لا يجب الخمس إلاَّ عند توفر عدد من الشروط نذكرها كما يلي:
الأول والثاني: البلوغ والعقل، فلا يجب الخمس في مال الصبي حتى يبلغ، ولا في مال المجنون حتى يرجع إليه عقله إذا كان جنونه مطبقاً، أمّا إذا كان جنونه أدوارياً، يعقل تارةً ويجن أخرى خلال العام، فإنه يجب عليه الخمس. ومثله في الحكم من كان يعرض له الإغماء مرة بعد أخرى.
الثالث: الإسلام، فإنه لا يجب الخمس على الكافر خلال فترة كفره ولو طالت وكثرت فيها أمواله.
م ـ 1098: هذه الشروط الثلاثة معتبرة في وجوب الخمس في جميع الأموال التي يتعلّق بها الخمس، عدا البلوغ في المال المختلط في الحرام، فإنه يجب على الولي تخميس أموال الصبي إن اختلطت بالحرام ولو قبل بلوغه. وعدا الإسلام في الأرض التي يشتريها الذمي من المسلم، فإنَّ الخمس إنما وجب على الذمي هنا بعنوان كونه ذمياً غير مسلم.
كذلك فإنَّ هذه الشروط الثلاثة إذا تحقّقت، وكانت سائر الشروط الأخرى متحقّقة فإنه يجب الخمس فوراً، فمثلاً: إذا كان قد مضى سنة على المال عند الصبي قبل بلوغه فبلغ، وجب عليه أن يخمس المال فوراً دون أن ينتظر مرور سنة على المال من دون استعمال بعد البلوغ، وهكذا غير البلوغ بالنسبة لهذا الأمر.
الرابع: بلوغ النصاب في بعض الأموال، وذلك كما في الكنز والمعدن، دون بعضها الآخر، كما في أرباح المكاسب ونحوها، وسنبين ذلك مفصلاً في محله.
الخامس: أن يكون المال مملوكاً لـ (الشخص)، فلا يجب الخمس فيما تملكه "الجهة"، والمراد بالجهة المالك المعنوي، كالدولة والمؤسسة الخيرية، والمسجد، ونحوها مما يتبرع به أو يوقف أو يوضع اليد عليه من قبل تلك الجهة، حتى ولو طال عليه الزمن ونما فيه وربح.
ولا يختص (الشخص) بالمالك الواحد، بل يشمل الشركاء في المال حتى لو كثروا، كالشركات المساهمة، ويشمل الجمعيات التعاونية التي يشترك فيها الأفراد بمبلغ محدّد يبقى مملوكاً له ويأخذه عند فضّ الشركة، وغير ذلك مما يبقى المال ملحوظاً فيه لمالك معين أو مجموعة مالكين على نحو الاشتراك.
م ـ 1099: نماء الأوقاف التي خُص بها أشخاص معينون، كالوقف على أفراد عائلة معينة، يجب الخمس في حصة كلّ واحد منهم بعد أخذه لها واستقرار ملكه لها، وكذلك الوقف العام الموقوف على عنوان معين، كطلبة العلوم الدينية، أو الموقوف على عامة النّاس مما يعدّ من نوع (السبيل)، فإذا ملك فرد من النّاس حصة من نماء ذلك الوقف فقد دخل في ملكه ووجب عليه خمسه عند اجتماع شروطه.
م ـ 1100: لا يشترط في وجوب الخمس كون المال حاضراً وموجوداً تحت اليد، فمثل الدين الموجود عند الغير والمال المغصوب الذي يؤمل رجوعه، والمال الذي لا يمكن الوصول إليه الآن ويرجى الوصول إليه فيما بعد، ونحو ذلك، يجب فيه الخمس، ولكن لا يجب تخميسه في حال غيبته، بل المكلّف مخيّر بين تخميسه الآن وتخميسه حين الحصول عليه، نعم ما يكون ميؤوساً منه بنحو يعد بحكم التالف المعدوم لا يجب فيه الخمس، إلاَّ أن يصادف ويتمكن منه فإنه يجب تخميسه إذا كانت قد اجتمعت فيه شروط الخمس.
م ـ 1101: عند تمامية شروط الخمس فإنه لا فرق في وجوبه بين الرّجل والمرأة، سواء كانا مستقلين في الإنتاج والتكسب أو غير مستقلين، فالشاب الذي ما يزال يعيش في كنف أبيه ويعتمد في مصروفه عليه، أو على غير أبيه، كأخيه أو غيره، يجب عليه خمس ما يزيد عن مؤونة سنته أو ما يزيد عن مصاريفه العادية من المال الذي يعطى له، أو المال الذي كسبه بعمل أو حيازة أو تجارة. وكذلك حكم المرأة أو الفتاة حتى لو كانت متزوجة وكان المال ملكاً لها.
هذا ما أردنا ذكره في هذا التمهيد؛ وفيما يلي سوف نتناول أحكام الخمس في فصلين، الفصل الأول نبحث فيه في الأموال التي يجب فيها الخمس، والفصل الثاني نذكر فيه أصناف الأشخاص الذين يوزع عليهم الخمس وكيفية التوزيع.