الإمامُ الباقرُ (ع): الاهتمامُ بالشَّأنِ السياسيِّ وتوجيهِ الموالين

الإمامُ الباقرُ (ع): الاهتمامُ بالشَّأنِ السياسيِّ وتوجيهِ الموالين

 كان الإمام الباقر (ع) معنيّاً بالشأن السّياسيّ، فكان يراقب التّحدّيات التي تواجه الدّولة - وهي الدّولة الأمويَّة - بالرغم من العلاقة السلبيَّة الَّتي كانت بين أئمَّة أهل البيت (ع) والأمويّين.

ولكنَّ الإمام (ع) كجدّه أمير المؤمنين (ع)، كان يراعي مصلحة المسلمين، فقد ذكر التاريخ الإسلاميّ، أنَّ عبد الملك بن مروان - الخليفة الأموي - واجه تحدّياً في مسألة العملة التي كان يتداولها المسلمون، وهي عملة الرّوم، وكان ملك الروم قد هدَّد بأنَّه سوف يكتب على العملة سبّ النبيّ (ص)، وعرض الخليفة الأمر على الإمام الباقر (ع)، فطمأنه، ووجَّهه إلى استصدار عملة إسلاميّة، وسقط تحدّي ملك الرّوم آنذاك، وعندما حدثت المعركة بين الأمويّين ومعارضيهم في الدَّاخل، كان للإمام دورٌ في تحريك الموقف السّياسيّ ضدّ الأمويّين، لأنَّه كان يرى في إسقاط الدّولة الأمويَّة مصلحة للمسلمين.

وهكذا، رأينا أنَّ الإمام الباقر (ع) كان يتحرّك في كلّ القضايا الإسلاميَّة، بقدر ما تسمح له ظروفه والفرص الثقافيّة والاجتماعيّة والسياسيّة، بالأسلوب الحكيم السلميّ، لأنّه لم تكن له أيّ ظروف واقعيَّة تسمح بأن يقود الثورة بطريقة عسكريّة.. وملأ الإمام - بذلك - الساحة علماً من علْم الإسلام، وحكمةً من حكم الإسلام، وحركيَّة من حركية الإسلام، وكان معه الإمام جعفر الصّادق (ع)، الَّذي شاركه في بعض ذلك، وأكمل رسالته بعد ذلك من خلال الظّروف الواسعة...

ونبدأ من بعض كلمات الإمام الباقر (ع) التي كان يخاطب فيها شيعته الَّذين يمثّلون الخطّ الإسلاميّ في خطِّ أهل البيت (ع)، كيف يريد الإمام الباقر (ع) للشيعة أن يتمثّلوه في سلوكهم العمليّ مع الله، وفي علاقة بعضهم مع بعض، وفي الخطّ المستقيم في عقيدتهم بأهل البيت (ع)؟

تعالوا إلى حديث الإمام الباقر (ع). عن "أبي إسماعيل"، قال: قلت لأبي جعفر الباقر (ع): جُعلت فداك، إنَّ الشيعة عندنا كثير، فقال (ع): "هل يعطف الغنيُّ على الفقير، وهل يتجاوز المحسن عن المسيء، ويتواسون؟"، فقلت: لا، فقال: "ليس هؤلاء شيعة"1، لأنَّ التشيّع يمثِّل أصالة القيمة الإسلاميَّة، ولأنَّ الالتزام بأهل البيت ليس مجرَّد نبضة قلب بحبّهم، بل هو خطّ يجمع الملتزمين بالقيم الإسلاميَّة الرّوحيَّة التي تشدّ المؤمنين بعضهم إلى بعض، ليكونوا مثلاً لقوم رسول الله(ص): "مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم كمثل الجسد، إذا اشتكى بعضه، تداعى سائره بالسّهر والحمَّى"2.

وفي روايةٍ أخرى، قال الإمام الباقر (ع) لـ"خيثمة": "أبلغ من ترى من موالينا السَّلام، وأوصهم بتقوى الله العظيم - أن تكون التَّقوى هي الخطّ الَّذي يتحركون فيه، فيطيعون الله بما أمرهم أن يفعلوه، ويتركون ما نهاهم عنه - وأن يعود غنيّهم على فقيرهم، وقويّهم على ضعيفهم، وأن يشهد حيّهم جنازة ميّتهم، وأن يتلاقوا في بيوتهم، فإنَّ لُقْيا بعضهم بعضاً حياة لأمرنا، رحم الله عبداً أحيا أمرنا"، ولا أمر لأهل البيت (ع) إلَّا الإسلام الّذي يرتكز على الإيمان بالله ورسوله وأوليائه وكتابه واليوم الآخر، والسّير على خطّ الله ورسوله. ولذلك، يريدون أن يلتقي الملتزمون بولايتهم التي هي ولاية الإسلام، ليتحدَّثوا في ذلك، وليقوّوا عقيدتهم، بما يحمله كلّ واحد منهم من ثقافة لا يحملها الآخر، وليتعاونوا على تحريك هذه الثَّقافة الإسلاميَّة الولائيّة في الخطِّ العمليّ.

ويكمل الإمام الباقر(ع): "يا خيثمة، أبلغ موالينا أنَّا لا نغني عنهم من الله شيئاً إلَّا بالعمل، وأنَّهم لن ينالوا ولايتنا إلَّا بالورع - والولاية بالنّسبة إلينا موقف مع الله ومع رسول الله ومع الإسلام، وليست الولاية مجرَّد عاطفة، ولكنَّها التزام بالإسلام وبالله - وإنَّ أشدّ النّاس حسرةً يوم القيامة، من وصف عدلاً ثم خالفه إلى غيره"3...

*من خطبة جمعة لسماحته، بتاريخ: 3 رجب 1422هـ الموافق: ٢١/٩/٢٠٠١.

[1]الكافي، الشيخ الكليني، ج2، ص 173.

[2]بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج58، ص 150.

[3]بحار الأنوار، ج71، ص 345.

 كان الإمام الباقر (ع) معنيّاً بالشأن السّياسيّ، فكان يراقب التّحدّيات التي تواجه الدّولة - وهي الدّولة الأمويَّة - بالرغم من العلاقة السلبيَّة الَّتي كانت بين أئمَّة أهل البيت (ع) والأمويّين.

ولكنَّ الإمام (ع) كجدّه أمير المؤمنين (ع)، كان يراعي مصلحة المسلمين، فقد ذكر التاريخ الإسلاميّ، أنَّ عبد الملك بن مروان - الخليفة الأموي - واجه تحدّياً في مسألة العملة التي كان يتداولها المسلمون، وهي عملة الرّوم، وكان ملك الروم قد هدَّد بأنَّه سوف يكتب على العملة سبّ النبيّ (ص)، وعرض الخليفة الأمر على الإمام الباقر (ع)، فطمأنه، ووجَّهه إلى استصدار عملة إسلاميّة، وسقط تحدّي ملك الرّوم آنذاك، وعندما حدثت المعركة بين الأمويّين ومعارضيهم في الدَّاخل، كان للإمام دورٌ في تحريك الموقف السّياسيّ ضدّ الأمويّين، لأنَّه كان يرى في إسقاط الدّولة الأمويَّة مصلحة للمسلمين.

وهكذا، رأينا أنَّ الإمام الباقر (ع) كان يتحرّك في كلّ القضايا الإسلاميَّة، بقدر ما تسمح له ظروفه والفرص الثقافيّة والاجتماعيّة والسياسيّة، بالأسلوب الحكيم السلميّ، لأنّه لم تكن له أيّ ظروف واقعيَّة تسمح بأن يقود الثورة بطريقة عسكريّة.. وملأ الإمام - بذلك - الساحة علماً من علْم الإسلام، وحكمةً من حكم الإسلام، وحركيَّة من حركية الإسلام، وكان معه الإمام جعفر الصّادق (ع)، الَّذي شاركه في بعض ذلك، وأكمل رسالته بعد ذلك من خلال الظّروف الواسعة...

ونبدأ من بعض كلمات الإمام الباقر (ع) التي كان يخاطب فيها شيعته الَّذين يمثّلون الخطّ الإسلاميّ في خطِّ أهل البيت (ع)، كيف يريد الإمام الباقر (ع) للشيعة أن يتمثّلوه في سلوكهم العمليّ مع الله، وفي علاقة بعضهم مع بعض، وفي الخطّ المستقيم في عقيدتهم بأهل البيت (ع)؟

تعالوا إلى حديث الإمام الباقر (ع). عن "أبي إسماعيل"، قال: قلت لأبي جعفر الباقر (ع): جُعلت فداك، إنَّ الشيعة عندنا كثير، فقال (ع): "هل يعطف الغنيُّ على الفقير، وهل يتجاوز المحسن عن المسيء، ويتواسون؟"، فقلت: لا، فقال: "ليس هؤلاء شيعة"1، لأنَّ التشيّع يمثِّل أصالة القيمة الإسلاميَّة، ولأنَّ الالتزام بأهل البيت ليس مجرَّد نبضة قلب بحبّهم، بل هو خطّ يجمع الملتزمين بالقيم الإسلاميَّة الرّوحيَّة التي تشدّ المؤمنين بعضهم إلى بعض، ليكونوا مثلاً لقوم رسول الله(ص): "مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم كمثل الجسد، إذا اشتكى بعضه، تداعى سائره بالسّهر والحمَّى"2.

وفي روايةٍ أخرى، قال الإمام الباقر (ع) لـ"خيثمة": "أبلغ من ترى من موالينا السَّلام، وأوصهم بتقوى الله العظيم - أن تكون التَّقوى هي الخطّ الَّذي يتحركون فيه، فيطيعون الله بما أمرهم أن يفعلوه، ويتركون ما نهاهم عنه - وأن يعود غنيّهم على فقيرهم، وقويّهم على ضعيفهم، وأن يشهد حيّهم جنازة ميّتهم، وأن يتلاقوا في بيوتهم، فإنَّ لُقْيا بعضهم بعضاً حياة لأمرنا، رحم الله عبداً أحيا أمرنا"، ولا أمر لأهل البيت (ع) إلَّا الإسلام الّذي يرتكز على الإيمان بالله ورسوله وأوليائه وكتابه واليوم الآخر، والسّير على خطّ الله ورسوله. ولذلك، يريدون أن يلتقي الملتزمون بولايتهم التي هي ولاية الإسلام، ليتحدَّثوا في ذلك، وليقوّوا عقيدتهم، بما يحمله كلّ واحد منهم من ثقافة لا يحملها الآخر، وليتعاونوا على تحريك هذه الثَّقافة الإسلاميَّة الولائيّة في الخطِّ العمليّ.

ويكمل الإمام الباقر(ع): "يا خيثمة، أبلغ موالينا أنَّا لا نغني عنهم من الله شيئاً إلَّا بالعمل، وأنَّهم لن ينالوا ولايتنا إلَّا بالورع - والولاية بالنّسبة إلينا موقف مع الله ومع رسول الله ومع الإسلام، وليست الولاية مجرَّد عاطفة، ولكنَّها التزام بالإسلام وبالله - وإنَّ أشدّ النّاس حسرةً يوم القيامة، من وصف عدلاً ثم خالفه إلى غيره"3...

*من خطبة جمعة لسماحته، بتاريخ: 3 رجب 1422هـ الموافق: ٢١/٩/٢٠٠١.

[1]الكافي، الشيخ الكليني، ج2، ص 173.

[2]بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج58، ص 150.

[3]بحار الأنوار، ج71، ص 345.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية