في بلد آخر، كبلد التاجر الذي استورد منه البضاعة، فيقوم المصرف بتحويل الدائن على فرعه في بلده ويدفع له فيه المبلغ المطلوب؛ وعند التأمل في هذه الصورة نجدها تنحل إلى حوالتين: الأولى: حوالة المدين دائنه على المصرف بحيث يصبح هو المدين. والثانية: حوالة المصرف دائنه (المحال) على فرعه في بلد الدائن ـ حسب الفرض ـ، وكلتا الحوالتين صحيحة.

وبناءً عليه، وعلى صعيد أخذ العمولة، فإنه إذا كان التحويل بطلب من العميل المدين يجوز للمصرف أن يأخذ عمولة عليه، وذلك عوضاً عن قيام المصرف المدين (المحال عليه الأول) بوفاء دينه في غير بلده (أي: في غير بلد المصرف المحال عليه الأول)، سواء كان للعميل المدين رصيد في المصرف أو لم يكن له رصيد فيه، بحيث كانت الحوالة منه على البريء (وهو المصرف)؛ إضافة إلى أنه ـ في الحوالة على البريء ـ يجوز له أخذ عوض عن قبول الحوالة عليه.

نعم، حيث يكون للعميل رصيد في المصرف، فأحال دائنه عليه لاستيفاء دينه منه في بلد المصرف ـ أي دون تحويل على الخارج ـ فليس للمصرف المحال عليه أخذ شيء على ذلك الوفاء.
قوم المؤسسات المالية ـ حكومية كانت أو أهليـة ـ بدور كبير وفاعل في خدمة عملائها، وأهم هذه الخدمات تحويل ما يحتاجونه من أموال من مكان إلى مكان بوسائل وطرق متعددة تضمن سرعة التبادل التجاري والأمان في انتقال أموالهم، وهو أمر نبيّن أحكامه على النحو التالي:

ـ يختلف تحويل المال عبر المصارف على صورتين:

الصورة الأولى: إحالة المصرف عملاءه
وذلك بأن يصدر المصرف (صكاً) لعميله على أحد فروعه في الداخل أو الخارج ليأخذ منه مبلغاً معيناً، فيكون المصرف محيلاً، والعميل محالاً، والفرع محالاً عليه، وحكمها يختلف على نحوين:

الأول: أن يكون للعميل الراغب في التحويل رصيد في المصرف، وحيث إن الإيداع في المصارف ـ في الحقيقة ـ إقراض لها من المودع مضمونٌ عليها، فإن إصدار الصك بأخذ العميل مبلغاً معيناً هو وفاءٌ من المصرف المدين لعميله الدائن، وحيث أن المدين غير ملزم بالوفاء إلا في بلد الإيداع فإن قبول المصرف بوفاء دينه في مكان آخر ـ من خلال تحويله على فرعه فيه ـ هو تنازل عن حقه في الامتناع عن الوفاء فيه، فيجوز له أخذ عمولة مقابل ذلك التحويل المتضمن لذلك التنازل.

الثاني: أن لا يكون للعميل الطالب للتحويل رصيد في المصرف، فيكون إصدار صك التحويل مبتنياً على ما يلي:

أ ـ قد أقرض المصرفُ الأُم عميلَه ذلك المبلغَ المطلوب.

ب ـ أحاله ـ بعد الإقراض ـ على فرعـه في مكان آخـر ـ بيـروت مثـلاً ـ ليدفعه الفرع إليه.

ج ـ حيث إن المصرف الأم يريد أخذ عمولة على هذا التحويل، وحيث لا يجوز له ذلك لأنه (نفع) زائد على القرض، فإن للمصرف تصحيحَ أخذ هذه العمولة بأن يوكِّل المقترضَ بأخذ المال من الفرع بعنوان القرض، وحيث إن في توكيل العميل تسهيلاً لمهمته، فإن للبنك أن يطلب عمولة منه على هذا التوكيل لا على نفس الإقراض، وذلك رغم كون توكيل المقترض غير ضروري بعد كون الفرع وكيلاً عن المصرف الأم وقادراً على القيام بنفسه بإقراض المحال؛ نعم، يمكن أن يكون ذلك التوكيل ضرورياً في صورة ما لو فرض كون المحال عليه مصرفاً آخر قد أَودعَ فيه المصرفُ المقرض أمواله، لا فرعاً له، فإن تصحيح أخذ العمولة يتوقّف ـ أيضاً ـ على توكيل المصرف المصدر للصك للمصرف الدافع بإقراض المحال المبلغ المطلوب من أموال المصرف الأول المودعة عنده، فتكون العمولة مأخوذة على التوكيل لا على الإقـراض. وذلك مـن دون فرق ـ في الفرضين ـ بين ما لو كان الإقراض والتحويل بعملتين من جنس واحد أو من جنسين مختلفين، لكنه حيث يكون التحويل بعملة أخرى من غير جنس العملة المقترضة فإنه يمكن تصحيح أخذ العمولة ـ إضافـة لما سبق ـ بأنها مقابل تنازل المصرف عن حقه في الاستيفاء بالعملة المقترضة وقبول وفاء المقترض لدينه بالعملة المغايرة لها جنساً، وذلك كأن يقرضه ألف دينار كويتي في الكويت على أن يقبض في بيروت ما يساوي قيمتها بالدولار الأمريكي، وهو حوالي ثلاثة آلاف دولار، وعلى أن يوفيها للمصرف المقرض بالدولار، فإنه يجوز للمصرف أخذ عوض عن قبوله استيفاء الدينار بالدولار.

الصورة الثانية: إحالة الدائن على المصرف

وهي: أن يحيل المدين دائنه على المصرف بصك ـ ونحوه ـ يطلب فيه قيام المصرف بتحويل مبلغ من المال لغريمه في بلد آخر، كبلد التاجر الذي استورد منه البضاعة، فيقوم المصرف بتحويل الدائن على فرعه في بلده ويدفع له فيه المبلغ المطلوب؛ وعند التأمل في هذه الصورة نجدها تنحل إلى حوالتين: الأولى: حوالة المدين دائنه على المصرف بحيث يصبح هو المدين. والثانية: حوالة المصرف دائنه (المحال) على فرعه في بلد الدائن ـ حسب الفرض ـ، وكلتا الحوالتين صحيحة.

وبناءً عليه، وعلى صعيد أخذ العمولة، فإنه إذا كان التحويل بطلب من العميل المدين يجوز للمصرف أن يأخذ عمولة عليه، وذلك عوضاً عن قيام المصرف المدين (المحال عليه الأول) بوفاء دينه في غير بلده (أي: في غير بلد المصرف المحال عليه الأول)، سواء كان للعميل المدين رصيد في المصرف أو لم يكن له رصيد فيه، بحيث كانت الحوالة منه على البريء (وهو المصرف)؛ إضافة إلى أنه ـ في الحوالة على البريء ـ يجوز له أخذ عوض عن قبول الحوالة عليه.

نعم، حيث يكون للعميل رصيد في المصرف، فأحال دائنه عليه لاستيفاء دينه منه في بلد المصرف ـ أي دون تحويل على الخارج ـ فليس للمصرف المحال عليه أخذ شيء على ذلك الوفاء.
اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية